أحمد العسم يكتب: برواز دبي
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
نحن لا نريد كتابة التاريخ، نريد صناعة التاريخ، أفضل من روايته..
من يحب وطنه يقدم له التضحيات، يعطي ولا يبخل، يضع للدوافع أمكنة تستريح فيها، القيمة الحقيقية تبدأ من الداخل ترى النور ثراء، تشهد على الفعل والبصيرة وتلاحظ، وهنا أنا والصديقان العزيزان طالب ووليد أخوة الحياة وأصدقاء الذوق وجدنا ونحن نقف أمام البرواز جمال البساطة من دون تعقيد، وفي المحتوى صدق المحب لبلد يفكر بالأهم، يبتسم من القلب، ويعطي الأفكار العمق، ويملأ ويعطي الأمل بمحتوى يزدان بالجمال والمعرفة والجميل البداية من الداخل «برواز دبي» الماضي والحاضر، واستشراف المستقبل والافتراض.
شكراً من القلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على كل السعادة والفكرة الكبيرة في التميز.
برواز دبي مكان تاريخي وأيقونة معمارية مهمة في دولة الإمارات، ومن أهم المشاريع السياحية الجاذبة التي يستمتع بها المواطن والزائر والمقيم ليرى ويكتشف في زيارة يدفعها الحب أنيقة المعنى ذات ثراء عاطفي. يقول أحد الصديقين ستجد في البرواز صمتاً يتحدث وقراءة بالعين ترى وتلاحظ المبدأ والدافع الكبير لكتابة التفاصيل، تمر وتجد الضوء حاضراً يمد لك يده ويجيب على الأسئلة. قرر وارسم صورتك وتجدها عنواناً لم يكتب بعد وخيالاً يتحقق وأحلاماً في دفتر العمر مرسومة. أما الصديق الآخر يقول: يا ربي سأترك الدهشة تأخذ لي صوراً وسأتحدث بكل عفوية عن القيمة المكتسبة من الزيارة الأولى. وعن الانطباع سأقول لأبنائي هذه العزيزة بلدي الإمارات، ومن يرى الجمال يصبح قلبه جميلاً.
البرواز.. رأيت صوري المنسية، طرقت الباب وأحاسيسي تروي الحكايات. أملأ شغفي، أسمع عن ماضي ذاكرتي التي ساعدتني في فتح كتاب سنوات مرت ببطء، أستفيد من كل قول ونظرة في البرواز، وصورة كبيرة للعائلة الإماراتية الطيبة. نخلة في وادي الحنين ترتوي من ماء الروح، واد وسيل وشجرة غاف وظل ونبض وأشياء يحملها من يؤمن بأن الحياة استقرار وحكاية طويلة يرويها المستقبل للأجيال. من البرواز تمكنت من أخذي بعيداً عن الصديقين العزيزين طالب ووليد، فأنا أنتمي إلى جدتين عظيمتين شيخة وشيخة الراوي، وكل حكاية فيها معنى أصيل في البرواز رأيتني صورة كبيرة تبتسم.
نحبك الإمارات، وغداً هو النور
والمستقبل وجود وحاضر
نعني كل شيء، نذهب إلى الجمال
ننظر، نقرأ، نكتب في البرواز
هذه أجمل بلاد أخبار ذات صلة أحمد العسم يكتب: الورق والغياب أحمد العسم يكتب: أسباب الأسئلة..
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
سامح فايز يكتب: لهذا أحب حسن كمال (2 - 2)
في روايته الأحدث عن دار «ديوان» بعنوان «الرواية المسروقة» يقدم الكاتب والروائي المصري حسن كمال معزوفة جمعت بين السرد والفلسفة، فهي ليست مجرد حكاية للتسلية، وإن كانت الحكايات للمتعة مطلوبة في حد ذاتها، إنما في ذلك العمل الذي ينافس على الجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر» في دورتها الحالية، قدم حسن كمال أوجاع أجيال كاملة آمنت بالقلم والكتابة الأدبية في الألفية الثالثة، بيد أنها اصطدمت بواقع مظلم؛ مفاده أنّ البقاء للمنفعة الشخصية وإن ظهرت في شكل أنها مصلحة عامة.
اخترق حسن كمال عالم الكتابة على أعتاب صعود جيل الألفية الثالثة الذي استطاع توظيف تكنولوجيا المعلومات في معركته مع الزمن والآخر، ووصل إلى الشهرة سريعا بين أحضان جيل z، ورفض الرضوخ لمتطلبات سوق النشر مع جيل ألفا، مقررا في النهاية أن يسرد فلسفته حول زيف تلك العوالم جميعها في سرديته الأجمل «الرواية المسروقة».
يستهل كمال روايته بسيطرة فكرة الانتحار على بطلة العمل، ثم تبدأ الحكاية؛ فالرواية المسروقة تحكي عن الطفولة المسروقة أيضا، وعن الهوية الزائفة، وعن المراهقة المسلوبة، وعن الانتهاك الجنسي للطفولة، بل تحكي عن كل الانتهاكات التي نعجز عن البوح بها، فالحكي ليس مسألة سهلة في بعض الأحيان، بل يحتاج إلى قوة مفتقدة في الغالب، فمن تعود على الانتهاك والوقوع في فخ الإهمال والجوع العاطفي والتجاهل مؤكد لن يجد في طريقه أي قوة يملكها!
جميع تلك المعاني قدمها حسن كمال بين سطور حكاية أدبية ممتعة؛ فأنت لن تقع في براثن كتاب يلقي عليك بالمواعظ والحكم، فذلك ليس هدف العمل الروائي عموما، وليست تلك طريقة كمال في الكتابة؛ إنما حكاية بينها شخوص وحكايات وزمن وأحداث تلهث معها خلف حكايات الأبطال متشوقا لمعرفة تتابع الأحداث، ثم خلف كل ذلك يقع في نفسك مراد الكاتب إن كانت لك بصيرة!
في الرواية المسروقة تقرر البطلة مواجهة انتهاكات الماضي التي سرقت طفولتها ومراهقتها وشبابها من خلال كتابة رواية تجسد شخصيات كل من مر على حياتها، بالتحديد جميع الرجال الذين انتهكوا عوالمها، بين السائق الذي عمل لأبيها، مرورا بالزوج، ثم الحبيب، وعلى الهامش معلمتها في المدرسة التي ألهمتها الطريق.
واختار حسن كمال الوسط الثقافي المصري عالما للأحداث؛ فالبطلة تكتب رواية، ثم تبحث عن ناشر، وتجد أن أحد أبطال رواياتها هو بالفعل كاتب وروائي وأيضا بائع كتب، وفي الطريق يقرر طليقها تأسيس دار نشر في محاولة لاسترضائها ربما تعود إلى حظيرته مرة أخرى.
وبين كل ذلك يلقي علينا بطل الرواية وفي خلفيته حسن كمال رصاصات الرحمة التي تفضح زيف تلك العوالم، وتكشف سيطرة رأس المال على سوق صناعة الكتاب، وكيف يستطيع من يملك أن يصنع نجومية من يكتب أيا كانت نوعية ما كتب، ومهما كانت قناعات الكاتب وسلوكياته، المهم أنّه النجم المصنوع.
يعود حسن كمال بالرواية المسروقة بعد سنوات من الكتابة قاربت الخمسة عشرة عاما، حارب خلالها حتى يحصل على حقه ككاتب متحقق منذ اللحظة الأولى لدخوله ذلك العالم، كاتب حصل على جائزة ساويرس عام 2008 في القصة القصيرة، ثم حققت روايته المرحوم أكثر المبيعات في 2013، ثم توالت إصدارات أعماله التي غزت أرفف الأكثر مبيعا، مكتشفا مع تلك الرحلة حقيقة ذلك العالم، مقررا في النهاية أن يعطي كل وقته وحياته للعمل في المجال الطبي الرياضي، رئيسا للبعثات الطبية الأولمبية في البرازيل ولاحقا في اليابان، مشاهدا قصص نجاح أبطال الأولمبياد، مواجها بشراسة محاولات قتل أحلام هؤلاء الأبطال، للدرجة التي دفعته لكتابة رواية عنهم تحت عنوان «نسيت كلمة السر»، مستلهما أوجاع هؤلاء الأبطال متنا لذلك العمل الروائي الذي لم يأخذ حقه من الشهرة!
لهذا أحب حسن كمال لأنه يلقي بالمحبة على جميع المحيطين متناسيا ذاته، حتى عندما ينتفض بالكتابة ضد الزيف والفساد في كل جانب مر به تكون الكتابة من أجلنا نحن؛ أننا نسينا كلمة السر لفتح أبواب عوالمنا، وأن روايتنا مسروقة لصالح آخرين!