قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة الأممية بشأن سوريا باولو بينيرو، إن هناك آلافا من مرتكبي الجرائم في عهد نظام بشار الأسد يجب محاسبتهم، وإن اللجنة مستعدة للتعاون مع الإدارة السورية الجديدة لملاحقة المتهمين ومحاكمتهم أمام القضاء الدولي.

جاء ذلك في تقييم أدلى به بينيرو للأناضول بشأن المرحلة التي أعقبت سقوط نظام البعث في سوريا.

وفي 8 دجنبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق وقبلها على مدن أخرى، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من سيطرة عائلة الأسد.

وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة جديدة لإدارة مرحلة انتقالية.

« نهاية ديكتاتورية »

المسؤول الأممي أوضح أن عملية الانتقال في سوريا مستمرة بشكل عام، ومن المهم ألا يكون هناك صراع حاد ضد هذه العملية.

وأضاف: « هذا ليس انتقالا لحكومة، بل نهاية 61 عاما من الدكتاتورية الاستبدادية، أعتقد أن العملية التي حدثت حتى الآن رائعة ».

وتابع: « من المثير للإعجاب للغاية أن هيئة تحرير الشام وقائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع تمكنا من السيطرة على الجماعات المسلحة المختلفة وسلوكها، ولم تقع استفزازات أو حوادث كثيرة ».

وأكمل: « هناك بعض الحوادث التي من شأنها أن تسبب القلق لمجموعات مختلفة لكنها كانت محدودة، وذكر الشرع عدة مرات في تصريحاته أن الأقليات أو المجموعات الدينية المختلفة لن يتم استفزازها أو محاربتها، وأن الجماعات المسلحة امتثلت لهذه الدعوة بطريقة معينة ».

المرحلة المقبلة

ومتطرقا إلى المرحلة التالية لسقوط النظام، شدد بينيرو على أن وقف إطلاق النار الشامل ضروري كما أفاد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون.

وقال: « من الصعب للغاية تقييم الحكومة خاصة تلك التي وصلت إلى السلطة بعد صراع عسكري، لكن حتى الآن أعتقد أن معظم وعود القيادة السورية الجديدة كانت قابلة للتنفيذ ».

وأوضح أن زيارتهم دمشق بعد 13 عاما وتنظيم مهمة هناك كان شعورا عظيما بالنسبة لهم، مبينا أن العديد من المنظمات تمكنت من الذهاب إلى دمشق وأن عدم وجود قيود لتحركهم كان تطورا إيجابيا للغاية.

أدلة الجرائم

وردا على سؤال عن الخطط المستقبلية، أشار بينيرو إلى أنه من الصعب الحديث عنها حاليا، قائلا: « اهتمامنا الرئيسي هو الحفاظ على الأدلة (التعذيب وانعدام القانون) »، وأشار إلى أنه يتفهم زيارة عائلات المعتقلين لسجن صيدنايا وأماكن أخرى، بعد سقوط النظام.

وزاد: « من المهم جدا رؤية هؤلاء المعتقلين يغادرون معتقلاتهم، وبعضهم قضى 10 أو 20 سنة في السجن » وتابع: « لماذا تعتبر الأدلة مهمة؟ لأنه إذا كنت تريد مقاضاة مرتكبي التعذيب والتدمير والقتل والخطف، فعليك أن تستند إلى بعض الأدلة التي لديك ».

طرق المحاسبة

ولفت بينيرو إلى أنه سيكون « من الضروري تقييم الظروف التي يمكن أن يتم فيها محاسبة الجناة بعهد نظام الأسد، وكيفية تنظيم المحاكمات والتعامل مع النظام القضائي الدولي، مثل المحكمة الجنائية الدولية، التي لم يكن من الممكن التقدم بطلب إليها لمدة 13 عاما لأن سوريا ليست طرفا في نظام روما الأساسي ».

وأشار إلى أنه « بهذه الحالة لا يمكن فتح بعض التحقيقات ضد الجناة إلا من خلال مجلس الأمن الدولي، ولكن هناك دولتان في المجلس تستخدمان سلطة النقض ضد أي مبادرة في هذا الاتجاه وهما روسيا والصين ».

وأضاف: « من المعروف أن المحكمة الجنائية الدولية تحاكم الأفراد، لذلك من المحتمل أن يكون هناك العديد من الأشخاص في القيادة العليا (لنظام الأسد) سيتم إحالتهم إلى الجنائية الدولية ».

وأكد أيضا أن « اللجنة يجب أن تدرس الظروف التي يمكنها من خلالها العمل مع الحكومة المؤقتة في سوريا، والتعاون والحوار مهمان في هذا الوضع المعقد ».

قائمة المجرمين

المسؤول الأممي أفاد بأنهم أنشأوا « قائمة سرية للمجرمين » تتكون من الأفراد ومن المنشآت العسكرية والسجون فيما يتعلق بالأحداث التي وقعت في سوريا خلال السنوات الـ13 الماضية.

وقال بينيرو: « لم نشكك قط في هوية الأشخاص الذين سيتم التحقيق معهم دوليا، أعتقد أنه سيكون من المهم للغاية إنشاء سلسلة قيادية تتحمل مسؤولية محددة عن بدء التحقيقات بحق الأسد أو وزرائه ».

وأردف: « تعاونّا مع تحقيقات مختلفة في العديد من البلدان الأوربية على مدى السنوات الست الماضية، باستخدام الولاية القضائية العالمية ».

وتابع: « هناك الآلاف من الجناة، كيف تتعامل مع هؤلاء المتهمين؟ هذه هي التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية ».

وختم بقوله: « إننا مستعدون للتعاون ونحن على اتصال حالياً بالعديد من المنظمات الدولية المتخصصة في إعداد القضايا الجنائية، وأعتقد أن هذه هي بداية العملية ».

كلمات دلالية سوريا، الأسد

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: سوريا الأسد فی سوریا إلى أنه

إقرأ أيضاً:

من حفار القبور إلى قيصر.. سوريون لاحقوا الأسد دوليا وكشفوا هوياتهم بعد سقوطه

بعد أكثر من عقد من توثيق الجرائم في الخفاء، بدأت شخصيات سورية بارزة كانت وراء ملاحقة نظام بشار الأسد المخلوع على الساحة الدولية، بالخروج إلى العلن، كاشفة عن هوياتها للمرة الأولى.

آخر هذه الشخصيات هو "حفار القبور" الذي كشف عن هويته في مداخلة أمام المؤتمر العربي المنعقد في جامعة "هارفارد" الأمريكية،  أمس الأحد.

وتحولت هذه الشخصيات التي تسببت بفرض عقوبات غربية قاسية على النظام المخلوع بما في ذلك "قانون قيصر"، إلى المطالبة برفع العقوبات المفروضة على سوريا بعد سقوط الأسد من أجل دفع عجلة إعادة الإعمار والاقتصاد المنهار.

ما المهم في الأمر؟
يمثل خروج هذه الشخصيات إلى العلن بعد سنوات من التخفي، محطة بارزة في مساعي استكمال محاسبة رموز النظام المنهار ضمن إطار "العدالة الانتقالية"، والمطالبة بتوسيع نطاق الملاحقات ليشمل المتورطين بالفساد والانتهاكات من الصف الأول وحتى المنفذين.

كما من المتوقع أن تساهم مطالباتهم في المساعدة برفع العقوبات المفروضة على سوريا في دعم مساعي الحكومة السورية الرامية إلى إعادة البناء ودفع عجلة الاقتصاد المنهار من خلال العمل على رفع العقوبات الغربية.

من هم هؤلاء؟

حفّار القبور
كشف المعروف بلقب "حفار القبور" عن هويته الحقيقية، بعد سنوات من التخفي ساهم خلالها في توثيق وفضح الجرائم التي ارتكبها نظام بشار الأسد المخلوع بحق المعتقلين السوريين.

وخلال مداخلة في المؤتمر العربي المنعقد بجامعة هارفارد الأمريكية، الأحد، عرّف "حفار القبور" نفسه بأنه محمد عفيف نايفة، من سكان العاصمة دمشق.




وأشارت وكالة الأنباء السورية "سانا"، إلى أن شهادات نايفة "أسهمت بفضح الجرائم التي ارتكبها النظام البائد بحق المعتقلين، بما في ذلك إلقاء آلاف الجثث في مقابر جماعية، بينها أطفال عذبوا حتى الموت".

وتولى نايفة مهمة دفن ضحايا التعذيب في مقابر جماعية منذ اندلاع الثورة السورية في  آذار /مارس عام 2011 وحتى تشرين الأول /أكتوبر عام 2018، قبل أن يتمكن من مغادرة البلاد.

وقال نايفة في شهادته أمام الكونغرس الأمريكية إن "الجثث كانت تأتي من فروع الأمن، في حالة متعفنة وعليها تشوهات".

وبدلا من الأسماء، كانت الجثث وبينها جثث أطفال تحمل أرقاما، وتنقل في شاحنات مبردة، وهي لضحايا تعذيب في معتقلات نظام الأسد المخلوع.

كما تحدث "حفار القبور" في شهادته عام 2022، عن 3 شاحنات مبردة تحمل كل واحدة منها بين 300 و600 جثة، كانت تأتي الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية في دمشق مرتين في الأسبوع الواحد.

وكشف عن أسماء عدد من الضباط المشرفين على عمليات القتل، مدعما شهاداته بالأدلة التي قدمها المصور العسكري المنشق المعروف بـ"قيصر".

قيصر
الاسم الرمزي لـ"قيصر" ارتبط منذ عام 2014 بصور آلاف المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري.

كان قيصر يعمل مصورا في الطب الشرعي العسكري، ونجح في تسريب أكثر من 50 ألف صورة إلى خارج البلاد، بالتعاون مع صديقه "سامي".




وشكّلت هذه الصور القاعدة الأساسية لتشريع "قانون قيصر" في الكونغرس الأمريكي عام 2019، الذي فرض عقوبات على النظام السوري وداعميه.

ظل قيصر متخفيا طوال السنوات الماضية، وظهر في جلسات الاستماع بالكونغرس الأمريكي مقنعا. لكن سقوط نظام الأسد دفع صاحب أكبر عملية تسريب في سوريا إلى الكشف عن هويته في شباط /فبراير عبر شاشة قناة "الجزيرة".

اتضح حينها أن "قيصر" هو المساعد أول فريد المذهان رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في  العاصمة السورية دمشق، والذي ينحدر من مدينة درعا جنوبي البلاد.



قال المذهان في أول لقاء له عقب كشف عن هويته: "لقد حملتني أرواح (المعتقلين) الطاهرة أمانة على عنقي أن أوصل آهاتهم ومعاناتهم إلى العالم الحر، وأن أكون شاهدا أمام الله وأمام الإنسانية على مصيرهم المؤلم".

سامي
عمل "سامي" كهمزة وصل بين "قيصر" والمنظمات الحقوقية، وساهم بشكل أساسي في تسليم الصور إلى منظمة حقوقية دولية مقرها في أوروبا، ومن ثم إلى السلطات الأمريكية.

كما ساهم مع "قيصر" في تهريب أكثر من 26 ألف صورة لأقل من 7 آلاف ضحية قضت تحت التعذيب في سجون الأسد، فضلا عن قيامه بتنسيق لقاءات في الكونغرس الأمريكي، وكان حاضرا في الكواليس خلال تمرير قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي عرف باسم قانون "قيصر".



وبعد سقوط نظام الأسد كان "سامي" من أوائل الشخصيات المعارضة المتخفية التي كشفت عن هويتها ليتضح أن اسمه الحقيقي أسامة عثمان، وهو من مواليد مدينة التل في ريف دمشق.

قال عثمان في أحد تصريحاته بعد سقوط النظام: "بشار الأسد شوهنا من الداخل ومن الخارج، أفسد علينا حياتنا. وكما يقولون أفسد علينا دنيانا، وأفسدنا عليه آخرته، وعند الله تجتمع الخصوم".

الصورة الأوسع
ساهمت شهادات قيصر وحفار القبور في توثيق جرائم الأسد بحق السوريين عقب اندلاع الثورة السورية، كما تسببت في فرض عقوبات قاسية عليه كان لها دور في دفعه نحو التآكل مع مرور الوقت.

ومن المقرر أن تلعب هذه الشهادات والأدلة الموثقة دورا مهما في مسار "العدالة الانتقالية" التي يطالب به السوريون وجرى النص عليه في "الإعلان الدستوري" من أجل طي صفحة نظام الأسد الدموية. 

مقالات مشابهة

  • حفار القبور في عهد الأسد يكشف عن هويته
  • المدافع "الشرس" عن نظام الأسد.. هل طلب اللجوء في روسيا؟
  • الاتفاق على التعاون فى القبض على المطلوبين من فلول نظام بشار الأسد
  • بعد فصلها عن سويفت.. هل تمكنت روسيا من تحقيق استقلالها النقدي؟
  • من حفار القبور إلى قيصر.. سوريون لاحقوا الأسد دوليا وكشفوا هوياتهم بعد سقوطه
  • حلقة دولية لتمكين المختصين بأنظمة الرصد الجوية المتقدمة
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: إسرائيل عجزت عن تحقيق أهدافها في غزة
  • رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا: الحكومة السورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها ونحن مستعدون للتعاون معها 
  • تهريب بمذاق فاخر .. عصابة دولية تخبئ كوكايين بـ8 ملايين جنيه داخل فوا جرا وصدور بط
  • عودة أكثر من 1.4 مليون سوري إلى ديارهم منذ سقوط نظام الأسد