"لوموند": على الاتحاد الأوروبي أن يقف في وجه إيلون ماسك ومارك زوكربيرج
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يشعر الأوروبيون بالفزع إزاء الهجوم الأيديولوجي المفاجئ القادم من الغرب، فمع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب في البيت الأبيض في العشرين من يناير، أصبحت القارة العجوز ومؤسستها السياسية ورؤيتها لشبكات التواصل الاجتماعي هدفًا لوابل من الهجمات والتهديدات الصادرة أحيانًا من الرئيس المنتخب نفسه، وأحيانا أصدقائه في قطاع التكنولوجيا.
وأشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية في افتتاحيتها إلى أن الأكثر ضراوة بلا شك هو إيلون ماسك، بطل الصناعة ومالك شبكة التواصل الاجتماعي إكس، تويتر سابقا، والتي استحوذ عليها مقابل 44 مليار دولار (44 مليار يورو)، حيث يهاجم من خلالها الحكومتين البريطانية والألمانية. وباستخدام قوة خوارزمياته، وجه الى رئيس الوزراء البريطاني العمالي كير ستارمر اتهامات كاذبة بأنه قام بحماية عصابات المهاجرين المتحرشين بالأطفال، ودعا إلى استقالته.
وفي ألمانيا، وفي خضم الحملة الانتخابية، دعا إلى التصويت لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف؛ ومنح إيلون ماسك الخميس الماضي ساعة وربع من المحادثة الترويجية على منصة اكس لأليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو الحزب الذي قدمته فايدل بشكل مفاجئ باعتباره "ليبرالي ومحافظ".
كما واجه الزعماء الأوروبيون نوعًا آخر من الهجوم، ذو طابع إقليمي، عندما كرر دونالد ترامب رغبته في احتلال جرينلاند، وهي منطقة خاضعة للسيادة الدنماركية. ثم جاء مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، الذي يتحكم في فيسبوك وإنستجرام، ليهاجم ما أسماه بـ"الرقابة المؤسسية" التي تفرضها "القوانين الأوروبية" للحد من حرية التعبير.
ويبدو أن ما يحدث أصاب القادة الأوروبيين بالذهول ما حال دون اتخاذهم موقفا جماعيا تجاهه. لقد كانوا يتوقعون قيام إدارة ترامب المستقبلية بفرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ولكن بدلا من ذلك تعرضوا لقصف أيديولوجي. ويعبر البيان الصحفي الذي نشرته رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، مساء الخميس على منصة اكس بوضوح عن حرجهما حيث كتبا "الولايات المتحدة هي واحدة من أقرب شركائنا ونحن ملتزمون بتعزيز الرابط عبر الأطلسي"، كما ذكرا بـ"القيم الديمقراطية الأساسية" الأوروبية.
ودعت الصحيفة الفرنسية في افتتاحيتها الى ضرورة التمييز بين العلاقة مع الرئيس المستقبلي للقوة العظمي التي تضمن أمن حلفائها الأوروبيين والرد الذي يجب ان يتم توجيهه لرئيسي مواقع التواصل الاجتماعي، مهما كانت درجة قربهم من الرئيس المذكور. وأكدت انه من الضروري اتخاذ موقف حازم ازائهما. يجب التذكير اولا بمبدأ السيادة الإقليمية الذي يمثل الحد الأدنى للتضامن الذي ينبغي إظهاره تجاه الدنمارك، العضو في الاتحاد الأوروبي.
ومن ثم، فإن تبني موقف اوروبي موحدا تجاه إيلون ماسك ومارك زوكربيرج سيكون بمثابة تحذير لدونالد ترامب مفاده بأن أوروبا ليست مستباحة. إن هجوم إيلون ماسك هو هجوم سياسي، كما أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو يعد تدخلا في عملياتنا الانتخابية. كما ان الاتحاد الأوروبي يمتلك أدوات تنظيمية تجعل من الممكن التوفيق، على أراضيه السيادية، مع الأخذ في الاعتبار تاريخه وثقافته، بين حرية التعبير والقيم الديمقراطية. لذا علينا أن نستخدمها بلا هوادة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأوروبيون ترامب ألمانيا مارك زوكربيرج إيلون ماسك إیلون ماسک
إقرأ أيضاً:
عودة ترامب تجبر الاتحاد الأوروبي وتركيا على تعزيز تعاونهما الأمني
ينظر الأوروبيون بقلق شديد تجاه مستقبل نظامهم الأمني، مع تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يوم 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، في ظل تصورات وأفكار ترامب تجاه منظومة الأمن عبر المحيط الأطلسي، وفي القلب منها حلف شمال الأطلسي.
ويرى جاليب دالاي الاستشاري الزائر في برنامج مبادرة تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) أن عودة ترامب تجعل قضية مستقبل نظام الأمن الأوروبي أكثر إلحاحاً، كما تزيد الحاجة إلى تحديد مكان ودور تركيا في هذا النظام بوضوح.
The Black Sea, Eastern Mediterranean, and Middle East are not separate arenas in the confrontation between Russia and the West. They are a single strategic space. Turkey is a player in all three, writes @GalipDalay.https://t.co/Ojy5QsS7G2
— Chatham House (@ChathamHouse) January 9, 2025وأضاف أن "هذه العودة للرئيس الأمريكي السابق، بعد خروجه من البيت الأبيض قبل 4 سنوات، قد توفر الزخم المطلوب بشدة للاتحاد الأوروبي وتركيا للانخراط أخيراً في حوارات أكثر جدية بشأن الأمن الأوروبي، والتعاون الأوسع نطاقاً في السياسة الخارجية والأمنية".
وقد شهدت البيئة الأمنية في أوروبا، تحولاً جذرياً في السنوات الأخيرة. فبعد نشوب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، تم التخلي عن الفكرة السائدة حول إقامة نظام أمني يضم روسيا لصالح فكرة تضع موسكو بقوة في معسكر الأعداء. وعلى نحو مماثل، أدت حرب غزة وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا إلى تغيير جذري في الجغرافيا السياسية للجوار الأوروبي، سواء في الشرق أو الجنوب.
ومثل هذه التغييرات، تفرض الحاجة إلى نهج جديد يتعامل مع الأمن الأوروبي بالمعنى الأوسع، ويسد الفجوة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء في الناتو. ومن الضروري إقامة حوار منظم حول الشؤون الخارجية والأمن بين كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا وبريطانيا والنرويج. كما ينبغي أن يهدف هذا الحوار في المستقبل، إلى إشراك الدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وغير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي مثل أوكرانيا.
وما زالت روسيا تمثل التهديد الأشد إلحاحاً للأمن الأوروبي، ولا يمكن لأوروبا تحمل نظام أمني مناوئ لموسكو ويستبعد تركيا في الوقت نفسه. فالبحر الأسود وشرق البحر المتوسط والشرق الأوسط ليست مناطق منفصلة عن المواجهة الروسية الغربية، وإنما تمثل فضاء واحداً، في الوقت الذي تتمدد فيه تركيا في كل هذه المناطق.
ويرى دالاي أن العلاقات التركية الأوروبية، على المستوى الاستراتيجي، شهدت مؤخراً بعض الخطوات الإيجابية. ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وافقت برلين على حزمة كبيرة من صادرات الأسلحة إلى أنقرة، بما في ذلك المواد اللازمة لتحديث الغواصات والفرقاطات التركية.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبعد تأجيل طويل، سحبت برلين ،نهائياً، اعتراضها على بيع طائرات يوروفايتر المقاتلة الأوروبية إلى تركيا. وعلى نحو مماثل، أدى خفض التصعيد في شرق البحر الأبيض المتوسط والتحسن الأخير في العلاقات التركية اليونانية، إلى توفير بيئة أكثر ملاءمة للحوار التركي الأوروبي بشأن السياسة الخارجية والأمنية.
وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية نسبياً، تظل هناك قضايا رئيسية قد تعرقل وربما تمنع أي حوار ذي معنى في السياسة الخارجية والأمنية. أولاً، كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي وتركيا مع المنافسة بين القوى العظمى، ولا سيما روسيا والصين. فروسيا تشكل بالنسبة لأوروبا، مصدر قلق أكثر إلحاحاً، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بحرب أوكرانيا.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين أنقرة وموسكو تقارباً وتناقضات واضحة في وقت واحد. وقد اصدمت مواقف الدولتين تجاه 4 صراعات جيوسياسية في سوريا وليبيا وناغورنو كاراباخ وأوكرانيا. وفي ليبيا وناغورنو كاراباخ، كان لتركيا اليد العليا، وهو ما تحقق لها مرة أخرى في سوريا بعد سقوط الأسد، الذي كانت روسيا وإيران من الداعمين الرئيسيين له.
وعندما بدأت موسكو غزوها لأوكرانيا، أغلقت تركيا مضائقها أمام السفن الحربية، مما قلل قدرة روسيا على تدوير سفنها الحربية بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط. كما كانت تركيا أيضاً من أوائل الدول التي قدمت المعدات العسكرية إلى كييف، بما في ذلك الطائرات بدون طيار المسلحة. وفي وقت لاحق، سلمت فرقاطتين للبحرية الأوكرانية، في حين كانت العديد من الدول الأوروبية، باستثناء دول مثل بولندا، مترددة في البداية في توفير الأسلحة الثقيلة لأوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، لم تنضم تركيا إلى العقوبات الغربية ضد روسيا، وتبنت المساعي الدبلوماسية لإنهاء الحرب في البداية، رغم أن جهودها كوسيط سلام لم تسفر عن نتائج. لكن في الوقت الذي تتزايد فيه احتمالات نشوب خلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا بشأن روسيا وحرب أوكرانيا، فإن الحوار والتعاون بين تركيا وأوروبا والمملكة المتحدة يعد أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنسبة للدول الأوروبية.
وتعتبر تركيا لاعباً رئيسياً في كل المناطق التي تهدد فيها روسيا الأمن الأوروبي، سواء في البحر الأسود، أو غرب البلقان، أو شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت نفسه أثار سقوط الأسد الشكوك حول مستقبل القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري، إلى جانب القيود التي تفرضها تركيا على حركة المرور في مضيق البسفور. ويعني هذا أن موقف روسيا في شرق البحر الأبيض المتوسط يبدو أكثر خطورة. وبالتالي فإن الوقت قد حان لمزيد من التعاون مع تركيا لتحسين أمن حدود جنوب شرق أوروبا.
وعلى صعيد آخر، لا يوجد تباين جوهري بين السياسات الأوروبية والتركية تجاه الصين. فالانقسام داخل الاتحاد الأوروبي حال دون صياغة سياسة موحدة، للتعامل مع بكين، حيث لا ترى العديد من الدول الأوروبية أن الصين تشكل تهديداً مباشراً لمصالحها. لذلك من المرجح أن يواجه كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا مشاكل مع إدارة ترامب، الذي يعتزم الضغط على حلفائه الأوروبيين والأتراك لسياسات بلاده المناوئة للصين وبخاصة على الصعيد التجاري. وبالتالي فمن غير المحتمل أن يثير ملف الصين خلافات كبيرة بين أنقرة وبروكسل في أي وقت قريب.
ويرى دالاي أن هناك سؤالاً آخر مهماً، يتعلق بما إذا كانت أوروبا وتركيا ستتعاونان أم تتنافسان في الجوار المشترك بينهما. فعلى مدى العقد الماضي كان كل من الجانبين ينظر إلى الآخر باعتباره منافساً أكثر منه شريكاً، وذلك بسبب التوترات في شرق البحر المتوسط بدرجة كبيرة، ولكن مع تحسن العلاقات التركية الأوروبية والحاجة إلى ضمان ضرورة الانتقال السياسي المنظم في سوريا، يحتاج الجانبان إلى استكشاف السبل لتعزيز التعاون في ملفات الجوار المشتركة.
وأخيراً، لا تملك أوروبا سوى الدخول في حوار جاد وبناء من أجل تعزيز التقارب مع تركيا، وطي صفحة الخلافات السابقة نظراً لطبيعة التحديات التي ستفرضها عودة ترامب إلى البيت الأبيض على أوروبا، وبخاصة على الصعيد الأمني والجيوسياسي. كما أن تركيا ستحتاج إلى الدعم الأوروبي إذا ما تصادمت المواقف التركية والأمريكية، تجاه العديد من الملفات بسبب تصورات ترامب لهذه الملفات، ولما يتوقعه من حلفاء واشنطن بشكل عام.