يمانيون/ ت قارير
يمكن القول إن العام 2024م كان عام البحرية اليمنية بلا منافس، رغم أنه كان عاما يمنيا أيضا في عدة مستويات، لكنه في البحر كان أكثر وضوحا، ذلك أن بحرية العالم الغربي الحربية دخلت بثقل كبير من أجل وقف الإسناد اليمني لغزة، ولم تحصد سوى الفشل وخيبة الأمل، فيما كانت البحرية اليمنية تتربع على عرش البحر الأحمر وتثبت قدرتها التكتيكية والتقنية على مواجهة أعتى بحرية في العالم.
في التفاصيل، بدأت اليمن بإسناد غزة واختارت أن يكون البحر ساحة المواجهة، لمنع الملاحة الإسرائيلية، ردا على الحصار المتوحش على غزة، وحققت البحرية اليمنية إنجازا كبيرا في ذلك، كانت بدايته باقتياد السفينة جالكسي ليدر، إلى السواحل اليمنية، وهي سفينة شحن صهيونية، كانت في طريقها إلى كيان العدو ، بالتحديد إلى ميناء أم الرشراش “إيلات”.
السفينة التي تحولت إلى مزار سياحي، يرمز إلى الإرادة والحرية اليمنية، وأيضا إلى النجدة والضمير اليمني الحي، كما يرمز إلى القدرة على تنفيذ التحذيرات، وتحويلها إلى خطوات عملية رادعة للأعداء. السحر ينقلب على الساحر
لحماية الملاحة الصهيونية قررت واشنطن تشكيل تحالفات عسكرية بحرية، لمرافقة سفن الشحن، وحمايتها من وصول القوات المسلحة اليمنية، لكنها أضافت إلى قائمة الحظر، سفن الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي أخذت الطريق الأطول حول الرجاء الصالح متكبدة عناء المسافة والمدة الزمنية، وكذلك ارتفاعا في التكاليف المالية ورسوم التأمين.
إن تحويل حركة الملاحة البحرية الرئيسة إلى طريق رأس الرجاء الصالح، يزيد الطلب على السفن بنسبة 10% لتعويض الزيادة في زمن الرحلة بين آسيا وأوروبا، وترفع تكلفة استئجار الحاويات بنسبة 61%، بالإضافة إلى زيادة أثرها النهائي على أسعار السلع في المتاجر الأوروبية والأمريكية، ما يلقي بالكثير من القلق على كاهل صانعي السياسات النقدية والمالية من ارتفاع معدلات التضخم، وإفشال جهود البنوك المركزية لتخفيضه.
أول الأرقام التي نشرت عن الخسائر الأمريكية في البحر الأحمر، كان ما صرح به وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو، منتصف أبريل الماضي، الذي قال إن البحرية الأمريكية انفقت مليار دولار لمواجهة الهجمات اليمنية على السفن خلال ستة أشهر فقط.
وفي شهر نوفمبر، أعلن متحدث باسم البحرية الأمريكية عن إطلاق ذخائر بقيمة ملياري دولار، وهو رقم يؤكد التكلفة المالية المتزايدة لما تتكبده البحرية الأمريكية في المنطقة.
ورغم كل تلك الخسائر فإنها لم تنجح في الحد من الهجمات التي تستهدف السفن الإسرائيلية والأخرى المتجهة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا الهجمات التي تستهدف حاملات الطائرات والسفن العسكرية التابعة لها.
يقول الخبراء العسكريون إن البحرية اليمنية اتبعت استراتيجية عسكرية فريدة تمثلت في: اتباع استراتيجية الهجوم المعقد، وكذلك البناء وتغيير التكتيك الهجومي البحري .وثالثا استراتيجية الهجوم المركز .
بهذه التكتيكات العسكرية الإبداعية تمكنت القوات المسلحة اليمنية من إلحاق الضرر المعنوي والمادي في قدرات القوات البحرية الأمريكية، ودفعت بقادتها إلى الاعتراف بما واجهوه وما تعرضوا له من ضراوة المقاومة، بشكل لم يعهدوه من قبل، حسب تعبير مارك ميجيز، الذي أكد في معرض حديثه عن فترة عمله بحاملة الطائرات “آيزنهاور”: “إنه اضطر لتحريك الحاملة عدة مرات في البحر الأحمر لحمايتها من الهجمات اليمنية، مؤكدا أن حجم هجمات الطائرات المسيرة اليمنية التي واجهتها المجموعة كان مفاجئاً وغير متوقع، ولم تتدرب عليه السفن الأمريكية وطواقمها من قبل”. وكانت -حسب تعبير آخرين- أكبر تحدٍ يواجه البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
وبعد انسحاب “آيزنهاور”، صدرت الكثير من التقارير في واشنطن والغرب التي تشير إلى حاجة الحاملة لصيانة طويلة الأمد ومكلفة للغاية، تصل إلى مليارات الدولارات، وتزيد الصيانة من تآكلها، في مؤشرات ربما على أن الولايات المتحدة لن تذهب لإنفاق كل تلك الأموال على سفينة أصبحت متهالكة كحالة “آيزنهاور”.
سحبت الولايات المتحدة “آيزنهاور” واستبدلت بها “روزفيلت”، والتي لم تكن بأحسن حظا من سابقتها، إلا بقدر الدروس التي أخذتها، وفضلت البقاء خارج دائرة النيران اليمنية، بعيداً عن مسرح العمليات، بالقرب من خليج عمان، ولذلك لم تخض أي اشتباك مع القوات المسلحة اليمنية حتى خرجت من المنطقة في شهر سبتمبر .
أما خليفتها “أبراهام لنكولن”، فسارت على خطى روزفيلت، مفضلة البقاء هناك لفترة، لكنها سرعان ما حاولت بعدها المرور باتجاه خليج عدن، وما إن وصلت اشتبكت معها القوات المسلحة اليمنية بعدد من الصواريخ المجنحة والمسيرات، أجبرتها على المغادرة إلى غير رجعة، وكانت عملية القوات المسلحة اليمنية لمنع عدوان واسع انطلاقاً من “لنكولن”، في علمية استباقية حققت هدفها بنجاح بفضل الله تعالى، حينها اعترف البنتاغون باستهداف المدمرتين (سبراونس) و(ستوكديل) لكنه تهرب من الحديث عن استهداف حاملة الطائرات (لينكولن).
استمرت الهجمات الاستباقية، وهذه المرة على حاملة الطائرات الرابعة هاري ترومان، بأربع مرات من الهجمات الاستباقية، وكان من أبرز العمليات الاستباقية مع حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان”، والمبنية على المعلومات، اشتباك الأحد 22 ديسمبر، الذي أسفر عن سقوط طائرة “أف 18″، وإفشال مخطط عدواني واسع على اليمن.
هذه التكتيكات أظهرت نجاعتها بشكل أكثر بروزاً، مع آخر اشتباك مع حاملة الطائرات الأمريكية الرابعة التي تصل إلى منطقة عمليات القوات المسلحة اليمنية، وهي الحاملة “هاري أس ترومان”، باشتباك بحري استمر لمدة تسع ساعات تقريباً حسب ما كشف السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله، وكان ذلك الاشتباك استباقياً أيضا، حيث أفشل خطة واسعة لضرب عدة أهداف في عدة محافظات يمنية، وأدى إلى حالة ارتباك خطيرة مدمرة ومميتة عقب إسقاط طائرة أمريكية متطورة ومتقدمة من نوع “أف 18″، ولا تزال ملابسات سقوطها محل شكوك في الولايات المتحدة، حول الرواية الرسمية التي ألقت باللائمة على النيران الصديقة.
لقد صنعت البحرية اليمنية تحولا كبيرا في العمليات البحرية، وتكتيكاتها، واستخدمت لأول مرة صواريخ بالستية ضد أهداف متحركة، واستخدمت أيضا الطائرات المسيرة ضد حاملة الطائرات لأول مرة، كما جمعت بين القصف الصاروخي المجنح والبالستي والمسير ضد البحرية الأمريكية عدة مرات، بشكل دفع المراقبين المتربصين بالولايات المتحدة إلى التركيز على ما يجري في البحر الأحمر، والتعلم منه، حتى الأمريكي والبريطاني والغرب عموما، كانوا يقولون إنهم يتعلمون من الاشتباك مع القوات المسلحة اليمنية.
شعرت البحرية الأمريكية أنها أمام امتحان صعب وتحديات شديدة الخطورة في مواجهة اليمن في معركتها البحرية، التي كشفت عيوبا كثيرة في البحرية الأمريكية كسرت هيبة الإمبراطورية الأمريكية وقوتها التي لطالما مثلت العصا الغليظة والهراوة التي أخافت بها المنظومة الدولية عموما، أدت إلى تآكل الثقة في قدرة الولايات المتحدة على حماية حلفائها في المنطقة، وهي الثقة التي عملت على بنائها طوال العقود الماضية، وتعمل اليوم على حمايتها عبر استمرارها في عسكرة البحر الأحمر، خشية فقدانها.
وخلال هذا العام برزت تناولات غير مسبوقة في العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والخبراء ومراكز الدراسات العسكرية والدفاعية حول “انتهاء زمن حاملات الطائرات” وتحولها إلى “عبء” على الجيش الأمريكي، وذلك بسبب التكتيكات الجديدة التي ظهرت على الساحة من خلال معركة البحر الأحمر، والتي ستكون ملهمة لقوى أخرى وعلى رأسها قوى عظمى مثل الصين وروسيا لنقل هذه التكتيكات للتعامل مع البحرية الأمريكية.
لقد تجلت فاعلية عمليات الإسناد اليمنية لأهلنا في غزة، في وجه العدوان المتوحش والظالم، والصمت الدولي والتخاذل العربي الإسلامي، تجلت فاعليتها في إغلاق المجال البحري في وجه الملاحة الصهيونية على مدى عام كامل، الأمر الذي أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش “إيلات”، لأول مرة في تاريخ الكيان، ليظهر عاجزا عن اتخاذ أي إجراء أو تدبير يسمح له بالإبحار في مياه البحر الأحمر واجتياز باب المندب، رغم المحاولات التي باءت كلها بالفشل.
وتجلت الفاعلية أيضا باختيار شركات الشحن المشبوهة والمرتبطة بالكيان، وتلك التابعة للبريطانيين والأمريكيين، طريقا أطول حول الرجاء الصالح كما سلف أعلاه .
السؤال الأكثر إلحاحا اليوم، هو كيف فشلت الولايات المتحدة في فرض تأمين الملاحة البحرية الإسرائيلية، على الرغم من أن واشنطن سارعت في اتخاذ تدابير عسكرية، وعقد التحالفات الدولية، لإعاقة الإسناد اليمني لغزة، وسخرت الكثير من الموارد لتنفيذ تلك الأهداف ، وحشدت الأساطيل والفرقاطات والغواصات، وأربع من حاملات الطائرات التي تعاقبت على المنطقة.
وبدلا من أن تحقق أهدافها في خفض الهجمات اليمنية ، إذا بها تتزايد وتتعاظم وتنتقل من مرحلة إلى أخرى حتى أصبحت في خامسة المراحل، وتصل يدها إلى خمسة بحار، هي -إلى جانب البحر الأحمر- خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي والبحر المتوسط.
الفشل الأمريكي يثبت أن القوات المسلحة اليمنية، قد حجزت لنفسها مقعدا مهما في الساحة الدولية، وأصبحت فاعلا أساسيا في المسرح الإقليمي والدولي، وحفرت اسمها عميقا بوصفها أول قوة تواجه الولايات المتحدة بهذا الشكل منذ الحرب العالمية الثانية.
نقلا عن موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة البحریة الأمریکیة الولایات المتحدة البحریة الأمریکی البحریة الیمنیة حاملة الطائرات البحر الأحمر فی البحر
إقرأ أيضاً:
اليمن يستهدف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" وعددًا من القطع الحربية التابعة
صنعاء - الوكالات
أصدرت القوات المسلحة اليمنية بيانا من ميدان السبعين بشأن استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان وعدد من القطع الحربية التابعة لها شمال البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ والمسيرات، علاوة على استهداف عدد من الأهداف في منطقة يافا المحتلة.
بيان القوات المسلحة اليمنية من #ميدان_السبعين بشأن استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان وعدد من القطع الحربية التابعة لها شمال البحر الأحمر بعدد من الصواريخ والمسيرات واستهداف عدد من الأهداف في منطقة يافا المحتلة.
10 رجب 1446هـ 10 يناير 2025م
pic.twitter.com/kVsW8Zurco