صحيفة الاتحاد:
2025-02-11@07:34:29 GMT

تكنولوجيا تحسين الإنسان!

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

الفاهم محمد
في عصر التكنولوجيا المتقدمة، والتطور الهائل للمركب العلمي الذي يطلق عليه اختصاراً NBCI، أصبحت الحدود تتداخل بين الإنسان والآلة ضمن اتجاه ما بعد الإنسانية، وبالخصوص في هذا الموضوع الشائك فلسفياً وأخلاقياً، ألا وهو موضوع تحسين الإنسان Human Enhancement الذي يتعلق بتعزيز القدرات البشرية، عبر تطبيقات تكنولوجية مثل الهندسة الوراثية، والذكاء الاصطناعي، وعلوم الإدراك، وكذا الثورة المعلوماتية.

كل هذه التحولات تفتح آفاقاً جديدة لم تعرف من قبل، حول هوية الإنسان ومصيره. هل تسير هذه التطبيقات إذاً نحو تجاوز الطبيعة الإنسانية، أم أنها خطوة ضرورية نحو مستقبل أفضل للإنسان؟ كيف يمكننا ضمان أن تكون هذه التحسينات إذا ما كانت ملائمة للبشر متاحة للجميع، دون أن تساهم في تفاقم الفجوات الاجتماعية؟ وما هي المخاطر الأخلاقية التي قد تنشأ من هذه التطورات؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تدعونا إلى التفكير العميق في مستقبل الإنسان في عصر التكنولوجيا المتقدمة.

يُشير مصطلح التحسين البشري إلى استخدام التكنولوجيا، أو الوسائل الطبية، لتعزيز القدرات البشرية فوق المستوى الطبيعي. يشمل ذلك تحسين الأداء الجسدي والعقلي، بالإضافة إلى تعزيز الصحة العامة. ويختلف التحسين البشري عن العلاج الطبي التقليدي، الذي يركز غالباً على معالجة الأمراض والاضطرابات. بينما يسعى التحسين إلى رفع القدرات البشرية إلى مستويات عليا.
منذ ظهور الإنسان، وهو يحاول أن يضيف إلى الطبيعة عناصر من ابتكاره، سيسميها علماء الأنثروبولوجيا بالثقافة. هذه الأخيرة شكلت الرحم الجديد الذي يتجاوز الرحم الطبيعي. إذا نظر إلى التحسين من هذا المنظور فسيكون شيئاً إيجابياً، لأنه يضمن لنا ترقية قدراتنا ودفعنا للانفصال والسمو عن عالم الحيوان. يقول نيكولاس أغار: «إننا نلج إلى الجامعات على أمل أن يحسنوا عقولنا. نسعى إلى تحسين صحتنا من خلال تناول أقراص أوميغا. التحسين كتحسين ليس شيئاً يمكننا التفكير في رفضه بشكل واقعي». إذن ليس التحسين هو ما يوضع موضع نقاش، ولكن التعزيز المدعم بالتكنولوجيا هو ما يثير المخاوف اليوم.
لا يتعلق الأمر بتحسين الإنسان عبر التعليم والتغذية الصحية وممارسة التمارين الرياضية، أو عبر تحسين الصحة النفسية والاجتماعية، بل بشيء آخر تماماً. الأمر يرتبط بتحسين الصفات الوراثية عبر الهندسة الجينية. ودمج الذكاء الاصطناعي مع الذكاء البشري، بواسطة الزرع التكنولوجي مثل إدخال شرائح أو أجهزة في جسم الإنسان. أو كذلك بواسطة التقنيات التي تسمح بمحاربة الشيخوخة وإطالة مدى الحياة.
باختصار، تتعدد تقنيات تحسين الإنسان، وتتنوع تطبيقاتها في مجالات مختلفة، مما يعكس الإمكانات الكبيرة التي تقدمها التكنولوجيا لتعزيز القدرات البشرية. هنا تظهر تساؤلات عميقة، عندما ننتقل من التحسين التقليدي إلى مفهوم «التعزيز» المدعوم بالتكنولوجيا، تتداخل الأخلاقيات مع الإمكانيات التكنولوجية، ويبدأ القلق في الظهور. كيف يمكن أن نضمن أن هذا التعزيز لن يؤدي إلى فقدان جوهرنا الإنساني؟

إمكانات وتنظيرات 
يقوم الفيلسوف السويدي المعاصر نيك بوستروم في كتابه «الذكاء الاصطناعي الخارق» باستكشاف كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل البشرية، حيث يتناول التحولات المحتملة، التي يمكن أن تحدث نتيجة لتزايد الاعتماد على هذه التكنولوجيا. يؤكد بوستروم أهمية تحسين القدرات البشرية، كاستجابة حتمية لضمان بقاء الإنسان، في عالم تتزايد فيه قدرة التكنولوجيا وإمكاناتها بشكل غير مسبوق. يعتبر أن عملية تحسين الإنسان ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة ملحة، تنبع من الحاجة إلى التكيف مع التحديات المتزايدة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، مثل فقدان الوظائف التقليدية، وظهور مخاطر جديدة تتعلق بالأمن السيبراني.
يطرح بوستروم تساؤلات عميقة حول طبيعة الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن يتجاوز الذكاء البشري. في هذا السياق، يعتبر أن تحسين القدرات البشرية، وسيلة لضمان أن الإنسان يمكنه المنافسة والبقاء، في مواجهة هذه التقنيات المتطورة. لذلك فهو يتحدث عن ضرورة استغلال التطورات العلمية، مثل الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية، لزيادة الذكاء والقدرات العقلية والجسدية، مما يفتح آفاقاً جديدة للبشرية، لكنه أيضاً يثير تساؤلات حول الأخلاقيات والمخاطر المحتملة.

أخبار ذات صلة شباب مبتكرون يدعمون شعار «صُنع في الإمارات» مكتبات الإمارات والثورة الصناعية الـ 4

وفي السياق نفسه، يتحدث راي كوتزفايل في كتابه «المفردة قريبة» عن فكرة التفرد التكنولوجي، حيث يتوقع أن تصل التكنولوجيا إلى مرحلة تتجاوز فيها الذكاء البشري. ويعتبر كوتزفايل أن تحسين الإنسان، من خلال تقنيات مثل الزراعة الجينية والذكاء الاصطناعي، سيمكن الأفراد من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. مما يمكنهم من مواجهة الأمراض وتحسين الصحة العامة. وهو يتوقع أن تؤدي هذه التحسينات، إلى تعزيز نوعية الحياة بشكل كبير، من خلال القضاء على الأمراض الوراثية، وزيادة متوسط الأعمار.
يؤكد كوتزفايل كذلك أن المستقبل الذي يتحدث عنه ليس مجرد خيال علمي، بل هو واقع قريب يمكن تحقيقه من خلال الابتكارات التكنولوجية المستمرة. وهو يرى أن التقدم في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، سيمكن البشر أن يكونوا أكثر صحة وذكاءً، مما سيسمح لهم بالتعامل مع التحديات المعقدة التي تواجه البشرية، مثل تغير المناخ والأزمات الصحية العالمية.

أما بيتر ديامانديس فقد أكد في كتابه «الوفرة.. المستقبل أفضل مما تظن» على إمكانية استخدام التكنولوجيا، لحل التحديات العالمية الكبرى، مثل الفقر والجوع والأمراض. في نظره الابتكارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والطاقة المتجددة، يمكن أن تخلق وفرة غير مسبوقة من الموارد، وتحسن نوعية الحياة للبشرية. كما يبرز أهمية التعاون بين الحكومات، والشركات، والمجتمع المدني لتحقيق هذه الرؤية. من خلال تقديم أمثلة حقيقية على مشاريع تكنولوجية ناجحة، يشجع ديامانديس على الإيمان بأن الحلول الفعالة، يمكن أن تأتي من التفكير الإبداعي والتعاون الجماعي، مما يساعد على دفع البشرية نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.

التحديات الأخلاقية  
رغم الإمكانات المثيرة التي تعدنا بها تقنيات تحسين الإنسان، تبرز مجموعة من التحديات الأخلاقية التي يجب مواجهتها بعناية، أبرزها مسألة العدالة الاجتماعية، فمع تزايد تكلفة هذه التقنيات، قد يصبح الوصول إليها محصوراً على فئات معينة من المجتمع، مما قد يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، بل قد نشهد تطور طبقة جديدة من «المحسنين» الذين يتمتعون بقدرات تفوق الآخرين، بينما يظل الإنسان الطبيعي في الخلف.
علاوة على ذلك تثير فكرة تحسين الإنسان، قضايا فلسفية شائكة، تتعلق بالهوية الإنسانية. إذ ماذا يعني أن نكون بشراً في ظل هذه التغيرات؟ هل ستؤدي هذه التحسينات إلى فقدان القبول بالعيوب الإنسانية، مما يخلق ضغطاً اجتماعياً على الأفراد للامتثال للمعايير الجديدة التي تفرضها التكنولوجيا؟

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التكنولوجيا التكنولوجيا المتقدمة الهندسة الوراثية الذكاء الاصطناعي الثقافة الذکاء الاصطناعی القدرات البشریة تحسین الإنسان یمکن أن من خلال

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي في الإمارات

إعداد – راشد النعيمي
تعمل حكومة الإمارات انطلاقاً من رؤية واضحة تدرك تأثير التطور المتسارع في الذكاء الاصطناعي ودوره في إعادة تشكيل استراتيجيات الحكومات، وانعكاساته على القدرة التنافسية واستقرار السياسات الاقتصادية، ومواجهة التحديات الجيوسياسية، وترى في الذكاء الاصطناعي قوة دافعة ومحركاً للمستقبل وصانعاً لمزيد من الفرص في التنمية، وعنصراً معززاً لعمليات صناعة القرارات وتطوير خدمات حكومية استثنائية.
وفي حديث لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أثناء إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، قال سموّه: «نريد للذكاء الاصطناعي أن يكون حاضراً في أعمالنا وحياتنا وخدماتنا الحكومية».
جاهزية مبكرة
وتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، عبر جاهزية مبكرة، أسس لها فكر قيادة الإمارات الاستباقي، وارتكزت على بنية تحتية رقمية قوية من التكنولوجيا والبيانات، وبنية تشريعية مرنة من القوانين والسياسات، إضافة إلى الدعم الكبير والأولوية التي أعطتها لتدريب الكوادر واستقطاب المواهب، حيث بدأت الدولة تحصد ثمار توجهاتها عبر حلولها خامساً على مستوى العالم في قائمة الدول الرائدة في المجال لعام 2024.
كما واصلت الإمارات ريادتها في ترسيخ مكانتها العالمية مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الفائقة، مستفيدة من تجربتها الفريدة في تأسيس شراكات عالمية، بما يتوافق مع رؤيتها التنموية، وطموحها بأن تكون في طليعة الدول الأكثر تقدماً، في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتقود الإمارات اليوم التحول الرقمي والشمول المالي في المنطقة، بدعم القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي، التي باتت واضحة عبر مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع المالي والمصرفي، بما يسهم في تعزيز نموها وازدهارها الاقتصادي، وترسيخ مكانتها الرائدة في القطاع المالي العالمي.
كما أن الدولة عززت بيئتها القادرة على استقطاب أفضل المواهب، ما وضعها في المركز الثالث عالمياً في جذب مواهب الذكاء الاصطناعي مقارنة بحجم السكان، ووصل عدد البرامج التي تطرحها الجامعات والكليات في الإمارات إلى أكثر من 75 برنامجاً لمختلف المستويات الأكاديمية، وانتهجت مقاربة فريدة لا تنظر إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره أداة للربح، وإنما محفز لتعزيز جودة الحياة، واستبقاء المواهب والارتقاء بجودة حياة المجتمع.
استراتيجية متفردةوكانت حكومة الدولة أطلقت استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي خلال عام 2017، والتي تصنف بكونها المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، وستعتمد عليها الخدمات والقطاعات والبنية التحتية المستقبلية بما ينسجم مع مئوية الإمارات 2071.
وتعد الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وتهدف لتحقيق ثمانية أهداف لخدمة التنمية المستدامة والشاملة للدولة التي تعمل لبلوغ المركز الأول في المجالات كافة عالمياً، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031 والارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة.
كما تشمل الأهداف أيضاً، أن تكون حكومة الإمارات الأولى عالمياً في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، بجانب استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوفرة بطريقة خلاقة.

استثمار تكنولوجي
أعلن مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة، الذي أطلقهُ صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في 22 يناير 2024، تأسيس شركة «إم جي إكس»، وهي شركة استثمار تكنولوجي، تهدف لتمكين وتطوير وتوظيف التكنولوجيا الرائدة، بهدف تحسين حياة الأجيال الحالية والمستقبلية.
وستكون مبادلة للاستثمار و«جي 42» شريكين مؤسسين في الشركة الجديدة، وسوف تستثمر الشركة بهدف تسريع تطوير واعتماد الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، من خلال الدخول في شراكات دولة الإمارات والعالم.
وستركز الاستراتيجية الاستثمارية ل«إم جي إكس» على ثلاثة مجالات رئيسية، هي: البنية التحتية للذكاء الاصطناعي (بما في ذلك مراكز البيانات والتواصل)، وأشباه الموصلات (بما في ذلك تصميم وتصنيع وحدات الذاكرة والعمليات المنطقية)، والتقنيات والتطبيقات الأساسية للذكاء الاصطناعي (بما في ذلك نماذج الذكاء الاصطناعي، والبرمجيات، والبيانات، وعلوم الحياة، والروبوتات).
وستعمل الشركة الجديدة على الاستفادة من استثمارات أبوظبي الحالية في هذه المجالات، كما ستقوم بتوظيف الاستثمارات جنباً إلى جنب مع شركات التكنولوجيا والاستثمار العالمية الرائدة.
وأطلق مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، ميثاق تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي في الدولة، والهادف إلى تحقيق مستهدفات استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وتحويلها إلى مركز عالمي لتطوير وتبني حلول وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات.
أول وزارة في العالم
تم تعيين عمر سلطان العلماء وزيراً للدولة للذكاء الاصطناعي عام 2017، ليصبح أول وزير للذكاء الاصطناعي حول العالم، وتمت إضافة ملفات الاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد إلى مهامه الحكومية في يوليو 2020، وفي عام 2023، تم إسناد منصب مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء إلى مهامه.
ويتولى العلماء العديد من المناصب القيادية، فهو عضو مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل ونائب العضو المنتدب للمؤسسة، ونائب رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، ورئيس مجلس إدارة غرفة دبي للاقتصاد الرقمي، ورئيس مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي والتعاملات الرقمية.
كما يشغل منصب رئيس مجلس إدارة المدرسة الرقمية، وعضو المجلس الاستشاري لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ونائب رئيس اللجنة العليا لتكنولوجيا المستقبل والاقتصاد الرقمي بدبي، ونائب رئيس اللجنة العليا للتحول الرقمي الحكومي، وعضو مجلس الإمارات للتنافسية، وعضو مجلس برنامج الجينوم الإماراتي، وعضو مجموعة مستقبل الاقتصاد الرقمي والمجتمع التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي.
ولدى العلماء رؤية واضحة تهدف لترسيخ مكانة دولة الإمارات الرائدة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا على مستوى العالم، وكانت هذه الرؤية هي القوة الدافعة لإطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي ومبادرات الاقتصاد الرقمي، كما أنه يحرص على توفير بيئة خصبة لتطوير الابتكارات وتعزيز تنافسية الدولة في القطاعات ذات الأولوية، واستقطاب المواهب وإعدادها لشغل الوظائف المستقبلية التي تدعم الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون البحثي المتطور في القطاعات المستهدفة.
أيضاً، يهتم العلماء بدعم الحوكمة والتنظيم الفعّال وتوفير البيانات الأساسية والبنية التحتية اللازمة لتعزيز مكانة الإمارات مركزاً لاختبار ابتكارات الذكاء الاصطناعي، كما يهدف إلى تسريع النمو والتحوّل في قطاع الاقتصاد الرقمي، ومضاعفة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات خلال العقد المقبل، من خلال إطلاق العديد من المبادرات الداعمة، مثل قانون حماية البيانات الشخصية، والبرنامج الوطني للمبرمجين، ومجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي والتعاملات الرقمية.
خلال عمله مع فريق إدارة المستقبل بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، أسهم العلماء في إعداد استراتيجية «مئوية الإمارات 2071»، للارتقاء بجميع القطاعات التنموية، كما شارك في إعداد استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، التي تستهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للثورة الصناعية الرابعة، والمساهمة في تطوير اقتصاد وطني تنافسي قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية، وقد حقق العديد من الإنجازات النوعية، واستحدث عدة استراتيجيات مستقبلية، منها استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، والتي تعدّ الأولى من نوعها في العالم.
معيار وطني للاستخدامات
جاء إطلاق جائزة الإمارات للذكاء الاصطناعي، في مبادرة هادفة إلى تبني أفضل الاستخدامات وخلق معيار وطني على مستوى الدولة، وتصميم حلول مبتكرة أولى من نوعها في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتي ترسخ دور الإمارات الرائد في تطوير الخدمات المختلفة، وتعزيز جودة الحياة باستخدام التقنيات الحديثة.
245 خدمة حكومية
لتحسين أداء الحكومة في مجال خدمات المتعاملين، تم اعتماد الذكاء الاصطناعي في 245 من الخدمات الحكومية، حيث نجح دمج الذكاء الاصطناعي في توفير ما يزيد على 1.5 مليار درهم في قطاع الطاقة، وعمل على تحسين العمليات في قطاع الطيران بنسبة 24%، وزاد كفاءة التعامل مع الحاويات في قطاع الخدمات اللوجستية بنسبة 30%، وحقق استثمارات في التكنولوجيا للقطاع الخاص زادت على 5.5 مليار درهم.
ونجحت الإمارات في أن تكون من الدول المنتجة للذكاء الاصطناعي لتنافس أقوى دول العالم في المجال، مثل الولايات المتحدة والصين، وذلك ناتج عما حققته من ريادة وسبق في دمجه في مختلف القطاعات الحيوية، ونجاحها في إطلاق نماذج لغات كبيرة تنافس النماذج العالمية، وترسيخ شراكات عالمية مع الدول المتقدمة والشركات العملاقة.
مكانة عالمية
تخطو دولة الإمارات بثقة نحو المستقبل في رحلتها مع الذكاء الاصطناعي مرسخة مكانتها في عالم هذه التكنولوجيا، حيث تبوأت هذا العام وضمن «مؤشر ستانفورد السنوي للذكاء الاصطناعي» المرتبة الخامسة عالميّاً من بين الدول الأكثر حيوية في موضوعات الذكاء الاصطناعي، بعد أن كانت في المرتبة العاشرة في العام السابق، وهو تأكيدٌ لزخم العمل في الإمارات لمجاراة التنافس العالمي مع طموح مشروع إلى أن تكون أكثر دول العالم حيوية في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي في الأعوام القليلة المقبلة.
وتحقق هذا التقدم بفضل الدعم الكبير المقدم للمشروعات الناشئة، وجاذبية الدولة في استقطاب المهندسين والخبراء ورواد الأعمال، وسهولة ممارسة الأعمال التجارية والمتعلقة بهذه التكنولوجيا.
وبالنظر إلى أن الإمارات أصبحت اليوم بالفعل لاعباً رئيسياً على الساحة العالمية في الذكاء الاصطناعي، فإن المستقبل يحمل تقدُّماً أكبر في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • مختص تقنية: عدم تقنين الذكاء الاصطناعي سيؤثر بالسلب على البشرية .. فيديو
  • شعبة النقل الدولي: تطبيق الذكاء الاصطناعي يقلل من الأخطاء البشرية
  • قمة للذكاء الاصطناعي تنطلق في باريس.. تناقش فرص هذه التكنولوجيا ومخاطرها
  • خبير في التكنولوجيا: قمة باريس للذكاء الاصطناعي تجمع قادة العالم لصياغة المستقبل
  • «سويلم» يؤكد أهمية الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة المنظومة المائية
  • فرنسا تعلن استثمارا ضخما في الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي في الإمارات
  • كواليا الذكاء وزومبي الآلة
  • ما بعد “ديب سيك” ليس كما قبله.. استثمارات خيالية لعمالقة التكنولوجيا في الذكاء الاصطناعي
  • الدرقاش: الذكاء الاصطناعي بداية استغناء الإنسان عن قواه العقلية