ضلوع مسؤولين مصريين في تهريب مهاجرين إلى أوروبا والأردن
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
تستمر تفاصيل إسقاط شبكة تهريب للمهاجرين من محافظات القاهرة والغربية والمنوفية المصرية إلى إيطاليا والنمسا والأردن، بالتكشف، مع ضلوع مسؤولين اثنين من الجهاز المركزي للمحاسبات، وموظف بجمعية للحج وشخصين آخرين.
وأحالت جهات التحقيق المختصة أعضاء شبكة التهريب، في 4 آب/ أغسطس الجاري، إلى الجنايات لاتهامهم في أكبر قضية تهريب للمهاجرين، واستمعت النيابة إلى أقوال مدير إدارة الهجرة غير الشرعية بقطاع مكافحة جرائم الأموال، وأقوال الموظف المختص بقسم الجوازات بقطاع المراسم بوزارة الخارجية.
ويذكر أن الجهاز المركزي للمحاسبات هو هيئة حكومية مصرية مستقلة ذات شخصية اعتبارية عامة تتبع رئيس الجمهورية، وتهدف أساسًا إلى تحقيق الرقابة على أموال الدولة وأموال الشخصيات العامة الأخرى وغيرها من الأشخاص المنصوص عليها في هذا القانون، كما تعاون مجلس الشعب في القيام بمهامة في هذه الرقابة.
وكانت عمليات التهريب تتم من خلال جوازات سفر وأوراق مزورة تدعي عمل المهاجرين بالجهاز المركزي للمحاسبات، وإصدار رئيس الجهاز مأموريات سفر لهم لهذه الدول، من خلال أوراق وتوقيعات مزورة منسوبة لرئيس الجهاز.
حينها، شهد الموظف المختص بقسم الجوازات بأن جوازات السفر الخاصة بمهمة لا تصدر إلا للعاملين بالجهات الحكومية عند تنقلهم للخارج في مهام رسمية، بعد التأكد من وجود قرار بالموافقة على السفر من رئاسة الجهات الحكومية المعنية، بحسب ما جاء في موقع "صدى البلد" المصري.
وصدرت جوازات السفر في هذه القضية، بعد ورود قرارات سفر منسوبة لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بالإضافة إلى خطاب من جهة العمل، أرفقت معه صورة البطاقة التي تفيد بعمل المهاجر المهرب بالجهاز المركزي للمحاسبات، فضلا عن استمارة إصدار جواز السفر، موقعة وممهورة من جهة العمل.
ويدلل على ذلك، بحسب أوراق القضية، بأن قدمت الاستمارات الخمس، الموجودة حاليا بأرشيف قطاع المراسم بوزارة الخارجية، وبها قائمة أشخاص نسب عملهم إلى الجهاز المركزي على خلاف الحقيقة، حيث تبين أن مرفقاتها مزورة، كما نسب صدورها لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والعاملين فيها على خلاف الحقيقة.
وتم هذاب حسب ما ثبت من المستندات الواردة من الجهاز المركزي للمحاسبات، وتقرير التزييف والتزوير في مصلحة الطب الشرعي.
وجاء في أمر إحالة المعنيين أن المتهم الأول "أسس ونظم وأدار جماعة إجرامية منظمة للعمل بصفة مستمرة بهدف ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين، حيث قام على إدارتها وتولى قيادتها، كما انضم إليها المتهمون الآخرون كأعضاء، وتحددت أدوارهم فيها بتكفل الأول بمهمة استخراج جوازات السفر الخاصة بمهمة من وزارة الخارجية للمهاجرين المهربين، حيث ثبت بها كذبا عملهم بالجهاز المركزي للمحاسبات".
واضطلع المتهم الثاني والثالث، بحسب ملف القضية، بـ "مقابلة الراغبين بالهجرة والحصول منهم على الأوراق والمستندات المطلوبة لاستخراج جوازات السفر محل الاتهام السادس، كما تكفلا بالتحصل منهم على المبالغ المالية مقابل التهريب، فضلا عن مرافقة المهاجرين المهربين أثناء سفرهم إلى الخارج".
والمتهم الرابع والخامس ومتورطون آخرون في القضية فقد عملوا على استقطاب الراغبين في الهجرة للاستفادة من النشاط الإجرامي للمجموعة.
وتولى التحقيق في القضية المستشار، عمرو محمد صبيح رئيس نيابة شرق القاهرة الكلية، تحت إشراف المستشار أحمد شورب، المحامي العام الأول لنيابة شرق القاهرة الكلية، وحملت الرقم 5918 لسنة 2023 جنايات النزهة، وقيدت برقم 598 لسنة 2023 كلي شرق القاهرة.
والمتهمون في القضية هم محمود محمد إبراهيم (34 عاما)، وهو موظف مسؤول بالجهاز المركزي للمحاسبات، ومحمود مصطفى عبد اللطيف النحاس (32 عاما) وهو موظف بجمعية تيسير الحج والعمرة بالجهاز المركزي للمحاسبات، وحمدناه محمد محمود (44 عاما)، وهو موظف مسؤول بالجهاز المركزي للمحاسبات، بحسب ما كشف موقع "العربي الجديد".
وتم توجيه الاتهامات أيضا إلى كل من أحمد رضا صالح (41 عاما)، وعصام رأفت سلام (40 عاما)، ويعملان سماسرة هجرة غير قانونية.
وعمل المتهمون في آخر عملية تم رصدها على انتقال 43 مهاجرا بطريقة غير قانونية من مصر إلى كل من دول إيطاليا والنمسا والأردن، من أجل الحصول بصورة مباشرة على منفعة مالية تتراوح قيمتها ما بين 120 ألفاً إلى 220 ألف جنيه (سبعة آلاف دولار) للمهاجر الواحد.
واستغل المتهمون الأول والثاني والثالث وظيفتهم العمومية بالجهاز المركزي للمحاسبات في إصدار جوازات سفر خاصة ثابت بها عمل المهاجرين المهربين بالجهاز على خلاف الحقيقة، وبموجب تلك الجوازات تمكن المهاجرون من دخول الدول المذكورة من دون الحصول على تأشيرة.
وعمل المتهمون على تزوير 43 بيان حالة وظيفية منسوب صدورها زورا إلى موظفي الجهاز المركزي للمحاسبات، لاستخدامها في إصدار جوازات السفر.
واشتركوا مع موظف قسم الجوازات بقطاع المراسم بوزارة الخارجية في تزوير محررات رسمية، وهي 43 استمارة استخراج جواز سفر لمهمة خاصة بالجهاز المركزي للمحاسبات ومثبت بها عملهم بالجهاز، وذلك لسفرهم إلى دول إيطاليا والنمسا والأردن، وقدموا هذه الاستمارات إلى موظف قسم الجوازات بقطاع المراسم بوزارة الخارجية لاستخراج جوازات السفر.
يذكر أن الجهاز المركزي للمحاسبات تردد كثيرا في الأوساط المصرية بعدما كانت المحكمة العسكرية قد قضت في 2018 بإدانة الرئيس السابق للجهاز، هشام جنينة، بإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، من شأنها تكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب بين الناس، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وسجن إثر ذلك لـ 5 سنوات، ثم أفرج عنه في شباط/ فبراير الماضي.
وتعود الواقعة إلى تصريحات صحافية لجنينة، عن امتلاك الفريق سامي عنان، الرئيس السابق لأركان الجيش المصري والمرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية عام 2018، وثائق وأدلة "تتضمن إدانة العديد من قيادات الحكم بمصر الآن، وهي متعلقة بالأحداث التي وقعت عقب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير في مصر".
وكان تعيين جنينة قد تم في أيلول/ سبتمبر 2012 لمدة 4 سنوات وبدرجة وزير رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات، من قبل الرئيس الراحل، محمد مرسي، وعلي مدار العامين الماضين، كشف جنينة ملفات فساد طالت عددا من مؤسسات الدولة المختلفة، وبعض الأجهزة الحكومية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات المصرية الهجرة مرسي مصر السيسي مرسي هجرة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جوازات السفر رئیس الجهاز
إقرأ أيضاً:
ظهور متتابع لمعتقلين مصريين مختفين قسريا.. هل هي خطوة لإنهاء هذا الملف؟
تظل جريمة الإخفاء القسري التي يمارسها النظام في مصر منذ منتصف العام 2013، وطالت أكثر من 17 ألف معتقل سياسي من أشد الملفات قسوة وايلاما للمختطفين وذويهم، فيما تواصل المنظمات الحقوقية رصد وتوثيق الظاهرة، ومطالبة السلطات بالتوقف عنها والكشف عن مصير مئات المختفين منذ سنوات.
وفي تطور لافت، ووفق رصد "عربي21" للملف، تكرر خلال شهري آذار/ مارس الماضي، ونيسان/ أبريل الجاري، ظهور عشرات المعتقلين المصريين المختفين قسريا لمدد متفاوتة، أمام نيابات أمن الدولة العليا التي تحيلهم إلى المحاكمات في تهم معروفة وثابتة منذ العام 2013.
وهناك نحو 123 مختف قسريا ظهروا في مقرات النيابات خلال شهر تقريبا، ورغم أن ذويهم أبلغوا عن اختفائهم منذ شهور واتهموا أجهزة الأمن بإخفائهم قسريا، وجهت النيابة لم تهم، "الانضمام لجماعة إرهابية" و"بث ونشر أخبار كاذبة" و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" و"التمويل" و"الترويج لأفكار تحض على العنف".
والخميس الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 24 مختف قسريا ظهروا بعد اختفائهم لمدد متفاوتة.
وخلال الأسبوع الماضي ظهرت 8 سيدات من المختفيات قسريا في نيابة أمن الدولة العليا، وجرى حبسهم أيضا على ذمة تلك القضايا، وهن 3 شقيقات تعرضن للإخفاء القسري 3 شهور، وشقيقتين اثنتين، و3 نساء أخريات.
والاثنين الماضي، ظهر 20 معتقلا من المختفين قسريا في النيابة بينهم الفتاة هند محمد صبحي، والشابين المسيحيين أنطونيوس يوسف نجيب ومينا يوسف نجيب، وتم اتخاذ ذات الإجراءات بحقهم.
وفي 15 نيسان/ أبريل الجاري، ظهر المعتقل أحمد صلاح عبد الله قرني (32 عاما) بعد اختفائه قسريا مدة 5 سنوات، بينما ظلت وزارة الداخلية المصرية تنكر علاقتها باعتقال صلاح تعسفيا، أو تعرضه للإخفاء القسري منذ عام 2020.
ليتم في اليوم ذاته الكشف عن مصير 25 معتقلا جرى إخفائهم قسريا لفترات متفاوتة.
وفي 12 نيسان/ أبريل الجاري، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 12 معتقلا بعد ظهورهم من الإخفاء القسري.
وفي 29 آذار/ مارس الماضي، تم حبس 16 مصريا بعد إخفائهم قسريا بينهم 3 أشقاء وفتاتان.
وفي 23 آذار/ مارس الماضي٫ ظهر 16 مختف قسريا في نيابة أمن الدولة العليا، بينهم 3 أشقاء وفتاتان، وتم حبسهم مدة 15 يوما بذات الاتهامات.
وفي 11 آذار/ مارس الماضي، ظهر الطفل بالصف الثالث الإعدادي محمد خالد جمعة، بنيابة أمن الدولة العليا، بعد إخفائه قسريا من جانب جهاز الأمن الوطني لما يقارب شهر.
حينها علقت المنظمة "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" بالقول إن "اعتقال الطفل محمد خالد وإخفائه قسريا تسبب في صدمة كبيرة لأسرته وأصدقائه وجيرانه، خاصة أنه يبلغ من العمر 15 عاما فقط، وقد فقد والده منذ 3 أشهر بعد معاناة طويلة مع المرض، وهي الفترة التي شهدها محمد وعايش تفاصيلها حتى وفاة والده، ما زاد من معاناة أسرته".
ذلك التكرار الذي قرأ فيه حقوقيون بارقة أمل، يدفع للتساؤل هل هذا الظهور المتتابع للمعتقلين المختفين قسريا خطوة من النظام لإنهاء ملف المعتقلين قسريا؟ أم استجابة للضغوط الحقوقية الدولية لتحسين صورة ملف مصر الحقوقي؟
"ثمرة الضغوط الدولية"
من جانبه، قال الحقوقي المصري محمود جابر، إن "ظهور المختفين قسرا خلال الفترة الحالية لا أعتقد أن له علاقة بإنهاء الحكومة المصرية لهذا الملف، ولكن هي فقط ثمرة الضغوط الحقوقية الدولية".
"مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان"، أوضح لـ"عربي21"، أن "ملف حالات الإخفاء القسري الذي مارسته الحكومة المصرية عن طريق الشرطة وضباط مباحث الأمن الوطني خلال السنوات الماضية كبير، فلقد تعرض أكثر من 15 ألف رجل وامراة للإخفاء القسري".
ولفت إلى أن "هناك توثيق غير دقيق لحالات ما زالت رهن الإخفاء القسري، وهم بالمئات"، موضحا أن "التوثيق غير دقيق نظرا لغياب الشفافية في الحصول على المعلومات الحقوقية والانتهاكات التي تحدث في مصر بشكل عام".
وأكد أنه "مازال هناك حتى هذه اللحظة أكثر من 100 مواطن رهن الإخفاء القسري لسنوات عديدة، أبرزهم: عبدالله محمد صادق، الذي اختفى منذ أكثر من 7 سنوات، والدكتور مصطفى النجار، ومن قبلهما نجل المحامي إبراهيم متولي، الذي اختفى منذ أحداث الحرس الجمهوري تموز/ يوليو 2013".
جابر، خلص للقول إن "الإخفاء القسري ما زال مستمرا في مصر، وأنها جريمة لم تنته بعد، ولكن هناك إخفاء لمدة قليلة ليس كبيرة طويلة المدة على إطلاقها كما كان يحدث من قبل، فعملية الإخفاء القسري حاليا تكون لأشهر معدودة ما بين 3 إلى 6 أشهر".
"ظهورهم يبعث الأمل"
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الحقوقي المصري أحمد العطار، إن "الغالبية العظمى، إن لم يكن جميع من ظهروا مؤخرا أمام نيابة أمن الدولة العليا خلال الشهور الماضية، هم من المواطنين الذين قامت قوات الأمن المصرية باعتقالهم تعسفيا من محافظات مختلفة، وإخفائهم قسرا لفترات تتراوح بين 6 إلى 7 أشهر، وليس لسنوات".
المدير التنفيذي لـ"الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، أكد أن "الاستثناء الوحيد كان ظهور المواطن أحمد صلاح من مدينة الفيوم، والذي كانت الشبكة المصرية قد نشرت سابقا عن اعتقاله تعسفيا وإخفائه قسرا منذ ما يقارب 5 سنوات".
وأوضح أنه "كان قد مثل أمام نيابة أمن الدولة العليا 25 شباط/ فبراير الماضي، حيث تم التحقيق معه، وصدر قرار بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيق، وتم ترحيله إلى مركز بدر للإصلاح والتأهيل (بدر 3)".
وبين العطار، أن "أحمد صلاح، كان الاستثناء الوحيد من بين عشرات الحالات التي حققت معها نيابة أمن الدولة، والتي وردت بشأنها محاضر ضبط حديثة مؤرخة بتاريخ سابق ليوم التحقيق بـ24 ساعة فقط".
وأشار إلى أن "ذلك الأمر يمثل مخالفة واضحة للحقيقة التي يعلمها الجميع، وفي مقدمتهم وكيل النائب العام أو المحقق، بحكم البلاغات الرسمية التي يتقدم بها أهالي المختفين قسرا إلى مكتب النائب العام والنيابة العامة، ورغم علمه بذلك، فإن قرارات الحبس تصدر بحقهم، بدلا من إخلاء سبيلهم".
"وعلى مدار السنوات الماضية، قامت الشبكة المصرية إلى جانب منظمات حقوقية مصرية ودولية، بكشف بشاعة ملف الاختفاء القسري في مصر، حيث لايزال المئات من المواطنين مختفين لسنوات طويلة، تعود بعض الحالات إلى أحداث (موقعة الجمل) إبّان ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وفق قول الحقوقي المصري.
وأوضح أنه "رغم أن من يظهرون بعد سنوات طويلة يُعدّون قلة، فإن مجرد ظهورهم يبعث الأمل ولا يُحبطنا كحقوقيين، بل يحفّزنا على الاستمرار في الضغط من أجل إنهاء هذا الملف القمعي، ومحاسبة المسؤولين عنه".
وختم بالقول: "يرى النظام المصري أن القمع والاعتقال اليومي للمواطنين بشكل ممنهج هو الحل للهروب من أزماته السياسية والاقتصادية، والتهرب من مسؤولياته في توفير الأمن، وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي".
"تقنين الوضع القائم"
الحقوقي المصري محمد زارع، أكد في حديثه لـ"عربي21"، أنه "لا يوجد حصر دقيق لعدد المختفين قسريا في السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، وأنه لا يوجد حصر دقيق لعدد من ظهروا في الفترة الأخيرة بعد الإختفاء القسري".
مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، استدرك بقوله: "لكن ظهور هذا العدد من المختفين قسريا في نيابات أمن الدولة العليا وإحالتهم للمحاكمات بعد فترات من الإخفاء القسري طويلة، ليس معناه أنهم ينهون بذلك ملف الاختفاء القسري".
وأوضح أن "معناه تقنين الوضع القائم، وأن هناك أشخاص بحوزتهم ولم يكن هناك سبب قانوني لاحتجازهم، والآن يقدمون سببا قانونيا من وجهة نظرهم بأن هؤلاء الأشخاص متهمون في قضية، وأن هناك تحقيقات نيابة معهم، وما يتبعه ذلك من حبس احتياطي لسنوات".
وتمنى زارع، أن "تخلي النيابة أو المحكمة سبيلهم جميعا، لو أن هؤلاء لم يرتكبوا أية جرائم ولم يدعوا للعنف"، مضيفا: "ولذا لا أظن أن ظهورهم في النيابات والمحاكم يعني انتهاء هذا الملف".
ويرى أن "ما يجري هو استمرار لفترة احتجازهم لكن بأسباب جديدة، تحت بند الحبس الاحتياطي على ذمة قضية معينة أو أنه يتم محاكمتهم باتهام محدد، وعندها يكون موجودا لديهم بشكل قانوني".
ومضى يؤكد أنه "يمكن أن أتفق في أن يكون هذا إنهاء للملف بأن يكون عرضهم على النيابة تبعه قرار بإخلاء سبيلهم، والإقرار بأنه لا توجد أسباب منطقية لاحتجاز هؤلاء الأشخاص، هنا اتفق بأن هذا إنهاء للملف، وأن الدولة تحاول الوصول لتبرئة وإخلاء سبيل كل من لم يتورط في عنف ويدعو له".
وختم بالقول: "ولكن طالما أن المسألة لم تتم بهذا الشكل فنحن نعد شهورا وسنوات من جديد عليهم ولكن بأسباب جديدة"، معربا عن أمنيته بأن "ينتهي ملف المعتقلين بإخلاء سبيل كل من بالسجون وتهدئة الأوضاع داخل البلاد كحاجة ملحة الآن".
"تبعات قاسية"
جريمة الإخفاء القسري وما يتبعها من انتهاكات للقانون من جرائم تعذيب بدني وصعق بالكهرباء وتعليق بالأسقف ونزع الأظافر والتكبيل بالسلاسل الحديدة لانتزاع الاعترافات نتج عنها إصابة العديد من المعتقلين بالعجز والأمراض البدنية والنفسية، بحسب حقوقيين.
وتلفت "عربي21"، إلى حالة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بمحافظة الشرقية (شمال القاهرة)، ومرشح مجلس الشورى سابقا الشيخ عزت غريب، الذي تعرض للاعتقال أكثر من مرة وللإخفاء القسري بالتبعية، ليفقد عقله نتيجة التعذيب، ثم يفقد حياته لاحقا، نتيجة ما أصابه من أمراض نفسية وبدنية، وفق شهادات مقربين من عائلته.
وتحذر منظمات حقوقية من نتائج جريمة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، على نتائج التحقيقات في القضايا، كما تدين قيام الأمن الوطني المصري باقتحام منازل المواطنين، وترويع المدنيين، واعتقال النساء والأطفال، وإخفائهم قسريا، ومن ينتج عن ذلك من أضرار نفسية واجتماعية جسيمة تحتاج إلى سنوات من العلاج والتأهيل.
وفق رصد مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، فهناك 17 ألفا و103 معتقلا تعرضوا لجريمة الإختفاء القسري منذ العام 2013، كما وثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أكثر من 4760 حالة اختفاء قسري بين أعوام (2011 و2014).
ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبدالفتاح السيسي، على الرئيس الراحل محمد مرسي، منتصف العام 2013، أطلق النظام المصري يد السلطات الأمنية والقضائية، في اعتقال آلاف المصريين وإخفائهم قسريا في مقرات تابعة للأمن الوطني، يصفها المعتقلون والحقوقيون بـ"سلخانات التعذيب".
وفي العام 2015، أصدر السيسي "قانون مكافحة الإرهاب" (94 لسنة 2015)، والذي أعطي النيابة العامة الحق في حبس المتهم دون تهمة، مع الحق في عزله عن العالم الخارجي ومنع التواصل مع أسرته ومحاميه، ما تبعه توسع كبير في عمليات الإخفاء القسري، وفق المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
ورغم أن "الشبكة المصرية لمعلومات حقوق الإنسان"، كانت قد حصلت على حكم من المحكمة الإدارية العليا نيسان/ أبريل 2017، بإلزام وزارة الداخلية بالإفصاح عن مصير المختفين قسريا، إلا أن السلطات تتجاهل الحكم، ولا تعترف من الأساس بوجود مختفين قسريا لديها.
وفي آذار/ مارس الماضي، قالت لجنة العدالة (كوميتي فور جستس)، إن مصر تواجه "تحديات داخلية كبيرة في محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، نتيجة ضعف الأنظمة القانونية والمؤسساتية"، مؤكدة أن "الإفلات الممنهج من العقاب أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيق العدالة في حالات الإخفاء القسري".
"تطور خطير"
وتشير، الوقائع إلى استمرار الجهات الأمنية المصرية بحملات الاعتقال التعسفي، ومطاردة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ومعاودة اعتقال من جرى الإفراج عنهم خاصة من جماعة الإخوان المسلمين، وتعريضهم مجددا لجرائم الإخفاء القسري.
وكان الحقوقي أحمد العطار، قد تحدث عن تطور مهم في ملف الإخفاء القسري، مؤكدا أنه "خلال الشهور الأخيرة بدأ الأمن المصري في اعتقال أكثر من فرد من الأسرة الواحدة، وأغلب المعتقلين من النساء.
وأشار لاعتقال الناشطة غادة عبدالسلام وشقيقتها الكبرى آمال، و4 من أسرتها بالإسكندرية (شمال غرب)، و4 أشقاء من محافظة الجيزة (غرب القاهرة) بينهم مريض بالصرع وشقيقتيه، واعتقال 3 شقيقات من مدينة بنها بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة).