في تفسيره لسورة البقرة، الآيتين 247-248، تحدث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، عن قصة اختيار طالوت ملكًا على بني إسرائيل، وما تحمله من دروس عميقة حول معايير القيادة وأسس بناء المجتمعات.

القيادة لا تقاس بالمال بل بالكفاءة

أشار  جمعة إلى أن بني إسرائيل اعترضوا على اختيار طالوت ملكًا بحجة افتقاره إلى سعة المال، متجاهلين أن القيادة الحقيقية تعتمد على العلم والكفاءة، وليس على الجوانب المادية.

وبيّن أن النبي الذي اختاره الله لتوجيههم، أوضح أن طالوت يتمتع بعلم واسع وجسم قوي، مما يجعله جديرًا بقيادة الأمة.

وأوضح أن العلم في هذا السياق لا يعني المعرفة النظرية فقط، بل العلم الذي يوقظ القلب ويصل الإنسان بالله تعالى.

 فالعلم الحقيقي هو الذي يربط الإنسان بربه ويجعله يدرك مسؤولياته تجاه مجتمعه وأمته.

المحسوبية تهدم الأمم

سلط الدكتور جمعة الضوء على رفض بني إسرائيل لطالوت بسبب خلفيته الاجتماعية والمادية، مشيرًا إلى أن هذا الرفض يعكس ميلهم لتقديم "أهل الثقة" والمحسوبية على "أهل الكفاءة". 

وأكد أن هذا النموذج ما زال يتكرر في المجتمعات التي تنهار بسبب تقديم الولاءات الشخصية والمجاملات الاجتماعية على الكفاءة والخبرة.

وأضاف أن المجتمعات التي تعتمد على العدل وتقديم الأكفاء هي التي تبني الحضارات القوية والمستدامة. فالعدل والكفاءة هما أساس النجاح، بينما يؤدي الظلم والمحسوبية إلى انهيار الأمم.

دروس من الآيات

أوضح جمعة أن قصة طالوت تضعنا أمام تحدٍ كبير في اختيار القيادات داخل مجتمعاتنا اليوم. 

إذا أردنا بناء حضارة قوية، فعلينا تجاوز المظاهر السطحية والخلفيات الاجتماعية، والتركيز على الكفاءة والعدل كمعيارين أساسيين للقيادة.

وختم حديثه بالتأكيد على أن القرآن الكريم يقدم نموذجًا عمليًا لتوجيه المجتمعات نحو النهضة من خلال تقديم الأكفاء، داعيًا إلى استخلاص العبر من هذه القصة القرآنية لبناء مجتمعات عادلة ومستقرة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جمعة البقرة طالوت بني إسرائيل

إقرأ أيضاً:

حكم الاتكاء أو الجلوس على كتب العلم

قالت دار الإفتاء المصرية إن الواجب على المسلم احترامُ وتوقيرُ كتب العلم الشرعي المشتملة على آياتٍ قرآنية أو أحاديثَ نبوية، ولذا يُكْره وضْعُها على الأرض من غير حاجة أو مد الرِّجْل إليها إلا أن تكون في مكان مرتفع عن المحاذاة، ويحرم الاتكاء أو الجلوس عليها إذا فُعِل هذا من باب الاستخفاف، وأما إن احتيج لذلك ولم يكن في الاتكاء أو الجلوس عليها استهزاءٌ أو استخفافٌ بما تحويه فلا حَرَجَ في ذلك.

فضل العلم ومنزلته في الإسلام


وأوضحت الإفتاء أن العلمُ ميراثُ الأنبياء، وهو محفوظٌ في سطور الكتب وعلى أوراقها، ولأجل ذلك عَظَّمَ الشَّرعُ الشريفُ حرمةَ الكتب والأوراق التي تحتوي على آياتٍ قرآنية وأحاديثَ نبوية وأسماءٍ معظمة كأسماء الله تعالى وأسماء الأنبياء والرسل عليهم السلام، وأوجب صيانتَها واحترامَها؛ قال الإمام ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 6، ط. المكتبة الإسلامية): [فإنَّ القرآنَ وكلَّ اسمٍ معظم كاسم الله أو اسم نبي له يجبُ احترامُه وتوقيرُه وتعظيمُه] اهـ.
وجاء في "حاشيتي قليوبي وعميرة" (4/ 177، ط. دار الفكر): [والمراد بالمصحف ما فيه قرآن، ومثله الحديث وكل علم شرعي أو ما عليه اسم معظم] اهـ.
واحترامُ هذه الأشياء وتوقيرُها من تعظيم شعائرِ الله سبحانه وتعالى؛ قال جل شأنه: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحـج: 30]، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحـج: 32].

حكم الاتكاء أو الجلوس على كتب العلم
وأكدت الإفتاء أن الفقهاء كرهوا وضْعَ المصحف وكُتُب العلم الشرعي على الأرض من غير حاجة، كما كرهوا مدَّ الرِّجْل إليها إلا أن تكون في مكانٍ مرتفع عن المحاذاة، وكرهوا كذلك وضْع شيء فوقها، حتى لو كانت كتبًا أخرى غيرها أو ملابس أو غير ذلك، فضلًا عن الجلوس عليها؛ توقيرًا لما فيها من ذِكْر الله سبحانه وتعالى وما تحويه من علوم الشريعة؛ قال الكمال ابن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (1/ 420، ط. دار الفكر): [يُكرَه أن يمدَّ رِجْلَيْه في النوم وغيره إلى القبلة أو المصحف أو كتب الفقه إلا أن تكون على مكان مرتفع عن المحاذاة] اهـ.
وقال الإمام البجيرمي الشافعي في "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" (4/ 240، ط. دار الفكر): [وما جرت به العادة من البصاق على اللوح لإزالة ما فيه ليس بكفر؛ إذ ليس فيه قرينة دالة على الاستهزاء] اهـ.
وجاء في "فتاوى الإمام شهاب الدين الرملي الشافعي" (1/ 31، ط. المكتبة الإسلامية) أنه: [سُئِل عما تفعله أولاد الكتاتيب من البصق على ألواح القرآن والعلم لأجل المسح: هل يجب على من يراهم منْعُهم من ذلك؟ وإذا فعله بالغٌ أثِمَ أو لا؟ فأجاب بأنَّ الحاجة داعيةٌ إلى ذلك، ولم يَقصِد به المكلَّفُ الامتهانَ] اهـ.
وجاء في "حاشيتي قليوبي وعميرة" (1/ 41، ط. دار الفكر): [ويجوز ما لا يُشعِر بالإهانة كالبصاق على اللوح لمحوه لأنه إعانة] اهـ.
 

مقالات مشابهة

  • الهُويّة الوطنيّة في مواجهة العولمة الرقميّة
  • هل يمكن إيقاف الشيخوخة؟.. رحلة مستحيلة بين العلم والدين
  • كهرباء كوردستان: مشاريع استراتيجية لتحسين استقرار الشبكة وزيادة الكفاءة
  • كهرباء كوردستان.. مشاريع استراتيجية لتحسين استقرار الشبكة وزيادة الكفاءة
  • «أداء وولاء».. برنامج تعزيز الكفاءة المؤسسية
  • حكم الاتكاء أو الجلوس على كتب العلم
  • الرئيس السيسي لطلاب الأكاديمية العسكرية: أنتم الجيل الذي سيتولى حماية الدولة
  • روسيا تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف القيادة الشرعية في تشاد
  • ذكرى عبد الفتاح بركة: عالِم الأزهر الذي حمل رسالة الإسلام للعالم