«الأنبا باخوميوس»..مرجع الكنيسة الروحى
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
تحتفى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«الأنبا باخوميوس»، مطران البحيرة، وتوابعها، وشمال أفريقيا، نظير دوره البارز فى قيادة الكنيسة خلال فترة ما بعد البابا شنودة الثالث.
ويلقب «باخوميوس» فى الوسط الكنسى بأنه «بطريرك بلا رقم» نظير مسئوليته عن تسيير أمور الكنيسة لمدة ثمانية أشهر «فترة خلو الكرسى المرقسي» عقب وفاة البطريرك الراحل «شنودة الثالث»، وتنصيبه «قائمقام البطريرك» وفق قواعد المجمع المقدس، وهو أيضًا أحد أعضاء اللجنة التى أدارت الكنيسة عقب الأزمة الشهيرة بين البابا شنودة، والرئيس السادات عام 1981.
ورفض المطران - الذى أمضى بالبحيرة، وتوابعها نحو 50 عاماً منذ رسامته أسقفًا عام 1971- الترشح للمنصب البابوى، رغم عروض من أساقفة، ورهبان، بعد إدارته الاستثنائية لأمور الكنيسة فى الأشهر الأولى ولحين إغلاق باب الترشح، وإعلان أسماء القائمة النهائية.
لم يكن الاضطراب كنسيًا فقط فى فترة «القائمقام»-(مارس/نوفمبر2012) ولكنها سيولة سياسية، وانتخابات رئاسية فى لحظة استثنائية من تاريخ البلاد تتضمن مرشحًا ينتمى لـ«جماعة الإخوان المسلمين»- وقتذاك، وخلال هذه الفترة لم يتورط «الأنبا باخوميوس» بتصريحات تحسب عليه، بل أعلن أن الكنيسة لن تدعم مرشحًا بعينه، تاركًا للأقباط حرية الاختيار.
ورغم إعلانه قبيل الانتخابات البابوية -29 أكتوبر 2012- عن حزنه لما رآه داخل المقر البابوى خلال فترة إدارته، غير أنه آثر العودة إلى مطرانيته، وقال فى كلمة خلال تجليس البطريرك أسالت دموع الأخير: سنعود إلى إيبارشيتنا صغارًا تحت أقدام البطريرك».
إلى ذلك وبعد مرور 10 أعوام على تجليس «الأنبا تواضروس» بقى «الأنبا باخوميوس» مرجعًا روحيًا للكنيسة، يتصدى فى مقالاته لـ«فكر اللاطائفية»، أو ما أسماه مفكرون أقباط «الزحف البروتستانتى»، ويستكمل معاركه للحفاظ على العقيدة الأرثوذكسية بعد أن كان أول طالب بمحاكمة «جورج حبيب بباوي» المتهم بـ«الهرطقة».
بداية الرهبنة
والتحق «باخوميوس» بدير السريان- وادى النطرون-عام 1962، وسمى «أنطونيوس السرياني»، بعد تخرجه من كلية التجارة –جامعة عين شمس عام 1956، ودراسته بالكلية الإكليريكية فى الفترة من (1959-حتى 1961).
ويروى «باخوميوس» الذى ولد بمدينة –شبين الكوم عام 1935 –باسم «سمير خير سكر» قصة التحاقه بدير السريان، بعد قراره الاتجاه إلى الرهبنة، لافتًا إلى أنه حين جاء إلى الدير كانت ظروف الكنيسة تختلف عن الفترة الراهنة، وكان يقضى كل أجازاته داخله، وحينئذ، وبعد أن قرر الانضمام لصفوف الرهبان سأله رئيس الدير آنذاك: ماذا سيفعل مع البابا كيرلس؟، لأنه لو ذهب للسلام عليه سيلحقه بدير مارمينا –على حد قوله.
17 يومًا أمضاها «سمير خير» فى بيت الخلوة مرتديًا «بيجامته»، يعاون الرهبان فى جنى المحاصيل، وينتظر فرصة سانحة لارتداء جلباب الرهبنة، وبعد مرور نحو 20 يوماً تقريبًا، وحين رسم «البابا شنودة» أسقفًا، كان –على حد روايته-يمشى بجوار بيت الخلوة، وسأله: ما ترتيب العمل؟، فوقف، وسأله: مستعد للرهبنة اليوم؟..قال:نعم.
وبعدها بنحو 3 ساعات دق الجرس، وخلعت «البيجامة»، والتحقت بالرهبنة، وأثناء فترتى الأولى، ولعلم قيادات الدير بأنى مقبل على الخدمة كلفت بالإشراف على المطبعة، والمكتبة، وتنقلت بين عدة خدمات أخرى منها «المطبخ»، والزرع.
وعدلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لائحة الرهبنة إبان فترة البابا تواضروس الثانى بقرار من المجمع المقدس –عام 2013- بتضمينها «قسم، أوتعهد للرهبان أثناء رسامتهم، ووثيقة مبادئ رهبانية، ولائحة تدبير رهبانى تشتمل على إقامة مدارس للرهبان، وتنشيط الدور البحثى، والعلمى للأديرة، بجانب لائحة الانضباط الرهبانى المتضمنة لطرق محاسبة الرهبان».
ويشترط فى طالب الرهبنة أن يكون مسيحيًا أرثوذكسيًا، له أب اعتراف، ومنتظم فى ممارسة الأسرار الكنسية، ووسائط النعمة (الصلاة، والكتاب المقدس) بشهادة رسمية من أب اعتراف، ومحب للطقوس، والتسبحة، والألحان، وله دراية بعقائد الكنيسة، وتاريخها، ولا يزيد سنه عن 30 عام، ولا يقل عن 23 عام، على أن يكون حاصلًا على مؤهل جامعى، أو إتمام الدراسة بالكلية الإكليريكية، ويسمح باستثناء شرطى السن، والمؤهل بعد موافقة رئيس الدير.
رحلته إلى مطرانية البحيرة
رُسم «باخوميوس» قسًا فى الثانى من يناير عام 1966، وفى الشهر التالى أشرف على المركز البابوى للكرازة لإعداد الخدام الإفريقيين.
وفى السودان، وأثناء فترة خدمة امتدت من (1967-1971)، رسمه الأنبا دانيال قمصًا فى الثامن، والعشرين من يوليو 1968، وأوفده البابا كيرلس السادس لـ«إثيوبيا» عام 1971.
على قائمة باكورة الأساقفة فى فترة البابا شنودة الثالث كان «الأنبا باخوميوس»، حيث رسمه أسقفًا للبحيرة، وتوابعها، والخمس مدن الغربية فى الثانى عشر من ديسمبر عام 1971.
عن هذه الفترة يقول «القمص ميخائيل جرجس» كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور: إن البابا شنودة الثالث طلب منه إقامة الأنبا باخوميوس عنده بعد رسامته أسقفًا.
واحتفلت المطرانية -حسبما يضيف- بمجىء الأسقف الجديد، ووصل كنيسة الملاك ميخائيل، إلى أن تم التجليس فى الثانى عشر من ديسمبر، وحضر الاحتفالية محافظ البحيرة، والقيادات.
ويسترجع «البابا تواضرس» الثانى ذكريات هذه الفترة، مشيرًا إلى أنه كان وقتها طالبًا فى كلية الصيدلة، وعلم أن ثمة احتفالاً بمجىء أسقف جديد، وكان قطاع الشباب وقتذاك يرى أسقفًا لأول مرة.
الأنبا بولا «صديق فترة الانتقال الكنسي»-مطران طنطا، وتوابعها، قال: إن البحيرة لم تكن على الخريطة الكنسية حتى وصول الأنبا باخوميوس لكرسى المطرانية، واصفًا المطران بـأنه «مدرسة كبيرة فى الإدارة الكنسية»، واستطاع خلال فترة أسقفيته أن يطور الخدمة، وأنشأ كاتدرائية العذراء، والقديس أثناسيوس بدمنهور، بجانب العديد من الكنائس.
ويعد الأنبا باخوميوس أول أسقف قبطى لـ«منطقة ليبيا»، حيث وصل طرابلس فى عيد الغطاس عام 1972، وترأس قداسًا هناك، وبعدها بدأ ترتيب الخدمة، وتفقد مدينة بنى غازى، وأسس هناك 4 كنائس.
ورسمه البابا شنودة الثالث مطرانًا فى الثانى من سبتمبر عام 1990، وكان من أبرز المقربين لدى البطريرك الراحل.
وتعد إيبارشية البحيرة هى الأوسع جغرافيًّا الآن بين إيبارشيات الكنيسة، وسبق أن قال البابا شنودة الراحل: الأنبا باخوميوس بدأ من مفيش».
علاقته بـ«البابا تواضروس»..كيف بدأت؟
فى البحيرة-ومع فترة أسقفيته الأولى- لم يكن يعرف «الأنبا باخوميوس» أحد إلا كاهن، أو اثنين، وفى كنيسة الملاك ميخائيل كان أحد الخدام «وجيه صبحي»-الذى صار فيما بعد البابا تواضروس الثاني-، وتعرفت عليه، وأرسلته ضمن مجموعة خدام شباب إلى بطريركية الإسكندرية.
وحين التحق أحد تلاميذ الخادم «وجيه صبحى» بالرهبنة، لاحت الفكرة له، ونصحه «الأنبا باخوميوس» بالذهاب إلى دير الأنبا بيشوى، وكان دائم السؤال عنه خلال فترة رهبنته، ويعد هو الأب، والمرشد الروحى له.
ويحكى «البابا تواضروس» عن أستاذه قائلًا:» عندما دخلت الكنيسة فى أزمة سنة 1981 قُبيل اغتيال الرئيس السادات، كانت الأمور متوترة، واُختِيرَ الأنبا باخوميوس كأحد أعضاء اللجنة الخماسية التى كانت تدير الكنيسة فى ذلك الوقت منذ حوالى أربعين عامًا، وكان صوتًا للحكمة فى العمل، وفى حفظ سلام الكنيسة والوطن».
فترة «قائمقام البطريرك»
وفيما بعد السابع عشر من مارس 2011- تاريخ وفاة البابا شنودة-طبقت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لائحة «فترة الانتقال الكنسى»، واجتمع المجمع المقدس لاختيار «قائمقام البطريرك»، وبعد اعتذار الأنبا ميخائيل مطران أسيوط الراحل، استقر المجمع على الأنبا باخوميوس، واستمر فى منصبه لمدة 8 أشهر أدار خلالها الكنيسة، وعبر بها إلى تجليس البطريرك الحالى «البابا تواضروس» فى الثامن عشر من نوفمبر عام 2012.
الأنبا بولا –ذراع قائمقام البطريرك الأيمن آنذاك- قال: كنت قريبًا من الأنبا باخوميوس خلال أصعب مرحلة بها الكنيسة، وخلال ثمانية أشهر وقت خلو الكرسى المرقسى، فرض أسلوبًا روحيًا، وكانت مرحلة مليئة بالأصوام على مستوى الكنيسة فى الداخل، والخارج.
أضاف أن الأنبا باخوميوس كان ديموقراطيًا طوال فترة «خلو الكرسى البابوى»، وحصل أعضاء المجمع المقدس على أدوار واضحة خلال المرحلة، ما بين إشراف على لجنة الانتخابات البابوية، وغيرها.
وكانت الفترة حرجة نظير تعرضه لأمور لم يعرفها إلا «أنا، وهو»، كانت كفيلة بإفساد المرحلة، ولم يسمح بأية تدخلات كنسية وقتذاك، ووصل أن قال:» رأيت فى المقر البابوى ما أغضبنى».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مطران البحيرة وشمال أفريقيا قيادة الكنيسة أمور الكنيسة البابا شنودة الثالث الأنبا باخومیوس البابا تواضروس المجمع المقدس الکنیسة فى خلال فترة فى الثانى عشر من أسقف ا
إقرأ أيضاً:
تفاصيل خلوة الراعي - عون.. هكذا وصف البطريرك خطاب القسم
زار رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، مساء اليوم، الصرح البطريركي في بكركي، حيث استقبله البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وهنأه بانتخابه رئيسا للجمهورية، متمنيا له التوفيق في تحقيق ما التزم به في خطاب القسم.واتجه الرئيس عون والبطريرك الراعي إلى الصالون الكبير، حيث التقطت الصور التذكارية لتبدأ بعد ذلك خلوة استمرت ساعة أشاد خلالها البطريرك الراعي بـ"مضمون خطاب القسم"، واصفا إياه بـ"خارطة الطريق الانقاذية للبنان"، مؤكداً "الدعم المحلي والعربي والدولي الواسع الذي لقيه انتخاب الرئيس عون مما يساعد على تحقيق الإنقاذ المنشود".
وقال الراعي: "إن فرحة اللبنانيين بانتخابكم تعكس ثقتهم بشخصكم من جهة وبمواقفكم الوطنية التي اختبروها في مختلف المهام التي تسلمتموها، لا سيما خلال قيادة الجيش".
بدوره، شكر الرئيس عون "البطريرك الراعي على الدعم الذي لقيه منه طوال مسيرته في قيادة المؤسسة العسكرية”، معرباً عن "ثقته بأن هذا الدعم سيستمر في مسيرته الرئاسية".
ثم عرض الرئيس عون والبطريرك الراعي للأوضاع العامة في البلاد والخطوات التي يعتزم رئيس الجمهورية القيام بها في المرحلة المقبلة .
وحرص البطريرك الراعي على مرافقة رئيس الجمهورية حتى المدخل الخارجي للصرح البطريركي، مجددا تمنياته له بالتوفيق والنجاح .