لجريدة عمان:
2025-01-11@22:57:56 GMT

الرياضة والسياسة

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

تابعنا خلال الأيام الماضية الدورة الرياضية في بطولة كأس الخليج وهي الدورة السادسة والعشرين، والتي أقيمت على أرض الكويت وقد نجحت هذه الدورة، وخصوصا حينما تابعها جمهور كبير من العرب، وربما من المهتمين بالكرة في كل بلاد العالم، وقد لاحظنا نجاح الكويت في تنظيم هذه الدورة من حيث الإعداد والتجهيز واستقبال هذه الجموع الغفيرة من كل دول مجلس التعاون الخليجي، وقد أسعدني كثيرا مشاركة اليمن والعراق، فقد أضفت مشاركتهما على هذه الدورة روحا تنافسية عالية، فضلا عن أن مشاركة العراق تقدم رسالة إيجابية عن عودة العراق إلى حضن أمته العربية، أما اليمن فقد فاجأنا سواء من حيث مهارات لاعبيه فنيا أو من حيث الروح المعنوية التي تحلى بها الفريق اليمني، بعد أن كنا نتصور أن اليمن قد غرق في مستنقع الحروب، وأن الثقافة والرياضة قد تراجعا ولا أمل في عودتهما إلا بعد عقود، إلا أن الفريق اليمني قد فاجأ كل المتابعين، حينما وجدنا فريقا يحظى بروح معنوية عالية ومهارات فنية لا تمتلكها إلا الفرق التي تعيش في ظل ظروف مستقرة ماليا واجتماعيا وثقافيا.

تعد كرة القدم في طليعة الألعاب الرياضية التي تحظى بجماهيرية واسعة، بل هي الرياضة الأولى التي تحظى بهذه الجماهيرية، بعد أن راحت كل دول العالم تدعم هذه الرياضة الجميلة التي سيطرت على مشاعر الجماهير وملكت عليهم أحاسيسهم وطاقاتهم، وخصوصا بعد أن أصبحت هذه الرياضة اقتصادا كبيرا تتنافس عليه كل الأندية الرياضية في العالم، وصارت أسعار اللاعبين تفوق كثيرا أسعار العلماء والمفكرين، وهو ما أتاح لكثير من الدول والأندية أن تدفع مبالغ طائلة ثمّنا للاعب واحد، من أي نادٍ من أندية العالم بما فيها الدول الإفريقية والآسيوية، وزاد ذلك من طموحات الشباب الذي يسعى للحاق بركب هذه الرياضة، التي تبوأ لاعبوها شهرة واسعة لم يحظ بها أي شخص، حتى ولو كان عالما فذا، لدرجة أنك لو سألت شابا عن اسم مخترع أو مكتشف نظرية علمية حتى ممن حصلوا على جائزة نوبل ربما لا تجد من يعرف أيا من هذه الأسماء، بينما لو سألتهم عن اسم لاعب في الدوري الإنجليزي أو الأوروبي سوف يذكر لك عشرات الأسماء.

لقد انخرط كثير من شباب العالم في هذه الرياضة بعد أن تبين لهم أن هذا النشاط يتيح لمن يملك القدرة والمهارة على أن يكون واحدا من الأسماء المشهورة، وهو ما يحقق له مكانة اجتماعية ومالية كبيرة، ولذلك تسابق آلاف وربما الملايين من شباب العالم إلى الانخراط في هذه الرياضة التي ملكت مشاعر الجماهير.

اتسعت دائرة العناية بكرة القدم التي استهوت قلوب الشباب، بما يعكس العناية بالصحة وابتعاد الشباب والمراهقين عن السلوكيات الهدامة، وخصوصا المخدرات بكل أنواعها، لذا عُنيت دول العالم بهذه الرياضة الساحرة، في المدارس والجامعات والأندية والساحات، وقد قدم شهرة بعض الرياضيين منهم رسالة إيجابية تعد نموذجا لكل من يعتني بصحته ويمارس هوايته بكل جد ومهارة، يستوي في ذلك أبناء الدول الغنية والفقيرة على قدم وساق، ويعد اللاعب العربي محمد صلاح نموذجا لملايين الشباب، بعد أن كان يعيش في إحدى قرى مصر شابا مغمورا لم يحظ بالقدر المناسب من التعليم، لكن شغفه بكرة القدم وعنايته بصحته ومهارته وضعه في مكانة أصبح بعدها واحدا من بين أشهر الشخصيات في العالم، وتعد قصة نجاحه بمثابة درس للشباب الطامح في التقدم بصرف النظر عن مكانته الاجتماعية.

تابع الكثيرون الدورة الرياضية لكأس الخليج في كرة القدم وما صاحبها من ضجة إعلامية هائلة على المستويين الشعبي والرسمي، إلا أن ما صاحب هذه الدورة من تداعيات إيجابية وبعضها سلبية قد فاق كل التوقعات، فقد راح بعض المتابعين لفرق بلدهم ينزلقون إلى مهاترات خرجت من دائرة التشجيع الكروي إلى دائرة الإساءة والتلاسن للفريق الآخر، وحتى إلى البلد الذي يمثله، وهي تجاوزات قام بها قطاع من الجمهور وشاركهم فيه بعض الرياضيين والمسؤولين عن الرياضة، وتحولت عملية التلاسن إلى مشاحنات سياسية واجتماعية، وقد شاركت بعض القنوات التلفزيونية في هذه الإساءات حينما أتاحت لهؤلاء أن يلقوا بشتائمهم على مسامع الجماهير، وهكذا خرجت الرياضة عن وظيفتها الاجتماعية والإنسانية، لكي تصبح أداة للفرقة والتباعد بين الشعوب بدلا من أن تكون وسيلة للتواصل وشيوع ثقافة المحبة، وهي أمور سلبية لم نكن نأمل أن تحدث في الدورة الخليجية.

لفت نظري في هذه الدورة المستوى الفني والمهاري لفريقين أولهما الفريق العماني، الذي وصل إلى الدور النهائي وقد حظي باحترام وتقدير كل المتابعين بمهاراته الرياضية وسلوكيات لاعبيه وممارسته الرياضية كرياضة وليس مشاحنات وتلاسن، فضلا عن اعتماد الفريق على لاعبين جميعهم من الشباب العماني، والمدرب وكل الطاقم الفني المساعد جميعهم من العمانيين، وهي رسالة مهمة جدا لكل من يراهنون على إمكانياتهم المادية، أما الفريق الآخر فهو الفريق اليمني الذي فاجأنا بمستواه الفني والمهاري، رغم أن اليمن يعيش في ظروف استثنائية من الحروب والمشاكل الداخلية والصراعات الإقليمية والعالمية، لكن كان الفريق اليمني مفاجأة لكل المتابعين، لذا وجب توجيه التحية له ولكل القائمين على الرياضة في اليمن.

أعتقد أن ما يصاحب هذه المباريات التنافسية يحدث في كثير من دول العالم، والمتابع للدوري الإنجليزي أو الأوروبي يلحظ الكثير من التجاوزات من الجمهور والمتابعين، ولعل من المناسب أن أستعيد تجربة المباراة بين مصر والجزائر عام ٢٠٠٩، في الدورة الأفريقية المؤهلة لكأس العالم ٢٠١٠، حينما زار الرئيس المصري محمد حسني مبارك الفريق المصري في معسكر تدريبه قبيل المباراة وحثهم على ضرورة الفوز وإحراز النصر، وتمنيت وقتئذ لو أن الرئيس المصري خاطب الفريق طالبا منه أن يؤدي ما عليه وأن يحترم الفريق الآخر بحكم أنه فريق عربي شقيق، وأن الرياضة لا تعدو أن تكون وسيلة لتعميق روح المحبة مع الأشقاء، ولو حدث ذلك لتجنبنا المثير من المهاترات والضغائن التي حدثت بين البلدين الشقيقين، إلا أن ما حدث في هذه المباراة كان كارثيا، فقد امتدت الأزمة إلى العلاقات الكاملة بين البلدين، والتي أحدثت أزمة دبلوماسية وتصاعدت الخلافات إلى حد غير معقول، بعد أن انساق جمهور كرة القدم وراء الأحداث، وراح كل فريق يكيل الشتائم والاتهامات ليس للفريق الآخر فقط وإنما إلى البلد الآخر، وكانت أزمة دبلوماسية أخذت وقتا وجهدا من البلدين لتجاوز تداعياتها.

الرياضة وُجدت للتقريب بين الشعوب وليس إثارة الضغائن، الرياضة الحقيقية حينما تخدم السياسة وتتجاوزها إلى عالم من المحبة والمتعة والمشاهدة، وتشجيع الفريق الأكثر مهارة، بصرف النظر عن جنسه أو لغته أو دينه.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفریق الیمنی هذه الریاضة هذه الدورة بعد أن فی هذه

إقرأ أيضاً:

وزير الرياضة يُشيد بتألق فرسان مصر فى المسابقة الأولى من بطولة قطر الدولية

أشاد وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي؛ بالنتائج المميزة التي حققها فرسان مصر في المسابقة الأولى من بطولة قطر الدولية للفروسية.

حيث سيطر فرسان مصر علي سباقات اليوم الأول للبطولة بالفوز بالمراكز الأول والثالث والخامس في مسابقة ١٣٠ سم باشتراك ١١١ فارس من ٣٢ دولة علي مستوي العالم بحضور الدكتور اسماعيل شاكر رئيس الاتحاد المصرى للفروسية.

وأكد الوزير أن هذا الإنجاز هو نتيجة التخطيط المدروس والدعم المستمر من الوزارة للرياضيين، موجهًا الشكر للاتحاد المصري للفروسية وجميع من ساهم في تحقيق هذه النتائج.

كما أشار صبحي إلى أهمية الاستمرار في العمل لتحقيق مزيد من النجاحات خلال المنافسات القادمة.

حيث فاز: علي أسامة علي الجواد أوباما بالمركز الاول و الميداليه الذهبية، والفارس إسماعيل البرعي على الجواد كادوكي بالمركز الثالث و الميدالية البرونزية، كما فاز الفارس نور الدين حازم علي الجواد لابلو بالمركز الخامس ، وشادى اشرف علي الجواد ماجيك سيتي في المركز السابع.

وتضم البعثة المصرية 27 فارسًا و31 جوادًا، في واحدة من أكبر البعثات في تاريخ الاتحاد المصري للفروسية.

فيما توجه الدكتور إسماعيل شاكر رئيس الاتحاد المصري للفروسية بالشكر للدولة المصرية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في رفع الحظر البيطري المفروض على الخيول الوطنية، والذي استمر لأكثر من 20 عامًا.

يأتي ذلك ضمن جهود حثيثة لإعادة مصر إلى الساحة الدولية في رياضة الفروسية، بعد أن كانت تعتمد في السنوات الماضية على خيول مُقيمة بالخارج للمشاركة في البطولات الدولية.

فرسان مصر يسيطرون على اليوم الأول من بطولة قطر الدولية للفروسية

ونجح فرسان مصر في السيطرة على سباقات اليوم الأول من بطولة قطر الدولية للفروسية، في إنجاز مميز، حيث حققوا نتائج مشرفة في مسابقة ارتفاع الحواجز 130 سم بمشاركة 111 فارسًا من 32 دولة حول العالم، وبحضور الدكتور إسماعيل شاكر، رئيس الاتحاد المصري للفروسية.

وحصد الفارس علي أسامة المركز الأول والميدالية الذهبية على الجواد "أوباما"، بينما احتل الفارس إسماعيل البرعي المركز الثالث والميدالية البرونزية على الجواد "كادوكي".

كما أحرز الفارس نور الدين حازم المركز الخامس على الجواد "لابلو"، وجاء الفارس شادي أشرف في المركز السابع على الجواد "ماجيك سيتي".

تأتي هذه النتائج المبهرة ضمن مشاركة بعثة مصرية ضخمة تضم 27 فارسًا و31 جوادًا، وهي واحدة من أكبر البعثات في تاريخ الاتحاد المصري للفروسية.

ويأتي هذا النجاح في ظل جهود الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لرفع الحظر البيطري عن الخيول المصرية، الذي استمر لأكثر من 20 عامًا، تلك الجهود ساهمت في إعادة مصر إلى الساحة الدولية في رياضة الفروسية، بعد أن كانت تعتمد على خيول مقيمة بالخارج للمشاركة في البطولات الدولية.

 

مقالات مشابهة

  • وزارة الرياضة تتخذ إجراءات قانونية ضد رئيس اتحاد الجمباز.. اعرف السبب
  • مصر تعزز مكانتها الإفريقية والدولية في الرياضة الجامعية
  • وزير الكهرباء يشارك في الدورة الـ 15 للجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة
  • “إنفيديا” الأمريكية تنتقد القيود التي تعتزم إدارة بايدن فرضها
  • الحمود: نشر ثقافة الرياضة للجميع
  • الشراكة مع القطاع الخاص أساس تطوير الرياضة وتمكين الشباب
  • وزير الرياضة يلتقي بالاتحاد المصري للسباحة
  • وزير الرياضة يُشيد بتألق فرسان مصر فى المسابقة الأولى من بطولة قطر الدولية
  • مرتضى منصور ينتقد وزير الرياضة ويهاجم إمام عاشور