عربي21:
2025-03-14@11:59:25 GMT

قصة وطنٍ نزف وأملٌ بدأ يتجدد

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

منذ أن صعد حافظ الأسد إلى الحكم في عام 1970، غرقت سوريا في حقبة من الظلم والاستبداد. كان هذا البلد، الذي لطالما كان مهد الحضارات ومصدرًا للفخر بتاريخه العريق، يُساق نحو مصيرٍ مجهول على أيدي نظامٍ جعل من القهر منهجًا ومن الاستبداد واقعًا يوميًا للسوريين.

أصبحت الدولة السورية، التي يفترض أن تكون الحاضنة لشعبها، أداةً لقمعه ونهبه.

بينما كان العالم يشهد تطورًا اقتصاديًا واجتماعيًا، تراجعت سوريا خطوات طويلة إلى الوراء. بات السوريون وحدهم في مواجهة معركة البقاء، يُكابدون صعوبات الحياة دون أي دعم أو مساندة.

حين خذلت الدولة أبناءها

كان المواطن السوري أول من دفع الثمن. الدولة، التي كان من المفترض أن تكون ركيزة الأمان، تحولت إلى آلة قمعية تستنزف طاقاته وحقوقه. في ظل غياب العدالة والتنمية، اضطر السوريون إلى الاعتماد على أنفسهم، يعملون بأيديهم ليبني كل منهم حياةً أفضل وسط نظامٍ أغلق أمامهم كل أبواب الأمل.

رغم كل الألم الذي عاشه السوريون، يبقى الأمل مشرقًا في قلوبهم. سقوط النظام كان خطوة أولى نحو الحرية، لكنه ليس النهاية. الطريق طويل وشاق، لكن هذا الشعب الذي واجه المستحيل قادر على تحويل الحلم إلى واقع.أثبت السوريون أنهم قادرون على الصمود. عبر المهن والحرف والإبداع الفردي، أثبتوا تفوقهم رغم كل المعوقات. من بناء المنازل وتصميم المشاريع الصغيرة إلى التفوق في الطب والهندسة، كان السوريون يعملون بصمت، يظهرون للعالم أنهم أكبر من كل قيود دولتهم.

في كل مكانٍ ذهبوا إليه، كانوا صورةً مشرقة عن الإرادة والإبداع. كانوا يتفوقون رغم الظروف القاسية التي يعيشونها. لم يكن إبداعهم وليد دعمٍ حكومي، بل كان ثمرة إرادةٍ صلبة جعلت السوري مضرب المثل في التفاني والكفاءة.

الثورة السورية.. بداية حلمٍ ونزيف مستمر

في عام 2011، انطلقت الثورة السورية كصرخة حقٍ تطالب بالحرية والكرامة. كان السوريون يحلمون بوطنٍ يليق بتضحياتهم. لكن النظام قابل هذه الأحلام بالقمع والعنف، لتتحول الثورة إلى جرحٍ جديد في جسد الوطن.

كان رد النظام وحشيًا. أُطلق العنان لآلة القتل والتدمير، وبدأت سوريا تعيش فصولًا غير مسبوقة من الألم. آلاف العائلات فقدت أحبّتها، وتهدمت البيوت فوق رؤوس ساكنيها. الأطفال الذين كانوا يحلمون بمستقبلٍ أفضل، وجدوا أنفسهم في مواجهة الموت أو التشرد.

كانت المعاناة أكبر من أن تُحتمل. البراميل المتفجرة، السجون المظلمة، والمدن التي تحولت إلى أنقاض، كلها كانت شواهد على حجم المأساة. لكن رغم كل هذا الألم، ظل السوريون صامدين، يحلمون بيومٍ تنكسر فيه قيود الظلم.

جبر الخواطر.. حاجة السوريين الملحة

في ظل هذا الكم الهائل من المعاناة، كان السوريون يبحثون عن أبسط أشكال العزاء. كلمة طيبة، لمسة حانية، أو حتى وعد بمستقبل أفضل. كان “جبر الخواطر” أملًا بسيطًا يعيد لهم بعضًا من إنسانيتهم المفقودة.

كانت الأم التي فقدت ابنها تنتظر كلمة مواساة تخفف من جرحها. الطفل اليتيم كان يتطلع إلى يدٍ تمسح على رأسه لتخبره أن هناك أملًا. العائلة التي شُرّدت كانت تحلم بوطنٍ يعيد لها أمنها وسلامها الداخلي.

لكن العالم غالبًا ما أشاح بوجهه عن هذه المأساة. السوريون، الذين تحملوا كل أنواع الظلم، ظلوا ينتظرون لحظة إنصاف، لحظة تُعيد لهم كرامتهم وتُشعرهم أن تضحياتهم لم تذهب سدى.

سقوط النظام.. لحظة ولادة جديدة

في 8 ديسمبر 2024، حدث ما كان ينتظره السوريون لعقود. سقط النظام الذي حكمهم بالقهر والاستبداد. كان ذلك اليوم بمثابة ميلاد جديد للوطن. لحظة كُسر فيها القيد الذي أرهق الأرواح، وبدأت معها رحلة جديدة نحو بناء سوريا الحرة.

لكن سقوط النظام ليس نهاية القصة. إنه بداية لطريق طويل يحتاج إلى العمل الجاد لبناء دولة تُكرّم الإنسان وتحترم حقوقه. إنها فرصة تاريخية للسوريين ليصنعوا وطنًا يُعيد لهم كرامتهم، وطنًا يُبنى على العدالة والمساواة.

بناء الوطن.. مسؤولية مشتركة

بناء سوريا الجديدة ليس مهمة سهلة. لكنه ليس مستحيلًا. الشعب الذي صمد أمام كل هذه المعاناة قادر على إعادة بناء دولته من جديد. الأمر يتطلب إرادة جماعية، ورؤية واضحة تقوم على المساواة والشفافية.

أثبت السوريون أنهم قادرون على الصمود. عبر المهن والحرف والإبداع الفردي، أثبتوا تفوقهم رغم كل المعوقات. من بناء المنازل وتصميم المشاريع الصغيرة إلى التفوق في الطب والهندسة، كان السوريون يعملون بصمت، يظهرون للعالم أنهم أكبر من كل قيود دولتهم.سوريا الجديدة يجب أن تكون وطنًا يحتضن الجميع، بغض النظر عن خلفياتهم أو توجهاتهم. يجب أن تكون مؤسسات الدولة في خدمة الشعب، وأن تقوم على أسس النزاهة والعدالة. هذا الحلم لا يمكن أن يتحقق إلا بتضافر جهود الجميع، وبإيمان بأن الوطن يستحق العمل لأجله.

السوري الذي أثبت كفاءته في كل مكان ذهب إليه، عليه اليوم أن يُثبت نفس الكفاءة في بناء وطنه. هذا المشروع ليس مشروع حكومة أو حزب، بل مشروع أمة بأكملها.

خاتمة.. الأمل الذي لا ينطفئ

رغم كل الألم الذي عاشه السوريون، يبقى الأمل مشرقًا في قلوبهم. سقوط النظام كان خطوة أولى نحو الحرية، لكنه ليس النهاية. الطريق طويل وشاق، لكن هذا الشعب الذي واجه المستحيل قادر على تحويل الحلم إلى واقع.

اليوم، يقف السوريون على أعتاب فرصة تاريخية. إنها لحظة لبناء وطنٍ جديد، وطن يُجسد أحلامهم وتضحياتهم. سوريا التي يحلم بها الجميع ستولد من جديد، وطنًا يُكرّم الإنسان ويحتضن الجميع، ويكون مصدر فخر لكل من عاش على أرضها.

عضوٍ الهيئة العليا للمفاوضات السورية سابقا
@shamsieyad

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا سوريا سياسة رأي تحولات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کان السوریون سقوط النظام أن تکون وطن ا ی رغم کل

إقرأ أيضاً:

مجلس الشورى يدين الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية بحق المدنيين في سوريا

يمانيون/ صنعاء أدان مجلس الشورى الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية بحق المدنيين الأبرياء في مناطق الساحل السوري.

وذكر المجلس في بيان صدر عنه اليوم، أن تلك الجرائم ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية يندى لها جبين الإنسانية وتستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي السوري خدمة للمخططات الصهيونية في المنطقة.

وأشار إلى أن ما تقوم به المجاميع المسلحة من مجازر تمثل انتهاكا سافرا للقوانين الإنسانية والدولية وحقوق الإنسان وتحرف الأنظار عن الاعتداءات السافرة للكيان الصهيوني على الأراضي السورية.

وندد البيان بالصمت العربي والإسلامي إزاء الجرائم التي تطال المدنيين العزل في الساحل السوري، مطالبا رابطة مجالس الشيوخ والشورى في أفريقيا والعالم العربي بإدانة تلك الجرائم والضغط في المحافل الدولية لإيقاف المجازر التي ترتكبها الجماعات المسلحة والانتهاكات الإسرائيلية في سوريا.

وأكد المجلس التضامن الكامل مع الشعب السوري الشقيق إزاء ما يتعرض له من جرائم وحشية.. داعيًا الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى تحمل المسؤولية الدينية والإنسانية تجاه الشعب السوري والتحرك بشكل عاجل على كافة المستويات لوقف تلك الجرائم والمطالبة بتقديم مرتكبيها للعدالة.

مقالات مشابهة

  • أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر
  • كحيلان: تم إلغاء المحاكم الاستثنائية التي سببت الآلام والمعاناة للشعب في زمن النظام البائد
  • حكايات المندسين والفلول في سوريا
  • البحرين ترحب باتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهورية العربيّة السّورية
  • مجلس الشورى يدين الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية بحق المدنيين في سوريا
  • مجلس الشورى يدين الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية في سوريا
  • غارات جوية وتوغل عل الأرض.. ما الذي يريده الاحتلال من سوريا؟
  • من يتحمل مسؤولية ما يحدث في سوريا؟
  • لقطات تُظهر آثار الاعتداءات الإجرامية التي نفذها فلول النظام البائد ضد المدنيين أثناء مرورهم على طريق طرطوس اللاذقية
  • البرلمان العربي يُرحِّب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا