بوابة الوفد:
2025-03-14@09:38:39 GMT

«الفلسفة والنقد».. دعائم التفكير الناقد

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

إن التفكير الناقد هو أحد أنماط التفكير التي نستخدمها جميعًا في أمور حيتنا اليومية، وهو مفهوم مركب، له ارتباطات بعدد غير محدود من السلوكيات في عدد غير محدود من المواقف والأوضاع، وهو متداخل مع مفاهيم أخرى كالمنطق وحل المشكلة والتعلم ونظرية المعرفة، وقدم لنا جون ديوي تعريفًا مبسطًا لذلك النشاط الفكري قائلًا: "نه التمهل في إعطاء الأحكام وتعليقها لحين التحقق من الأمر".

والسؤال الآن، ما هي دعائم ذلك النشاط الفكري المسمى بالتفكير الناقد؟ وبعبارة أخرى، ما هي علاقة التفكير الناقد بالفلسفة والنقد؟ 

عزيزي القارئ للنقد جانبين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، وإذا ما أردنا أن يكون النقد عقليًا فلا يمكن أن تغيب عنه أي من الجانبين تمامًا. والناقد ما هو إلا قارئ يثير تساؤلًا حول مدي صحة ما يقرأه وللإجابة عن هذا التساؤل، فإنه يحاول أن يفصل العناصر الصحيحة عن العناصر الخاطئة في العمل الذي يقوم بنقده. ولا ينبغي أن يكون الناقد باحثًا عن الصراع، داعيًا إلى هدر الطاقات، أو يمسك بالسكين لاقتلاع الجذور، عليه أن يكون مرشدًا، معلمًا، ملهمًا.

أي أنه يكون الناقد الكامل هو من يقرأ العمل بالروح نفسها التي كتب بها المؤلف عمله، كما يجب أن ينظر إلى العمل في شموله، ولا يسعي إلى تصيد الاخطاء، بل عليه أن يتوخى الموضوعية، وألا يملي عليه أحد رأيًا. يقصد بالفهم ما يعنيه التأسيس والسؤال عما إذا كان ما يتبعه صحيحًا موقفان متميزان إلا انهما لا ينفصلان، ومحاولة الفهم دون النقد ما هي إلا رفض للمشاركة في عملية التأسيس. ويعد هذا الموقف الناقد من التأسيس عنصرًا جوهريًا في تدشينه. إلا أن النقد لن يأتي بالهدف المرجو منه دون استخدام الفلسفة وسيلة تمكنه من بلوغ ذلك الدور، أي انها الأداة التي بمقتضاها يستطيع الناقد أن يغزل بها ما يشاء في عمله.  

حيث أن الفلسفة تُعرف على أنها رؤية تهدف إلى تحرير العقول من الأهواء وتخفيف حدة التوتر في الحياة الاجتماعية السائدة ويجعل من البيئة مصدرًا أداتيًا لغرس المعايير الأخلاقية في النفوس البشرية ويحصر مهمتها في قوله: "إن الوظيفة المميزة للفلسفة، وان مشكلات الفلسفة ومادتها، إنما تنشأ عما يحدث من ضروب التوتر في الحياة الاجتماعية التي منها ينشأ لون بعينه من ألوان الفلسفة"، ويعتقد أن الفلسفة كان لها دور كبير في ظهور الحركة العلمية كعلم الفلك والفيزياء والتاريخ يثبت أن المناقشات الفلسفية التي اكتسحت مجالات الحياة قد أنجزت عملًا كبيرًا إذ لولاها لما وصل العلم إلى ما هو عليه اليوم.

كما أنه من التعريفات السائدة للفلسفة اعتبارها نظامًا من الأفكار والرؤى والتصورات المرتبطة بزمان ومكان معينين، وهي نظام فكري يتعلق بالجوانب والعناصر الكبرى في حياة الإنسان ككائن وجودي وأخلاقي وعاقل، وهكذا حددت الفلسفة كممارسة أنطولوجية وأخلاقية ومعرفية، غير أن هذا التحديد على شموليته وعموميته يغفل كون الفلسفة ليست فقط مضمونًا ومحتوى فكريًا، بل إنها وبالأساس طريقة تقديم وعرض ذلك المضمون، ليس الفيلسوف هو من يبني النسق الفكري، ولكن أيضًا من يحسن منهجية وبلورة ذلك الفكر وعرضه ونقله للآخرين. وبالتالي فإذا كانت الفلسفة هي الأداة اللازمة للناقد لمواصلة عمله، فإنهما معًا ينتُجان ذلك النشاط العقلية المسمى بالتفكير الناقد.

واخيرًا، إن التفكير الناقد هو تفكير تأملي محكوم بقواعد المنطق والتحليل، وهو نتاج لمظاهر معرفية متعددة كمعرفة الافتراضات والتفسير وتقويم المناقشات والاستنباط والاستنتاج، كما أنه عملية تقويمية تستخدم قواعد الاستدلال المنطقي في التعامل مع المتغيرات، كما يعد عملية عقلية مركبة من مهارات وميول. وفي عبارة واحدة أنه التفاعل بين الفلسفة والنقد البنَّاء، لإنتاج فهمًا سليمًا وتكوين صورة معرفية صحيحة.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التفکیر الناقد

إقرأ أيضاً:

هل يكون هجوم كورسك الخطأ الأكثر كلفة على أوكرانيا؟

رأى الضابط البريطاني المتقاعد ريتشارد كمب أن انسحاب أوكرانيا القسري من كورسك يعزز فرص الدخول في مفاوضات سلام مع روسيا.

وكتب كمب في صحيفة ذا تلغراف البريطانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يكن ليبحث في محادثات السلام لو لم ينجح في طرد الجيش الأوكراني. بل كان ليشترط انسحاب كييف من الأراضي التي يسيطر عليها أولًا، مما كان سيشكل تحدياً سياسياً هائلاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وكان أحد الأهداف الاستراتيجية لهجوم كورسك كسب ورقة ضغط في مفاوضات مستقبلية، لكن الواقع أثبت أنه لم يؤتِ ثماره. وقد أدرك القائد العام للجيش الأوكراني الجنرال أوليكساندر سيرسكي ذلك، ولهذا بات يركز على الحفاظ على أرواح جنوده بدلاً من القتال للتمسك بالمواقع. 

The Kursk Offensive failed for a variety of reasons, one of which being the lack of a clear objective.

Was it to seize the nuclear power plant like we were told in August? Was it to score a PR victory and convince the West to continue supplying Ukraine with weapons? Was it to… pic.twitter.com/MpSsiTgaDA

— Christian Heiens ???? (@ChristianHeiens) March 13, 2025

وكانت كييف تأمل أيضاً أن يُجبر دفع قواتها إلى الأراضي الروسية بوتين على نشر قوات كبيرة لاستعادتها، مما يخفف الضغط على خطوط المواجهة في دونباس. لكن الأمور لم تسر على هذا النحو أيضاً.
بدلاً من ذلك، ردت روسيا عبر الدفع بقوات محدودة، واستدعت قوات كورية شمالية لتعويض النقص، وفي المقابل واجهت أوكرانيا نقصاً في جميع الجبهات.

بين السياسة والحرب

وكانت كييف تأمل أن يجبر توغل قواتها في الأراضي الروسية بوتين على نشر قوات كبيرة لاستعادتها، مما يخفف الضغط على الجبهات في دونباس، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو. بدلاً من ذلك، احتوت روسيا الجبهة بهجمات محدودة واستعانت بقوات كورية شمالية لتعويض النقص العددي، بينما اضطرت أوكرانيا لسحب قوات من جبهات القتال الرئيسية لدعم الهجوم.
منذ بدء المعركة في أغسطس (آب) الماضي، واصلت روسيا تقدمها في دونباس، وإن كان ببطء. ومع ذلك، من المحتمل أن أوكرانيا كانت ستخسر أراضي أكثر هناك لولا كورسك. ورغم أن الحروب تُحسم أحياناً بمخاطر كبرى، فإن هذا الهجوم ربما كان مدفوعاً باعتبارات سياسية أكثر من كونه قراراً عسكرياً بحتاً، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وحاجة كييف لتعزيز الدعم الدولي.

It was suicide for the Ukraine to go on the offensive in Kursk, when Russia had complete air superiority. The only thing saving them was the $billion Patriot missile systems. They are gone and now they are being bombed into oblivion. Without American tech, they control nothing. pic.twitter.com/0nIjXgRm5b

— Naughty Beaver (@beaver_naughty) March 11, 2025 فوات الأوان

بعد فشل الهجوم المضاد الأوكراني عام 2023، تضاءلت آمال الغرب في تحقيق نصر عسكري حاسم، وبدأ الاهتمام الدولي يتحول إلى الشرق الأوسط.

ومع ذلك، حاولت كييف استعادة الزخم عبر هجوم كورسك، على أمل تكرار نجاحاتها في خاركيف وخيرسون عام 2022. وأراد زيلينسكي إقناع العالم بأن أوكرانيا لا تزال قادرة على تحقيق الانتصارات إذا تلقت الدعم اللازم، لكن هذه الرسالة جاءت متأخرة، إذ كانت الولايات المتحدة وأوروبا قد بدأت تركز على التوصل إلى تسوية تفاوضية بدلاً من تحقيق نصر عسكري.

وهذا الوضع يعكس إخفاق الغرب منذ بداية الحرب، حيث زودت واشنطن وحلفاؤها أوكرانيا بمساعدات عسكرية كافية للدفاع، لكنها لم تكن كافية لتحقيق النصر، وحتى معركة كورسك، وهي أول غزو أوكراني للأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، لم تغير هذا الواقع. ومع غياب أي تحول استراتيجي لصالح كييف، باتت هزيمة كورسك ترمز إلى المرحلة القاتمة التي تواجهها البلاد الآن.

مقالات مشابهة

  • هل يكون هجوم كورسك الخطأ الأكثر كلفة على أوكرانيا؟
  • ناقد: غياب محمد رمضان أثر على نجاح محمد سامي.. وسيناريو إش إش يحتاج لإعادة نظر
  • الفنانة إيمان أسامة: عرض خاص للفنانين الراحلين بين الدورة السابقة والحالية
  • التفكير في المستقبل
  • ترامب: الناتو يمكن أن يكون قوة من أجل الخير
  • ناقد رياضي: الأهلي فقد 6 نقاط والزمالك زاد 3 والفرق بينهما نقطة واحدة
  • ناقد: كان الأفضل أن يلعب الأهلي مباراة القمة أمام الزمالك لهذا السبب
  • ناقد رياضي: مشهد القمة مؤسف.. واتحاد الكرة رفض إحضار طاقم سعودي للتحكيم
  • شاخوان عبد الله: على السوداني أن يكون أكثر وضوحاً بشأن رواتب موظفي كوردستان
  • كواليس نارية قبل قمة الأهلي والزمالك