موزعة على أكثر من 730 مكب نفايات، يرمي اللبنانيون نفاياتهم بشكل عشوائي بسبب غياب الخطط الفعّالة التي من شأنها أن تجعل من النفايات تدرّ ذهبًا بدلا من رميها، لما لها من نتائج سلبية كبيرة سواء على الصحة أو البيئة، وحريق المكب في منطقة برج حمود مؤخرًا خير دليل على ذلك، وما سبقها قبل سنوات من مظاهر غزو النفايات لشوارع المدن والقرى بعد أن تعذّر نقلها وإقفال عدد من المطامر.


ما إن نتكلم عن ملف النفايات في لبنان فإنّنا حكما دخلنا في نفق طويل قد لا تكون نهايته قريبة، أقلّه على المدى القصير، إذ إن المطامر العشوائية ستستمر في استقبال أطنان النفايات، وحريق مكب برج حمود لن يغيّر شيئا طالما أن الامور ستستمر على نفس المنوال.. منوال مئات المكبات داخل القرى، وقرابة 6 مكبات كبيرة أخرى موزعة على أكبر المدن اللبنانية.
مكب برج حمود، يعتبر من أكثر الأمثلة تجسيدًا لواقع أزمة النفايات في لبنان، إذ بعد 9 أعوام تقريبا من إنشائه، خالفت الشركة التي تدير المكب، مثله مثل عشرات المكبات الأخرى الشروط اللازمة، إذ فاقت كمية النفايات التي تدخل إليه القدرة الإستيعابية التي يتحملها المكب. وهذا ما كان فنّده "لبنان24" في مقال سابق عن مكب طرابلس، استعرض خلاله أزمة القدرة الإستيعابية للمكب التي فاقت القدرات، والتي أدت في مرحلة ما إلى تكوين غازات خطيرة من شأنها أن تؤدي لانفجارات لا يستهان بها أبدًا. وكان رئيس بلدية طرابلس قد أوضح لـ"لبنان24" أن أزمة المكب تتلخص باستقباله نفايات البلدات المجاورة والتي تقدّر بآلاف الأطنان بسبب عدم وجود مكبات لها.
وحسب مصادر متابعة تواصل معها "لبنان24" فقد أشارت إلى أنّ مكب برج حمود لن يكون مستعدًا بعد لاستقبال نفايات كسروان والمتن وقسم من بيروت، والتي تقدر بأكثر من 1250 طن من النفايات، علمًا أن المكب اليوم وسّع جزئيا عن ما كان عليه.
وتشير المصادر إلى أن كميات النفايات الهائلة التي تصل إلى المكبّ بشكل يومي دفعت بارتفاع المكب إلى أن يتجاوز 13 مترا، علمًا أن المكب يستقبل النفايات أيضا بشكل عشوائي، أي بمعنى نفايات غير مفرزة، وهذا ما أجّج في طبيعة الحال من الحريق الذي اندلع فيه.
من هنا توضح رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات المحامية أنديرا الزهيري أن قضية مكب برج حمود هي قضية شائكة وخطيرة في نفس الوقت.
وتقول خلال اتصال عبر "لبنان24" أن "عدا عن أزمة المكب، فإن هذه البقعة التي تحتوي على عشرات الآلاف من الأطنان تستقبل نفايات غير مفرزة خاصة من المصدر. وهنا تُطرح حسب الزهيري علامة استفهام كبيرة جدًا تتعلق بنوع النفايات التي تدخل المكب أولا، بالاضافة إلى حجم الضرر التي ينتج عنها بسبب تعرضها للشمس لوجودها بالقرب من أماكن السكن، بالاضافة إلى الازمة التي نتجت عن هذه النفايات بعدما تمّ حرقها، خاصة على صعيد النفايات الطبية، التي تحمل أمراضا خطيرة أو فيروسات تنقلها من المستشفيات".
وأكّدت الزهيري أن "لا رقابة تذكر على المطامر أو المكبات من قبل الجهات المعنية، إذ إن كل المكبات في المبدأ تضع لشروط تجبر الشركات التي تنقل النفايات على احترامها، إلا أن المصيبة تتلخص بما بعد إبرام العقود وتكليف الشركات، إذ تبدأ عملية التراخي بتنفيذ الشروط، ويتحول المكب من مكب محكوم بأسس وقواعد إلى مكب عشوائي يستقبل نفايات متنوعة غير مفرزة، ولا ضيم في القول أنّه سيكون معرضًا لأن يتم توسعته".
وتضيف الزهيري:" الامر لا يتوقف فقط على الشركات المعنية بنقل النفايات أو الجهات المولجة بالرقابة، إذ إن لبنان أيضا يفتقد لـ"الثقافة البيئية" وهذا ما اعتبرته الزهيري نقطة أساسية، مشيرة إلى أن الظروف من المتوقع أن تتفاقم".
وتؤكّد الزهيري أن "موقع المكب يعتبر بالقرب من المناطق السكانية، والمنطقة الصناعية، وهذا ما يشكّل خطرًا على الطبقة الشعبية التي تعيش هناك"، لافتة إلى أن المنطقة التي انتشر فيها دخان المكب تعتبر بقعة شعبية تحتوي على أبنية وعقارات مخالفة، أدّت إلى تضييق مساحة الطرقات، ما يساهم في حال قرّر الدفاع المدني أو الصليب الأحمر الدخول إلى هناك بأزمة خطيرة على صحة القاطنين.
ولفتت الزهيري إلى أن الابنية القديمة المحيطة بالمكب تتحمل درجة حرارة معينة، ولا تحتوي على أدنى معايير السلامة العامة بدءًا من احتوائها على إطفائية، وصولا إلى ممرات آمنة، ومياه، وانتهاء بتأمين مخارج السلامة أو طرقات واسعة تسمح بدخول عناصر الإنقاذ.

عمليًا أزمة مكب برج حمود هي جزء من سلسلة مكبات موزّعة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، خاصة تلك المكبات الكبيرة أبرزها مكب طرابلس وسرار والكوستا برافا.
و لا تزال علامات استفهام كبيرة تطرح حول مستقبل هذه المكبات التي تعتبر قنابل موقوتة قد تؤدي إلى أزمات خطيرة جدًا.

حكوميا
في المقابل تبرز بارقة امل في هذا الصدد تتمثل باطلاق الحكومة"الإستراتيجية الوطنية للادارة المتكاملة للنفايات الصلبة" قبل ايام في السرايا بعدما كان مجلس الوزراء وافق عليها بتاريخ السابع عشر من كانون الاول الفائت.


وقال رئيس الحكومة في كلمته:يواجه قطاع إدارة النفايات الصلبة في لبنان منذ عقود تحديات جمة نتيجة الأزمات المتتالية، وجميعنا نذكر أزمة النفايات الحادة في العام 2015 وقد تفاقمت اوضاع قطاع النفايات الصلبة مع الأزمة المالية الحادة التي يمر بها لبنان.
كان من السهل على حكومتنا الاستسلام للواقع وجعل قطاع النفايات ينهار كما حدث في السابق، لكننا تحملنا المسؤولية وعملنا عبر وزارة البيئة والإدارات المعنية للتحسين وانتظام العمل من خلال تنفيذ إصلاحات عاجلة والتركيز على اجراء إصلاحات لحوكمة القطاع، وتحسين واستحداث البنية التحتية اللازمة، وتعزيز تحويل واسترداد النفايات لاعادة القطاع إلى المسار الصحيح والتاسيس لبيئة أكثر استدامة.

وقال :حققنا بعض الإنجازات منها تفعيل النصوص القانونية المتعلقة بإدارة النفايات الصلبة، أطلاق الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة والتقييم البيئي والاجتماعي الاستراتيجي، إعداد المخطط التوجيهي للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة.
وقال: مع إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة نكون ضمنّا تنفيذا فعّالا للإدارة المتكاملة. تم اعداد مرسوم تنظيم الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة وتحديد ملاكها وشروط التعيين ونظام العاملين فيها وسلسلة فئاتهم ورواتبهم ودرجاتهم، وقد وافق عليها مجلس الوزراء بعد الأخذ بملاحظات مجلس شورى الدولة واحالتها الى مجلس الخدمة المدنية.
اضاف: هذه الإصلاحات التي قامت بها الحكومة تمثل المداميك التأسيسية لإصلاح القطاع وإعادة تنظيمه على أسس الإدارة المتكاملة وعلى مبادئ الاستدامة.
كل هذا ما كان ليحصل لولا جهد معالي الوزير ناصر ياسين واحييه في هذه المناسبة. والشكر اليوم للمنطمات الدولية والهيئات والشباب الذين ساعدوا في تطبيق الاصلاحات. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: النفایات الصلبة وهذا ما ما کان إلى أن

إقرأ أيضاً:

كيف تستخدم إسرائيل النفايات لتهجير قطاع غزة؟

غزة- يسارع الاحتلال الإسرائيلي في إجراءاته للتضييق على قطاع غزة تزامنا مع تهرُّب حكومة بنيامين نتنياهو من استحقاقات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بهدف إعدام مقومات الحياة وتحويل القطاع لمنطقة غير صالحة للسكن.

وتدلّ الوقائع الميدانية أن إسرائيل تريد من خلال منع المياه والغذاء والوقود والمعدات اللازمة لإزالة الركام والنفايات الصلبة ومعالجة الصرف الصحي، تهجير سكان غزة، تطبيقا لمخطط يروج له الوزير المتطرف في الحكومة الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش.

ومنذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تمنع إسرائيل طواقم البلديات المحلية من الوصول إلى مكبَّات النفايات، مما اضطرها لاستحداث أماكن بديلة داخل المناطق السكنية.

 

تكدَّست النفايات الصلبة والسائلة بين منازل المواطنين بغزة وألحقت بهم الأمراض (الجزيرة) مسببات الموت

يقدِّر الخبير البيئي نزار الوحيدي، حجم النفايات الصلبة الناتجة عن كل شخص في غزة بنصف كيلو غرام يوميا، مما يعني أن القطاع يتخلص من حوالي 1.2 مليون كيلو غرام من النفايات يوميا، لكنها تتكدس بين منازل المواطنين، لأن الاحتلال يمنع نقلها لمكبَّات بعيدة عن مراكز المدن والتجمعات السكنية.

إعلان

وقال الوحيدي للجزيرة نت إن "50 مليون متر مكعب يوميا من مياه الصرف الصحي لا تجد طريقا لها لمحطات المعالجة بسبب تدمير الاحتلال البنية التحتية، ما تسبب بحدوث سيول في الشوارع تحولت لمكرهة صحية ومستنقعات ضارة"، كما قطعت إسرائيل، مؤخرا، خط الكهرباء الوحيد المغذي لمحطة معالجة المياه في دير البلح وسط قطاع غزة.

وأوضح الخبير البيئي أن معظم سكان غزة باتوا يعتمدون على إشعال النفايات من البلاستيك والنايلون للطهي، بدلا من الغاز الذي يمنع الاحتلال دخوله للقطاع، "ما يضع المواطنين أمام خيارين، المرض أو الموت" حسب قوله.

الخبراء حذروا من تلوث المياه الجوفية نتيجة تسرب عصارة النفايات ومياه الصرف الصحي (الجزيرة)

 

وحذَّر الوحيدي من التبعات البيئية لتسرُّب عصارة النفايات ومياه الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي، وما ينتج عنه من حشرات وقوارض وأفاع وروائح كريهة وغازات ضارة وقابلة للاشتعال.

وأضاف "سيكون للحرب الإسرائيلية والتضييق على سكان غزة، تداعيات خطيرة، منها الموت بالتسمم، والإجهاض، والإصابة بأمراض السرطان، وكان واضحا زيادة نسبة الإجهاض وولادة أجنَّة مشوَّهة سواء للإنسان أو الحيوان، وبعض المناطق لم تعد صالحة للزراعة".

وفي السياق، قدَّر عاصم النبيه المتحدث باسم بلدية غزة، كبرى بلديات قطاع غزة، حجم النفايات المتراكمة داخل المدينة بأكثر من 170 ألف طن، حيث تشكل كارثة صحية وبيئية في ظل عجز البلدية عن جمعها وترحيلها بسبب قيود الاحتلال.

وأوضح النبيه للجزيرة نت أن المكبَّات التي أقامتها بلدية غزة -وجميع بلديات القطاع- كحلول مؤقتة بسبب خطورة الوصول للمكبات الرئيسية زادت من حدة الأزمة الصحية والبيئية، وأدت لانتشار الأوبئة والأمراض بين المواطنين، خاصة الجلدية والمعوية.

 

خطط للتهجير

اتخذت إسرائيل من حربها على غزة، وسيلة لتدمير الحياة والضغط على السكان بتفاصيل معيشتهم اليومية، حيث بلغت نسبة الدمار التي لحقت بالقطاع حوالي 90% حسب البيانات الحكومية الرسمية.

إعلان

وكشف الوزير الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش‏ عن استعدادات جارية لإنشاء إدارة في وزارة الجيش لتهجير الفلسطينيين من غزة‏، وقال خلال مؤتمر في الكنيست‏ "نعمل على إنشاء إدارة للهجرة تحت قيادة رئيس الوزراء‏ ووزير الدفاع، والميزانية لن تكون عائقا".

ويتناغم حديث الوزير الإسرائيلي مع تهرُّب حكومة نتنياهو من تنفيذ ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار من فتح المعابر وإدخال المعدات والآليات الثقيلة، وصولا لمرحلة إعادة الإعمار.

وفي الإطار، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان له إن إجراءات الاحتلال ضد القطاع، تسبَّبت بشح كبير وأزمة خانقة بمياه الشرب وتلك المخصصة للاستخدام المنزلي بسبب منع الوقود، وبدء نفاد السلع التموينية والمواد الغذائية الأساسية من الأسواق والمحال التجارية.

وأشار البيان إلى تضاعف معاناة المصابين بالأمراض المزمنة والجرحى الذين لا يجدون الدواء والمستلزمات الطبية للعلاج، كما حذَّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن النقص الحاد في المياه بغزة وصل إلى مستويات حرجة، وذكرت المسؤولة في القطاع روزاليا بولين إنه "لا يستطيع سوى واحد من كل 10 أشخاص حاليا الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، أي ما مجمله 90% من السكان".

الفلسطينيون في غزة يحاولون إعادة الحياة وإزالة الركام بأدوات بدائية في ظل منع إسرائيل إدخال المعدات الثقيلة (الجزيرة) تعزيز الصمود

وأمام المنع الإسرائيلي اتخذت الهيئات المحلية في غزة والوزارات المختصة بالتعاون مع المجتمع المحلي والمؤسسات الداعمة خطوات عاجلة لإعادة فتح الشوارع والطرقات الرئيسية بالاعتماد على ما توفر من آليات، وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي، وتأهيل الآبار، رغم الحجم الهائل من الركام.

ورصدت الجزيرة نت جهود عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين في إزالة ركام منازلهم بجهد ذاتي وأدوات بسيطة، ومحاولاتهم استصلاح أجزاء منها، وإقامة مساكن مؤقتة من الخيام والصفيح في المناطق التي دمرتها الاحتلال.

إعلان

ويبلغ حجم الركام الذي تسببت فيه آلة الحرب الإسرائيلية وفق تفاصيل الخطة المصرية لإعادة الإعمار وتنمية غزة 50 مليون طن، ثلثها في محافظتي غزة والشمال.

سكان غزة يحاولون الصمود رغم المعاناة الصحية والبيئية وغيرها (الجزيرة)

 

ويعتقد الخبير البيئي الوحيدي أن البديل لتجاوز إجراءات الاحتلال ضد غزة والتخفيف من الضرر البيئي، يكون بإنتاج الغاز الحيوي والسماد العضوي الصلب والسائل من النفايات العضوية، "لكن المشكلة تظهر بأن الركام أصابته قنابل الاحتلال، ويحتوي على مواد مشعة ومسرطنة تنتقل إلى الهواء والمياه والتربة" يضيف قائلا.

كما ناشد المتحدث باسم بلدية غزة المؤسسات الدولية والجهات المختصة "بالتدخل العاجل" لتوفير الآليات الثقيلة والكميات الكافية من الوقود، والسماح لطواقم البلدية لنقل النفايات لأماكنها المخصصة، للتخفيف من معاناة المواطنين ومعالجة الأزمات التي تهدد الصحة العامة والبيئة في غزة.

مقالات مشابهة

  • مدفعية الاحتلال تطلق قنابل إنارة وسط وغرب رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة
  • لهيب بدل الإيجار يكوي فقراء العراق والحلول هامشية
  • مصدر أمني: سيطرة الشرع على سجون قسد التي تضم الدواعش “قنبلة موقوته”
  • قنابل في طرود.. روسيا تعلن إحباط محاولات اغتيال ضد موظفين حكوميين
  • مضغ المواد الصلبة 5 دقائق يقوي الذاكرة
  • أزمة الخبز تتفاقم في غزة مع إغلاق معبر كرم أبو سالم
  • كيف تستخدم إسرائيل النفايات لتهجير قطاع غزة؟
  • قد تأخذ وقتا.. بلدية الناصرية تضع خطة لإزالة النفايات وتنظيف الطرق
  • رسوم أوروبية ردًا على الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ
  • ما قصة ساحة فلسطين التي أصبحت أزمة وصراعا سياسيا بالدانمارك؟