عُمان.. أعيت الدهر أن يثنيها
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
غازي بن سعيد البحر الرواس
ما زالت عصيَّة تنتظر دومًا من يُحركها حتى يأتي مُجدِّدٌ.. عُمان قريبة ليست بعيدة من آمال الفاقدين.. عُمان ليست قريبة من اليأس.. عُمان مركب من أمة وإرث وثبات وأمل وسلاطين..
علينا بدايةً أن نقر أنَّ هناك مُنقذًا، فإذا حلمنا كوابيس خرج مُجدد، وحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- كان هناك بالقدر والضرورة، خرج من الصمت والسمت ليقول أتيتكم بأمل، تراه ساكتًا وباسمًا وحليمًا، ويُنصت لا يتحدَّث كثيرًا، يتكلم ولا يقول إلّا فعلًا، لطيف المعشر، قليل الكلام، كثير الابتسام، قويم المكان.
القَدَرُ يصنع الشيء، والقدر كذلك يحكم طبيعة الأشياء، والسلطان هيثم- أعزه الله- إنسان مُجدِّد، والمجدد يعرف طبيعة الأشياء؛ لذلك يسعى لأن يُعطي عُمان ما أغفله الوقت.. جلالته يتمتع بالحصافة واللطف والانشغال بالسعي.. مهيبٌ بشوشٌ مسكونٌ بحلمه، وحلمه يكبر مع الوقت.. حاسم ومنجز وعطوف يكيل النواجذ بالقسط، ألا يُخسر الميزان.. أتى إلى العرش قبل خمسٍ، وقال لشعبه فلنجعلها مؤاكلة حسنة ومشاربة جميلة، وعهد متجدد، ودولة بهية، وهو يُدرك أن الطريق ليس هينًا وسيؤخذ غلابًا، والعمل الرصين يستدعي مشقة بالضرورة، واليسر يُعصر من بطن العسر.. أتى السلطان في موعده وكل شيء أُعِد بقدرٍ، كان هيثم السلطان يسعى للنخوة والعزة طول حياته، وكان المُلكُ يسعى إليه وتلاقيا على الوقت، وأطل علينا السلطان مُذكِّرًا بتاريخ عُمان وكيانها العريق وإرثها الذي يبني ولا يهدم، ويقرِّب ولا يُباعد، وقال ماضون في التنمية والبناء، ثم خاطب الشباب موكدًا أنهم ثروة الأُمَّة وموردها الذي لا ينضب، وأكد أنه سيُوليهم كل عنايته ورعايته. وقال سوف أستمع لهم وانظر في حاجياتهم واهتماماتهم.. وشدد على دولة القانون والمؤسسات وتكافؤ الفرص والكرامة والحقوق.
أعز الله السلطان هيثم، ورفع شأنه وأيده بنصرٍ من عنده، وحفظ عُمان وأهلها ومن قطن بها، من كل الشرور، ومن كل مُتربِّص آثم، وحاقد غاشم، فاسدًا كان أو ظالمًا.. بعزك وجلالك يا الله.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المصور الذي فقد عائلته ووثق الإبادة الإسرائيلية
لم يكن مصور الأناضول علي جاد الله (35 عاما)، بمنأى عن أهوال الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، والتي أفقدته عائلته ودمرت منزله، لتدفعه إلى معاناة النزوح والتشرد وسط نقص حاد في الماء والغذاء والعلاج.
وعلى مدى 15 شهرا من الحرب الضارية، حمل جاد الله عدسته ليكون شاهدا على المأساة، ناقلا معاناة أهل غزة إلى العالم.
وفي يوم الصحفيين العاملين في تركيا الموافق 10 يناير/ كانون الثاني من كل عام، يذكر جاد الله العالم بمعاناة الصحفيين في غزة، الذين لم يسلموا من الاستهداف الإسرائيلي، إذ ترتكب بحقهم أبشع الجرائم في محاولة لإسكات أصواتهم ومنعهم من نقل الحقيقة.
يجدر بالذكر أن جاد الله، فقد العديد من أفراد عائله بمن فيهم والده وأربعة من أشقائه جراء قصف إسرائيلي طال منزلهم شمال غزة يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقال جاد الله للأناضول: "غطيت عدة حروب على غزة ومارست التصوير في شتى المجالات، لكن هذه الحرب مختلفة، إنها حرب إبادة ضروس لم ترحم بشرا ولا شجرا ولا حجرا".
وأضاف: "باعتباري مصورا صحفيا في غزة، أعيش وضعا مأساويا تمارس فيه الإبادة الجماعية علينا كأفراد لنا حق في الحياة".
وتابع: "حرمنا من أبسط مقومات الحياة من مسكن وطعام وشراب، وفقدت عائلتي وأصدقائي، لا توجد كلمات تعبر عن حجم الألم الذي أشعر به".
وأردف: "حتى اليوم قتل 202 صحفي فلسطيني خلال الإبادة، ومن أصعب اللحظات لي باعتباري صحفيا أن أجد نفسي في جنازة زميل، شخص كان له حقوق كأي صحفي في العالم، لكنه حُرم منها فقط لأنه فلسطيني".
وأشار جاد الله إلى أن السترة الواقية التي تحمل كلمة "PRESS" فقدت معناها، فأصبحنا كصحفيين نواجه الإبادة بصدورنا العارية، حيث ارتدى 202 صحفي فلسطيني هذه السترة، لكنهم قتلوا على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وعن أصعب اللحظات التي مر بها، أوضح جاد الله: "منذ اليوم الأول للإبادة، كان أصعب موقف هو قصف منزلي واستشهاد عائلتي بعد ذلك، جاءت الصعوبات واحدة تلو أخرى فقدان زملائي وأصدقائي، ونقص المياه والطعام والدواء".
وأضاف: "أمضي يومي في التصوير والبحث عن الماء والطعام".
وأعرب جاد الله عن خيبة أمله من صمت العالم تجاه ما يحدث من إبادة في غزة.
ووجه رسالة إلى صحفيي العالم: "نحن حرمنا من حقوقنا كصحفيين رسالتي لكم أن تقفوا معنا وقفة جادة ضد الجيش الإسرائيلي الذي قتلنا ومارس بحقنا الإبادة".
وأسفرت الإبادة الإسرائيلية عن مقتل 202 صحفي، وإصابة 399 آخرين، واعتقال 43، بحسب إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في تصريح للأناضول.
ووصف الثوابتة عام 2024 بأنه "الأسوأ في تاريخ الصحافة الفلسطينية والعالمية"، في ظل استمرار استهداف إسرائيل المباشر والممنهج للصحفيين الفلسطينيين، بهدف إسكات الحقيقة ومنع نقل معاناة شعبهم.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 155 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة