موقع 24:
2025-04-14@10:18:18 GMT

لبنان العربي وعودة الدولة

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

لبنان العربي وعودة الدولة

عرفت تواريخ الأمم أياماً وشهوراً وسنواتٍ مثلت تحولات كبرى وتغيراتٍ عظمى كان لها ما بعدها، لأنها حصدت ما قبلها بالوعي والرؤية والاستشراف، وهذا الشهر من هذا العام يبدو معبراً عن واحدةٍ من تلك اللحظات التاريخية الاستثنائية.
هذا الشهر يناير (كانون الثاني) 2025 شهرٌ سيتذكره التاريخ طويلاً لأحداثٍ رمزيةٍ تعبر عن نتائج صراعاتٍ طويلةٍ تاريخياً ودولياً وإقليمياً، أما التاريخ فصراعاته السياسية شديدة التعقيد بمنطقتنا في العقود الماضية قد تمخضت عن هزيمة «محور المقاومة»، وهذه الهزيمة هي هزيمة لـ"توحش الأقليات" ميليشياتٍ وتنظيماتٍ، ولمشروعٍ إقليميٍ ضخمٍ ذي امتداداتٍ وعلاقاتٍ ومصالح دوليةٍ كبرى، ويشهد العالم آثار هذه الهزيمة في سقوط نظام الأسد في سوريا، و"عودة الدولة" في لبنان، والنهاية القريبة لأتباعه في فلسطين واليمن.


أما دولياً، فسيتمّ تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيساً مرةً أخرى لأمريكا أقوى إمبراطورية في التاريخ، في تعبيرٍ رمزيٍ مكثفٍ عن هزيمةٍ تاريخيةٍ لـ"اليسار الليبرالي" في أمريكا آيديولوجياً، واجتماعياً، وثقافياً، وسياسياً.
أما إقليمياً، فيجب ألا يلهي الفرح بسقوط "محور الممانعة" الطائفي عن انتعاشٍ سيشهده "محور الأصولية".
ما جرى في لبنان "انتصار"  لأن الدولة هناك بدأت طريقاً جاداً في العودة لنفسها ولشعبها، وما جرى في سوريا انتصار لسقوط نظامٍ ليس له مثيلٌ في بشاعته وديكتاتوريته في القرن الماضي بأسره، والشعبان اللبناني والسوري جديران بمستقبلٍ زاهٍ لا تتحكم فيه أي محاور إقليمية غير عربية إن طائفياً أو أصولياً.
احتفى الشعب اللبناني بالتغيّر الدراماتيكي للتاريخ في دولتهم والمنطقة، وانتُخب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للدولة بعد عقودٍ من اختطافها من بعض القوى السياسية المسيحية والشيعية المنتمية لما كان يُعرف بـ"محور المقاومة". ولئن كانت قوة السلاح الذي حكم لبنان خارج الجيش وضد الدولة جاءت من إيران وسوريا؛ فقد كان غطاء الشرعية السياسية والدولية يأتي من تيارٍ مسيحي معروفٍ لا تقل مسؤوليته عن ذلك التاريخ الأسود عن مسؤولية حزب الله.
لبنان كان دولة "مختطفة" أو دولة "رهينة"، وبكل الأحوال "شبه دولة" سياسياً، وعاشت حرباً أهليةً طاحنةً، وتدخل فيها سياسياً وأمنياً غالب دول المنطقة، واختلفت قوة الأطراف داخلها بحسب المراحل الزمنية، فمن منظمة التحرير الفلسطينية إلى الفصائل والأحزاب التابعة لسوريا أو لإسرائيل. ولئن كان جنوبها محتلاً من إسرائيل في مرحلةٍ من المراحل؛ فلقد كانت بقيتها محتلة من سوريا الأسد وإيران.
اختطفها حزب الله اللبناني وجعلها رهينةً لدى "محور المقاومة"، وأصبح قرارها لعقودٍ من الزمن رهناً لغيرها؛ لـ"محور المقاومة" بلونه الدموي القاني، ولسوريا الأسد المنخرطة معه في "توحش الأقليات"، وهو ما أوصل دولة لبنان أو "سويسرا الشرق" لتصبح غير قادرة على التعامل مع القمامة في شوارعها وأحيائها، فضلاً عن التحكم في مصيرها السياسي.
نورٌ ثقافيٌّ أشعَّ من دول الخليج العربي على المنطقة، وأشرقت "شمس ثقافة خليجية" بحسب مقال نشره كاتب هذه السطور في 2007، وسطع نجاحٌ تنمويٌّ جديد، غير نفطيٍّ، بدأ من دبي وقال عنه الأمير محمد بن سلمان: "لو ننظر للشرق الأوسط، كانت الدول التي تعمل بشكل جيد تعتمد على النفط، لكن أتى رجل في التسعينات أعطانا نموذجاً أننا يمكننا أن نقدم أكثر... الشيخ محمد بن راشد".
ومع تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في السعودية عرف العالم بأسره "السعودية الجديدة" سياسياً واقتصادياً وتنموياً، عبر قيادة ولي عهده صاحب رؤية السعودية 2030 وعبر السياسات والاستراتيجيات والرؤى المتماسكة والإدارة الواعية لكافة الملفات؛ ما شكَّل بالفعل نموذجاً بدأت تهتف له شعوب المنطقة حتى تلك التي تمثل محاور غير عربية.
قبل عقدٍ ونصف العقد من الزمن وإبان "الربيع العربي" الأسود، وقفت السعودية والإمارات والكويت موقفاً تاريخياً ضد كل القوى الدولية والمحاور الإقليمية في مصر والبحرين وعدد من الدول العربية غيرهما حتى انقشعت الغمة، ولم تستخدم قَطّ شعاراتٍ باليةً ولا آيديولوجياتٍ مهترئة، ولكنها السياسة والاقتصاد والوعي المتقدم.
أخيراً، فلدى لبنان اليوم فرصةٌ تاريخيةٌ بأن يكنس من بلاده عقوداً كئيبةً مضت مع كل ما يمثلها من رموزٍ طائفيةٍ، وطبقةٍ سياسيةٍ، ومواضعاتٍ اجتماعية، وعلاقاتٍ خارجيةٍ، ليعود «دولة مستقلة ذات سيادة» تمنح الأمل لشعبها، وترص الصفوف لمستقبلها، وتتبصر طريقها جيداً مع عمقها الاستراتيجي العربي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان محور المقاومة

إقرأ أيضاً:

انطلاق مناورات "الأسد الإفريقي" بمشاركة أكثر من 30 دولة (صور)

تستعد القوات المسلحة الملكية، بشراكة مع القوات المسلحة الأمريكية، لتنظيم تمرين « الأسد الإفريقي » في نسخته الواحدة والعشرين، وذلك خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 23 ماي 2025، بكل من أكادير، طانطان، تزنيت، القنيطرة، بنجرير وتيفنيت.


وتجدر الإشارة إلى أن التحضيرات لهذا التمرين قد انطلقت في وقت سابق، والتي احتضن آخرها مقر قيادة المنطقة الجنوبية بأكادير، من 24 إلى 28 فبراير المنصرم، حيث عُقد اجتماع التخطيط النهائي لهذا الحدث العسكري الهام، بمشاركة ممثلين عن مختلف الدول المعنية. وقد باشرت القوات المسلحة الملكية وضع اللمسات الأخيرة إيذاناً بانطلاق التمرين، وذلك من خلال تعبئة الموارد البشرية وتحضير الوسائل اللوجستية المقررة.

ويُعد تمرين « الأسد الإفريقي » من أكبر المناورات العسكرية في القارة الإفريقية، كما يُشكل محطة بارزة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة للدول المشاركة، لا سيما في مجالات التكوين والتدريب المشترك، مما يُسهم في تطوير قابلية التشغيل البيني على المستويات العملياتية، والتقنية، والإجرائية.

وينتظر أن تشهد نسخة هذا العام مشاركة القوات المسلحة الملكية ونظيراتها الأمريكية، إلى جانب أكثر من 30 دولة مشاركة أو ملاحِظة من أوربا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة الشرق الأوسط.


ويتضمن تمرين « الأسد الإفريقي » عدة أنشطة عملياتية، تشمل تدريبات ميدانية وتكتيكية برية، وبحرية، وجوية تُنفذ نهارًا وليلًا، إلى جانب تمارين للقوات الخاصة والإنزال الجوي، وتمرين مشترك لتخطيط العمليات لفائدة ضباط هيئات الأركان، في إطار « فريق العمل  » (Task Force)، هذا وستعرف الدورة 21 لتمرين الأسد الإفريقي أنشطة موازية ذات طابع إنساني واجتماعي.

وتهدف مناورات « الأسد الإفريقي 2025 » إلى تعزيز التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة، وتطوير التشغيل البيني وتقوية قدرات التدخل في سياق متعدد الجنسيات، وذلك بغية تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. رئيس الوزراء اللبناني يزور سوريا
  • محمد العرب: لم تُقدِّم أي دولة لليمن ما قدّمته السعودية عبر التاريخ .. فيديو
  • في أستراليا... هكذا خسر الطفل اللبنانيّ محمد حياته
  • مصدر إطاري: الحشد الشعبي جزء مهم من محور المقاومة الإسلامية بزعامة خامنئي
  • الرئيس اللبناني: أي سلاح خارج إطار الدولة يعرضها للخطر
  • الرئيس اللبناني يحذّر من وجود سلاح خارج إطار الدولة
  • انطلاق مناورات "الأسد الإفريقي" بمشاركة أكثر من 30 دولة (صور)
  • الحريري بذكرى الحرب الأهلية: لنخرج من عقلية الميليشيا إلى رحاب الدولة
  • أورتاغوس الى عمان... هل يُسحب الملف اللبناني منها؟
  • سلام افتتح معرض خمسون في خمسين بذكرى الحرب: لنعمل من أجل دولة قوية