هذا الرئيس المكلف لهذا الرئيس المنتخب
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
يبدأ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون غدًا استشاراته النيابية الملزمة في القصر الجمهوري، الذي عادت إليه الحركة والحيوية بعد سنتين وشهرين وتسعة أيام من الفراغ والجمود القاتلين. ففي هذه الاستشارات النيابية الملزمة، وهي لزوم ما يلزم، في رأي أكثر من خبير دستوري. ويذهب هؤلاء إلى التذكير بأن دور رئيس الجمهورية لا يمكن حصره في ما يسمّى "صندوقة البريد".
فالرئيس الذي جرّده دستور الطائف من صلاحيات أساسية، وإن لم يكن النظام اللبناني رئاسيًا، بل برلماني، لا يمكن مصادرة حقّه في اختيار الشخصية التي يرتاح إليها وإلى أدائها في المرحلة المقبلة والمفصلية لكي تتولى تشكيل حكومة العهد الأولى. فإذا لم يكن الرئيس الذي سيتمّ تكليفه لتشكيل حكومة شبيهًا بأدائه لروحية "خطاب القسم" فإن تكرار تجربة الرئيس السابق ميشال عون ستُعاد، وإن بطرق مختلفة، من حيث عدم التطابق في وجهات النظر بينه وبين رؤساء الحكومات، الذين تولوا مسؤولية السلطة التنفيذية طيلة ست سنوات، ويضاف إلى ذلك الخلافات الموسمية بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أعطى إشارات عكسية منذ اليوم الأول لبدء ولاية "العهد القوي".
الدستور إذًا يلزم رئيس الجمهورية بإصدار نتيجة الاستشارات، التي تنتهي بعد يوم طويل على خلفية الأصداء التي تركها خطاب القسم وما تضمنّه من عناوين لا يمكن تجاهلها عند تسمية الكتل النيابية والنواب الإفراديين الشخصية التي ستسند إليها مهمة وضع اليد على المحراث وعدم الالتفات إلى الوراء، أو على خلفية أغنية السيدة فيروز "سمّى الجيرة وسمّى الحيّ ولولا شويه سمّاني".
وكما أن انتخاب العماد جوزاف عون لم يكن ليتمّ إلا بعدما توافر لهذه العملية الدستورية مناخ عربي ودولي دفع في اتجاه إتمام هذا الاستحقاق، الذي طال انتظاره، كذلك سيكون التكليف. ولو تُرك اللبنانيون لتقرير مصير الاستحقاق الرئاسي لوحدهم ومن دون أي مساعدة من الخارج لبقي الفراغ الرئاسي سنوات طويلة قابعًا على أدراج القصر الجمهوري، ومتربعًا على الكرسي الرئاسي، مع خشية الحريصين على مستقبل لبنان من أن تسري عدوى هذا الفراغ على كل مؤسسات الدولة.
وما لاقاه نواب الأمّة من دفع خارجي أدّى إلى انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية وهذا "الخارج"، تهمّه ربما مصلحة لبنان أكثر من بعض الذين لا يزالون عالقين في شباك الماضي والمأسورين بشعارات وعناوين فضفاضة لم تعد صالحة لزمن التغيير المطلوب كعنوان من عناوين كثيرة تضمّنها خطاب القسم، وهو سيؤدي حتمًا إلى تسمية الرئيس المكّلف.
وكما كان اختيار العماد عون لتولي مسؤولية انقاذ البلد بالتعاون مع رئيس للحكومة الأولى في عهده يرتاح إليه بالمعنى الحصري لكلمة "يرتاح"، أي يمكنه أن يتعاون معه في عملية الإنقاذ، هكذا سيكون الاختيار، الذي سيأتي منسجمًا حتمًا مع هذه التطلعات، مع أن عددًا من الكتل النيابية والنواب المستقلين والتغييريين لن يسمّوا على الأرجح "الرجل المناسب في المكان المناسب"، وذلك لما لخياراتهم من ارتباطات شخصية ليس لها أي علاقة بالمصلحة الوطنية العليا.
فإذا كان هؤلاء النواب يريدون حقيقة إنجاح مهمة الرئيس الإنقاذي فما عليهم غدًا سوى أن يتركوا له حرية الاختيار، لأنه المعني الوحيد بترجمة ما ورد في خطاب القسم على أرض الواقع وألا تبقى هذه العناوين مجرد عناوين وشعارات غير مطّبقة. فإذا تُرك للرئيس عون حرية الاختيار فإنه لن يتردّد في أن يختار سوى الذي كانت نظرته متطابقة مع نظرته يوم كان قائدًا للجيش، ولم يُسجّل بينهما أي توتر في العلاقات، التي كانت قائمة على الاحترام المتبادل، ووفق التراتبية في المسؤوليات. وهذا الأمر تجّلى في أكثر من محطة يوم صُوبت السهام السامة في اتجاه القائد، الذي رفض المساومة، والذي لم يلين أمام حملات "الترغيب والترهيب" فظّل صامدًا في مواقفه مستندًا إلى من وقف إلى جانبه في "حروبه" الداخلية.
وإذا تجاوب النواب مع ما يطمح إليه رئيس الجمهورية وفهموا كما يفهم اللبيب من الإشارة، وتركوا له حرية اختيار من يرتاح إليه على رأس الحكومة العتيدة يكونون منسجمين مع الـ "99 نعم"، ومع قناعاتهم التي كان لمساعدة الخارج التأثير الإيجابي لتظهيرها في صندوقة الاقتراع، ويصبحون مشاركين فعليين في عملية إنهاض لبنان من تحت نير أزماته المتراكمة.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس الجمهوریة خطاب القسم رئیس ا
إقرأ أيضاً:
عراقجي خبير المفاوضات الإيراني المكلف بتجنب الحرب
(رويترز) – يواجه عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني والدبلوماسي المخضرم، أحد أكثر التحديات في مسيرته المهنية إذ يستعد لقيادة المحادثات مع الولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد وتجنب توجيه ضربة عسكرية لبلاده.
وتتعامل المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران مع المحادثات التي ستجرى في سلطنة عمان بحذر، إذ تتشكك في إحراز تقدم وفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، الذي هدد مرارا بقصف إيران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وسواء كانت المحادثات مباشرة، كما يقول ترامب، أو غير مباشرة، كما تصر طهران، فإن عراقجي يتأهب لمواجهة مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، قطب العقارات الذي لا يتمتع بأي خبرة سابقة في عالم السياسة الخارجية ناهيك عن الخلاف الشائك طويل الأمد حول طموحات إيران النووية.
لكن رغم خبرته الطويلة، فالأمر لن يكون نزهة بالنسبة لعراقجي، وهو سليل عائلة من تجار أصفهان وانضم إلى الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 عندما كان شابا يافعا وقاتل في الحرب بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن العشرين قبل أن يبدأ مسيرة دبلوماسية باهرة.
ورغم ضعف التفاؤل في طهران بشأن إحراز تقدم في المحادثات، فإن المؤسسة السياسية تبدو واثقة من قدرة عراقجي على اللعب بأوراق إيران بحنكة ودهاء.
وقال المحلل السياسي سعيد ليلاز المقيم في إيران وهو أيضا من المطلعين على الشأن السياسي “عراقجي هو الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب”.
وأضاف “إنه أحد أقوى وزراء الخارجية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، ويمنحه الزعيم الأعلى صلاحيات كاملة، ويتمتع بدراية عميقة بجميع جوانب القضية النووية”.
ووقع اختيار الرئيس مسعود بزشكيان على عراقجي ليكون وزيرا للخارجية العام الماضي، إذ اكتسب الرجل دمث الأخلاق سمعة طيبة باعتباره “سيد المفاوضات” الصعبة عندما اضطلع بدور رئيسي في المحادثات التي أسفرت عن إبرام الاتفاق النووي في عام 2015.
ويصف دبلوماسيون غربيون شاركوا في المحادثات بين إيران وست قوى عالمية عراقجي بأنه “دبلوماسي جاد وصريح يتمتع بالكفاءة والمعرفة الفنية”.
وفي 2018 خلال ولايته الرئاسية الأولى، وجه ترامب ضربة قاصمة للاتفاق النووي بالانسحاب منه وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران. وخفف الاتفاق العقوبات الدولية على طهران مقابل فرض قيود على برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
لعب عراقجي أيضا دورا محوريا في محادثات غير مباشرة سعت لإحياء الاتفاق خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن (2021-2025)، وهي محادثات باءت بالفشل. واستبدل عراقجي بأحد غلاة المحافظين المناهضين للغرب.
وبعد ذلك بقليل، عين عراقجي في منصب الأمين العام للمجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية وهو هيئة مهمة تقدم المشورة للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، مما أدخله إلى الدائرة المقربة لمن له القول الفصل في شؤون البلاد.
* عليم ببواطن الأمور
ولد عراقجي في طهران عام 1962 لأسرة ثرية متدينة تمتهن التجارة. وكان في السابعة عشرة من عمره عندما اندلعت الثورة الإسلامية وأشعلت حماسة راديكالية في نفوس الكثير من الشبان الإيرانيين.
وبعد الإطاحة بنظام الشاه المدعوم من الولايات المتحدة ووسط وعود المستقبل الجديد، انضم عراقجي للحرس الثوري ليقاتل في الحرب مع العراق بين 1980 و1988.
وبعد انتهاء الحرب، انضم لوزارة الخارجية في 1989 وأصبح سفيرا لبلاده لدى فنلندا من 1999 إلى 2003 ولدى اليابان من 2007 إلى 2011 قبل أن يصبح المتحدث باسم وزارة الخارجية في 2013.
حصل عراقجي على درجة الدكتوراه في السياسة من جامعة كنت البريطانية ثم عين نائبا لوزير الخارجية في 2013.
ومعروف عن عراقجي تدينه وإيمانه القوي بمبادئ الثورة الإسلامية، وشغل مناصب في عهد رؤساء براجماتيين وآخرين من غلاة المحافظين.
وخلال تلك السنوات، حدد البرنامج النووي علاقة إيران بالعالم إلى حد كبير. وتقول طهران إنه مخصص لأغراض مدنية لكن الكثير من الدول الغربية تصر على أن هدف البرنامج هو تطوير وسائل تصنيع قنابل نووية.
وقد تحميه سمعته في طهران من الانتقادات الداخلية إذا اضطرت إيران إلى التنازل عن قضايا رئيسية في المحادثات مع الولايات المتحدة.
يقول مسؤول إيراني كبير إن عراقجي، رغم أنه عليم ببواطن الأمور السياسية ووثيق الصلة بخامنئي، فقد نأى بنفسه عن “الصراعات والخلافات الداخلية السياسية” بين الأطراف المختلفة.
وتابع المسؤول قائلا “تربطه علاقات جيدة بالزعيم الأعلى وبالحرس الثوري وبكل الأطراف السياسية في إيران”.
ولدى عراقجي من زواجه الأول ابنان وابنة ورزق بابنة ثانية من زواجه الثاني.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةطيب ايها المتصهين العفن اتحداك كمواطن يمني ان تقول لسيدك ترا...
رعى الله أيام الرواتب حين كانت تصرف من الشركة. أما اليوم فهي...
اتحداك تجيب لنا قصيدة واحدة فقط له ياعبده عريف.... هيا نفذ...
هل يوجد قيادة محترمة قوية مؤهلة للقيام بمهمة استعادة الدولة...
ضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...