تمعنوا جيداً في المراحل الّتي أدت إلى تصاعد نجم الحوثي منذُ البداية إلى الآن، لا شك أن الالتفات على قضيّة ما تهم الشعب هي نقطة الانطلاق الأولى لتصاعد نجمه؛ في حروب صعدة، أوشكت الدولة على إخماد التمرد بشكل نهائي، واستسلم الحوثي لقدره تحت قوة القانون والسلاح، ولما ذهبت الدولة إلى المهادنة، ذهب الحوثي يستفز الناس بالمظلومية، وما كان من الشعب اليمني إلا أن تضامن عاطفياً مع العصابة التي أرهقتها الدولة في ستة حروب قضت فيها على زعيمها حسين الحوثي.

التضامن الشعبي مع الحوثي “الأقلية” في الحروب الست، هو ما دفع الشعب للتضامن مع حوثي “الانقلاب” الذي أدخل اليمن في أتون حرب دموية بدأت شرارتها على اليمنيين وواصلت الاستعار حتى طالت دول الجوار ودول المنطقة والإقليم.

بالعودة إلى أول المقالة للتوقف عند مصطلح الالتفات حول غاية نبيلة يلتف حولها الناس؛ نكتشف للمرة الأولى فهلوة الحوثي في استقطاب وتجييش اليمنيين حول غاية نبيلة، في الحروب الست المظلومة، وفي الانقلاب الجرعة وارتفاع الأسعار.

الدولة دخلت في أزمة سياسية كردة فعل طبيعية على واقع ما بعد الثورة، ذهب اليمنيون إلى مؤتمر الحوار الشامل الذي ضم الحوثي كأحد الأطراف؛ لكنه ذهب إلى مسار التثوير وتحريض الشعب على إسقاط الجرعة في ثورة عبثية أسقطت اليمن إلى الهاوية.

انطلت على الشعب مظلومية صعدة، وانطلت كذلك فهلوة إسقاط الجرعة. مرتين على التوالي ينخدع فيها الشعب؛ لكن مع مجيء حرب غزة، وعلى الرغم من تصدر الحوثي إلى رأس قائمة الدفاع عن أكثر القضايا قدسية وعدالة وأحقية، على الرغم من تلميعه لنفسه ابتداءً بفرض حصار في مضيق باب المندب ورأس عيسى وإغلاق المياه الإقليمية اليمنية أمام حركة الملاحة الدولية، انتهاءً بتلميع الأطراف الخارجية له على رأسها البيت الأبيض وبريطانيا التي ترى فيه حليفاً عنيداً تستطيع أن تبتز به دول الجوار والخليج العربي.

رغم هذا كله، فشل في تسويق نفسه كبطل قومي. الشعب لم يصدقه، لم يقتنع بجدواه، ولم تنطلي عليه حيله وأكاذيبه التي مارسها طويلاً، وحين ظن أنه امتلك ناصية الشعب، بزغت حركة رفض ومقاومة هنا وهناك في دلالة على عدم القبول بالمشروع مهما تظاهر بالالتفات حول أسمى القضايا قدسية.. وما انتفاضة قبائل قيفة الأخيرة إلا جزء من رفض شعبي وعدم تسليم.

في الأماكن الخاضعة لسلطة الحوثي، تكن خطواتك تحت الميكروسكوب وتصرفاتك تحت المجهر سواء كنت شيخ قبلي أو بائع متجول على الرصيف، أنفاسك معدودة وخيالك محصور سواء كنت تلميذاً في حلقة قرآن أو كاتباً في صحيفة. تفكيرك يسحقك إذا لم يُصبّ في قالب الجماعة، فكرك يتحول إلى سهام تمزق أحشاءك إذا لم يبرر همجية الجماعة ويثبت براءتها ويقنع الناس؛ كي يرضوا عنها ويستمسكوا بها.

سلطة الحوثي في صنعاء وفي كل المناطق اليمنية التي تستحوذ عليها؛ تمارس هذا الاضطهاد بحق المؤثرين أو من لهم استشرافات مستقبلية، تمارس الحجر الفكري على الناس وترصد كل تجمعاتهم، تهدد بقاء الناس في كل مجتمع تسيطر عليه، وتخدش قيم الحياة المثلى التي ارتضى بها الناس وتكيفوا لها وأصبحت جزءاً من مألوفهم.

يعرف الحوثي أن صنعاء وذمار وحجة والبيضاء وعمران والمحويت والحديدة ترفضه وتنكر مشروعه، ويعرف أن السواد من أهل اليمن لن يحبوه إلا مغصوبين، ولن يقتنعوا بفكره إلا أنه صوب فوهات البنادق خلف رؤوسهم، متيقن في قرارة نفسه أن الكل يحتقره وينتهز الفرصة؛ لكي يطيح به. فقط يستخدم الإرهاب للتكميم، يستخدم السجون لتقييد الرؤى، يهدد بالقتل للقضاء على الحراك الثوري الواعد؛ ولكن هيهات لك ذلك يا عبد الملك، لن نحبك مهما تضخمت أساليب احتيالك، مهما نصبت لنا المصائد وغرست في طرقاتنا الأشواك، ومهما حاربتنا بكل وسائل التظليل والمزايدة. قد نتماوه معك في الظاهر؛ لكن في السر نلعنك، نقول لك نعم اليوم لكونك سلطة؛ لكن سنصدح بملء أفواهنا لا إذا ما صادفنا ناموس التدافع والتعاقب.

أرض الإيمان والحكمة للجميع ليست حصراً على السلالة يا عبد الملك، محال أن تكون يوماً لأحد دون أن يتقاسمها الكل. خذ فترة حكمك حتى الخاتمة، استغل دورتك الزمنية حتى نهايتها، ما من سلطة قمعية استبب لها الحكم إلى الأبد. وتذكروا بقدر التضييق والكبت ومصادرة الحريات بقدر ما يزداد بك الشعب بصيرة ووعياً أعمق، وأكثر إدراكاً، وسنحرس الوعي بخطرك في أدمغة الأجيال، والحقد عليك في قلوبهم.

ما قبل النهاية: رغم كلّ محاولات الحوثي لقمع الأصوات الحرة والثائرة المطالبة بحقوقها وحقها في العيش العادل الكريم، وكلما أمعن الحوثي في التسلط والاستبداد، كلما ازداد الشعب تمسكاً وتحدياً أمام ظلم وقمع الحوثي.

بالنهاية، عبد الملك الحوثي وصعاليكه سحابة صيف ستنقشع، ابتلاء عارض وأزمة مؤقتة.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الحوثي صعدة

إقرأ أيضاً:

الازمة الدستورية خانقة التي يمر بها السودان

بقلم / محمدين شريف دوسة

Dousa75@yahoo.com

السودان يمر بأزمة حقيقية في كافة الاصعدة لن يواجهه حرب اللعينة التي حرق الاخضر و اليابس فقط في هذه مقال ، دعوني اتحدث عن الازمة الدستورية خانقة التي يمر بها السودان في ظل تجميد عضوية حكومة السودان في منظمات الاقليمية مثل الاتحاد الافريقي ومنظمة الايقاد عوضاً عن دعوات متكررة من قبل مجلس الامن الدولي تابع للامم المتحدة بضرورة تشكيل حكومة المدنية كاملة في ظل انقسام القوي السياسية السودانية بين من هو مناصرة للتمرد ومنحاز للجيش و قوي الاخري تدعي موقف الحياد برغم الحياد في مثل هذه الظروف الخيانة في حق الوطن في الواقع استوقفني حديت القائد العام للجيش الفريق اول عبدالفتاح البرهان الذي قال نحن بصدد تعديل بنود الوثيقة الدستورية المنتهيه الصلاحية ! هل سيتفق السودانيين حول تعديلات المقترحة التي يدعو لها الجيش ام سيخلق انقسام الجديد في صف الوطن ، بسبب انفرد الجنرالات الجيش الذين ساهموا في ادخال البلاد في نفق مظلم السوال مطروح الان هل يستطيع هولاء ان يخلقوا وضع الدستوري جديد في البلاد يقوم عليها الدولة في ظل الحرب الحالية ؟ مع علم لم ينجح اي نظام لحكم في التوقيت الحالي سوى عودة الي حكومات فيدرالية ربما يساهم في نزع فتيل حروب و يوقف اصحاب نزعات انفصالية
و حروب عبثية التي توارثت في البلاد تحت قطاع التهميش و حركات المطلبية
عادة تعديلات الدستورية يعلن للملا و يناقش المواد مطلوب تعديلها و يتم حوار حولها في أوساط شعبية و رسمية وفي وسائل الاعلام مختلفة حتي يعرف الشعب اسباب وراء التعديل وهل في مصلحة الشعب ام يخدم جهات السياسية وبعدها يوافق عليها الشعب ويخضع الي الاستفتاء او تعايد من الشعب بصورة تلقائية في ظل ظروف الاستثنائية ما يحدث الان مجرد اجتهادات الشخصية ربما سيعقد المشهد السياسي
تعديل بهذه طريقة يعتبر معيب شكلاً و قانوناً و الان يتم في غرف مغلقة وفق الاهواء جهات ايدلوجية و اطماع الشخصية هذا يتطابق مع ما حدث عند توقيع علي الوثيقة الدستورية افي اكتوبر 2019 الذي منح مجلسي السيادة و مجلس الوزراء حق مجلس التشريعي لمدة تسعين يوم حتي يتم تشكيل مجلس التشريعي القومي مقرر تكوينها خلال ثلاثة شهور استغل اصحاب صلاحية في مجلسي السيادة و الوزراء هذه حق و عدلوا الوثيقة وفق مزاجهم و عطلوا مجلس التشريعي و مرروا أجندات لصالح محاور الدولية وافشلوا حكومة الفترة الانتقالية و تم جر البلاد الي الحرب و بسبب تلكم الأخطاء دفع الشعب ثمن الغالي و كذالك ذات الوثيقة اعطي حق اختيار رئيس مجلس الوزراء للقوي الحرية التغيير و لم يحدد من له حق العزل رئيس مجلس الوزراء خلق ازمة الدستورية مما ادي الي انهيار حكومة وانتهي بانقلاب 25 اكتوبر 2022
في تقديري لجوء الي تعديلات بصورة انتقائية من دون موافقة الشعب سيعقد المشهد ربما يساهم في انتاج حكومة اخري الموازية سميها كما شئت حكومة الظل او حكومة المنفي التي يمهد لها المتمردين و حلفائهم في قوي المدنية ممثلة في تحالف تقدم
يجب علي قيادة الجيش اقرار بالاخطاء السابقة و تحمل مسؤولية في الاطر الوطنية التي ينقذ البلاد من الكوارث بدلا من تكرار التجاوب السابقة
لابد من الجيش ان يتحمل المسؤلية كاملة اي اجراءات متعلقة بالوثيقة الدستورية او اقرار بمبادي فوق الدستورية يتم بعد تشكيل حكومة كاملة ليس قبلها و تشكل لها لجنه الدستورية من الخبراء القانون اضافة تحديد المواد مطلوب تعديلها او استخلاصها من الدساتير السابقة و كتابتها في الوثيقة و يبدي المواطنين بارائهم و ليس كما يجري الان في السودان ، ذكر من خلال تصريح القائد الجيش فقط سيتضمن تعديلات مضاعفة نسبة مشاركة النساء في الهياكل الدولة في الوقت منحت الوثيقة نسبة 40% للنساء تمييز الايجابي

   

مقالات مشابهة

  • ميليشيا الحوثي ترفض أي تحرك عملي لإحلال السلام في اليمن
  • مصطفى بكري: الناس تدرك أن الخراب لا يجر إلا الخراب
  • حركة حماس تدين العدوان “الثلاثي” على اليمن وتؤكد أنه انتهاك فاضح للقانون الدولي
  • نتنياهو: إسرائيل هاجمت النظام الحوثي في الشريط الساحلي الغربي وعمق اليمن
  • الازمة الدستورية خانقة التي يمر بها السودان
  • الحوثي .. اعتقال شبكة تجسس بريطانية في اليمن الأسبوع الجاري
  • جماعة الحوثي تعلن اعتقال شبكة تجسس بريطانية في اليمن (شاهد)
  • إنجاز غير مسبوق.. الإمارات تسجّل مليون حركة جوية عام 2024
  • انعقاد اجتماع لجنة تسيير حركة رفع مستوى التغذية في اليمن