صحيفة الأيام البحرينية:
2025-01-17@22:43:41 GMT

التضخم.. «دائم» أم «مؤقت»؟

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

التضخم.. «دائم» أم «مؤقت»؟

يمكن الإشارة إلى مملكة البحرين على أنها من بين الدول القليلة في العالم التي حافظ على معدلات تضخم مقبولة عند قرابة 3% نتيجة لعدد من العوامل في مقدمتها ربط سعر صرف الدينار البحريني بالدولار الأمريكي القوي وحماه من فقدان أجزاء كبيرة من قيمته كما حدث مع كثير من عملات الدول ذات الأسواق الناشئة، إضافة إلى أسعار الفائدة المرتفعة وعدم ضخ الكثير من السيولة في السوق.

في هذه الأثناء يمكن كتابة العديد من الكتب حول توازن الاحتياجات التضخمية للبنك الفيدرالي في عالم ما بعد كوفيد، والذي أصبح أكثر تعقيدا بسبب الحرب المستمرة وأزمة الطاقة المرتبطة بها، إلا أن الذعر جعل الأمور تسوء أكثر كما يظهر ذلك بوضوح في حالات الهروب الأخيرة من البنوك في جميع أنحاء العالم. ويؤدي هذا إلى السؤال الطبيعي ماذا يحدث بعد ذلك بالنسبة للتضخم العالمي؟ وكيف يؤثر هذا الأمر على سوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ قال خبراء الصناعة مؤخرا لصندوق النقد الدولي بأن التنوع الإقليمي يجعل تنفيذ السياسة النقدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشكل تحديا كبيرا، فمنذ عام 2020 كانت منطقة الشرق الأوسط تواجه تضخما نتيجة لارتفاع أسعار الغذاء وتراجع العملات، ولكن من المتوقع أن يتباطأ هذا التضخم في الأجل القصير تماشيا مع توقعات صندوق النقد الدولي. من المتوقع أن يستقر التضخم العالمي عند 6.6% في عام 2023 بعد أن بلغ 8.8% في العام الماضي وأن ينخفض بشكل أكبر إلى 4.3% في العام المقبل. وقد تعزز أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بفضل اثنين من أكبر اقتصاداتها، وهما الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وقد أظهر كلاهما مرونة وسط التحديات العالمية بسبب المكاسب النفطية غير المتوقعة والإصلاحات الاقتصادية المستمرة. وتتوقع الحكومة السعودية أن ينمو الاقتصاد بنسبة 3.1% في عام 2023، بينما يتوقع البنك المركزي الإماراتي أن ينمو الاقتصاد بنسبة 4.3% في عام 2024. سيكون للتضخم الإقليمي أيضا تأثير على استمرار النمو المعتدل للدولار الأمريكي، ومن وجهة نظرنا لا يزال الدولار أحد العوامل المهمة التي تؤثر على تدفقات رأس المال إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالتالي فإن التراجع المتواضع للدولار الأمريكي ينبغي أن يكون داعما لمزيد من تدفقات رأس المال إلى المنطقة. وفي المستقبل القريب يبدو أن التضخم العالمي أيضا من المرجح يتراجع، ويدعم ذلك تخفيف عراقيل الإمداد وانخفاض أسعار السلع الأساسية. ومع ذلك يمكن القول إن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للمستثمرين العالميين هو التوقعات طويلة الأجل للتضخم وما إذا كنا سنعود إلى «الوضع الطبيعي القديم» لـ«انخفاض التضخم»؟ أم أن مكافحة التضخم ستكون الشاغل الرئيسي للبنك الاحتياطي الفيدرالي؟ نعتقد أن العودة إلى بيئة «انخفاض التضخم» القديمة هي النتيجة الأقل احتمالا. هناك ثلاثة عوامل رئيسية تقود هذا الرأي. كان أحد الدوافع الرئيسية لـ«انخفاض التضخم» هو تسارع العولمة بعد بدء العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين في سبعينيات القرن العشرين، وانهيار جدار برلين في عام 1989 وانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001. أطلقت هذه الأحداث الثلاثة العنان لموجة هائلة من الضغوط الانكماشية حيث ركزت الشركات على إعادة توجيه الاستثمار بهدف زيادة كفاءة التكلفة، وخير دليل على هذا الاتجاه هو ارتفاع كثافة التجارة في النشاط الاقتصادي العالمي. مع ذلك، هناك علامات تشير إلى أن «أرباح السلام» هذه تبدأ في التلاشي مع انخفاض كثافة التجارة في الناتج المحلي الإجمالي. وفي الوقت نفسه هناك أدلة غير رسمية متزايدة تشير إلى أن التجارة الحالية تأخذ في الاعتبار المخاطر الجيوسياسية. وهذا يؤدي إلى تكثيف العلاقات، وعلى الرغم من أن هذا من المفترض أنه نتيجة اقتصادية أفضل من الاستدامة المحلية، إلا أن الفوائد من المرجح أن تكون أقل بكثير من عالم أكثر عولمة. العامل الثاني الذي من المرجح أن يدفع التضخم إلى الأعلى هو التحول إلى الحياد الكربوني، في حين أن التكلفة المتزايدة لمصادر الطاقة الأكثر اخضرارا سوف تتضاءل بمرور الوقت فمن غير المرجح أن تختفي. وفي الوقت نفسه، فإن حجم الاستثمار في البنية التحتية المطلوب لتحقيق أهداف صفر انبعاثات كربونية يبدو ضخما، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى فرض ضغوط تصاعدية على أسعار جميع أنواع المواد الخام والمدخلات. المحرك النهائي المحتمل لارتفاع التضخم هو نسبة التركيبة السكانية للمتقدمين في العمر في العالم، حيث يؤدي التحضر وانتشار الإنترنت وزيادة الوصول إلى التعليم إلى انخفاض معدلات الخصوبة في جميع أنحاء العالم. وهذا من شأنه أن يقلل من حجم القوى العاملة العالمية ومن المرجح أن يعطي العمال قوة تفاوضية متزايدة، على عكس الاتجاه التنازلي على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وإذا حدث هذا السيناريو، فمن المرجح أن يؤدي ارتفاع الأجور إلى ضغوط تصاعدية على التضخم. لذلك في حين أن التوقعات لعام 2023 وربما في أوائل عام 2024 هي تراجع التضخم بما يتناسب مع أهداف البنك المركزي إلا أننا نعتقد أن العقد المقبل وما بعده من المرجح أن يتسم بمخاطر تصاعدية على التضخم.
* الرئيس التنفيذي للاستثمار في وحدة إدارة الثروات في بنك ستاندرد تشارترد

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا الشرق الأوسط وشمال أفریقیا من المرجح أن فی عام

إقرأ أيضاً:

الحرب في الشرق الأوسط تستفزّ البابا فرنسيس

استقبلَ البابا فرنسيس العام الجديد مُوجِّهاً انتقادات لاذعة للحرب الدائرة في الشرق الأوسط، ففي خطابه السنويّ بعنوان "حالة العالم" الذي ألقاه الأسبوع الماضي على الدبلوماسيين، دانَ الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ 15 شهراً في غزة.

استهداف المسيحيين اليوم أمر مروع

وقال البابا: "لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن نقبل قصف المدنيين. ولا يمكننا أن نقبل أن يتجمد الأطفال من البرد حتى الموت لأن المستشفيات إما نالها الدمار أو تضررت شبكة الطاقة في بلدٍ ما".
وأعلن البابا فرنسيس عن رأيه هذا في أعقاب أنباء مفادها أن إسرائيل واصَلت قصف المستشفيات في غزة والضفة الغربية، في حين تواجه مستشفيات أخرى الإغلاق الوشيك بسبب الحرب، فضلاُ عن وفاة أكثر من رضيع بسبب البرد فيما تُفاقِم درجات الحرارة الباردة جداً الكارثة الإنسانية التي لا يَقوى ضحايا الحرب على تحملها أصلاً.

رسائل مناهضة للحرب

وفي هذا الإطار، قالت راكيل روزاريو سانشيز كاتبة وباحثة وناشطة من جمهورية الدومينيكان، في مقالها بموقع مجلة "نيوزويك" الأمريكية إن الرسائل المناهضة للحرب ليست غريبة على البابا. ففي عيد الميلاد الماضي، وضعت في الفاتيكان منحوتة ليسوع مغطاة بالكوفية التي تُعدُّ رمزاً للنضالِ الفلسطيني. 

Wrote for @Newsweek: "Religious & non-religious people should call for an end to the obliteration of holy sites & the unbearable killing of Palestinians. The protection of innocent people, both to live & to believe in peace, should be a nonpartisan issue."https://t.co/xFAYtJLIFu

— RaquelRosarioSánchez (@8RosarioSanchez) January 16, 2025

وصمَّم هذه المنحوتة  من أخشاب أشجار الزيتون الفنانان الفلسطينيان جوني أندونيتا وفاتن نسطاس متوّسي، وكلاهما من سكان بيت لحم.

وفي سياق الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في المنطقة، كانت هذه الصورة بمنزلة أقوى إدانة للأحداث.

ودعا رئيس الكنيسة الكاثوليكية الـ 266 إلى نشر السلام في الشرق الأوسط، وهو طلب روتيني درجَ أسلافه على التصريح به. غير أن البابا فرنسيس خطا خطوة إضافية، مؤكداً أن رسالته كانت واضحة وضوح الشمس، إذ قال: "دعونا نتذكر معاً الإخوة والأخوات... الذي يعانون ويلات الحرب. ولنرفع أكف الضراعة إلى الرب من أجل السلام وأعيننا مغرورقة بالدموع. إخوتي وأخواتي، كفى حرباً وكفى عنفاً! هل تعلمون أن أحد أعلى الاستثمارات ربحاً في أثناء الحروب هو إنتاج الأسلحة؟".

 تحقيق في الحرب الإسرائيلية

وأعقبَ خطاب "حالة العالم" مداخلة غير مسبوقة  في ديسمبر (كانون الأول) دعا فيها البابا إلى إجراء تحقيق في الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، قائلاً: "إن ما يحدث في غزة، بحسب بعض الخبراء، أشبه ما يكون بإبادة جماعية. وعلينا أن نُجري تحقيقات وافية لتحديد ما إذا كانت الأحداث تتناسب مع التوصيف الفني الذي صاغة الخبراء والهيئات الدولية".

وأضافت الكاتبة: من بين الأسباب التي تجعل البابا فرنسيس يتبنى هذا الموقف الجريء والمثير للجدل تعرُّض المسيحيين للخطر في خضم هذا الصراع المستمر. 

???? VIDEO | Pope Francis during today's Angelus invited us to pray so "that those who have power over these conflicts reflect on the fact that war is not the way to resolve them" and recalled that "people need peace." pic.twitter.com/KWi8yYYCFB

— EWTN Vatican (@EWTNVatican) January 14, 2024

ويستمر انتشار أشكال التمييز والاضطهاد والعنف الموجه ضد المسيحيين – بدايةً من مظاهر العداء وانتهاءً بأعمال العنف الصريحة – بمعدلاتٍ مثيرة للقلق على الصعيد العالمي.

وتتفاقم هذه المشكلة تحديداً في فلسطين التي تُعدُّ موطناً لأحد أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، حيث تُدمَّر إسرائيل أماكن مسيحية بشكلٍ روتيني.

تدمير الكنائس

على سبيل المثال، قصفَ الجيش الإسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، وهي أقدم معلم ديني في غزة، إذ يعود تاريخ تكريسها إلى عام 1150. وكان هناك أكثر من 200 مسيحي ومسلم يحتمون من الحرب ويبحثون عن ملاذٍ في الكنيسة.

وأسفرت الغارة الجوية الإسرائيلية عن مقتل 18 مدنياً وإصابة كثير من المدنيين الآخرين. هذا إلى جانب الاضطهاد غير القانوني للمسيحيين. واليوم، تشير بعض التقديرات إلى أنه لم يتبقَ في فلسطين سوى 800 مسيحي فقط، مما ينذر بانقراضهم.

وقالت الكاتبة "البابا فرنسيس على حق. فكيف يمكن لأي كاثوليكي أن يفخر بإيمانه إذا تجاهل تدمير الكنائس العتيقة واضطهاد إخواننا في غزة؟" 

وتابعت أن استهداف المسيحيين اليوم أمر مروع. ومن الأمثلة المخزية على ذلك اضطهاد طالبة الدراسات العليا الفلسطينية والمسيحية الأنجليكانية ليان ناصر، التي أُطلق سراحها من الحجز الإداري في إسرائيل في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

واقتيدت ليان من منزل والديها تحت تهديد السلاح في أبريل (نيسان) الماضي. ولم تكن هناك حتى مذكرات اعتقال بحقها أو أي اتهامات مُوجَّهَة إليها.

وشأنها شأن آلاف غيرها من مواطني بلدها، سُجِنت ليان لثمانية أشهر دون تهمة ودون محاكمة ودون أن تتمكن من الاتصال بأحبائها ودون أمل في تحقيق العدالة.

واستقطبت قضيتها اهتماماً دولياً، إذ أعلن أسقف كانتربري آنذاك، جاستن ويلبي، أنَّ "الطريقة العشوائية والروتينية التي تستخدم بها إسرائيل الحجز الإداري للفلسطينيين أداةً للاحتلال هي طريقة تمييزية للغاية. ولا يمكن تبريرها قانوناً أو أخلاقيّاً".

فضلاً عن ذلك، فقد أبْدَت الكنائس المسيحية من الطوائف الأخرى دعمها لليان ودعت إلى إطلاق سراحها.

وفي الشهر الماضي، طرح الدكتور منذر إسحاق، وهو كاتب فلسطيني وقسيس لوثري في بيت لحم، سؤالًا شائكاً على وسائل التواصل الاجتماعي إذ قال: "عندما ينشد الأمريكيون في عيد الميلاد [يا بلدة بيت لحم الصغيرة]، هل يدركون أن أموال ضرائبهم ومسؤوليهم المنتخبين يساهمون في طرد المسيحيين من [بلدة بيت لحم الصغيرة]؟

دعوات لحماية الجميع 

ومضت الكاتبة تقول: "كان ينبغي أن توحِّد دعوات البابا فرنسيس المتكررة من أجل السلام ومشهد الميلاد الذي عُرِضَ في الفاتيكان الناس على اختلاف انتماءاتهم السياسية حول الأهمية القصوى لحماية الجميع من الاضطهاد الديني".

وأكدت الكاتبة أنه يتعين على كلٍ من المتدينين وغير المتدينين الذين يدعمون حرية التعبير وحرية المعتقد الدفاع عن حماية المسيحيين في فلسطين، والدعوة إلى وضع حدٍ للطمس العبثيّ للأماكن المقدسة والقتل الذي لا يُطاق للفلسطينيين.

واختتمت الكاتبة مقالها بالقول: "يجب أن تكون حماية الأبرياء، وحقهم في عيش حياة آمنة وفي مُمارسة معتقداتِهم بحريةٍ، مسألة بعيدة كل البعد عن الانتماءات الحزبية".

 

مقالات مشابهة

  • الحرب في الشرق الأوسط تستفزّ البابا فرنسيس
  • نواب البرلمان: انخفاض معدل التضخم يسهم في خفض أسعار الفائدة ويعزز الاقتصاد القومي
  • وكيل خطة النواب يوضح تأثير انخفاض التضخم على أسعار الفائدة المستقبلية
  • رئيس الوزراء يعلن انخفاض التضخم والسيطرة على الديون
  • رئيس الوزراء: انخفاض ملحوظ فى معدلات التضخم
  • رئيس الوزراء: هناك انخفاض ملحوظ في معدلات التضخم والدين هو شغلنا الشاغل
  • راشد الظاهري يعود إلى حلبة ياس
  • بايدن يسلم ترامب ملفات غير مكتملة في الشرق الأوسط
  • انخفاض طفيف بأسعار الذهب قبل تقرير التضخم في أمريكا
  • شاهد | ترامب سأفتح أبواب الجحيم على الشرق الأوسط .. كاريكاتير