حرائق لوس أنجلوس.. خسائر تاريخية وقطاع تأمين في مهب الريح
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
تسببت الحرائق المستعرة في جنوب كاليفورنيا في دمار واسع النطاق في منطقة لطالما كانت تدرك مدى تعرضها للكوارث الطبيعية.
ومع احتراق أحياء مثل "باسيفيك باليسيدز" وغيرها من المناطق العالية المخاطر، فقد تم تهجير أكثر من 180 ألف شخص، وفقد 10 أشخاص حياتهم، وتعرضت أكثر من 57 منشأة لدمار كبير، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبيرغ.
وقالت صحيفة إيكونوميست إن هذه الحرائق ليست مجرد مأساة إنسانية، بل أزمة اقتصادية عميقة تكشف هشاشة سوق التأمين في كاليفورنيا، وتثير القلق بشأن التكاليف المتصاعدة للكوارث المرتبطة بالمناخ.
الأكثر تكلفة في تاريخ أميركاحتى العاشر من يناير/كانون الثاني الجاري، قُدرت الأضرار الاقتصادية الأولية المباشرة الناتجة عن هذه الحرائق بأكثر من 50 مليار دولار، مع توقع أن يغطي التأمين منها نحو 20 مليار دولار فقط، وفقًا لتقديرات "جي بي مورغان".
هذه الأرقام تجعل هذه الحرائق واحدة من أكثر الحرائق تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة، وقد تعرض حي "باسيفيك باليسيدز" -الذي يبلغ متوسط أسعار المنازل فيه 4 ملايين دولار- للدمار الأكبر.
أما "حريق إيتون" في الشمال، فلا يزال يهدد المناطق الأقل ثراءً، وهو ما يُبرز الطبيعة المتنوعة والعشوائية لهذه الكارثة.
إعلانوأشار تقرير صادر عن شركة "أكيو ويذر" الأميركية لخدمات التنبؤ بالطقس إلى أن إجمالي الخسائر قد يتراوح بين 135 و150 مليار دولار، مما يعكس التأثير الكبير على منطقة تحتوي على بعض أغلى العقارات في الولايات المتحدة.
وتعد هذه الحرائق أسوأ حرائق غابات في تاريخ لوس أنجلوس، وقال عنها الرئيس الأميركي جو بايدن إنها "أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميرا في تاريخ كاليفورنيا"، مؤكدا أن "التغير المناخي حقيقة واقعة".
وعقد بايدن -الذي أعلن حالة كوارث كبرى في كاليفورنيا- اجتماعات مع كبار المسؤولين لبحث الاستجابة الفدرالية.
سوق التأمين في عين الجحيموكشفت الحرائق عن أوجه قصور كبيرة في سوق التأمين في كاليفورنيا، التي تكافح للتكيف مع التزايد المستمر في حدة وتكرار الحرائق بسبب تغير المناخ، حسب إيكونوميست.
فشهدت السوق تقليص 7 من أكبر 12 شركة تأمين وجودها في الولاية خلال السنوات الأخيرة. فعلى سبيل المثال، توقفت شركة أولستيت عن بيع البوليصات التأمينية الجديدة تمامًا عام 2022، بينما ألغت شركة ستيت فارم 30 ألف بوليصة عام 2023، بما في ذلك 1600 بوليصة في حي "باسيفيك باليسيدز".
وقد ارتفع تعرض خطة التأمين الحكومية "فير"، وهي الملاذ الأخير في كاليفورنيا، بنسبة 85% في المناطق عالية الخطورة مثل "باسيفيك باليسيدز"، حيث تجاوزت المطالبات المحتملة الآن 3 مليارات دولار.
ومع ذلك، فإن القدرات المالية للخطة لا تزال غير كافية، إذ لا تمتلك سوى 200 مليون دولار احتياطات و2.5 مليار دولار في إعادة التأمين، مما يهدد بفشل النظام بأكمله.
هذا النقص -حسب بلومبيرغ- يترك عديدا من أصحاب المنازل من دون تأمين كاف أو من دون تأمين على الإطلاق، خاصةً أولئك الذين تتجاوز ممتلكاتهم الحد الأقصى لتغطية "فير" البالغ 3 ملايين دولار.
تغيّر المناخ وتحديات السياساتوذكرت بلومبيرغ أن خبراء في قطاع التأمين حذروا منذ فترة طويلة من أن الإطار التنظيمي القديم في كاليفورنيا أعاق قدرة سوق التأمين على العمل بفعالية.
إعلانفقد منعت مبادرة اقتراع عام 1988 شركات التأمين من استخدام نماذج المخاطر المستندة إلى تغير المناخ، مما أجبرهم على الاعتماد على بيانات تاريخية لم تعد تعكس الواقع الحالي.
وقد أدت هذه القيود -حسب بلومبيرغ- إلى تثبيط شركات التأمين الخاصة عن تحمل مخاطر الحرائق.
وعلى الرغم من أن الإصلاحات التي أُقرت في الثاني من يناير/كانون الثاني تتيح الآن التسعير بناءً على النماذج، فإن هذه التغييرات قد جاءت متأخرة للغاية لمعالجة تداعيات الحرائق الحالية.
عديد من أصحاب المنازل من دون تأمين كافٍ أو من دون تأمين على الإطلاق (الأناضول) تداعيات أوسعوتمثل هذه الحرائق نقطة تحول في العلاقة بين مخاطر المناخ، وقيم الممتلكات، والاستقرار الاقتصادي. فوفقًا لمايكل وارا، خبير الحرائق في جامعة ستانفورد الذي تحدث لصحيفة إيكونوميست، فإن أحياء مثل "باسيفيك باليسيدز" تجسد التوازن الهش بين قيم الممتلكات المرتفعة والمخاطر الكارثية.
ويمكن أن يؤدي الانسحاب الواسع لشركات التأمين الخاصة إلى انهيار سوق الإسكان، حسب ما قاله وارا، حيث تصبح الممتلكات التي لا يمكن تأمينها غير قابلة للرهن العقاري، مما يؤدي إلى انكماش اقتصادي مشابه للأزمة المالية لعام 2008.
علاوة على ذلك، فإن التأثيرات الصحية للحرائق، التي غالبًا ما يتم التغاضي عنها في التحليلات الاقتصادية، تُعد كبيرة. إذ يُقدر أن استنشاق الدخان وتلوث الهواء يكلف مليارات الدولارات سنويًا من النفقات الصحية الخفية، مما يزيد من أعباء السكان وموارد الدولة.
تعاون دولي وتكنولوجيوشهدت جهود مكافحة الحرائق تعاونًا دوليًا، إذ أرسلت كندا طائراتها الشهيرة "كندير" لمساعدة رجال الإطفاء في لوس أنجلوس.
ويؤكد هذا العمل من "الدبلوماسية المناخية" على أهمية التعاون عبر الحدود في مواجهة حالات الطوارئ المرتبطة بالمناخ.
في الوقت نفسه، قدمت التكنولوجيا بعض العزاء للسكان، إذ حقق تطبيق ووتش ديوتي، الذي يتتبع تطورات الحرائق، 1.4 مليون تحميل خلال 48 ساعة فقط.
إعلانوتشدد إيكونوميست على أن حرائق لوس أنجلوس لا بد أن تكون تذكيرًا مهما بالحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات شاملة تجاه تغير المناخ وبناء نظام تأمين مرن، مشيرة إلى حاجة صناع السياسات لمعالجة مواطن الضعف النظامية لمنع مزيد من الدمار.
وكما أشار السيناتور شيلدون وايتهاوس في تصريح لبلومبيرغ، فإن الفشل المتسلسل الناجم عن مثل هذه الكوارث قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي أوسع نطاقًا ما لم تُتخذ تدابير حاسمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی کالیفورنیا من دون تأمین هذه الحرائق سوق التأمین ملیار دولار لوس أنجلوس فی تاریخ تأمین فی
إقرأ أيضاً:
حرائق الغابات في لوس أنجلوس تكلف شركات التأمين 20 مليار دولار
توقعت أحدث البيانات، أن تتجاوز التكلفة المحتملة لشركات التأمين ضد الدمار الناجم عن حرائق الغابات في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية 20 ملياردولار، ما يمثل ضعف التقديرات التي صدرت قبل يوم واحد فقط.
وحذر المحللون في بنك "جي بي مورجان تشيس" الأمريكي - في مذكرة للعملاء نقلتها وكالة أنباء "بلومبيرج" - من أن إجمالي خسائر شركات التأمين قد يرتفع أكثر في حال لم تتم السيطرة على الحرائق واستمر الدمار في الانتشار.
وتشير التقديرات إلى أن التكلفة الناجمة عن حريق الغابات الذي اندلع بمدينة لوس أنجلوس الأسبوع الماضي قد تكون أعلى من التكلفة التي نتجت عن الحريق الذي اندلع في مقاطعة بوت كامب شمالي الولاية الأمريكية في عام 2018، حيث بلغت قيمة الخسائر المؤمن عليها نحو 10 مليارات دولار، ما يمثل أكبر خسائر للصناعة ناجمة من حريق في تاريخ ولاية كاليفورنيا حتى الآن.
كما ستتراوح الأضرار الإجمالية والخسائر الاقتصادية - التي تشمل الدمار غير المؤمن عليه والتأثير الاقتصادي غير المباشر مثل فقدان الأجور وانقطاع سلسلة التوريد ما بين 52 - 57 مليار دولار، وفقا للتقديرات الأولية.
وتضيف حرائق الغابات ضغوطاً على سوق التأمين على المنازل في ولاية كاليفورنيا ، حيث واجهت السوق أزمة متزايدة في السنوات الأخيرة، ما دعا شركات التأمين التقليدية الانسحاب من الولاية وإلقاء اللوم على ارتفاع التكاليف الناجمة من الكوارث الطبيعية واللوائح الصارمة للتسعير.