في إطار من الواقعية السحرية، يأخذنا المخرج خالد منصور في تجربة سينمائية فريدة من نوعها عبر فيلمه "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو". بأسلوب بصري آسر، يقدم المخرج المصري رؤية عميقة لعالم المهمشين أو كما يفضل تسميتهم "البشر العاديين"، في عمل يجمع بين التحدي الفكري والجمال الفني. فالفيلم نال إعجاب النقاد والجمهور، محققا نجاحا ملحوظا في المهرجانات والمحافل العالمية، بالإضافة إلى دور العرض السينمائية في مصر.

وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، يكشف المخرج خالد منصور عن كواليس الفيلم، ويشارك رؤيته الفنية التي ألهمته لإخراج هذا العمل، فضلا عن التحديات التي واجهها في تقديم حكاية سينمائية مغايرة. ويتناول فلسفته الإخراجية ونهجه في معالجة قضايا الإنسان المعاصر، مما يجعل الفيلم أكثر من مجرد عمل فني، بل رحلة تأملية في أعماق النفس البشرية.

خالد منصور، مخرج فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" (الجزيرة) بدأ عرض فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" تجاريا مؤخرا، هل توقعت هذا الاحتفاء، خاصة بعد مشاركته في العديد من المهرجانات العالمية؟

بصراحة، لم أتوقع ردود الفعل بهذا الزخم على الإطلاق، لكن كانت لدي آمال، مثل أي مبدع، بأن ينال العمل إعجاب الجمهور. وتمنيت أن يحقق الفيلم نجاحا عند عرضه، لكنني لم أكن أجرؤ على التنبؤ بشيء محدد، خصوصا أن التجربة جاءت خارج المألوف، سواء في القصة أو أسلوب السرد، أو التصوير، وحتى الأداء التمثيلي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كريستوفر نولان.. ساحر هوليود الذي يغير وجه السينماlist 2 of 2أنجلينا جولي في "ماريا".. تجسيد معقد لحياة أسطورة الأوبراend of list إعلان

ويختلف الفيلم تماما عما اعتادت عليه السينما المصرية، وهذا بالنسبة لي كان مصدر فخر لأنه يمثل شيئا جديدا، ولكنه في الوقت نفسه كان مصدر قلق، لأنني لم أكن متأكدا من كيفية استقبال الجمهور له. الحمد لله، ردود الفعل تجاوزت كل توقعاتي.

أما بالنسبة للمهرجانات، فقد حظي الفيلم بفرصة المشاركة في عدد كبير منها. وكانت البداية مع مهرجان فينيسيا السينمائي، ثم مهرجان البحر الأحمر الذي شهد العرض الأول للفيلم في الشرق الأوسط، كما تم عرضه في مهرجان قرطاج. ولا تزال هناك مهرجانات أخرى سنشارك فيها خلال الفترة المقبلة، وهو أمر يبعث على الفخر والسعادة.

هل تتفق أن الجمهور أصبح مهتما بنوعية السينما المغايرة، وليس السينما التجارية فقط؟

مع انفتاح الجمهور على الإنتاجات العالمية، لم تعد المشاهدة مقتصرة على الأعمال المحلية، بل توسعت لتشمل أفلاما من دول مثل فنلندا وأميركا وفرنسا. هذا التحول رفع من وعي الجمهور وتوقعاته، مما دفعه للتساؤل: لماذا لا نقدم أعمالا تضاهي المستوى الفني والتقني العالمي؟

للأسف، لا يزال بعض صُناع الأفلام في مصر يخشون المغامرة، معتقدين أن الجمهور غير مستعد لتقدير الأعمال المختلفة، وهو تصور خاطئ. فالجمهور اليوم ذكي، خاصة الشباب، الذين يتابعون كل جديد ويسعون وراء أعمال تحترم ذكاءهم وتقدم تجربة مميزة.

ومع أن هناك محاولات لصناعة سينما مغايرة، فإن التحدي الأكبر يكمن في صعوبة إيجاد الدعم الإنتاجي، وهو تحدٍ عالمي. على سبيل المثال، استغرق فيلم "الوحشي" (The Brutalist) الحاصل على جائزة غولدن غلوب، 7 سنوات لإيجاد منتج متحمس. ورغم هذه الصعوبات، شهد عام 2024 قفزة نوعية في السينما المصرية مع أفلام مثل رحلة 404 والهوى سلطان، التي جمعت بين التميز الفني والجاذبية التجارية.

فيلمك أيضا استغرق 7 سنوات من أجل تنفيذه، ما الصعوبات التي واجهتك؟ وهل التصوير في "القاهرة" كمدينة شكل جزءا من هذه الصعوبة؟ إعلان

استغرق العمل على الفيلم 7 سنوات، وكان التمويل هو السبب الرئيسي وراء هذا التأخير. فالتجارب المغايرة والجديدة يصعب على المنتجين تبنيها بسهولة، وكان علينا البحث عن وسائل تمويل تتيح لنا تنفيذ الفيلم كما نريد، دون أي إملاءات. والفيلم مصري خالص، يعكس حياة الناس العاديين، ومن دعمنا قدم دعمه دون فرض قيود، مما تطلب وقتا لتأمين الدعم والمنح اللازمة.

ولم تكن الصعوبات مرتبطة بكونه فيلمي الروائي الأول، بل تضمنت تحديات مثل التصوير الخارجي في أماكن جديدة وغير معتادة، وهو ما كان مغامرة إنتاجية بحد ذاتها. لكن فريق الإنتاج، بقيادة المنتجة رشا حسني والمنتج الفني محمد جمال الدين، كان متعاونا وشجاعا في مواجهة هذه التحديات.

واجهنا بلا شك صعوبات في التصوير بأماكن جديدة مثل السيطرة على الناس في المنطقة، خاصة أنهم غير معتادين على وجود طاقم تصوير. بالإضافة إلى ذلك، كانت مشاهد الليل في الشوارع تحديا كبيرا، بسبب صعوبة الإضاءة وضيق الوقت.

واخترت منطقة السيدة زينب للتصوير، لأنني أردت الحفاظ على أصالة المشاهد. فق كانت جغرافيا القاهرة عنصرا أساسيا بالنسبة لي، حتى في التفاصيل الصغيرة. فأردت أن تكون الأماكن التي يمر بها البطل، من منزله إلى عمله في الزمالك، دقيقة ومنسجمة مع الواقع. وأعتقد أن هذا الانتباه للتفاصيل هو ما جعل الجمهور يشعر بأنه يشاهد القاهرة الحقيقية، وكل ذلك كان نتيجة جهد وتحضير كبيرين، والحمد لله أن المشاهدين صدقوا هذه التجربة.

سماء إبراهيم وعصام عمر بطلا فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" (الجزيرة) "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" يعيدنا إلى سينما الواقعية وسينما المهمشين التي برزت في الثمانينيات مع مخرجي الواقعية الجديدة. هل تأثرت بهذه المدرسة؟ إعلان

بالتأكيد، فقد نشأت في أحياء شعبية مثل إمبابة وميت عقبة، ولدي أصدقاء في السيدة زينب، مما جعلني مرتبطا جدا بهذه الأماكن. وبالنسبة لي، هؤلاء الأشخاص ليسوا مهمشين، بل هم "عاديون" يمثلون غالبية الشعب. لديهم أحلام بسيطة، لكنها صادقة وتستحق أن تُروى. ربما لهذا السبب يشعر الجمهور بالصدق في أفلامي، لأنها تعكس واقعا مألوفا لهم.

فأنا مهتم بتقديم قصص عن هؤلاء الناس، عن أحلامهم العادية ولكن المليئة بالإنسانية. مهما كان نوع السينما التي أقدمها، سواء كوميديا أو أكشن أو دراما، الأهم هو أن أُعبّر عنهم بإحساس صادق لأنني جزء منهم. لا أتعامل مع هذه الشخصيات بنظرة استشراقية أو فوقية، بل أنقل قصصهم من داخلي.

أما بالنسبة للتأثر بالواقعية الجديدة، فأنا لا أخجل من القول إنني متأثر بسينما محمد خان. في الحقيقة، حرصت على إهداء هذا الفيلم له بطريقة غير مباشرة. بدلا من كتابة ذلك على التتر، وجعلت التحية تظهر داخل العمل نفسه، مثل استخدام موسيقى فيلم الحريف في مشهد البداية بين البطل ووالدته، أو استلهام مشهد يجمع البطل بعمه من مشهد مشابه لعادل إمام في الحريف.

أنا مغرم بسينما هذا الجيل من المبدعين، مثل داوود عبد السيد، عاطف الطيب، وخيري بشارة، وعلى رأسهم محمد خان. هؤلاء المخرجون أثروا بشكل كبير في رؤيتي وحبي للسينما، وتركوا بصمة واضحة في أعمالي، حتى لو بشكل غير مباشر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سينما البحث عن منفذ لخروج السید رامبو خالد منصور

إقرأ أيضاً:

وزير الشباب يكشف كواليس جديدة حول التحديات التي واجهت بعثة الأولمبياد

أكد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، أن الوزارة ألزمت الاتحادات الرياضية بضرورة إخضاع اللاعبين الرياضيين لبرنامج نفسي في ضوء تعرض بعض اللاعبين في بعض اللعبات مثل الرماية والكاراتيه لما يسمى بـ " حمى البداية " والتي أثرت على أدائهم خلال منافسات أولمبياد باريس.

جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب ،برئاسة الدكتور محمود حسين ، لمناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائبة أميرة ابو شقة ، حول نتائج البعثة المصرية في الأولمبياد .

أوضح وزير الشباب، أن البعثة المصرية المشاركة في اولمبياد باريس تعرضت لضغوطات نفسية كبير ، بسبب الهجوم الغير مبرر الذي تعرضه له اللاعبين من بعض المتربصين من خلال السوشيال ميديا ، قائلاً: كنا بنطفي حرائق بسبب الهجوم  علي اللاعبين.

أشار  وزير الشباب والرياضة أنه كانت هناك توجيهات رئاسية واضحة بضرورة مراجعة أداء الاتحادات الرياضية عقب أولمبياد باريس 2024 مع حوكمة الصرف المالي بعد ذلك بحيث لا يتم انفاق أية مبالغ مالية على البرنامج الأولمبي إلا بعد تصديق رئاسة الجمهورية.

أكد وزير الشباب، أنه سوف يتم توحيد الجهات المسؤولة عن منح رخص الإدارة والتدريب مثل الأكاديمية الأولمبية ونقابة المهن الرياضية في جهة واحدة بحيث يكون الخضوع لاختباراتها شرطًا أساسيًا للحصول على رخصة التدريب أو الإدارة، وأضاف  في سياق حديثه إلى أن وزارة الشباب والرياضة تعمل وفق مخطط علمي بالتعاون مع اللجنة العلمية بالوزارة لاكتشاف اللاعبين الواعدين والمؤهلين للمنافسة في البطولات الرياضية والأولمبياد، مشيرًا في هذا الصدد إلى تدشين الوزارة لعدد من المشروعات منها المشروع القومي للبطل الأولمبي والمشروع القومي للواعدين والمشروع القومي للصفوة .

أشار إلى أن الوزارة وبالتعاون مع اللجنة العلمية قامت بعمل قياسات فسيولوجية وبيولوجية للمجتمع المصري في 27 محافظة وتم اختيار أحد عشر لعبة رياضية من اللعبات التي لدينا قدرة على المنافسة فيها، مشيرًا إلى أن تلك القياسات قد أسفرت عن تدشين منصة تضم 300 حاضنة على مستوى محافظات مصر، فضلا عن قيام اللجنة العلمية بعمل دراسات تنبؤية للطفل منذ سن 10 سنوات تستطيع من خلالها التنبؤ باللعبة الرياضية المناسبة له في المستقبل حتى يكون مؤهلاً لأن يكون بطلاً رياضيًا فيها.

مقالات مشابهة

  • وزير الشباب يكشف كواليس جديدة حول التحديات التي واجهت بعثة الأولمبياد
  • 17 فبراير.. الحكم على المخرج محمد سامي بقضية جديدة لـ عفاف شعيب
  • نتنياهو: ترامب عرض رؤية جديدة وثورية بشأن غزة
  • الطفلة «أيسل» تُبهر الجمهور بصوتها العذب بـ«مصر التي في خاطري»
  • خالد بن محمد بن زايد يؤكد أهمية الشراكات الاستراتيجية العالمية في تحقيق رؤية القيادة
  • مرتضى منصور يهاجم أحمد حلمي ويعايره بأصله قبل الشهرة بسبب "الإساءة لمصر"|فيديو
  • خاص | بعد تداول الخبر..المخرج أحمد سمير فرج ينفي تقابل المداح مع العتاولة 2
  • حفل كامل العدد.. مروة ناجي تشعل الأجواء في لبنان لإحياء ذكرى لأم كلثوم
  • أقوى مباراة تمثيل .. إلهام شاهين تشوق الجمهور لـسيد الناس
  • البحث العلمي تعلن عن فرصة جديدة للحصول على وظيفة بالنمسا.. تفاصيل