قصة أبكت الإنترنت.. هكذا ساعد طاقم طائرة في لم شمل أم تحتضر وابنتها لوداعٍ أخير
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- حجزت هانا وايت رحلة في محاولة يائسة لتوديع والدتها قبل وفاتها المتوقعة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، كانت والدة وايت، كاثلين نيلسون، في حالة حرجة بسبب التهاب رئوي غير مُشخَّص تطور بسرعة ليتحول إلى صدمة إنتانية.
وأبلغ الأطباء عائلة وايت أنّه لم يتبق لوالدتها سوى القليل من الوقت، ولكنهم لم يتمكنوا من تقديم جدول زمني أكثر تحديدًا بناءً على حالتها.
وفي سباق مع الزمن، حجزت وايت رحلة إلى مطار بسمارك البلدي في ولاية داكوتا الشمالية بأمريكا.
ومع ذلك، نظرًا لصغر حجم المدينة وخيارات الرحلات الجوية المحدودة، لم تتمكن وايت من المغادرة حتى اليوم التالي.
وقالت وايت: "بدأت أشعر بالذعر على الفور بعد أن اضطررنا للانتظار ليومٍ كامل لرؤيتها، ولم نكن متأكدين ممّا إذا كانت ستصمد".
وفي أحد أكثر أيام الحياة تحديًا بالنسبة لها، شعرت وايت بالسلام بفضل كرم وعزم العديد من موظفي خطوط "دلتا" الجوية، الذين بذلوا قصارى جهدهم لضمان تمكنها من قضاء 24 ساعة أخرى ثمينة مع والدتها.
وتم تداول قصة وايت، التي نشرتها عبر موقع "تيك توك" في ديسمبر/كانون الأول، على نطاق واسع، وجذبت أكثر من 10 ملايين مشاهدة و27 ألف تعليق من أشخاص خاضوا تجارب مماثلة وآخرون أعربوا عن تعاطفهم.
بذل جهد إضافيصعدت وايت على متن رحلتها التابعة لشركة "دلتا" في مدينة دالاس، وأثناء انتظارها لإقلاع الطائرة بفارغ الصبر، أخطر الطيار الركاب بتأخير بسبب مشاكل فنية.
وبما أنّها لم تمتلك سوى ساعة قبل إقلاع رحلتها المتصلة في مدينة مينيابوليس الأمريكية، أدركت وايت أنّها لن تصل في الوقت المحدد للحاق بها.
وفي النهاية، اكتسبت الشابة الشجاعة الكافية لمشاركة وضعها مع مضيفة تُدعى إيفا أورتيز على أمل وجود حل.
وأوضحت أورتيز أنّ نظام إعادة الحجز التلقائي لشركة "دلتا" قد ضمن بالفعل الرحلة التالية المتاحة، ولكنها لن تغادر حتى صباح اليوم التالي.
وقال وايت: "لم أنزعج منها بالتأكيد، ولكن عندما أوضحت لي الأمر، بدأت في البكاء على الفور".
وبعد أكثر من ساعة، عادت أورتيز برسالة غير متوقعة.
وأبلغت المضيفة الطيار، الكابتن كيث نابوليتانو، بوضع وايت.
واتصل نابوليتانو بمنظمي الحركة لدى خطوط "دلتا" لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم تأجيل رحلة وايت المتصلة. وتحقق ذلك بالفعل.
وقال نابوليتانو لشبكة CNN: "لا تنجح الأمور دائمًا.. ولكن كانت هذه واحدة من تلك الحالات التي شعرت بأن ذلك ممكن".
ولم يكن نابوليتانو سوى شخص من بين طاقم شاركوا في العملية.
ولم يكن لأي من الركاب، الذين كانوا على متن رحلة وايت في منيابوليس، رحلات متصلة قريبة في ذلك المساء، لذا عمل الفريق، الذي ضم أورتيز، وطيار الرحلة المتصلة، والعديد من منظمي الحركة معًا لضمان لم شمل وايت مع والدتها في أسرع وقتٍ ممكن.
وقالت وايت: "لقد غمرني الفرح لأنني كنت قد تقبّلت أنني لن أرى والدتي حتى اليوم التالي".
واقترح أحد أفراد الطاقم الذين كان مسافرًا كراكب على متن الرحلة أن تجلس وايت في مقعده في مقدمة الطائرة حتى تتمكن من الخروج بشكلٍ أسرع.
وقام آخرون جلسوا بجوار وايت بإخراج خرائط للمطار لمساعدتها في تحديد أسرع مسار إلى بوابة وصولها.
هدية لا تُقدَّر بثمنبمجرد هبوط الطائرة، تم اصطحاب وايت إلى الخارج بسرعة أولاً.
وركضت وايت عبر المطار والدموع تنهمر على وجهها.
وعندما صعدت وايت على متن رحلتها المتصلة، رحّبت بها الوجوه المبتسمة لطاقم "دلتا" الجديد والركاب الذين كانوا حريصين على مساعدتها في رحلة العودة إلى والدتها.
ووصلت وايت وبقية أفراد أسرتها إلى المستشفى، وكان لديهم يوم آخر ليقضوه مع والدتها قبل وفاتها.
وأصبح الوقت الإضافي الذي تقاسموه، والذي أصبح ممكنًا بفضل التخطيط السريع لطاقم "دلتا"، هدية لا تُقدَّر بثمن ستعتز بها دائمًا.
وأكّدت وايت: "لا أعتقد أنّ أي منهم يعرف حقًا مدى الامتنان الذي أشعر به تجاههم لمنحي بعض الوقت الإضافي مع والدتي، أو لمجرد كونهم لطفاء معي في أحد أسوأ أيام حياتي".
كما عبّرت الشابة عن تقديرها للغرباء الطيبين الذين عرضوا دعمهم من خلال الابتسامات الحانية أو الكلمات المشجِّعة.
"البحث عن الخير في الآخرين"المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: رحلات شركة دلتا مطارات وسائل التواصل وسائل التواصل الاجتماعي مع والدتها على متن
إقرأ أيضاً:
حجم خسائر الطيران التجسسي (إم كيو9) في اليمن.. وانعكاسه على حروب أمريكا مستقبلًا
يمانيون../
كان اسمُها كافيًا ليثير الرعب لدى من يخشى قوة أمريكا ذات يوم، لكن “الصياد القاتل”، التي تباهت به واشنطن، قد سقط في اليمن، وتعفَّرَ بالتُّراب صريعًا. فالطائرةُ التي اغتالت قادةً، وأمراء حرب، لقيت حتفَها مرةً بعد أُخرى في أجواء اليمنِ الغامضة، كما الأرض المليئة بالتعقيدات الدقيقة للبشر والجغرافية.
منذ دخول اليمن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” المساندة لغزة، تفوقت دفاعات اليمن على تعقيدات تكنولوجيا تصنيع الطيران المسير الأمريكي، وهكذا بدا الأمر، ففي أقل من ستة عشر شهرًا، تُسقِطُ القوة العسكرية اليمنية ثلاثًا وعشرينَ طائرةً من نوع “إم كيو 9” بصواريخ أرض جو محلية الصنع، أربع منها، سجلت ضمن سنوات العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن منذ مارس 2015م.
مع إسقاط اليمن لهذا الكم الكبير من طائرات “إم كيو9″، المحرج للصناعة العسكرية الأمريكية، فنحن نشير إلى مسألتَينِ هامَّتَينِ:- الأولى أن اليمن أسقط الدعاية الأمريكية التي تعتمد (التضخيم)، والتي رافقت هذه الصناعةَ العسكريةَ الأمريكية؛ بغرضِ التسويق، حَيثُ لم يعد هذا النوعُ رائجًا لجذب المشترين الأجانب للمسيَّرات الأمريكية. يمكن أن نتذكر أن الهند ألغت صفقة كانت قد عقدتها مع الولايات المتحدة لشراء هذا النوع من الطائرة (30 طائرة)، بعد سلسلة إخفاقات لـ “إم كيو 9” في أجواء اليمن لأكثر من مرة. وهناك دول أُخرى ألغت أَو علَّقت عقودَ شراء طائرات MQ-9، كألمانيا وأستراليا ومصر.
المسألة الثانية أن ما خسرته الولايات المتحدة بعد إسقاط اليمن لتسعَ عشرةَ طائرةَ تجسُّسٍ من هذا النوع منذ الإسناد اليمني لطوفان الأقصى، وصل إلى 570 مليون دولار. إضافة إلى 120 مليون دولار قيمة الأربع طائرات من هذا النوع أسقطتها اليمن منذ بدء العدوان على اليمن؛ أي قرابة 700 مليون دولار كخسائر لإجمالي 23 طائرة إم كيو9. تبلغ قيمةُ الطائرة مع غُرفة التحكم والأجهزة الأُخرى بين 30-33 مليون دولار. غير أن هذه الخسائر لا تشمل تكاليفَ عمل هذه الطائرات الحسَّاسة.
خسائرُ ونفقات مصاحبة:
هناك التكاليف التشغيلية لهذه الطائرة التي تسافر لمسافات طويلة، بحسب أرقام الشركة المصنَّعة (جنرال أتوميكس)، هناك نفقات مصاحبة لعمل هذه الطائرة التي تشمل أجور المشغلين “مشغلي الاستشعار”، والطيارين، وضابط العملية وفريق التجهيز والصيانة وغيرهم من طاقم العمل، وتكاليف البنية التحتية المرتبطة بهذه الطائرات، كمحطة التحكم الأرضية، ومركز العمليات، حَيثُ يتم فيه تنسيق العمليات الجوية وتحليل البيانات، ومدرج الطائرات ومنشآت الصيانة وعمليات النقل. إضافة إلى بنية تكنولوجية تشمل أنظمة اتصالات وملاحة واستشعار.
بحسب تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” فَــإنَّ تشغيلَ هذه الطائرة يتمُّ عن بُعد بواسطة فريقَينِ في نحوِ 20 قاعدة منتشرة في 17 ولاية أمريكية، ويقود أحدُ الفريقين المهمة ويتحكمُ في الطائرة، بينما يشغِّلُ الآخرُ أجهزةَ الاستشعار ويوجِّهُ الأسلحةَ. وليس محدّدًا ما إذَا كانت حمولةُ الطائرة الـ إم كيو 9، من الصواريخ والقنابل الموجَّهة بالليزر، هي من ضمن تكلفتِها (تصل إلى 30 مليون دولار). منها 8 صواريخ موجَّهة بالليزر، و16 صاروخًا من طراز هيلفاير (Hellfire) وما يصلُ إلى 600 كيلوغرام من الوقود. يمكن ملاحظةُ بقاءِ هذه الطائرة في الجو لمسافة 1150 ميلًا، على ارتفاع يصل إلى 50 ألف قدم، والتحليق في الظروف الجوية القاسية لفترة زمنية تتجاوزُ 40 ساعةً متواصلة؛ ولأَنَّها -كما جاء في تعليقٍ لرئيسِ هيئة الأركان الأمريكية الأسبق، مارتن ديمبسي-: “ليست “طائرة بدون طيار”، بل طائرةٌ يتم التحكم بها عن بُعد بواسطة طيارين. هذه المعطيات تشير إلى نفقات تشغيل “عالية”. تقدر تكلفة الساعة الواحدة لتشغيل الطائرة MQ-9، بحوالي 1000 دولار، وتزيد التكلفة مع زيادة مدة وتعقيد المهمة التي ستقوم بها، والمنطقة التي تتم فيها. هذه الكلفة تفترض حسابات أكبرَ إذَا ما استغرَقَ عملُ هذه الطائرة المعادية ساعاتٍ طوالًا في أجواء اليمن. إذَا ما كان هذا الرقمُ دقيقًا فماذا يعني أن تبقى هذه الطائرات لعشر ساعات في الجو.. فكم ستكون تكلفة مثل هذه العملية؟
ماذا يعني لجوءَ واشنطن لهذه الطائرة رغم تكرار إسقاطِها في أجواء اليمن؟
تشير طلبات الجيش الأمريكي من شركة “جنرال أتوميكس” المصنِّعة أن يكون عددُ هذه الطائرات قد وصل إلى 360 طائرة حتى العام 2020م. وبحسب تقرير لـ “المنتدى العربي للدفاع والتسليح”، أغسطُس 2024، فقد حصلت القواتُ الأمريكيةُ على عدةِ مئاتٍ من هذه الطائرات، مع نية القواتِ الجوية الأمريكية زيادةَ أسطولها إلى 327 طائرة من هذا النوع، وهي أرقام متقاربة. ووَفْــقًا لشركة “جنرال أتوميكس” تمتلك القوات الجوية الأمريكية 300 طائرة من هذا الطراز.. وهي الأكثرُ كفاءةً للجغرافية اليمنية المعقَّدة. لذا تواصل استخدامُها في عمليات جمع المعلومات والتجسُّس في أجواء اليمن، حَيثُ هي الخيارُ الأولُ للتجسُّس ضد اليمن في الوقت الراهن، بعد نجاح اليمن في إضعاف نشاط وفاعلية العناصر والخلايا التجسسية والعملاء المرتبطين بالعدوّ.
في العام 2015م، كان قد ذكر تقرير صدر عن مكتب الميزانية في الكونغرس، أنه سيتم إنفاق 36.9 مليار دولار حتى عام 2020؛ مِن أجلِ الطائرات بدون طيار، وتطوير مواصفاتها التكنولوجية، علمًا أن الطائرةَ الواحدةَ منها تكلِّفُ الجيش الأمريكي 56 مليون دولار. ما تعتبره واشنطن فخرًا لصناعة الدرونز العالمية قد سقط بامتيَاز في اليمن رغم ما أُجرِيَ على هذا الطراز المتفوِّق من تعديلٍ على يدِ خُبَرَاءِ الشركة المصنِّعة مؤخّرًا، هذا في حَــدِّ ذاته شكَّلَ صدمةً لخبراء تصنيع الطيران المسيَّر في أمريكا.
من منظور استراتيجي، فَــإنَّ التكنولوجيا الأمريكية العسكرية كما هي في تكنولوجيا MQ-9 Reaper (الحاصدة) التي تعتمد عليها واشنطن وحلفاؤها ستصبح أقلَّ فعاليةً في المناطق التي تتواجد فيها قواتها أَو تعمل فيها بالتعاون مع شركائها. فنجاح صنعاء في إسقاط هذا الطراز المتقدم جِـدًّا يجعل من الممكن نقل هذه التقنيات وأسرارها إلى دول معادية للولايات المتحدة. كما أن إسقاط هذه الطائرة يُعَزِّزُ سُمعةَ الجيش اليمني كقوةٍ يُعتمَدُ عليها في مواجهة مشروع الهيمنة، وكجهة قادرة على تطوير تقنيات دفاعية فعالة يمكن تصديرها إلى أطراف أُخرى تبحث عن أنظمة قادرة على مواجهة التفوُّق الجوي الذي تمتلكُه القوى الكبرى (أمريكا على رأسها). فالأنظمةُ الدفاعية المتطورة التي كانت حكرًا على الدول الكبرى أَو القوى العالمية التي تمتلكُ تكنولوجيا متقدمةً مثل روسيا، الصين، والولايات المتحدة، ثم إيران وتركيا لم تَعُــد كذلك؛ فهناك تصديرٌ لكثيرٍ من أسرار التفوق الغربي إلى بقية العالم، هذا سيكونُ له كبيرُ الأثر في مواجهة مشاريع الهيمنة (للغرب) التي كانت تراهنُ على تفوُّقِها العسكري لإخضاع الشعوب والأمم.
دلالات سقوط “الصياد” المتكرّر:
للسقوط المتكرّر لطائرات إم كيو 9 في أجواء اليمن عدة دلالات عسكرية، منها أن قدرةً متطورةً للدفاعات الجوية اليمنية على رصد وتتبع وتدمير الطائرات التجسسية. هذا السقوط المتكرّر يمثل تحديًا للولايات المتحدة الأمريكية، ويظهر أن قدراتها الجوية (أمريكا) ليست محصَّنةً في المنطقة، مما يضطرها إلى إعادة تقييم استراتيجياتها وتكتيكاتها.. مع الأخذ في الاعتبار أن اليمن مُستمرّة في تحسين قدراتها الدفاعية وتطوير استراتيجياتها، حَيثُ التطلع والطموح لتحييد أَو إسقاط طائرات مقاتلة من طراز F-16 وF-35 والتي تمثل تحديًا أكبر بكثير للدفاعات اليمنية، فيما يبدو أن اليمن تسير نحو هذا الهدف الكبير، وإن استغرق كثيرًا من الوقت.
إبراهيم العنسي| المسيرة