اقتحم جنود إسرائيليون قرى حدودية سورية، واستولوا على أعلى قمة في البلاد، وأقاموا حواجز على الطرق بين المدن السورية، ويطلون الآن على قرى من المواقع العسكرية السورية السابقة.

الجيش الإسرائيلي يعمل في المنطقة الحدودية على غرار الضفة الغربية

وكتب مراسل  "نيويورك تايمز" الأمريكية في القدس آرون بوكسرمان، أن السقوط المفاجئ للرئيس السوري بشار الأسد أغلق فصلاً من الحرب الأهلية التي استمرت عقداً، لكنه مثل أيضاً بداية توغل إسرائيلي في المنطقة الحدودية، وهو ما وصفته إسرائيل بتحرك دفاعي مؤقت لضمان أمنها.

ويعيش آلاف السوريين الآن في مناطق تسيطر عليها القوات الإسرائيلية جزئياً على الأقل، ما يترك الكثيرين قلقين في المدة التي ستستغرقها الحملة. واعتقلت القوات الإسرائيلية بعض السكان وأطلقت النار خلال احتجاجين على الأقل ضد الغارات، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

Israel’s campaign in Syrian border area prompts fears it plans to stay https://t.co/XYYVUH0Ba4

— The Boston Globe (@BostonGlobe) January 12, 2025

ويقول بعض السوريين على الأقل الآن، إنهم يخشون أن يتحول الوجود الإسرائيلي إلى احتلال عسكري طويل الأمد. وقال شاهر النعيمي، من قرية خان أرنبا الحدودية التي اقتحمتها القوات الإسرائيلية، متأسفاً: "نحن الجزء الوحيد من البلاد الذي لم يتمكن حقاً من الاحتفال بسقوط نظام الأسد، لأنه مع سقوط الطاغية، جاء الجيش الإسرائيلي".

الحدود هادئة

خاضت إسرائيل وسوريا صراعات متعددة، ولكن على مدى عقود، كانت الحدود بين البلدين هادئة إلى حد كبير. وكانت آخر مرة خاضتا فيها الحرب في 1973، عندما هاجمت سوريا ومصر، إسرائيل في يوم الغفران. وبعد ذلك، اتفق الجانبان على إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تحرسها قوات حفظ السلام للأمم المتحدة والتي كانت بمثابة حدود أمر واقع.
ولكن عندما أطاحت الفصائل المسلحة الأسد من السلطة في8 ديسمبر (كانون الأول)، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قوات بلاده بـ "السيطرة" على المنطقة العازلة، التي تضم عدداً من القرى السورية. ووصف ذلك بخطوة مؤقتة "لضمان منع ترسيخ أي قوة معادية بجوار الحدود مع إسرائيل" وسط الاضطرابات الداخلية في سوريا، وبعد الهجوم المفاجئ الذي قادته حماس من غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. 

Israel has crossed into Syria for the first time since 1973

Israel has preemptively taken up positions in the UN buffer zone guarded by UNDOF and in some cases slightly beyond it in Syria itself

On such area is around Hader where Israel had to aid UN soldiers attacked by rebels pic.twitter.com/nfdn2hKc5M

— Visegrád 24 (@visegrad24) December 9, 2024

وسرعان ما سيطرت القوات الإسرائيلية على قمة جبل الشيخ، أعلى جبل في سوريا، وتقدمت على طول المنطقة العازلة وما وراءها. وفي الوقت نفسه تقريباً، قالت إسرائيل إنها شنت مئات الغارات الجوية في أنحاء البلاد مستهدفة الطائرات المقاتلة، والدبابات، والصواريخ وغيرها من أسلحة  حكومة الأسد.
وأثارت الحملة العسكرية المستمرة، والعملية البرية في المنطقة الحدودية الفعلية، اتهامات دولية لإسرائيل بانتهاك وقف النار المستمر منذ عقود.

على غرار الضفة

وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في مقابلة هاتفية، إن الجيش الإسرائيلي يعمل في المنطقة الحدودية "الآن على غرار الضفة الغربية، حيث يمكنه الدخول والخروج إلى أي مكان يريد واعتقال من يريد". وقال بعض السوريين إنهم يأملون في علاقات جيدة مع إسرائيل، مشيرين إلى عدائهم المشترك لإيران، التي دعمت نظام الأسد. كما قدمت إسرائيل الرعاية الطبية لبعض السوريين داخل الأراضي التي تسيطر عليها إبان الحرب الأهلية السورية، بما في ذلك لسكان المنطقة الحدودية.
وقال ضرار البشير، وهو زعيم محلي في منطقة القنيطرة الحدودية: "لقد تجاوز العلاج الطبي بعض العداء الذي كان يشعر به الناس"، لكن البشير وآخرين قالوا أيضاً، إنه إذا تحولت العملية الإسرائيلية إلى احتلال طويل الأمد، فإن ذلك من شأنه أن يشعل المزيد من العنف في بلد أنهكته سنوات الحرب الأهلية. وتسيطر إسرائيل فعلاً على جزء كبير من مرتفعات الجولان، وهي الأراضي التي كانت تحت سيطرة سوريا والتي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ثم ضمتها بعد في خطوة لم يعترف بها معظم المجتمع الدولي.


وقال عرسان عرسان، أحد سكان قرية سورية خارج المنطقة العازلة والذي ساعد في التنسيق بين مسؤولي الأمم المتحدة والسكان المحليين: "نريد السلام، لكن يبدو أن صناع القرار في إسرائيل يعتقدون أنهم سيحققون كل شيء بالقوة.إذا دفعوا الناس إلى الزاوية، فستنفجر الأمور، تماماً كما فعلوا في غزة".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد فی المنطقة الحدودیة القوات الإسرائیلیة

إقرأ أيضاً:

سيطرة “إسرائيل” على سوريا.. مقدّمة لحرب ضدّ إيران

في ما بدا جلياً أنه مخطّط إسرائيلي تركي أمريكي لإسقاط الرئيس بشار الأسد، قامت مجاميع مسلحة مكونة من عشرات الآلاف المدرّبة والمدعومة من قبل تركيا وأوكرانيا و«إسرائيل» بالهجوم على الجيش السوري انطلاقاً من إدلب باتجاه حلب، لتُتبعه بعد ذلك بالتوجّه إلى حماة وحمص التي توقّف عندها القتال بشكل مريب ليتمّ الإعلان بعدها عن انسحاب الجيش السوري من القتال وتسليم العاصمة السورية لهذه الجماعات المسلحة.
وقد تلى ذلك قيام «الجيش» الصهيوني بهجوم جوي كاسح، أدى إلى ضرب كلّ المطارات والقواعد العسكرية للجيش السوري وغيرها من المرافق، ليتمّ بعدها تقدّم بري باتجاه دمشق لإقفال طريق دمشق بيروت.
بعض المؤشرات تفيد بأنّ ما يجري في سوريا قد لا يكون نهاية المطاف، بل قد يكون مقدّمة للانطلاق نحو العراق ومنها إلى إيران، وفي هذا الإطار كتب مايك ويتني مقالاً في 1 ديسمبر، أي قبل أسبوع من سقوط نظام الرئيس الأسد، بعنوان «بالنسبة لنتنياهو، الطريق إلى طهران يمرّ عبر دمشق».
وبالنسبة للكاتب فإنّ سوريا تشكّل جزءاً لا غنى عنه من خطة «إسرائيل» الطموحة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، حيث تعتبر قلب المنطقة وتعمل كجسر بري حاسم لنقل الأسلحة والجنود من إيران إلى حلفائها، فضلاً عن كونها المركز الجيوسياسي للمقاومة المسلحة للتوسّع الإسرائيلي.
ويرى الكاتب أنه من أجل الهيمنة الحقيقية على المنطقة، يتعيّن على «إسرائيل» أن تطيح بالحكومة في دمشق وتضع نظاماً دمية لها شبيهاً بأنظمة الأردن ومصر، وبما أن نتنياهو استطاع إقناع واشنطن بدعم مصالح «إسرائيل» من دون قيد أو شرط، فلا يوجد وقت أفضل من الآن لإحداث التغييرات التي من المرجّح أن تحقّق خطة «تل أبيب» الشاملة.
وعلى هذا فإنّ بنيامين نتنياهو شنّ حربه البرية من الجنوب لخلق حرب على جبهتين من شأنها أن تقسم القوات السورية إلى نصفين، بالتنسيق مع هجوم الجماعات المسلحة من الشمال. وبعد الإطاحة بالأسد، وهو ما تنبّأ به ويتني، فإنّ حلم «إسرائيل» بفرض هيمنتها الإقليمية بات قاب قوسين أو أدنى، خصوصاً في ظلّ تعهّد ترامب بإعطاء الضوء الأخضر لشنّ حرب ضدّ إيران كجزء من صفقة مقايضة مع اللوبيات التي أوصلته إلى البيت الأبيض.
وفيما اعتبر الكاتب أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الوحيد الذي كان قادراً على وقف مفاعيل هذا المخطّط بتقديم الدعم اللازم للرئيس الأسد للصمود في مواجهته، إلا أنّ ما جرى كان معاكساً تماماً، إذ أنّ روسيا اختارت أن تتوصّل إلى تسوية مع تركيا، لحقن الدماء عبر دفع الأسد إلى القبول بتسليم السلطة.
لكنّ مراقبين اعتبروا أنّ هذا شكّل خطأ في الحسابات الاستراتيجية وقعت فيه روسيا، يماثل الخطأ الذي وقعت فيه قبل عقد من ذلك التاريخ حين تخلّت عن الزعيم الليبي معمر القذافي.
واعتبر محللون إسرائيليون أنّ سقوط الأسد شكّل ضربة استراتيجية لروسيا هي الأقوى التي تتعرّض لها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، إذ أنّ هذا سيؤدّي إلى إضعاف حضورها في الشرق الأوسط بشكل كبير، ولن تستعيض روسيا عن خسارتها لسوريا بكسب ودّ الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أو مصر.
والجدير ذكره أن الرئيس الأسد نفسه وقع في أخطاء استراتيجية قاتلة حين اختار الابتعاد نسبياً عن إيران ومحاولة التقارب مع أبو ظبي والرياض للحصول منهما على مساعدات اقتصادية لترميم وضعه الاقتصادي المهترئ، لكنه وبعد سنوات من محاولات فاشلة فإنه لم يحصل على أي شيء مما كان يأمله، وقد أدى هذا الخطأ الاستراتيجي إلى أنه عند بدء هجوم الجماعات المسلحة عليه من الشمال فإن وضع جيشه ميدانياً كان معرى في ظلّ تقليص أعداد المستشارين الإيرانيين وقوات حليفة لهم في الميدان السوري، وبما أنّ التجربة أثبتت أن الدعم الجوي لا يغيّر مجريات الميدان، فإن هجوم الجماعات المسلحة جاء بالنسبة للأسد في وقت قاتل.
والجدير ذكره أنّ هذه العملية المدعومة من الولايات المتحدة و»إسرائيل» والقاعدة وتركيا ضدّ سوريا، باستخدام وكلاء ومجموعات مختلفة، تمّ التخطيط لها منذ فترة طويلة من أجل تحويل قوات الجيش السوري وزعزعة استقرارها وإرهاقها، والسماح لـ «إسرائيل» بالدخول من الجنوب، ومنع تدفّق الأسلحة إلى حزب الله من إيران إلى العراق وسوريا ثم لبنان.
هذا يجعلنا نستنتج أنّ الحرب الإسرائيلية على لبنان ستتواصل، وأنّ مفاوضات وقف إطلاق النار بين لبنان و»إسرائيل» ما هي إلا ملهاة من قبل «تل أبيب» لتنهي فيها عملية تموضعها على طريق بيروت دمشق لتقطع هذه الطريق من الجهة السورية وتمهّد لحملة جوية كثيفة على حزب الله، بذرائع تحمّل الحزب مسؤولية خرق اتفاق وقف إطلاق النار.
وهنا لن تحتاج «إسرائيل» إلى التغلغل البري في لبنان، بل إنها ستعتمد على الجماعات المسلحة التي سيطرت على العاصمة السورية لتقوم بالمهمة عنها عبر التغلغل إلى بيئات شكّلت حاضنات لهذه الجماعات في منطقة عنجر والبقاع الأوسط، وأجزاء من البقاع الغربي، وأيضاً في شمال لبنان انطلاقاً من تل كلخ إلى سهل عكار فمدينة طرابلس.
وقد ينطوي ذلك على مخاطر للدفع باتجاه تغيير ديمغرافي يؤدي إلى تهجير قسم كبير من الشيعة إلى العراق وتهميش الباقين منهم في لبنان، ليتمّ تقاسم النفوذ بين المسيحيين من جهة والسنة من جهة أخرى مع تأدية الدروز دور الموازن في العلاقة بين الطرفين، علماً أنه ستكون لـ «إسرائيل» الدالة الكبرى عليهم بعد احتلالها لجنوب سوريا وإدخالها دروز الجولان وجبل العرب تحت مظلتها.
من هنا فإنّ «إسرائيل» ستكون هي المهيمن على لبنان عبر تحالفها مع أطراف مسيحية تربطها بها علاقات تاريخية من جهة، ومع السنة في لبنان عبر الدالة التي سيمارسها عليهم الحكم السني في دمشق، مع تشكيل الدروز للكتلة الأكثر فاعلية في موازنة وضع النظام اللبناني الذي سيكون تحت القبضة الإسرائيلية.
ويرى المراقبون أنّ وقف إطلاق النار المؤقت، سيمنح «إسرائيل» الوقت للتعافي لأنها ضعيفة، والوقت لوضع استراتيجية مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستكون الأكثر صهيونية في تاريخ الولايات المتحدة، أما بالنسبة لتركيا، فهي ستستغلّ ذلك لضمّ شمال سوريا في إطار مطالبتها بمدينة حلب.
لهذا فإنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان مستعدّاً حتى للتنسيق مع جماعة قسد والاعتراف لها بسيطرتها على شرق سوريا.
أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يبني 9 مواقع عسكرية داخل سوريا ويستعد للبقاء طويلا
  • أسماء الأسد.. إيما التي لم تكن تهتم بالشرق الأوسط
  • سيطرة “إسرائيل” على سوريا.. مقدّمة لحرب ضدّ إيران
  • الحقيل يوضح أكثر المناطق التي ستشهد نشاط للرياح
  • الجيش يستكمل انتشاره في المنطقة الحدودية الشمالية للهرمل
  • هل تورطت دول المنطقة أم وُرِّطَت؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يدمر عددا كبيرا من المناطق بمحور نتساريم
  • القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلي دمر عددا كبيرا من المناطق بمحور نتساريم
  • خبير سياسي: مصر تقف أمام حالة الفوضى التي تقودها إسرائيل في المنطقة «فيديو»
  • أستاذ علوم سياسية: مصر ستقف أمام حالة الفوضى التي تقودها إسرائيل بالمنطقة