مكبات النفايات قنابل موقوتة.. أزمة تتفاقم والحلول الحكومية قيد التنفيذ
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
موزعة على أكثر من 730 مكب نفايات، يرمي اللبنانيون نفاياتهم بشكل عشوائي بسبب غياب الخطط الفعّالة التي من شأنها أن تجعل من النفايات تدرّ ذهبًا بدلا من رميها، لما لها من نتائج سلبية كبيرة سواء على الصحة أو البيئة، وحريق المكب في منطقة برج حمود مؤخرًا خير دليل على ذلك، وما سبقها قبل سنوات من مظاهر غزو النفايات لشوارع المدن والقرى بعد أن تعذّر نقلها وإقفال عدد من المطامر.
ما إن نتكلم عن ملف النفايات في لبنان فإنّنا حكما دخلنا في نفق طويل قد لا تكون نهايته قريبة، أقلّه على المدى القصير، إذ إن المطامر العشوائية ستستمر في استقبال أطنان النفايات، وحريق مكب برج حمود لن يغيّر شيئا طالما أن الامور ستستمر على نفس المنوال.. منوال مئات المكبات داخل القرى، وقرابة 6 مكبات كبيرة أخرى موزعة على أكبر المدن اللبنانية.
مكب برج حمود، يعتبر من أكثر الأمثلة تجسيدًا لواقع أزمة النفايات في لبنان، إذ بعد 9 أعوام تقريبا من إنشائه، خالفت الشركة التي تدير المكب، مثله مثل عشرات المكبات الأخرى الشروط اللازمة، إذ فاقت كمية النفايات التي تدخل إليه القدرة الإستيعابية التي يتحملها المكب. وهذا ما كان فنّده "لبنان24" في مقال سابق عن مكب طرابلس، استعرض خلاله أزمة القدرة الإستيعابية للمكب التي فاقت القدرات، والتي أدت في مرحلة ما إلى تكوين غازات خطيرة من شأنها أن تؤدي لانفجارات لا يستهان بها أبدًا. وكان رئيس بلدية طرابلس قد أوضح لـ"لبنان24" أن أزمة المكب تتلخص باستقباله نفايات البلدات المجاورة والتي تقدّر بآلاف الأطنان بسبب عدم وجود مكبات لها.
وحسب مصادر متابعة تواصل معها "لبنان24" فقد أشارت إلى أنّ مكب برج حمود لن يكون مستعدًا بعد لاستقبال نفايات كسروان والمتن وقسم من بيروت، والتي تقدر بأكثر من 1250 طن من النفايات، علمًا أن المكب اليوم وسّع جزئيا عن ما كان عليه.
وتشير المصادر إلى أن كميات النفايات الهائلة التي تصل إلى المكبّ بشكل يومي دفعت بارتفاع المكب إلى أن يتجاوز 13 مترا، علمًا أن المكب يستقبل النفايات أيضا بشكل عشوائي، أي بمعنى نفايات غير مفرزة، وهذا ما أجّج في طبيعة الحال من الحريق الذي اندلع فيه.
من هنا توضح رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات المحامية أنديرا الزهيري أن قضية مكب برج حمود هي قضية شائكة وخطيرة في نفس الوقت.
وتقول خلال اتصال عبر "لبنان24" أن "عدا عن أزمة المكب، فإن هذه البقعة التي تحتوي على عشرات الآلاف من الأطنان تستقبل نفايات غير مفرزة خاصة من المصدر. وهنا تُطرح حسب الزهيري علامة استفهام كبيرة جدًا تتعلق بنوع النفايات التي تدخل المكب أولا، بالاضافة إلى حجم الضرر التي ينتج عنها بسبب تعرضها للشمس لوجودها بالقرب من أماكن السكن، بالاضافة إلى الازمة التي نتجت عن هذه النفايات بعدما تمّ حرقها، خاصة على صعيد النفايات الطبية، التي تحمل أمراضا خطيرة أو فيروسات تنقلها من المستشفيات".
وأكّدت الزهيري أن "لا رقابة تذكر على المطامر أو المكبات من قبل الجهات المعنية، إذ إن كل المكبات في المبدأ تضع لشروط تجبر الشركات التي تنقل النفايات على احترامها، إلا أن المصيبة تتلخص بما بعد إبرام العقود وتكليف الشركات، إذ تبدأ عملية التراخي بتنفيذ الشروط، ويتحول المكب من مكب محكوم بأسس وقواعد إلى مكب عشوائي يستقبل نفايات متنوعة غير مفرزة، ولا ضيم في القول أنّه سيكون معرضًا لأن يتم توسعته".
وتضيف الزهيري:" الامر لا يتوقف فقط على الشركات المعنية بنقل النفايات أو الجهات المولجة بالرقابة، إذ إن لبنان أيضا يفتقد لـ"الثقافة البيئية" وهذا ما اعتبرته الزهيري نقطة أساسية، مشيرة إلى أن الظروف من المتوقع أن تتفاقم".
وتؤكّد الزهيري أن "موقع المكب يعتبر بالقرب من المناطق السكانية، والمنطقة الصناعية، وهذا ما يشكّل خطرًا على الطبقة الشعبية التي تعيش هناك"، لافتة إلى أن المنطقة التي انتشر فيها دخان المكب تعتبر بقعة شعبية تحتوي على أبنية وعقارات مخالفة، أدّت إلى تضييق مساحة الطرقات، ما يساهم في حال قرّر الدفاع المدني أو الصليب الأحمر الدخول إلى هناك بأزمة خطيرة على صحة القاطنين.
ولفتت الزهيري إلى أن الابنية القديمة المحيطة بالمكب تتحمل درجة حرارة معينة، ولا تحتوي على أدنى معايير السلامة العامة بدءًا من احتوائها على إطفائية، وصولا إلى ممرات آمنة، ومياه، وانتهاء بتأمين مخارج السلامة أو طرقات واسعة تسمح بدخول عناصر الإنقاذ.
عمليًا أزمة مكب برج حمود هي جزء من سلسلة مكبات موزّعة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، خاصة تلك المكبات الكبيرة أبرزها مكب طرابلس وسرار والكوستا برافا.
و لا تزال علامات استفهام كبيرة تطرح حول مستقبل هذه المكبات التي تعتبر قنابل موقوتة قد تؤدي إلى أزمات خطيرة جدًا.
حكوميا
في المقابل تبرز بارقة امل في هذا الصدد تتمثل باطلاق الحكومة"الإستراتيجية الوطنية للادارة المتكاملة للنفايات الصلبة" قبل ايام في السرايا بعدما كان مجلس الوزراء وافق عليها بتاريخ السابع عشر من كانون الاول الفائت.
وقال رئيس الحكومة في كلمته:يواجه قطاع إدارة النفايات الصلبة في لبنان منذ عقود تحديات جمة نتيجة الأزمات المتتالية، وجميعنا نذكر أزمة النفايات الحادة في العام 2015 وقد تفاقمت اوضاع قطاع النفايات الصلبة مع الأزمة المالية الحادة التي يمر بها لبنان.
كان من السهل على حكومتنا الاستسلام للواقع وجعل قطاع النفايات ينهار كما حدث في السابق، لكننا تحملنا المسؤولية وعملنا عبر وزارة البيئة والإدارات المعنية للتحسين وانتظام العمل من خلال تنفيذ إصلاحات عاجلة والتركيز على اجراء إصلاحات لحوكمة القطاع، وتحسين واستحداث البنية التحتية اللازمة، وتعزيز تحويل واسترداد النفايات لاعادة القطاع إلى المسار الصحيح والتاسيس لبيئة أكثر استدامة.
وقال :حققنا بعض الإنجازات منها تفعيل النصوص القانونية المتعلقة بإدارة النفايات الصلبة، أطلاق الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة والتقييم البيئي والاجتماعي الاستراتيجي، إعداد المخطط التوجيهي للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة.
وقال: مع إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة نكون ضمنّا تنفيذا فعّالا للإدارة المتكاملة. تم اعداد مرسوم تنظيم الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة وتحديد ملاكها وشروط التعيين ونظام العاملين فيها وسلسلة فئاتهم ورواتبهم ودرجاتهم، وقد وافق عليها مجلس الوزراء بعد الأخذ بملاحظات مجلس شورى الدولة واحالتها الى مجلس الخدمة المدنية.
اضاف: هذه الإصلاحات التي قامت بها الحكومة تمثل المداميك التأسيسية لإصلاح القطاع وإعادة تنظيمه على أسس الإدارة المتكاملة وعلى مبادئ الاستدامة.
كل هذا ما كان ليحصل لولا جهد معالي الوزير ناصر ياسين واحييه في هذه المناسبة. والشكر اليوم للمنطمات الدولية والهيئات والشباب الذين ساعدوا في تطبيق الاصلاحات. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: النفایات الصلبة وهذا ما ما کان إلى أن
إقرأ أيضاً:
حواجز جديدة وقيود مشددة: معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية تتفاقم بعد هدنة غزة
بينما سادت أجواء من الأمل عقب دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ في 19 يناير 2023، مما أعطى بارقة أمل لتهدئة الأوضاع في غزة، ازدادت معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية جراء الزيادة الملحوظة في الحواجز العسكرية.
ووفقًا لمنظمة "أوتشا" التابعة للأمم المتحدة، بلغ عدد الحواجز العسكرية في الضفة 793 حاجزًا، بزيادة 228 حاجزًا عن ما كان عليه الوضع قبل الحرب.
وتؤدي هذه الحواجز إلى تأخير حركة المواطنين بشكل كبير، حيث يخسر الفلسطينيون متوسط 4 ساعات يوميًا في التنقل بين المدن. كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 30% بسبب القيود المفروضة على العمل الفلسطيني.
من جانبه، قال محمد العامور، وزير الاقتصاد الفلسطيني، انكمش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 28% في العام الماضي بسبب القيود الإسرائيلية، بما في ذلك إغلاق الطرقات وفرض الحواجز.
هذا وتصعب هذه الإجراءات حركة البضائع وتزيد من تكلفة النقل، مما ينعكس سلباً على حياة المواطنين الفلسطينيين.
في المقابل، يبرر الجيش الإسرائيلي الإجراءات بـ"منع حماس من فتح جبهة ثانية في الضفة"، يشكك خبراء في دوافعها الحقيقية، خاصة مع تصاعد هجمات المستوطنين المدعومين من حكومة اليمين المتطرف.
وخلال أيام الهدنة، هاجم مستوطنون قرى مثل بيتا وبرقة، وأحرقوا عشرات السيارات والمنازل تحت حماية الجيش. بل إن بعض الحواجز الجديدة، مثل تلك المقامة بالقرب من مستوطنات يهودية، تبدو وكأنها تُسهل للمستوطنين التنقل بينما تُعقد حياة الفلسطينيين.
يُشار إلى تقارير أممية حديثة قد حذرت من أن القيود الإسرائيلية "تمزق النسيج الاجتماعي وتشل الحياة اليومية".
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إسرائيل تنسحب بالكامل من محور نتساريم الفاصل بين شمال وجنوب غزة مخلفة دمارا هائلا قمة عربية طارئة في مصر لبحث التحديات التي تواجه مستقبل الفلسطينيين في غزة بسبب خطة ترامب جنود إسرائيليون قاتلوا في غزة لبلومبرغ: نواجه خطر الملاحقة القضائية المحتملة في الخارج بسبب حرب غزة قطاع غزةإسرائيلجنين - الضفة الغربية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قوات عسكريةمستوطنة يهودية