صدى البلد:
2025-02-11@07:48:25 GMT

كريمة أبو العينين تكتب: الطغاة يصنعون الغزاة

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

فى الفترة الأخيرة ومحاولة لفهم التغيرات الكثيفة التى تحاط بمنطقتنا من كل صوب وحدب؛  لم يكن أمامى إلا البحث فى التاريخ ومعرفة العبر والعظات، وكان المخرج من التخبط والارتباك هو البحث عن أهل العلم والخبرة ووجدت ضالتى فى متابعة المخضرم الدكتور وسيم السيسى بوصفه قامة تاريخية متخصصة فى التاريخ المصرى القديم وتحديدا تاريخ مصر الفرعونى.

وعندما جمعت معلومات عن شخصه الرائع وجدت انه دكتور فى المسالك البولية وهذا ماجعلني أتساءل عن سبب التحول من طريق الى اخر مختلف كل الاختلاف  وسألته فى واحدة من ندواته واستضافاته القيمة وكانت اجابته : انه ذهب الى المملكة المتحدة للحصول على اجازة طبية علمية ، والصدفة وحدها التى جعلته يغير مسار حياته فقد كان فى احدى المحاضرات والاحتفاليات العلمية وخلال الحوارات كان رئيس الكلية وواحد من اقطابها يتفاخر بكون بلاده وقارته هى من قادت التطور العلمى الحديث ووجهت العالم كله نحو نور العلم واكتشافاته وانجازاته.

وهنا قاطعه أحد  الحضور نافيا ماذكره واكد له انكم لستم من ابتكرتم ماتتحدث عنه وتفخر به فكل ماذكرته انتاج واعجاز مصرى قديم وان المصريين القدامى (الفراعنة) هم من لهم الفضل والاصل فى ذلك ، وحينها سأله الدكتور المتفاخر بما قاله عن بلده وهل هو مصرى فرد الاخر قائلا : انا من نيجيريا ومصر دولة افريقية وانا افخر بكونها من قارتى السمراء . 

يقول دكتور وسيم حينها شعرت بشىء من الخذلان بأن من يدافع عن تاريخ بلادى ليس أنا  بل مواطن من بلد اخر ، ويقول الدكتور وسيم ان الطبيب البريطانى صفق للنيجيري واكد له ان كل ماذكره صحيح مئة بالمئة ، ويستطرد عالمنا الجليل ويقول وحادثة اخرى جعلتنى اصر على تغيير مسار حياتى وهو ماذكره لى صديقى المصرى المقيم فى بلاد العم سام منذ عقود بأنه مرض فى عينيه وقرر الاطباء اجراء عملية ازالة المياه البيضاء من عينيه.

وحينما تم تجهيزه لاجراء العملية سأله الطبيب المعالج : هل تعلم من هم أول من قاموا باجراء مثل هذه النوعية من العمليات ببراعة واتقان نتعلم منه حتى هذه اللحظة ؟ فرد بالطبع بأنهم من المؤكد غربيين او امريكان ، فسخر منه الطبيب وقال له : هم اجدادك المصريين القدماء اول من عملوا مثل هذه العمليات ، سابقين الدنيا كلها فى التشخيص والعلاج.

 يقول الدكتور وسيم ازداد استيائى وقررت ان ابحث فى التاريخ المصرى ومنذ ذلك الحين واصبحت اسيرا فى حب التاريخ المصرى القديم منبهرا بعظمة المصريين القدامى وتفوقهم وبراعتهم وسيطرتهم وامتداد مملكتهم شرقا وغربا وجنوبا وشمالا . القدماء المصريين كانوا شعبا عريقا منفردا فى كل شىء ، علومهم المسطورة على المسلات والمحفورة فى الكتب تؤكد ذلك ؛ فهم من علموا الدنيا كلها الادب والطب والسياسة وكافة انواع العلوم .

  ويقول الدكتور وسيم متفاخرا المصريين القدامى وبالمناسبة ارفض تسميتهم بالفراعنة لان الفرعون ليس مسمى ولكنها صفة اطلقت على احد الملوك وليست صفة للمصريين القدامى ، المصريون غير كل الشعوب فهم كانوا يقدسون النيل ويعتبرونه اصل الحياة ومن وفاءهم له كانوا يعلمون ابناءهم الحفاظ عليه وعدم تلويثه ، بل انهم تركوا وصاياهم على المسلات تؤكد ان اول مايسأل عليه المصرى فى قبره " هل لوثت نهر النيل " .. المصريون فى حكمهم كانوا يرسخون لمبدأ الحكم العادل ويحاولون بكافة الوسائل والطرق ان يمحوا مفهوم ان الشدة والظلم تتيح لهم الاستمرار والبقاء بل بالعكس من ذلك كانوا يؤكدون ان الطغاة يصنعون الغزاة وان الممالك تفنى بشدة الظلم وغياب العدل وعدم المساواة بين المواطنين مع اختلاف درجاتهم ومراكزهم . 

المصرى القديم رأى فى عدله أسس لترسيخ حضارة جعلت من المصرى الحديث يفتخر بأجداده ويقر بأن التاريخ جاء بعد ان جاءت مصر . المصرى القديم كان على يقين بان حضارته بنيت على العدل والبعد عن معانى الظلم التى من شأنها خلق عدم الانتماء وزعزعة المواطنة وروح الكل فى واحد . 

المصرى القديم وضع نصب عينيه شيئا اساسيا وهو ان الطغيان يمهد لطوفان الرافضين ويجعل من غزو البلاد أسهل مايكون ولذا فقد عملت الحضارة المصرية القديمة على غرس بذور حب الوطن فى النشىء وتوجيه رجال الدين ورموز الفكر ومايعرف باسم النخبة فى عالمنا الحالى بأن يكثفوا جهودهم وتعاليمهم على ذلك الشىء المهم الذى من شأنه خلق اجيال محبة لوطنها تبذل كل نفيس وغالى من اجل وطن قوى قادر على مواجهة التحديات ولم شمل المصريين كافة تحت لواء حاكم يرى ان عدله اساس حب شعبه وحصن له من اى غزاة وطغاة . 

مفهوم الطغاة يصنعون الغزاة كان مفهوما مصريا خالصا حرصت على ترسيخه وتأكيده كل الاسر التى حكمت مصر فى العهود القديمة او مايسمى تجاوزا مصر الفرعونية . حديث العلامة دكتور وسيم السيسى كان حديثا مصريا خالصا مفرداته كل حب لوطننا الغالى مصر التاريخ والحضارة والشعب الذى يعد هبة لمصر وليس كما يقولون بأن مصر هبة النيل لان مصر هبة شعبها فالنيل يجرى فى دول الاندوجو ولم تقم حضارة فى هذه الدول مثل التى شيدها القدماء المصريين مما يؤكد ان مصر هبة شعبها وينفى ماذكره هيرودوت بأن مصر هبة النيل.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة الشرق الأوسط كريمة أبو العينين المزيد المصرى القدیم الدکتور وسیم مصر هبة

إقرأ أيضاً:

شيخة الجابري تكتب: «سند السنع» في «عام المجتمع»

الكتابة للمسرح الواقعي التفاعلي من أصعب أنواع الكتابة، ذلك أنها تتم على أرض الواقع وبين جمهور متعدد الثقافات والاهتمامات، وانتقائي الذائقة يُصدر حكمه في اللحظة التي يشاهد فيها العمل على الأرض، وبالتالي، فإن على الكاتب أن يكون ذكياً عند الدخول في حالة الكتابة، وعليه الاتكاء على لغة شاسعة لا تقف عند حد التأليف وكفى، بل إن أهم عنصر يجب التركيز عليه هو التشويق، حيث ساحة العرض هي الفيصل والحكم في مثل هذه الأعمال الكبيرة، وهي الفيصل إمّا في نجاعة العمل ومقدرته على الوصول إلى الجمهور، وإما في تعثره عند نقطة البداية.
من هنا كانت تجربة الكتابة للمسرح الواقعي التي اشتغلتُ عليها مؤخراً في العمل الفني الرئيس لـ«مهرجان الحصن»، وهي مسرحية «سند السّنع» استكمالاً للتجربة الأولى التي خضتها العام المنصرم، حين كتبتُ أيضاً الأوبريت الذي كانت فكرته تدور حول عادات الزواج وطقوسه في البيئتين البرية والبحرية في أبوظبي، في حقبة ما قبل الاتحاد، ولقد أكسبتني تلك التجربة، أعني الأولى ولله الحمد، والتي اعتبرتها تحدياً كبيراً، المعرفة والخبرة الكافية لكتابة «سند السنع» هذا العام.
حين كلّفتني اللجنة المنظمة للمهرجان بالكتابة كنتُ بين حالتين، فرح مشوب بالقلق، وخوفُ مسكون بالاطمئنان، كان من المهم الربط في مثل هذه الحالة بين احتفاء الدولة بـ«عام المجتمع 2025»، وبين الرؤى والمرئيات التي وُضعت للعمل كي يحقق أهدافه التي أريدت لهُ، من حيث تقديم مادة اجتماعية قيمة ذات معانٍ ترتبط بأسس التنشئة والتربية والعادات والتقاليد، كلُّ ذلك يحمله شاب صغير تركه والده ليقوم مقامهُ ويتحمل المسؤوليات الأسرية والمجتمعية في فترة غيابه، من أجل العمل وكسب الرزق.
وتمت الكتابة، ولله الحمد، واعتُمدت النصوص التي كانت عبارة عن خمسة مشاهد كل مشهد منفصل في فكرته عن الآخر، وكان هناك اختلاف واضح عن فكرة مسرحية العام الماضي التي كانت متصلة بلا انقطاع في مشاهدها، ولذا فإن «سند السنع»، الذي تم التركيز فيه على تحقيق بعض أهداف «عام المجتمع»، قد جاء في شكل مختلف تماماً، وفي مساحة أوسع ضمن مساحة المكان المخصص للمهرجان، وكذلك بمجاميع من الممثلين والممثلات الذين برعوا في أداء أدوارهم، وفق رؤية إخراجية متمكنة وناجحة.
كل ذلك شكّل عوامل نجاح للعمل الذي ترجم في داخله أهداف «عام المجتمع»، فيما يتعلق بالترابط الأسري وتلاحم المجتمع، ورعاية الشباب وتشجيعهم والأخذ بأيديهم نحو الريادة والتميز، من هنا نقول الحمد لله على تمام العمل والشكر والتقدير الكبيرين للجنة المنظمة لأضخم مهرجان في الدولة «مهرجان الحصن».

أخبار ذات صلة شباب الأهلي يدعم العين قبل «مونديال الأندية» رؤى مبهرة من أبوظبي تغـير صناعة السينما في هوليوود بـ AI

مقالات مشابهة

  • صابرين لـ«كلمة أخيرة»: أولادي كانوا الداعم الأكبر لي في رحلة مصالحة النفس
  • كانوا فاكرينه حرامي.. الداخلية تكشف ملابسات مقتل شاب على يد آخرين في البحيرة
  • منال الشرقاوي تكتب: صوت الإذاعة مجد لا يخبو
  • شيخة الجابري تكتب: «سند السنع» في «عام المجتمع»
  • دينا أبوالمجد تكتب: «البيطريين».. عام الإنجازات رغم التحديات
  • الأميرة السمراء عشق المصريين.. حلم الثامنة يراود أحفاد الفراعنة في المغرب 2025.. حسام حسن يبحث عن تكرار إنجاز الجوهري مع منتخب مصر
  • كريمة أبو العينين تكتب: بنتنافس على الإنسانية
  • إلهام أبو الفتح تكتب: رمضان كريم
  • كانوا نُطفا مهربة.. محررو صفقة التبادل يجتمعون بأطفالهم
  • النائب علاء عابد يكتب: غزة.. مقبرة الغزاة