الفيروسات تحتفل بالعام الجديد
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
:
مخاوف عالمية بسبب فيروس تنفسى يظهر فى الصين ويصيب الآلاف
مصر تعلن عن اكتشاف أول حالة إصابة بمرض «فيكساس» «عدو الرجال» بعد إصابة 15 ألف أمريكى
خبراء: تطور التقنيات البيولوجية سلاح ذو حدين.. والتغيرات المناخية وحركة السفر أهم أسباب انتقال الأمراض
استقبل العالم فى أول أيام العام الجديد فيروسات مميتة، أدت إلى مخاوف اجتاحت العالم، ووصلت إلى مصر، بعد ظهور أول حالة مصابة بفيروس «فيكساس»، بعد ذلك ظهر فى الصين فيروس جديد يدعى HMPV أو «الميتانيموفيروس البشرى»
أحد هذه الفيروسات يصيب الجهاز المناعى، ويثير ذعراً بين الرجال خاصة، والآخر يتشابه مع فيروس كورونا، إذ إنه أحد أمراض الجهاز التنفسى، مثل الإنفلونزا ونزلات البرد والفيروس المخلوى التنفسى، وهو ما أثار الذعر خشية عودة شبح ما يشبه جائحة كورونا من جديد.
فيكساس
فى بادئ الأمر، خرج الدكتور يسرى عقل، رئيس قسم الأمراض الصدرية بمستشفى قصر العينى، ليعلن ظهور مرض VEXAS، لمريض عمره 72 عامًا، وكان المريض يشكو من حدوث التهابات متكررة فى الجسم، وارتفاع درجة الحرارة، وتبين إصابته بذلك المرض الغامض الذى تم اكتشافه عام 2020 من قبل فريق بحثى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وصار يعرف بـ«عدو الرجال»، حيث أصاب أكثر من 15 ألف رجل أمريكى حتى الآن، وتحدث الإصابة به على نحو تدريجى، ثم يتفاقم ويصبح شرساً وقاتلاً مع مرور الوقت، وبالتالى فهو ليس مجرد اضطراب عابر، إلا أن خبراء الصحة لم ينتبهوا إليه نتيجة تفشى فيروس كورونا وقتها، وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة «NEJM» المختصة فى الشئون الطبية.
الغريب أن هذا الفيروس يصيب امرأة واحدة من بين كل 26 ألف امرأة ممن تجاوزن عمر الخمسين، ومن العقبات القائمة حالياً أمام المرض، هو أن عدداً كبيراً من الأطباء لا يعرفون شيئاً عن هذا الاضطراب الصحى، وبالتالى فقد لا ينبهون المرضى لمخاطره.
وبعد ظهور المرض فى مصر، قال الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة والسكان:«إن متلازمة «فيكساس» تعتبر نادرة وهى ترتبط بتغيرات جينية تؤثر على نظام المناعة، وأعراضها: حمى مستمرة، وآلام مفصلية، والتهاب فى الأوعية الدموية، وطفح جلدى، لافتًا إلى أنه مرض نادر ويتعلق بشكل رئيسى بالرجال فى منتصف العمر.
إلا أن مستشار الرئيس لشئون الصحة والوقاية، الدكتور محمد عوض تاج الدين، نفى فى تصريحات سابقة له، انتشار أو ظهور أى فيروس جديد، فى البلاد حتى الآن، مضيفاً أن ما نشر إعلامياً حول هذا الأمر غير دقيق بالمرة، وأن كل ما جرى هو اكتشاف أول حالة فى مصر مصابة بمرض مناعى نادر، من خلال قسم الصدر بمستشفى القصر العينى، وهو عبارة عن خلل جينى وليس فيروسى، بل مرض مناعى موجود فى نخاع العظام يحمله «كروموسوم إكس» للرجل، لذلك فهو يصيب الرجال أكثر، وتكمن خطورته فى أن بعض الحالات المصابة به قد تحتاج إلى زرع نخاع.
ليس معديومن جانبه، أوضح الدكتور جمال أمين قاسم، استشارى جراحة العظام، أن مرض «فيكساس» من الأمراض المناعية الذاتية النادرة وهو ناتج عن تحور «كروموزومى» غالباً بين سن ٥٠-٧٠عاماً ويصيب الرجال أكثر من النساء، ونظراً لوسائل التشخيص الحديثة، أصبح المرض أكثر شيوعاً خاصة فى أمريكا، وهو ليس من الأمراض المعدية مثل كوفيد.
الدكتور جمال أمينوأشار «قاسم» إلى أن المرض تقريبًا يؤثر على كل أعضاء الجسم، حيث سجل نسبة وفيات عالية، خلال الخمس سنوات الأخيرة، قد تصل لـ٥٠٪، لافتًا إلى أن مضاعفاته تسبب ارتفاع درجة الحرارة مع التهابات وآلام متعددة، والتهاب واحمرار بالعينين والأذن وتورم بالعين والأنف والغضاريف، وضيق بالتنفس، والتهاب جدار وعضلة القلب وتضخم الكبد والطحال والتهاب بالأعضاء التناسلية خاصةً الرجال وتورم الخصيتين مما يؤثر على الممارسة الجنسية، وأيضا التهاب الأعصاب والشعيرات الدموية، وقد يؤدى إلى جلطات وريدية بالساقين وخاصة الأوردة العميقة، والوريد الرئيسى للأمعاء وقد تصل الجلطات للرئة وتسبب الوفاة.
وعن علاجه، أكد الدكتور قاسم: أنه مثل باقى الأمراض المناعية يعالج باستخدام الكورتيزون، بالإضافة لأدوية المناعة والالتهابات، وقد يصل الأمر إلى زرع نخاع أو خلايا نخاعية، وأضاف: أن هذا المرض لا يوجد له أى تطعيمات وليس له علاقة بكوفيد أو أى أمراض فيروسية، ولكنه من الصعوبة أن يتحول لجائحة لأنه لا ينتقل من إنسان لآخر، فهو ناتج عن تحور جينى، أما بالنسبة لظاهرة شيوع المرض بين الرجال دون السيدات فلا يوجد سبب محدد لكنه مرتبط أساساً بالكروموسوم x.
واختتم كلامه قائلًا: «إن فيكساس ليس مثل الأمراض الفيروسية المنتشرة، فهو يتحور حسب الحالة الجينية للمريض، أو نتيجة عوامل بيئية».
الميتانيمو فيروس البشرى
وبالتزامن مع ظهور مرض «فيكساس» الغامض، ظهر مرض آخر فى الصين، الأمر الذى أثار الذعر والمخاوف بين العديد من الأشخاص فى مختلف البلدان، بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوى التنفسى والانفلونزا ونزلات البرد، وانتشرت التقارير الإخبارية التى تشير إلى اكتظاظ المستشفيات، مما زاد من المخاوف بشأن تفشى المرض.
وفى هذا الإطار، أكد الدكتور أحمد موسى وكيل مديرية الصحة بأسيوط، أن موسم الشتاء تظهر فيه الأمراض التنفسية، التى تنتج عن الفيروسات التى تصيب الإنسان، وتلك الفيروسات تكون نتيجة تحور فيروس الإنفلونزا، وكل عام تضخ وزارة الصحة مصل جديد للإنفلونزا يختلف عن المصل الذى ظهر فى العام السابق، ليكون مناسب للتحور الجديد.
ولفت «موسى» إلى أن الفيروسات عبارة عن تركيبة جينية، تستطيع إحداث طفرة وتغير فى ذاتها، ولكن حتى الآن لم تظهر هذه المتحورات فى مصر، مشيرا إلى أن أعراض المتحور الجديد تشبه أعراض البرد، مثل العطس والسعال، مطالباً المواطنين عند بداية كل شتاء الحصول على لقاح الإنفلونزا.
وعن فيروس «فيكساس» واعتباره كجائحة، قال إن منظمة الصحة العالمية لم تعلن عن ذلك، ونحن منتظرون بيانات وزارة الصحة المصرية أو منظمة الصحة العالمية، ونحن نقوم بعمل ترصد لظهور هذا المرض، لافتاً إلى أن التغيرات البيئية لها دور فى انتشار الفيروسات، معلقًا عن ظهور فيروسات جديدة فى العالم وعلاقتها بالحرب البيولوجية أو الفيروسية، بأنها من الممكن أن تكون هكذا ولكن ذلك لم يثبت حتى الآن.
الدكتور أحمد موسىوالتقط أطراف الحديث الدكتور إسلام عنان أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن الفترة الحالية ينتشر فيها عدد من الفيروسات التنفسية معظمها بسبب فيروس الانفلونزا والفيروس المخلوى وكوفيد وفيروس «الميتانيومو» البشرى، وهذا الفيروس به حالياً إصابات كثيرة فى الصين وأمريكا، ومشكلته تتمثل فى أن هناك فرصة لحدوث إصابة مزدوجة بهما، ولذلك فبعض الحالات قد تكون مصابة بالإنفلونزا وhMPV فى نفس الوقت، ولذلك نسمع كثيراً عن الدخول فى أدوار مرضية متتالية.
وتابع «عنان» أن هذا الفيروس ليس بجديد، حيث تم اكتشافه لأول مرة فى عام 2001 وهو من مسببات الأمراض التنفسية، ويتراوح انتشاره بين 1% إلى 10% من الأمراض التنفسية الحادة والأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للإصابة به، وعلى الرغم من أن الوفيات نادرة، فإن فيروس الميتابنيومو البشرى يمكن أن يؤدى إلى أمراض خطيرة ومضاعفات تنفسية، خاصةً فى الأشخاص ذوى المناعة الضعيفة وكبار السن.
ولفت «عنان» إلى أن هذا الفيروس، ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر خلال فصلى الخريف والشتاء، ويمكن أن يصاب به الأشخاص أكثر من مرة خلال حياتهم، كما ينتقل من شخص لآخر عن طريق الرذاذ الذى يتم إطلاقه عند السعال أو العطس، كما يمكن أن ينتقل عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين، ويتم تشخيص الإصابة عن طريق أخذ عينة من السوائل التنفسية وإجراء اختبارات مخبرية للكشف عن الفيروس عن طريق الـPCR ولكن لا داعى لذلك لأنه لا يختلف علاجه عن باقى الفيروسات التنفسية الموجودة حالياً.
وعن أعراضه، أوضح أنها تشمل السعال، واحتقان الأنف، والعطس، والحمى، وصعوبة التنفس، ولا يوجد علاج محدد لهذا الفيروس، ويتم التركيز على تخفيف الأعراض، من خلال استخدام مسكنات الألم وخافضات الحرارة للتخفيف من الحمى، وفى الحالات الشديدة، قد يحتاج المريض إلى دعم التنفس والعلاج فى المستشفى، وتشمل طرق الوقاية منه غسل اليدين بانتظام وبشكل جيد، وتجنب الاتصال الوثيق مع الأشخاص المصابين، وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس، وتجنب لمس الوجه بأيد غير مغسولة.
تغيرات بيئية
وبعد ظهور تلك الأمراض والفيروسات القاتلة، كان يجب أن نضع فى الاعتبار التغيرات المناخية ودورها فى ظهور تلك الفيروسات، لذا تحدثنا مع السفير مصطفى الشربينى عضو مجموعة عمل استراتيجيات المشاركة (WG3) بمنظمة الصحة العالمية والمراقب باتفاقية باريس لتغير المناخ، ورئيس الكرسى العلمى للاستدامة والبصمة الكربونية «بالألكسو» بجامعة الدول العربية، قائلًا: «إن ظهور فيروس «فيكساس» والفيروس التنفسى بالصين، يشيران إلى زيادة احتمالية ظهور فيروسات جديدة نتيجة لتغيرات بيئية وسلوكية كبيرة مثل الاحتباس الحرارى والتوسع العمرانى النظم البيئية والتفاعل المتزايد بين الإنسان والحيوان، مما يساهم فى انتقال الفيروسات الحيوانية للبشر، بالإضافة إلى أن العولمة وحركة السفر السريعة التى تساهم فى انتشار الفيروسات بشكل أسرع عبر الحدود، بالإضافة إلى تزايد مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية والمضادات الفيروسية مما يزيد من تعقيد السيطرة على تفشى الأمراض.
وأوضح «الشربينى» أن الأبحاث تشير إلى أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والتنوع البيئى تكون أكثر عرضة لظهور فيروسات جديدة، ما يدعو لتعزيز أنظمة المراقبة الصحية وتطوير استراتيجيات وقائية استباقية، لذا من المهم تعزيز التعاون الدولى فى مجال الصحة العامة لتتبع الأمراض المستجدة واحتوائها قبل أن تتحول إلى أوبئة أو جوائح، كما أن التطور السريع للتقنيات البيولوجية يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين، حيث يتيح تطوير لقاحات وعلاجات جديدة، ولكنه قد يزيد أيضًا من خطر تسرب فيروسات معدلة أو خلق فيروسات جديدة عن غير قصد، ولذا فإن التركيز على الوقاية والبحث العلمى ورفع مستوى الوعى الصحى هو المفتاح للتعامل مع أى تهديدات مستقبلية.
السفير مصطفى الشربينىوأكد الخبير البيئى أن تلك التغيرات المناخية سبب غير مباشر ولكنه رئيسى فى ظهور وانتشار الفيروسات الجديدة، فمثلاً الاحترار العالمى يؤدى إلى تغييرات جذرية فى النظم البيئية، ما يجبر الكائنات الحية، بما فى ذلك الحيوانات، على التنقل بحثًا عن موائل جديدة، وهذا يزيد من التفاعل بين الإنسان والحيوان، وهو ما يُعرف بـ»الانتقال الحيوانى»، حيث تنتقل الفيروسات من الحيوانات إلى البشر، ولا ننسى ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة الذى يخلق بيئات أكثر ملاءمة لتكاثر ونشاط نواقل الأمراض مثل البعوض والقراد، مما يؤدى إلى انتشار أوبئة جديدة، كما أن ذوبان الجليد القطبى بسبب الاحترار يمكن أن يُحرر فيروسات وبكتيريا محتجزة منذ آلاف السنين، بالإضافة إلى ذلك، تؤدى الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف الناتجة عن التغير المناخى إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية تزيد من هشاشة النظم الصحية وتفاقم قابلية الانتشار.
واختتم كلامه قائلًا: «إن ظهور الفيروسات الأخيرة ينذر بجائحة جديدة، إذا توفرت الظروف المواتية لذلك، وتعتمد احتمالية تحوله إلى جائحة على عوامل متعددة، منها معدل انتقال الفيروس بين البشر، فترة الحضانة، قدرته على التكيف مع أنظمة المناعة البشرية، وسرعة الكشف عنه والسيطرة عليه، وأضاف: إذا كان «الفيروس التنفسى فى الصين» ينتقل بسهولة من شخص لآخر، خاصة عبر طرق غير مباشرة مثل الهواء أو الأسطح، ومع وجود أشخاص حاملين للفيروس دون أعراض لفترة طويلة، فإن ذلك يزيد من فرص انتشاره، علاوة على ذلك، إذا لم تكن الأنظمة الصحية مستعدة أو كانت الموارد محدودة فى التعامل مع الحالات الجديدة، يمكن أن يؤدى ذلك إلى تفشٍ سريع يصعب احتواؤه، لذا يجب رفع مستوى الوعى العام حول الممارسات الصحية الجيدة، مثل الالتزام بإجراءات النظافة وتجنب التعامل غير الآمن مع الحيوانات البرية، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الأسواق التى يتم فيها تداول الحيوانات الحية، لأنها تُعتبر بؤرًا محتملة للأمراض.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفيروسات الصين فيروس العام الجديد
إقرأ أيضاً:
الأمراض المعدية: كيف غيرت الأوبئة العالمية قواعد الصحة العامة؟
تُعتبر الأمراض المعدية جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البشرية، حيث شكلت الأوبئة العالمية تحديات هائلة للمجتمعات على مر العصور، من الطاعون الأسود في العصور الوسطى إلى جائحة كوفيد-19 في العصر الحديث، لم تقتصر تأثيرات الأوبئة على الصحة فقط، بل امتدت لتشمل النظم الاقتصادية والاجتماعية.
وقد أجبرت هذه الأوبئة العالم على إعادة تقييم استراتيجيات الصحة العامة ووضع قواعد جديدة لحماية المجتمعات من انتشار الأمراض.
أمراض القلب والأوعية الدموية: الأسباب والوقاية والعلاج أمراض شبكية العين: الأسباب وطرق الوقاية للحفاظ على صحة البصر دروس مستفادة من الأوبئة عبر التاريخ1. الطاعون الأسود: بداية التنظيم الصحي
في القرن الرابع عشر، أودى الطاعون الأسود بحياة ما يقرب من ثلث سكان أوروبا. أدى هذا الوباء إلى إدراك أهمية إجراءات الحجر الصحي وتنظيم الحركة بين المناطق الموبوءة والسليمة.
ظهرت أولى محاولات الحجر الصحي الرسمي في مدينة البندقية، حيث طُلب من السفن القادمة من المناطق المصابة البقاء معزولة لمدة 40 يومًا، وهو ما أُطلق عليه "quarantine".
2. الإنفلونزا الإسبانية: الحاجة إلى التخطيط العالمي
في عام 1918، قتلت الإنفلونزا الإسبانية نحو 50 مليون شخص حول العالم. أبرزت هذه الجائحة أهمية الرصد الوبائي والتعاون الدولي لمواجهة التهديدات الصحية العالمية.
أسفرت أيضًا عن إدراك دور الإعلام في توعية الناس بخطورة الأوبئة وتعزيز الالتزام بالإجراءات الوقائية.
الأمراض المعدية: كيف غيرت الأوبئة العالمية قواعد الصحة العامة؟ 3. الإيدز: الانتقال من الوصمة إلى الوقاية والعلاج
في أواخر القرن العشرين، ظهر فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) كأزمة صحية كبيرة، دفعت هذه الأزمة المجتمع الدولي إلى التركيز على أهمية التثقيف الصحي، وتعزيز الوقاية، وتوفير العلاج الشامل، كما أدت إلى تحسين الوصول إلى الأدوية وإنشاء برامج عالمية لمكافحة الأمراض المعدية.
4. كوفيد-19: التحول الرقمي والمرونة الصحية
تعتبر جائحة كوفيد-19 من أكثر الأوبئة تأثيرًا في العصر الحديث. غيرت هذه الجائحة قواعد الصحة العامة من خلال تسريع التحول الرقمي في الرعاية الصحية، مثل التوسع في استخدام التطبيب عن بُعد وتطبيقات تتبع انتشار الفيروس، كما أدت إلى تعزيز أنظمة الطوارئ والاستجابة السريعة، وتحسين التنسيق بين الدول.
1. تعزيز نظم الرصد الوبائي
أصبحت أنظمة الرصد والإنذار المبكر للأمراض المعدية جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الصحة العامة. ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في التنبؤ بتفشي الأمراض والتعامل معها بشكل أسرع.
2. التعاون الدولي
أظهرت الأوبئة الحاجة إلى التنسيق العالمي، ما أدى إلى إنشاء منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO). أصبح التعاون بين الدول أساسيًا في تبادل المعلومات والموارد، خاصة خلال حالات الطوارئ الصحية.
3. تعزيز الوقاية
تحولت استراتيجيات الصحة العامة نحو الوقاية بدلًا من العلاج فقط، شملت هذه الجهود حملات التوعية، التطعيمات الجماعية، وتحسين أنظمة النظافة العامة.
4. البحوث والتطوير
دفعت الأوبئة إلى تسريع عمليات البحث والتطوير الطبي، مثال على ذلك هو تطوير لقاحات كوفيد-19 في وقت قياسي باستخدام تقنيات مبتكرة مثل لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA).
5. تعزيز الأمن الصحي
أصبحت خطط الطوارئ الصحية جزءًا لا يتجزأ من سياسات الحكومات. يتضمن ذلك توفير مخزون استراتيجي من المعدات الطبية والأدوية، وتحسين البنية التحتية للرعاية الصحية.
على الرغم من التقدم الكبير، لا تزال الأوبئة تشكل خطرًا عالميًا. تشمل التحديات المستقبلية مقاومة المضادات الحيوية، ظهور فيروسات جديدة، وتغير المناخ الذي يزيد من احتمالية انتقال الأمراض الحيوانية إلى البشر.