واشنطن- تشهد الأيام الأخيرة من حكم الرئيس الأميركي المغادر جو بايدن شدا وجذبا بين أوامر تنفيذية يتخذها بحسم ويراها ضرورية، وبين رد فعل الرئيس القادم دونالد ترامب الذي يراها عقبات في طريقه قبل بدء فترة حكمه الثانية في 20 يناير/كانون الثاني الجاري.

ووسط انشغالات بايدن بمغادرة البيت الأبيض بعد 10 أيام، يتخذ قرارات مهمة سياسية، أو اقتصادية، أو جنائية، أو بيئية، يعتبرها البعض بمثابة معرقلات أمام ترامب.

وتُعرف هذه الفترة باسم "البطة العرجاء"، وتمتد بين انتهاء الانتخابات الرئاسية ومغادرة البيت الأبيض، حيث يتم تجاهل الرئيس المغادر والاستعداد والتركيز على القادم، إلا أن بايدن استغل هذه الفرصة ليتخذ إجراءات تنفيذية في مجالات تدعم توجهات الناخبين الديمقراطيين، وتخدمه بصورة شخصية.

خطط بايدن

قضايا مختلفة من عرقلة استخراج الوقود الأحفوري، إلى إصدار العفو الإضافي عن مُدانين ومجرمين كُثر من بينهم ابنه هانتر بعد إدانته في جرائم فدرالية، والمزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل والأسلحة لأوكرانيا، هي من بين الخطط التي وضعها بايدن وإدارته خلال أيامهما الأخيرة.

خفف بايدن الأحكام الصادرة بحق 37 شخصا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام الفدرالي، وتمت إعادة تصنيف أحكامهم إلى سجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط.

إعلان

وقبل ذلك سجل بايدن رقما قياسيا لأكبر عفو في يوم واحد عندما خفف أحكام نحو 1500 شخص في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي. ويتوقع بعض المراقبين أن يصدر عفوا وقائيا لأولئك الذين قد يواجهون انتقاما سياسيا من ترامب.

كما أصدر بايدن قرارا بحظر التنقيب البحري في إطار سعيه لتعزيز سياسات الطاقة الخضراء التي يأمل أن تتسبب في تعثر وعد الرئيس المنتخب بإطلاق سياسة الحفر والتنقيب عن البترول والغاز في الكثير من الأراضي الأميركية، في مساحة قدرها الخبراء بنحو 625 مليون فدان في المياه الأميركية في المحيطين، الهادي، والأطلنطي، وخليج المكسيك، وبحر بيرينغ الشمالي المقابل لولاية ألاسكا.

وسبق وتعهد بايدن بوضع عقبات لمنع خطط ترامب لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري وضمان استمرار مشاريعه للطاقة الخضراء بعد مغادرته منصبه.

يقول النقاد إن تحركات اللحظة الأخيرة تتحدى الأغلبية التي انتخبت ترامب ومجلسي النواب والشيوخ بقيادة الجمهوريين بناء على تعهدات وبرامج مؤيدة للطاقة التقليدية.

ووصف ترامب خطوة بايدن بالسخيفة، وكان هو وقادة الجمهوريين بالكونغرس، قد تعهدوا بعكس سياسات بايدن الداعمة لمصادر الطاقة البديلة من شمس ورياح واحتجاز الكربون، فور بدء حكمه.

إلا أن الخبراء القانونيين يرون أن ترامب لا يمكنه إلغاء الحظر الذي فرضه بايدن بجرة قلم، أو بقرار جديد. وبدلا من ذلك، قد يضطر الكونغرس إلى عكس قرار بايدن بتشريع جديد. وقد تكون الموافقة صعبة بسبب الأغلبية الجمهورية الضئيلة في مجلس النواب ومعارضة الحزبين منذ فترة طويلة للتنقيب على طول السواحل الأميركية.

تسريع المساعدات

على صعيد سياسته الخارجية، أعلنت إدارة بايدن عن تقديم قرابة 2.5 مليار دولار أخرى من الأسلحة إلى أوكرانيا، حيث تعمل إدارته بسرعة لإنفاق كل الأموال المتاحة لديها لمساعدة كييف في محاربة روسيا قبل تولي ترامب منصبه.

إعلان

وتشمل الحزمة الأخيرة 1.25 مليار دولار من سلطة السحب الرئاسية، والتي تسمح للجيش بسحب المخزون الحالي من أرففه وإيصال الأسلحة إلى ساحة المعركة بشكل أسرع.

كما أن لديها 1.22 مليار دولار من حجم الأسلحة طويلة الأمد التي سيتم إبرام تعاقدها من خلال مبادرة المساعدة الأمنية الأوكرانية المنفصلة. وقال بايدن إن جميع أموال الولايات المتحدة طويلة الأمد قد تم إنفاقها الآن وإنه يسعى إلى استخدام جميع أموال السحب المتبقية بالكامل قبل ترك منصبه.

وتخشى إدارة بايدن، والعديد من قادة الجمهوريين، أن يجمّد ترامب تقديم أي مساعدات لأوكرانيا للضغط عليها للتوصل لاتفاق ينهي الحرب. وانتقد ترامب كل القرارات التي اتخذها بايدن في الأيام الأخيرة، وقال "إنهم يتحدثون عن الانتقال السلس من حزب إلى آخر. إنهم يجعلون الأمر صعبا حقا ويرمون كل ما بوسعهم في طريقنا".

قرارات أخيرة

على مدى نصف القرن الماضي، سارع أغلب الرؤساء الأميركيين لتبني سياسات واتخاذ قرارات دولية في الأسابيع الأخيرة في مناصبهم للابتعاد عن الأوضاع المضطربة في الداخل. وتسبب العديد منهم في فوضى أو وضع عراقيل إضافية غير مكتملة لخلفائهم.

وخلال أسابيعه الأخيرة، سافر ريتشارد نيكسون إلى إسرائيل ومصر وسوريا والسعودية والأردن لبدء عملية سلام الشرق الأوسط، ثم إلى الاتحاد السوفياتي للحديث عن الحد من التسلح، وهدفت كلتا الرحلتين إلى تحويل الانتباه عن فضيحة ووترغيت التي تفجرت منذ منتصف عام 1972، ولم يحرز أي تقدم وسرعان ما أجبر على الاستقالة في أغسطس/آب 1974.

وفي الأسابيع الأخيرة من عمره، أرسل جيمي كارتر دبلوماسيين إلى الجزائر للتفاوض على إطلاق سراح 52 رهينة أميركية في إيران، إلا أنه فشل بعدما فشل في الفوز بالانتخابات.

وبعد خسارته في محاولته لإعادة الانتخاب عام 1992، نشر جورج بوش الأب 28 ألف جندي بالصومال في أسابيعه الأخيرة، بسبب منع أمراء الحرب المحليين وصول المساعدات الإنسانية إلى الملايين من ضحايا الجفاف. استمرت المهمة المحدودة لأكثر من عام بعد أن ترك بوش منصبه ونتج عنها كارثة "بلاك هوك داون" التي قتلت 18 جنديا في عهد الرئيس التالي بيل كلينتون.

إعلان

وفي نهاية إدارته، أرسل كلينتون وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت إلى كوريا الشمالية لمناقشة صفقة بشأن الصواريخ، ثم استضاف القادة الإسرائيليين والفلسطينيين في المرحلة الأخيرة من مؤتمر السلام (كامب ديفيد 2) في مسعى لتعزيز إرثه بعد محاولة عزله بسبب فضيحته الجنسية مع المتدربة مونيكا لوينسكي. ولم تنجح مساعيه لطمس وصمة العزل بسبب الفضيحة الجنسية.

أما جورج بوش الابن، فقد استغل مرحلة "البطة العرجاء" للسفر إلى بغداد عام 2008، وأثناء مؤتمر صحفي في العاصمة العراقية، ألقى مواطن عراقي بحذائه على الرئيس بوش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

“اشترِ الآن”.. تغريدة ترامب التي هزّت وول ستريت

#سواليف

في #تغريدة مقتضبة نشرها على منصته “تروث سوشيال”، كتب الرئيس الأميركي دونالد #ترامب “هذا هو الوقت المناسب للشراء!!!

كانت الجملة قصيرة، لكنها كفيلة بإثارة #زلزال في #الأسواق_المالية، خصوصا أنها سبقت بساعات إعلانًا مفاجئًا عن تعليق مؤقت للرسوم الجمركية الجديدة لمدة 90 يوما.


فهل كانت مجرد صدفة؟ أم أن الأمر يتجاوز ذلك نحو شبهات تلاعب متعمّد؟
توقيت مريب ومكاسب ضخمة

مقالات ذات صلة ضبط 3 أشخاص حاولوا التسلل من سوريا إلى الأردن 2025/04/11

ونُشرت التغريدة صباح الأربعاء، ومع حلول المساء، أعلن ترامب تعليق الرسوم على معظم الدول (باستثناء الصين).
لكن الأسواق لم تنتظر طويلًا، فقد:

قفز #مؤشر_ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 9%
بينما صعد مؤشر #ناسداك التقني بنسبة 12%، وتبعتهما الأسواق العالمية:
نيكاي 225 الياباني ارتفع بنسبة 9%
فوتسي 100 البريطاني بنسبة 4% في تعاملات الخميس المبكرة

واللافت أن ترامب وقّع التغريدة بالأحرف الأولى لاسمه DJT، وهو أمر غير معتاد في منشوراته، لكن هذه الأحرف تحديدًا هي رمز سهم “شركة ترامب للإعلام والتكنولوجيا” المالكة لمنصة “تروث سوشيال”.
فهل كان في الأمر رسالة خفية؟

تقرير غارديان أشار إلى أن سهم الشركة قفز بنسبة 22% في ذات اليوم، ما دفع كثيرين لطرح تساؤل مشروع: هل استُخدمت التغريدة للتأثير على السوق بشكل مدروس؟

انتقادات سياسية ودعوات للتحقيق

ما لبثت الشكوك أن تحوّلت إلى تحرّك سياسي، فقد طالب مشرعون ديمقراطيون وخبراء أخلاقيات بإجراء تحقيق رسمي.
ووصلت رسالة مشتركة من السيناتورين آدم شيف وروبن جاليجو إلى البيت الأبيض تطالب بـ”تحقيق عاجل حول احتمال استخدام معلومات داخلية”، في خطوة وصفها البعض بأنها محاولة لفتح ملف فساد محتمل في أعلى سلطة تنفيذية.

السيناتور كريس مورفي كتب عبر منصة “إكس”: “فضيحة تداول داخلي تلوح في الأفق… تغريدة ترامب في الساعة 9:30 صباحا تشير إلى نيته منح أتباعه أفضلية مالية عبر معلومات خاصة”.

أما إليزابيث وارن، فوصفت ما حدث بأنه “فساد واضح”، في حين طالبت ألكسندريا أوكاسيو كورتيز بالكشف عن جميع الأسهم التي اشتراها أعضاء الكونغرس في الـ24 ساعة الأخيرة، وعلّقت بقولها: “سمعت أحاديث مثيرة في الكونغرس. سنكتشف بعض الأمور قريبا. حان الوقت لحظر التداول الداخلي”.
قانونيون يحذّرون.. سلوك غير أخلاقي

المثير أن الانتقادات لم تقتصر على خصوم ترامب السياسيين، فقد صرّح ريتشارد بينتر، المستشار الأخلاقي السابق في إدارة جورج بوش الابن، لـ”إن بي آر”: “لا يمكن السماح للرؤساء أو كبار المسؤولين بالتعليق على السوق والتأثير عليها أثناء اتخاذهم قرارات سياسية حاسمة”.

وأضاف “لو قام أي شخص من إدارة بوش بنشر منشور مماثل، لتم فصله في اليوم ذاته”.

وقال بينتر “هذا السيناريو قد يعرض الرئيس لاتهامات بالتورط في التلاعب بالسوق”.

وأوضح بينتر أن الحادث قد يؤدي إلى إجراء تحقيقات “حول من كان يعرف ماذا ومتى قبل أن يعلن (ترامب) أنه سيؤجل الرسوم الجمركية على جميع الدول باستثناء الصين”.

ورفض متحدث باسم وزارة العدل التعليق، ولم تستجب هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية فورًا لطلب التعليق وفقا لشبكة “إن بي سي نيوز”.

هذا التصريح يفتح الباب مجددًا أمام نقاش طويل حول حدود المسؤولية الأخلاقية للمسؤولين التنفيذيين، وما إذا كانت القوانين الحالية كافية لمنع استغلال النفوذ الاقتصادي.


ترامب يبرر والبيت الأبيض يحاول احتواء الأزمة

حين سُئل مساء الأربعاء عن توقيت التغريدة، قال ترامب ببساطة، “كنت أفكر في الأمر خلال الأيام القليلة الماضية”.

لكن مصادر من داخل البيت الأبيض وصفت القرار بأنه جزء من إستراتيجية مدروسة مسبقًا، وأكدت المتحدثة كارولين ليفيت أن ما جرى يدخل في إطار “فن الصفقة”.


نشاط مشبوه آخر في الكونغرس

ووسط الجدل، كشفت النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين عن قيامها بشراء أسهم في “آبل” و”أمازون” يومي الثالث والرابع من أبريل/نيسان الحالي، أي بعد إعلان ترامب تعريفاته الجمركية.

وبحسب غارديان، فقد ارتفعت أسهم “أمازون” بنسبة 12% و”آبل” بنسبة 15% بعد تعليق الرسوم.

فهل تزامنت عمليات الشراء تلك مع معلومات مسبقة؟ سؤال لا يقل أهمية.

وبينما يترقّب الرأي العام ما قد تكشفه التحقيقات، تبقى تغريدة ترامب “اشترِ الآن” رمزًا لأزمة أكبر تتعلق بتداخل المال والسياسة والمصالح الشخصية.

وقد أثارت التغريدة تساؤلات لا تتعلق فقط بالتلاعب بالسوق، بل بما إذا كانت الأسواق الأميركية تُدار الآن بإشارات فردية من الرئيس نفسه.
وإذا ثبت وجود تداول داخلي، فإن القضية قد تتحوّل من “جدل سياسي” إلى أزمة نزاهة تهز أركان الدولة الأميركية.

مقالات مشابهة

  • “ترامب” على خُطى “بايدن” في اليمن.. الهزيمة تطاردُ أمريكا
  • زيارة الرئيس الإندونيسي لمصر.. ما هي أبرز الملفات التي يبحثها مع الرئيس السيسي اليوم؟
  • “اشترِ الآن”.. تغريدة ترامب التي هزّت وول ستريت
  • اشترِ الآن.. تغريدة ترامب التي هزّت وول ستريت
  • وزير الخارجية التركي: مجلس الأمن صامت أمام كل الانتهاكات التي تقع في غزة
  • نيوزويك: ترامب يُخاطر بالفشل في اليمن كسابقه بايدن (ترجمة خاصة)
  • عهد جديد للبنان أمام الفرصة الأخيرة
  • مبلغ صادم.. كم يبلغ سعر آيفون بعد قرارات ترامب الأخيرة؟
  • إنبي يخطف فوزًا قاتلًا أمام مودرن سبورت في الدقائق الأخيرة
  • كتاب أمريكي جديد يكشف كيف منع موظفي البيت الأبيض الرئيس بايدن من التواصل الخارجي