بعد فراغٍ رئاسي استمر لما يقارب عامين ونصف، انتخب البرلمان اللبناني المؤلف من 128 نائبًا الأسبوع الماضي الجنرال جوزيف عون، قائد الجيش اللبناني، رئيسًا جديدًا للبلاد. ويتسلم عون مهماته في وقتٍ يواجه فيه لبنان سلسلة من الأزمات، وفق تقرير للمجلس الأطنطلي. 

فالاقتصاد، الذي انهار بشدة في أكتوبر 2019، لم يُظهر أي بوادر انتعاش تذكر، إذ أخفق الزعماء السياسيون اللبنانيون مرارًا في اتخاذ الإصلاحات الضرورية التي تفتح باب المساعدات المالية الدولية.

 

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون (لا تربطه صلة قرابة بجوزيف عون) في نهاية فترته الرئاسية الممتدة لست سنوات في أكتوبر 2022، تعمل الحكومة بقدرة تصريف أعمال محدودة، وغير قادرة على إقرار التشريعات الحاسمة.

كما أن لبنان ما يزال يرزح تحت وطأة تداعيات عدوان من جانب إسرائيل. ووفقًا لمسئولين لبنانيين، فقد قتل أكثر من 3800 شخص، وربما يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير. وتشير مصادر أخرى إلى أن عدد القتلى في صفوف حزب الله وحده قد يصل خلال العام الماضي إلى أربعة آلاف قتيل. وتشير التقديرات الأولية للبنك الدولي إلى أن هذه الحرب تسببت في أضرارٍ تزيد عن 8.5 مليارات دولار.

ولا تزال القوات الإسرائيلية منتشرة في منطقة الحدود الجنوبية للبنان، في ظل هدنةٍ هشة مدتها ستون يومًا تنتهي في 27 يناير الجاري. ولا يوجد ضمان بأن تنسحب إسرائيل من لبنان قبل انتهاء الهدنة، وهذا ما يدفع بوسطاءٍ أمريكيين، بحسب التقارير، إلى السعي لتمديد الاتفاق. لا شك أن حزب الله سيراقب عن كثبٍ تحركات الرئيس الجديد في الأشهر المقبلة.

وكان عون الأوفر حظًا للوصول إلى سدّة الرئاسة اللبنانية منذ أن دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في 28 نوفمبر، أي غداة دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، إلى جلسة انتخابية في 9 يناير. غير أنّ حظوظه بالوصول إلى رأس الدولة لم تتعزز نهائيًا إلا خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. ففي 8 يناير، أعلن سليمان فرنجية—رئيس تيار المردة وحفيد رئيسٍ سابق، والمرشح المدعوم من حزب الله—انسحابه من السباق معلنًا أنه سيؤيد قائد الجيش. 

ويحظى عون، الرجل الضخم حليق الرأس، بشعبيةٍ في لبنان، إذ قاد الجيش اللبناني خلال الاضطرابات التي شهدها البلد مؤخرًا. وبعد خمسة أشهر على تعيينه قائدًا للجيش في مارس 2017، خاض الجيش اللبناني معركةً كبرى ضد تنظيم داعش، الذي كان متحصنًا منذ ثلاث سنوات في جبالٍ قاحلة بشمال شرق لبنان على الحدود مع سوريا. ونجح الجيش اللبناني في هزيمة التنظيم خلال ما يزيد قليلًا عن أسبوع.

وفي خضم الاحتجاجات الشعبية التي تلت الانهيار الاقتصادي في أكتوبر 2019، عصى عون أوامر الرئيس السابق وعددٍ من كبار السياسيين بإبعاد المتظاهرين عن الشوارع بالقوة. بل سمح باستمرار الاحتجاجات ما دامت منضبطة. ونال هذا الموقف استحسان الكثير من اللبنانيين. 

ورغم أن قربه من واشنطن أثار انتقاداتٍ من بعض وسائل الإعلام المقربة من حزب الله، استطاع عون إدارة العلاقات شديدة التعقيد بين الجيش وحزب الله على مدى السنوات الماضية. 

وقد تعرض الجيش اللبناني لانتقاداتٍ في بعض الأوساط لعدم قيامه بتجريد حزب الله من سلاحه وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي. لكن الجيش ليس سوى ذراعٍ تنفيذية لسياسة الدولة، ولم يحصل بعد تفويض رسمي من أي حكومة لبنانية للتحرك ضد حزب الله، إذ يسود اعتقاد واسع في لبنان بأن خطوةً كهذه قد تشعل حربًا أهلية. فحزب الله ليس كيانًا منفصلًا عن بقية لبنان يمكن عزله أو تحييده، بل هو متداخل بعمقٍ في النسيج الاجتماعي والسياسي للبلد. 

وفي خطابه الافتتاحي، بعيد انتخابه وأدائه اليمين مباشرةً، تعهد عون بالدعوة إلى "استشارات نيابية سريعة" للإسراع في تشكيل حكومة جديدة. كما قال إن هناك فرصةً تاريخية حاليًا لإطلاق حوارٍ جدي مع الحكام الجدد في سوريا لمعالجة القضايا العالقة، مثل ترسيم الحدود المشتركة وحل مسألة اللاجئين السوريين في لبنان.

في الوقت الحالي، يمكن للبنان أن يتنفس الصعداء لملء الشغور الرئاسي بشخصيةٍ قادرة. إلا أن الرئيس الجديد يتولى منصبه في ظل تحدياتٍ جسيمة، أبرزها مصير سلاح حزب الله، وإن لم يكن هو التحدي الوحيد. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: لبنان حزب الله عون المزيد الجیش اللبنانی حزب الله رئیس ا

إقرأ أيضاً:

نواف سلام يتعهد بحكومة "إنقاذ وطني" في لبنان

قال نواف سلام، رئيس الحكومة اللبنانية، السبت، إنه يتعهد بأن يكون رئيسًا لحكومة "الإصلاح والإنقاذ" في لبنان، والعمل على إعادة بناء "الثقة" مع المجتمع الدولي.  

 

وأضاف سلام أن الحكومة الجديدة ستنفذ إصلاحات اقتصادية، وهو ما يقرب البلاد من الوصول إلى أموال إعادة الإعمار والاستثمارات في أعقاب الحرب المدمرة التي دارت العام الماضي مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

 

مردفًا: "ستسعى هذه الحكومة إلى إعادة الثقة بين المواطنين والدولة وبين لبنان ومحيطه العربي وبين لبنان والمجتمع الدولي".

 

زيارة مرتقبة للرئيسين السوري واللبناني إلى الكويت قريبًا


يُجري الرئيس السوري أحمد الشرع، والرئيس اللبناني جوزيف عون، زيارة مرتقبة إلى الكويت قريبًا، حسبما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية.

 

وأشارت الصحيفة الكويتية، إلى أن كلا من الشرع وعون قد أعربا عن رغبتهما لزيارة الكويت، لوزير الخارجية الكويتى عبدالله اليحيا خلال الزيارة التى قام بها إلى بيروت ودمشق مؤخرا، وأكدا أنهما سيزوران الكويت وسيتم ترتيب هذه الزيارات خلال الفترة المقبلة.

 

عون يدعم سوريا في مُواجهة التعديات الإسرائيلية


أصدرت مؤسسة الرئاسة السورية، اليوم الجمعة، عن تفاصيل الاتصال الهاتفي بين أحمد الشرع الرئيس السورية ونظيره في لبنان جوزيف عون.

اقرأ أيضاً: صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

وقال بيان الرئاسة السورية :"هنأ الرئيس عون خلال الاتصال الرئيس الشرع لتوليه رئاسة الجمهورية العربية السورية، وأكد على ضرورة تعزيز التعاون والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين، بما يحقق الأمن والسلام للشعبين السوري واللبناني".

وذكر بيان الرئاسة السورية أن عون أكد خلال الاتصال على دعم لبنان لوحدة الأراضي السورية واستقلالها وسيادتها الوطنية، وذلك في وجه التغولات الإسرائيلية غير الشرعية.

تُعَدُّ العلاقات بين لبنان وسوريا متعددة الأبعاد، حيث تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية، وتتميز بتشابك تاريخي وجغرافي عميق.

منذ استقلال لبنان وسوريا عن الاستعمار الفرنسي في عام 1943، شهدت العلاقات بين البلدين تقلبات متعددة، حيث تأثرت بالتحولات السياسية الداخلية والإقليمية. في عام 1976، تدخلت القوات السورية في لبنان بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية لمواجهة التهديدات الأمنية، واستمر هذا الوجود حتى عام 2005. بعد انسحاب القوات السورية، شهدت العلاقات توترات، خاصة فيما يتعلق بالحدود والسيادة.

تاريخياً، كان لبنان وسوريا جزءًا من مجال اقتصادي واحد خلال فترة السلطنة العثمانية، حيث كانت حركة البضائع وعوامل الإنتاج تتم بحرية تامة. بعد الاستقلال، استمرت الروابط الاقتصادية بين البلدين، حيث يُعتبر لبنان سوقًا مهمًا للمنتجات السورية، خاصة في مجالات الزراعة والصناعة. في المقابل، استفادت سوريا من موقع لبنان كمركز مالي وتجاري. ومع ذلك، شهدت هذه العلاقات تحديات، خاصة بعد عام 2011، حيث تأثرت بالوضع الأمني في سوريا والأزمات الاقتصادية في لبنان.

تتميز العلاقات الثقافية بين لبنان وسوريا بتبادل غني في مجالات الأدب والفن والموسيقى. تأثرت الثقافة اللبنانية بالثقافة السورية والعكس، مما أدى إلى إنتاج أعمال فنية وأدبية تعكس هذا التفاعل. تُعَدُّ دمشق وبيروت مركزين ثقافيين مهمين في العالم العربي، حيث يستقطبان الفنانين والمثقفين من مختلف أنحاء المنطقة.

على الرغم من التحديات التي تواجه العلاقات بين لبنان وسوريا، إلا أن الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية تظل تشكل أساسًا قويًا للتعاون المستقبلي بين البلدين.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • الجيش اللبناني يستكمل انتشاره ببلدات جنوبية
  • الجيش الإسرائيلي يقصف نفقًا لحزب الله في البقاع اللبناني
  • خبير عسكري: الجيش اللبناني يستعد للانتشار بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي
  • وحدات الجيش اللبناني تنتشر في القطاع الشرقي بعد انسحاب قوات العدو
  • الجيش اللبناني ينتشر في القطاع الشرقي بعد انسحاب قوات العدو
  • الجيش اللبناني يواصل انتشاره جنوبي لبنان  
  • الرئيس اللبناني يؤكد عزمه على تطوير العلاقات اللبنانية الجزائرية في كل المجالات
  • الجيش اللبناني يرد على مصادر نيران من داخل سوريا
  • قرار عاجل من الجيش اللبناني: التصدي للهجمات عبر الحدود السورية
  • نواف سلام يتعهد بحكومة "إنقاذ وطني" في لبنان