جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-13@05:49:04 GMT

هيثم المجد

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

هيثم المجد

 

حمود بن علي الطوقي

 

الحادي عشر من يناير لعام 2025، يوافق الذكرى الخامسة لتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم، وقد شهدت السلطنة على مدى السنوات الخمس الماضية، سلسلةً من الإنجازات النوعية التي رسَّخت مسيرة النهضة العُمانية المُتجدِّدة.

بفضل رؤية حكيمة وسياسات مدروسة، تمكنت السلطنة من مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية وتعزيز موقعها كدولة تسير بثبات نحو مُستقبل مشرق.

ومن أبرز الإنجازات خلال هذه الفترة إطلاق خطة التوازن المالي، التي نجحت في تقليص العجز المالي بشكل ملحوظ، وخفض الدين العام بنسب كبيرة، مما أسهم في تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني. ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ بل شهدت السلطنة إطلاق مشاريع تنموية استراتيجية ركزت على تنويع مصادر الدخل، ودعم القطاعات الإنتاجية، وتعزيز البنية التحتية. كما أُعطيت الأولوية لتنمية المحافظات، حيث تم تخصيص استثمارات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحفيز الأنشطة الاقتصادية المحلية، مما ساهم في تحقيق التنمية المتوازنة بين جميع مناطق السلطنة. هذه الجهود تعكس حرص جلالة السلطان- حفظه الله- على توفير فرص اقتصادية واجتماعية عادلة لكل مواطن.

لم تكن هذه الإنجازات إلا جزءًا من التوجهات الطموحة لرؤية "عُمان 2040"، التي أرسى جلالة السلطان أساساتها بنفسه، لتكون خارطة طريق تقود السلطنة نحو مستقبل أكثر إشراقًا. تتضمن الرؤية محاور رئيسة تهدف إلى بناء مجتمع إنسانه مبدع يرتكز على التعليم والبحث العلمي وتمكين القدرات الوطنية، واقتصاد بيئته تنافسية يسعى إلى تنويع مصادر الدخل والاستدامة المالية وتحفيز الاستثمار، وبيئة مواردها مُستدامة تركز على حماية البيئة والموارد الطبيعية، ودولة أجهزتها مسؤولة تهدف إلى تعزيز الحوكمة وتطوير التشريعات ورفع كفاءة الأداء الحكومي.

ومنذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم، أظهر جلالة السلطان هيثم بن طارق- أيده الله- التزامًا راسخًا بمواصلة مسيرة النهضة التي أسسها القائد الراحل السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-. وشملت هذه المسيرة إصلاحات إدارية وتشريعية واسعة، بما في ذلك إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتطوير منظومة التشريعات بهدف تعزيز الكفاءة وتحقيق التكامل بين مختلف القطاعات. كما حرص جلالته- أعزه الله- على وضع الإنسان في قلب عملية التنمية، من خلال تحسين الخدمات الاجتماعية والصحية، وتعزيز جودة التعليم، والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين. هذه الجهود تُبرز اهتمام القيادة الحكيمة بتلبية تطلعات الشعب، مع الحفاظ على مكتسبات الماضي والبناء عليها.

إنني كصحفي ومتابع للشأن الوطني، أستطيع القول إنَّ السنوات الخمس الماضية شهدت منافسة إيجابية بين الأجهزة الحكومية في ترجمة توجيهات صاحب الجلالة لرفع كفاءتها وإبراز قدراتها. وقامت المؤسسات الحكومية بعقد ملتقيات إعلامية بشكل سنوي ونصف سنوي، لإبراز جهودها وإنجازاتها أمام الإعلام والرأي العام. وهذه الخطوة ساعدتنا كمراقبين في الاطلاع المستمر على التطورات والمبادرات التي تصب جميعها في مصلحة الوطن والمواطن، وعكست الشفافية التي تتسم بها مؤسسات الدولة، إضافة إلى حرصها على تعزيز الثقة مع المجتمع وإشراكه في مسيرة التنمية.

وفي كل مناسبة وطنية، أستعيدُ ذكريات الطفولة وأحداث النهضة الأولى التي عايشتها. وبوصفي صحفيًا، فقد كنت شاهدًا على التحولات الكبرى التي شهدتها السلطنة، من واقع بسيط إلى دولة عصرية تتقدم بخطى واثقة نحو المستقبل. وقد رأيت كيف ساهمت القيادة الحكيمة في تحويل السلطنة إلى نموذج يُحتذى به في التنمية المستدامة والانفتاح الثقافي والسياسة الحكيمة التي تقوم على الحوار والسلم. هذه الإنجازات جعلت من السلطنة دولة تحظى باحترام العالم وتقديره.

اليوم.. تستمر سلطنة عُمان في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية بفضل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه، حيث بفضل نهجه السامي الحكيم، أصبحت عُمان نموذجًا فريدًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة ويوازن بين التقاليد العريقة والتطلعات الحديثة.

إنَّنا في هذه الذكرى المجيدة، نُجدِّد الولاء والعرفان لجلالة السلطان المُفدّى، ونسأل الله أن يحفظه ويمده بموفور الصحة والعافية، ليواصل قيادة عُمان نحو مزيد من التقدم والازدهار.

حفظ الله جلالة السلطان، ودامت عُمان شامخة بأمجادها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الهوية والولاء في عصر السلطان صلاح الدين

11 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: سیروان عبدالكريم علي

إن الحجة القائلة بأن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب الأيوبي (1137-1193) فشل في المساهمة في القضية القومية الكردية تُسيء فهم السياق التاريخي الذي عاش فيه بشكل أساسي. إن تقييم الشخصيات التاريخية من منظور القومية الحديثة هو فرض للمفاهيم المعاصرة على عالم القرون الوسطى الذي كان منظمًا وفق مبادئ مختلفة تمامًا للهوية والانتماء.

خلال القرن الثاني عشر، عندما برز السلطان صلاح الدين الأيوبي، كان الناس في جميع أنحاء العالم الإسلامي يعرّفون أنفسهم في المقام الأول من خلال الانتماء الديني وليس الهوية العرقية أو القومية. إن مفهوم القومية كما نفهمه اليوم – بتأكيده على اللغة المشتركة والثقافة والسيادة الإقليمية – لم يكن موجودًا ببساطة. بدلاً من ذلك، كان الشرق الأوسط في العصور الوسطى متحدًا من خلال روابط الإيمان، مع الأمة (المجتمع الإسلامي) كمصدر رئيسي للهوية الجماعية.

كما يقول الشاعر المعاصر لصلاح الدين، ابن جبير في رحلته:
“وكان السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله قد وحد القلوب على التقوى، وجمع الشمل على الهدى”

كان عالم صلاح الدين عالمًا حيث كان الولاء السياسي موجهًا نحو السلالات و القبائل والسلطات الدينية بدلاً من الدول القومية. إنجازاته في توحيد مصر وسوريا تحت حكم الأيوبيين واستعادة القدس من الصليبيين في عام 1187 كانت مدفوعة بالحماس الديني والبراغماتية السياسية، وليس بالاعتبارات العرقية. على الرغم من أن صلاح الدين كان بالفعل من أصل كردي، فإن تطبيق التوقعات القومية الكردية الحديثة على أفعاله غير متزامن تاريخيًا بشكل أساسي.

وقد وصفه الشاعر ابن سناء الملك بقوله:
“أعدت بسيفك القدس الذي ضاع واسترجعت بالعزم أرض الأقصى
وما كان إلا الدين همك وحده فيا لك من سلطان عدلٍ ومن فتى”

هناك تحديات عدة في اتخاذ السلطان كرمز قومي للشعب كردي فعلى الرغم من السياق التاريخي، يجادل بعض العلماء والقوميين الكرد بأنه من الإشكالي المطالبة بصلاح الدين كرمز للقومية الكردية بأثر رجعي. هذه الحجة المضادة لها مزايا لعدة أسباب:

أولاً، على الرغم من أنه كان كرديًا عرقيًا، ولد في تكريت (في العراق الحديث)، إلا أن إنجازاته السياسية والعسكرية لم تُصاغ أبدًا من حيث الهوية أو التطلعات الكردية. طوال حياته المهنية، عمل في إطار الوحدة الإسلامية بدلاً من الخصوصية العرقية. كانت إدارته وجيشه متعددي الأعراق، بما في ذلك العرب والأتراك وغيرهم من المجموعات إلى جانب الكرد.

وقد ذكر المؤرخ ابن الأثير في كتابه “الكامل في التاريخ” أن السلطان صلاح الدين:
“كان يقرب إليه كل من يظهر منه الصلاح والديانة، لا ينظر إلى عرقه ولا أصله، بل إلى إخلاصه وتقواه”

وفي الوقت نفسه، هناك رأي آخر يشير إلى أن السلطان صلاح الدين اعتمد بشكل كبير على أبناء عشيرته وعلى الكرد في تأسيس دولته وجيشه، مما يعكس الطبيعة القبلية للولاءات السياسية في ذلك العصر، حيث كان من الطبيعي أن يعتمد القادة على دوائر الثقة الأقرب إليهم، بدءًا من العشيرة والقبيلة، ثم التوسع إلى التحالفات الأوسع.

ثانيًا، تكمن الأهمية التاريخية الأساسية للسلطان صلاح الدين في دوره كموحد للأراضي الإسلامية ضد الصليبيين وكمؤسس للسلالة الأيوبية. امتدت رؤيته السياسية عبر الحدود العرقية، مع التركيز على إنشاء كيان إسلامي موحد بدلاً من تعزيز المصالح الكردية على وجه التحديد.

ثالثًا، هناك القليل من الأدلة على أن السلطان صلاح الدين نفسه أكد على هويته الكردية كأمر ذي أهمية سياسية. المصادر المعاصرة التي تناقشه تركز على تفانيه الديني، وبراعته العسكرية، وفطنته السياسية بدلاً من خلفيته العرقية.

وقد وصفه القاضي الفاضل، وزيره ومستشاره، في إحدى رسائله:
“كان همّه نصرة الإسلام وحماية بيضته، لم يكن يرى فرقاً بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، ولا بين شامي ومصري إلا بالعدل”

اليوم نرى رئيس جمهورية إيران الإسلامية ورئيس جمهورية العراق الفدرالية من أصول كردية، ويمثلون أحزابًا قومية. فلماذا لا يساهمون في تأسيس الدولة الكردية وانفصال الكرد من إحدى الدول برئاسة شخصية كردية؟ في حين من المفترض أن يكونوا قوميين بكل المعاني!

هذه المقارنة تكشف بوضوح عن التناقض في انتقاد السلطان صلاح الدين التاريخي. إن السياسة المعاصرة، مثل السياسة في العصور الوسطى، معقدة وذات طبقات متعددة. القادة السياسيون يعملون ضمن أنظمة مؤسسية ودستورية وجيوسياسية معقدة تتجاوز الانتماءات العرقية البسيطة. إن تولي قيادي كردي منصبًا رفيعًا في دولة غير كردية لا يعني بالضرورة “خيانة” للهوية الكردية، بل قد يعكس فهمًا أكثر دقة للسياسة كفن الممكن.

لذلك نرى بأن هذا الرأي القائم على انتقاد السلطان صلاح الدين لعدم تأسيس دولة كردية غير منطقي ويسيء إلى سمعة الكرد والإقليم ومبادئ الديمقراطية الكردية التي يسعى إليها برلمان وحكومة إقليم كردستان وشعبه. هذا النوع من التفكير الأحادي يتجاهل التعقيدات السياسية والتاريخية، ويضع معايير غير واقعية لتقييم الشخصيات التاريخية والمعاصرة.

إن حملة تشويه رأي المؤرخ المصري د. يوسف زيدان وإلغاء سفره إلى أربيل متعلقة بآرائه حول تأريخ السلطان، فعدم قبول رأيه تضر بسمعة إقليم كردستان سياسيا كمنطقة معروفة بالتعددية وقبول الآخر وقبول الرأي المخالف. مثل هذه الإجراءات تتناقض مع القيم الأساسية التي يسعى الإقليم لتمثيلها في العالم المعاصر.

نحن نوثق السلطان صلاح الدين الأيوبي كجزء من تاريخ الدولة الأسلامية الأموية، وله أكثر من تفسير ورأي. فهو كان شخصية سياسية قبلية ذات ولاء للدولة الإسلامية الأيوبية، بغض النظر عن القوميات المختلفة. وعندما ننظر إلى السياق التاريخي الكامل، يصبح من الواضح أن فهم شخصية مثل السلطان صلاح الدين الأيوبي يتطلب منا تجاوز التفسيرات الأحادية والبسيطة.

لذلك يتطلب التحليل التاريخي منا فهم الشخصيات في سياقها الخاص بدلاً من الحكم عليها وفقًا للمعايير القومية الحديثة. ويجب قراءة تاريخ السلطان صلاح الدين الأيوبي بناءً على قيم وهياكل سياسية من زمنه – حيث كانت الوحدة الدينية، وليس القومية العرقية، هي المبدأ المنظم للمجتمع. إن محاولة المطالبة بالشخصيات التاريخية أو انتقادها من خلال عدسة قومية بأثر رجعي يشوه فهمنا للماضي ويفرض توقعات غير معقولة على الجهات السياسية التاريخية والمعاصرة على حد سواء.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بيان حول استضافة السلطنة المحادثات النووية بين إيران وأمريكا
  • بياضٌ وابتسامة
  • مسقط.. عاصمة الحكمة والتوازنات الكبرى
  • السلطنة تفتح باب الأمل.. محادثات نووية عالية المستوى بين إيران وأمريكا في مسقط
  • الاثنين.. جلالة السلطان يغادر البلاد متوجها إلى مملكة هولندا
  • حج النافلة أم الصدقة.. أمين الفتوى: العبادة التي يصل نفعها للغير أولى
  • الهوية والولاء في عصر السلطان صلاح الدين
  • جيش الاحتلال يزعم مقتـ.ـل هيثم رزق قائد كتيبة الشجاعية التابعة لحماس
  • جلالة السلطان يصدر مرسوما ساميا
  • الخثلان يوضح الأعمال التي تُدخل الإنسان الجنة بلا عذاب.. فيديو