ما إن يهدأ الوضع قليلا في العراق حتى يتفجر في غزة ولبنان واليمن ثم سرعان ما يشتعل في سوريا بشكل سريع وغير متوقع ثم يعود التوتروالفوضى ثانية الى العراق وهكذا دواليك وقد يتطور الامر في النهاية إلى حرب مدمرة شاملة تشارك فيها كل الدول الاقليمية دون استثناء برعاية وإشراف القوى العظمى العالمية التي تخطط وتهندس لادارة المنطقة وفق معادلاتها السياسية، وهي بارعة في اللعب على الخلافات والتناحرات السياسية والدينية التاريخية داخل المجتمعات "العربية والاسلامية" وتوظيفها لصالحها من خلال بث الفرقة والعداوات والحروب بين شعوب المنطقة وقبائلها وأحزابها وحركاتها السياسية التي تدور في فلكها وتنفذ مخططاتها وتساعدها على اعادة تشكيل المنطقة وفق رؤيتها "الاستعمارية" الجديدة القائمة على نشر "الفوضى" و"الخراب" في كل شبر من المنطقة!
لن تبقى دولة بمنأى عن حالة التغيير والفوضى العارمة الجارية كما حدث في ربيع عام 2011 الذي سمي بثورات الربيع العربي، ورغم أن الشعوب العربية هي التي ثارت ضد انظمتها القمعية بدوافع وطنية وسياسية واقتصادية ولكن أمريكا هي التي حرضت ودعمت تلك الثورات ومهدت لها أسباب النجاح بهدف تكريس مشروعها الاستراتيجي المسمى"الفوضى الخلاقة" وخلق حالة من الترقب والتأهب الدائم لخوض الحرب الطاحنة ضد بعضهم البعض.
منذ أن طرحت وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش "كونداليزا رايس"مشروع "الفوضى الخلاقة" وحال المنطقة يسير من السيء إلى الأسوأ، والأزمات تتطور والصراعات المذهبية والعرقية تتصاعد دون إيجاد حلول لها لا في القانون ولا في الدستور ولا في الاتفاقات السياسية، والحكومة والبرلمان عاجزين عن وضع حد لحالة التفكك المجتمعي التي تتفاقم وتتسع في العراق والدول المجاورة.. وفي حال خرجت الفوضى عن السيناريو المعد لها، فإن القوى العالمية المهيمنة تستعمل القوة الخارقة لإعادة الأمور إلى نصابها وقد تقوم في آخر المطاف بتقسيم المنطقة وتغيير خارطتها التقليدية وتشكيل دول جديدة وإسقاط دول أخرى لكي تتناغم مع مصالحها الجديدة.. فهي تراقب عن كثب التطورات السياسية الكبيرة التي حدثت في سوريا والصراع الجاري بين تركيا و حركة "قسد" الكردية!
لن تبقى دولة بمنأى عن حالة التغيير والفوضى العارمة الجارية كما حدث في ربيع عام 2011 الذي سمي بثورات الربيع العربي، ورغم أن الشعوب العربية هي التي ثارت ضد انظمتها القمعية بدوافع وطنية وسياسية واقتصادية ولكن أمريكا هي التي حرضت ودعمت تلك الثورات ومهدت لها أسباب النجاح بهدف تكريس مشروعها الاستراتيجي المسمى"الفوضى الخلاقة" وخلق حالة من الترقب والتأهب الدائم لخوض الحرب الطاحنة ضد بعضهم البعض.. أكرر.. في حال خروج الصراع عن مساره الذي حدد له وتحولت الفوضى"الخلاقة" إلى "الفوضى العارمة" عندها ستتدخل أمريكا بقوة وبدون أي رحمة لتصحيح المسار، فالمنطقة بعد سقوط النظام البعثي في العراق وقعت بشكل مباشر تحت الوصاية الأمريكية وهي تسير وفق أجندتها الاستراتيجية سواء أردنا أم لم نرد، فهي التي تشرف وتدير شؤون دولها وشعوبها ولن تسمح لأي نظام سياسي في المنطقة أن يأخذ مكانها أو أن يخرج عن وصايتها سواء النظام الإيراني أو التركي أو حتى الروسي، الكل يتوقف ويذعن عندما تقرر أمريكا وحلفاؤها أمرا يخص المنطقة، وهذه هي الحقيقة التي تعرفها كل الدول الإقليمية..
ربما الصراع المحتدم بین أمریکا وإیران بدأ مع تطوير إيران لنشاطها النووي والدخول في مواجهة مع إسرائيل ولكن ما أثار حفيظة أمريكا بحق واعتبرته خطرا داهما على مصالحها في المنطقة هو إقامة إيران لمشروعها الثوري "الفوضوي" المماثل لمشروعها الاستراتيجي "الفوضوي" من خلال وكلائها المنتشرين في الدول الإقليمية المحاذية لإسرائيل، وهذا ما لا تسمح به أمريكا ولا إسرائيل، وقد رأينا كيف أن أمريكا وربيبتها إسرائيل بدأوا بشن حملة عسكرية واسعة وقوية وقاسية بقصقصة أجنحة إيران وتفكيك محور المقاومة.
وقد يكون السيناريو القادم بعد تصفية وكلاء إيران وميليشياتها، التحضير لحرب ضروس قادمة بين تركيا وإيران لإضعافهما وإنهاك قواهما ووضع حد لأحلامهما التاريخية في الهيمنة على المنطقة..
ولا نستبعد أبدا قيام أمريكا وحلفاءها الأوروبيين بدعم الأكراد لإنشاء كيانهم المستقل! كل شيء جائز ومحتمل في منطقة مشتعلة قابلة للتفكك في أي لحظة!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الوضع الشرق الأوسط اكراد رأي وضع مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هی التی
إقرأ أيضاً:
حول زيارة ملك الأردن إلى أمريكا
تكتسب الزيارة التي سيقوم بها العاهل الأردني «الملك عبد الله الثاني» إلى واشنطن، يوم الثلاثاء الحادي عشر من فبراير الجاري أهميةً كبرى، إذ تأتي في ظروف عصيبة، نظرًا لما تمر به المنطقة العربية من أحداث وأزمات جسام، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تسعى إسرائيل -بمساندة أمريكا- لتصفيتها، بعد الحصار الخانق وحرب الإبادة الوحشية التي شنَّها جيش الاحتلال على قطاع غزة وبعض مدن الضفة الغربية لقرابة العام ونصف العام، وصولًا إلى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصادم عن خطته غير المسبوقة، التي تقوم على ضمِّ أمريكا لقطاع غزة وتحويله إلى أكذوبة ما يسمى بـ«ريڤيرا الشرق الأوسط»، ومن ثمّ إخراج الفلسطينيين منه وتهجيرهم وفق أطروحته النكراء إلى كل من مصر والأردن، ليصبح بذلك القطاع تحت رحمة أمريكا، ومن ثمّ إهداؤه لاحقًا إلى إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة. وبهذا الإعلان يكون ترامب قد أحدث خللًا في بلدان العالم، بسبب تعامله مع الجغرافيا الدولية وكأنه ملك أوحد لهذا العالم. فبدلًا من تنفيذ وعوده الانتخابية بتحقيق السلام وإيقاف الحروب وإيجاد حلٍّ عادلٍ للقضية الفلسطينية بما فيها وقف الإبادة الجماعية على قطاع غزة، جاء إعلانه بتصفية قطاع غزة صادمًا ومخالفًا لكل التوقعات والقوانين الدولية، وأثار ردودًا مستنكرة من جانب دول المنطقة، ومن دول العالم وكل المؤسسات الدولية، بما فيها استنكار واستهجان وسخط رواد شبكات التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم على قرارات ترامب التي يمكن أن يسلب من خلالها حقوق الدول.
منذ الوهلة الأولى، تطابق الرفضان الأردني والمصري قيادةً وحكومةً وبرلمانًا وشعبًا، بكل قوة وشموخ لموضوع التهجير أو الإضرار بالقضية الفلسطينية، أو حتى بوجود تصورات وأطروحات تجاه إمكانية المساس بأبناء الشعب الفلسطيني، أو القيام بأي تغيير ديموغرافي في غزة والضفة الغربية والقدس، وكل ما يعرِّض المنطقة العربية وأمنها للخطر. ولذلك فإننا نعوِّل كثيرًا على زيارة العاهل الأردني انطلاقًا من كونها تدشن لأول لقاء لزعيم عربي بالرئيس دونالد ترامب في ولايته الجديدة، وندعوه ألا يعطي الفرصة لهواجس ترامب الجنونية، التي تدفعه ليتصرف كامبراطور للعالم، وألا يتأثر بأي تهديدات أو ضغوطات أو عقوبات يمكن أن تُمارَس على بلاده من أجل تحقيق انفراجة في هذا الموضوع. صحيح أن العاهل الأردني يسعى إلى تطوير شراكات اقتصادية مع الجانب الأمريكي، إلا أننا متأكدون من أنه لن يخيِّب آمال الدول العربية والإسلامية وكل دول العالم المعقودة عليه، بعدم موافقته على تهجير أبناء الشعب الفلسطيني، وبألا يسمح بابتزاز ترامب لدول المنطقة، وذلك بعد سقوط خطته الماكرة تجاه غزة التي تنطوي على أكثر مما يحلم به اليمين المتطرف بإسرائيل. ومع تضامننا مع الملك عبد الله في تلك الرحلة، فلا بد أن يكون للدول العربية والإسلامية وقفة مع الفلسطينيين وحقوقهم بأكثر من أي وقت مضى، وأن يضعوا أعينهم على قطاع غزة وأن يفرضوا قوتهم وتضامنهم وتضافرهم وحدهم بإعادة إعماره، لإفشال مخططات ترامب وأهداف إسرائيل.