لبنان يطلق “الدخان الأبيض” ورسائل جوزيف مهمة للسودانيين
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
محمد المكي أحمد
نجح مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جديد، في 9 يناير 2025 ، وصنع حدثاً تاريخياً متميزاً، وبهذا أطلق اللبنانيون ” الدخان الأبيض” في ختام الجولة الثانية بالإنتخابات الرئاسية ، التي أسفرت عن فوز العماد جوزيف عون قائد الجيش بمنصب رئيس الجمهورية.
تفاعلات الحدث البرلماني شكلت تطورا لافتا، و عكست مضامين أول خطاب للرئيس اللبناني المنتخب في البرلمان فور انتخابه خارطة طريق، وبرنامج عمل طموح، يُعبر عن نبض لبناني تواق للاستقرار والابداع والاصلاح الشامل ، وقد اتسم الخطاب بالشفافية ووضوح المواقف، في سبيل بناء دولة مؤسسات عصرية و قوية .
خطاب الرئيس اللبناني الجديد تضمن رؤى وأفكارا وتعهدات مهمة تحتاج القيادات العسكرية والمدنية التي تخوض الحرب في السودان إلى تأملها والاستماع إلى نص الخطاب الرصين والوقوف على مرتكزاته، ومقارنته بخطاب العنف والكراهية والعنصرية السائد في السودان.
جوزيف عون أعلن أن لبنان بدأ مرحلة جديدة، وقال بلغة محترمة وموقف سياسي ناضج أنه” مهما اختلفنا ، عند الشدة نحضن بعضنا بعضا ، لأنه إذا انكسر أحدنا انكسرنا جميعا”.
وشدد على تعهدات عدة وأطلق لاءات تخاطب الوجدان اللبناني والانساني، إذ قال لا حصانات للمافيات ، ولا للتدخل في استقلال القضاء، ولا للسلاح خارج إطار الدولة، ولا لسوء الادارة والفساد وتبييض الأموال، ولا لتجارة المخدرات، ولا للتهريب.
وتعهد بوضع قانون جديد يضمن استقلال القضاء، و” نحن جميعا تحت سقف القانون والقضاء” و تعهد حماية الحريات الفردية والجماعية، ومكافحة الفساد، واحترام الفصل بين السلطات، والمساواة بين المواطنين، وأن ” رئيس الحكومة سيكون شريكي وليس خصمي”مشددا على ان انتخابه “يفتح باب الاصلاح”وأكد ان لبنان يعيش أزمة حكم وحكام.
وشملت اللاءات لا للبؤر الأمنية ، ولا تدخل في استقلال القضاء ، ولا رهان على الخارج للاستقواء على بعضنا البعض، وأكد – وهو قائد للمؤسسة العسكرية- أن من أدوار الجيش المؤسسة حفظ وحدة الأراضي اللبنانية .
رسائل الرئيس اللبناني الجديد الذي أكد التزامه بسياسة ” الحياد الايجابي” تناولت العلاقات مع دول الخليج والدول العربية فشدد على سعيه إلى ” شراكة مع دول الخليج” و”أفضل العلاقات مع الدول العربية” و”انفتاح على الشرق والغرب”، وهذا خطاب سيجد حتما ترحيبا وتقديرا واحتراما خليجيا وعربيا ودوليا.
مسارعة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتهنئة الرئيس بانتخابه تعكس ارتياح دولة تتمتع بثقل مهم ودور فاعل في اطار الدعم للبنان الذي يحتاج إلى دعم سياسي واقتصادي سعودي وخليجي ودولي، كما أكد الترحيب الدولي بهذه الخطوة بدء لبنان مرحلة تفاعل جديدة مع العالم.
من أهم رسائل جوزيف أنه أكد ” حق الدولة باحتكار السلاح”، وهذا الجانب مهم للبنان، ويهم السودانيين الذين يعانون من انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، حيث تلعب أطراف عدة أدوارا في انتشار و تفاقم هذا الظاهرة الخطيرة والمدمرة.
وبشأن الاحتلال الاسرائيلي لأراض لبنانية قال في رسالة ذات دلالات أن ” مهمة الدولة اللبنانية وحدها إزالة الاحتلال” ، كما أطلق موقفا ايجابيا بشأن العلاقة مع الدولة السورية تقوم على سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتركز على خل قضايا عالقة ، أما بشأن الفلسطينيين فشدد على الحرص على كرامتهم، مع رفض التوطين.
يُشار إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أعلن بعد فرز الأصوات انتخاب جوزيف رئيسا للجمهورية اللبنانية بحصوله على 99 صوتا من 128 صوتا في جلسة انتخابية ثانية.
يُذكر أن جوزيف لم يحصل في جلسة التصويت الأولى للبرلمان على ثلثي أصوات النواب، اذ نال 71 صوتا وكان يحتاج إلى 86 صوتا على الأقل، وفي ضوء ذلك قرر رئيس البرلمان نبيه بري تعليق الجلسة الأولى واستئنافها بعد ساعتين، حيث تم اعلان الفوز .
وعكست نتيجة الاقتراع في الجلسة الأولى فشل القوى والتكتلات السياسية مجددا في تحقيق توافق بأكثرية على انتخاب الرئيس، وساد هذا الفشل في 12 جلسة برلمانية خلال عامين.
وترى أوساط لبنانية أن ” حزب الله” وحركة أمل ” وقوى أخرى لعبت دورا في افشال جلسات انتخاب الرئيس في الفترة الماضية ، ما أدى إلى استمرار الشغور الرئاسي ( فراغ موقع الرئيس ) لعامين ونصف العام.
ويرى محللون لبنانيون أن حالة الضعف التي يعاني منها ” حزب الله” في لبنان في هذه الفترة قد ساهمت في تيسييرانتخاب الرئيس، وأن التطورات السورية المتمثلة في اسقاط نظام بشار الأسد وضرب الوجود الايراني في دمشق قد انعكس ايجابا على اللبنانيين، وهيأ الأجواء لانجاح جلسة انتخاب الرئيس اللبناني.
وكان النظام السوري الذي اسقطته المعارضة يمارس تدخلات سافرة في الشأن اللبناني وخصوصا في اختيار الرئيس ، من خلال التدخل المباشر، والتحكم في مواقف أحزاب وتكتلات لبنانية .
ورغم أن التطورات الأخيرة في لبنان وسوريا ساهمت قبل انتخاب الرئيس في رفع سقف التوقعات بشأن امكان انتخاب رئيس جديد، فان الدعم العربي والدولي للبنان لعب دورا مؤثرا وحاسما في دفع وانجاح عملية انتخاب رئيس للبنان، وفي هذا الاطار لعبت فرنسا و الولايات المتحدة والسعودية دورا بارزا في هذا السياق.
وبمقارنة الأوضاع في لبنان والسودان حاليا، فان أبرز القواسم المشتركة تكمن في وجود سلاح خارج سيطرة الدولة وحالة التشظي وسط الأحزاب والتكتلات السياسية ، وانتشار الفساد ، والتدهور الاقتصادي الذي أحال حياة الناس إلى جحيم في البلدين، والانفلات الأمني .
ورغم التنديد الشديد في أوساط لبنانية بـ” إفلاس وفساد الطبقة السياسية”، والتذمر من فشل البرلمان مرات عدة في انتخاب رئيس، إلا أن قيادة الجيش ظلت محل احترام ، وهي لم تتورط في ظل أزمات شديدة بارتكاب جريمة الانقلاب العسكري، وفي مرات عدة تم انتخاب قائد الجيش رئيسا، لكن من أكبر أزمات السودانيين تدخل العسكر في ميادين العمل السياسي وترك مهمات الجيش المهمة المتمثلة في حماية الشعب والأرض والحدود والسيادة والنظام الديمقراطي .
المشهد الأروع في لبنان يكمن في وجود برلمان ينتخب الرئيس، ويتيح أوسع فرص التعبير عن الرأي والرأي الآخر، وهذا ما يفتقده السودانيون إذ يلجأ الانقلابيون إلى مصادرة الحريات السياسية والاعلامية وينتهكون كل الحقوق الانسانية.
واذا كانت هناك أوساط لبنانية عدة تنتقد ما تصفه بالتدخلات الأجنبية في شؤون البلد، فان واقع الحال يؤكد أن دولاً وخصوصا في الخليج والعالم العربي تدعم استقرار لبنان، وتعمل على إبعاد التأثير الخارجي السلبي في مجريات الأحداث في بيروت.
سودانيا، فان الأزمة الانسانية الحادة وخطرالجوع الذي يهدد حياة ملايين السودانيين وفقا للأمم المتحدة ودول كبرى قد شكل رأيا عاما دوليا يشدد على ضرورة وقف الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمشاركة أطراف أخرى.
هذا معناه أن القرار العربي والدولي الداعم لانتخاب رئيس لبناني جديد يرسل رسالة ساخنة للقابضين على بندقية الحرب والدمار في السودان، ومضمونها يقول إن دول الإقليم والعالم لن تقف متفرجة أو مكتوفة الأيدي وهي ترى شلال الدم ومشاهد الموت بالجوع والمرض والخوف في السودان.
التوقعات أن يشهد هذا الشهر الحالي أوالشهر المقبل اتفاقا بشأن وقف الحرب البشعة على الفلسطينيين في غزة وإطلاق الرهائن الاسرائليين.
تطورات الأحداث تؤشر إلى أن التفاعل الأميركي والأوروبي سيتواصل مع سوريا الجديدة ، و يبدو واضحا حتى الآن أن الإدارة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع قد نجحت بخطابها السياسي المعتدل وأرسلت رسائل طمأنة مهمة وايجابية بشأن سياساتها ، ويشمل ذلك السعي لبناء نظام سياسي يوفر أجواء المشاركة والحرية والعدالة والأمن والطمأنينة للسوريين باختلاف رؤاهم وتعدديتهم السياسية والاجتماعية والدينية..
لكن رسائل قيادة سوريا الجديدة إلى المنطقة والعالم تحتاج إلى اقتران الأقوال بالأفعال كما تطالب بذلك دول مجاورة وفي الإقليم والعالم، لتعزيز التعاون والتنسيق في عالم تحكمه المنافع ويشكل الأمن أولوية في صدارة أولوياته ، لتحقيق المصالح المشتركة، أمنيا، واقتصاديا، وسياسيا.
كل هذه التفاعلات اللبنانية وفي المنطقة تعني أن أمام مشعلي الحرب في السودان وحاملي معاولها طريق واحد لفتح أوسع أبواب التعاون مع دول مؤثرة وفاعلة في المنطقة الخليجية والعربية والعالم ، وهو طريق السلام بايقاف الحرب، و احترام حقائق الواقع السوداني التعددي، وحقوق الانسان ، ومن دون ارتياد هذا الدرب فان قادة الحرب في السودان مقبلون على انتحار جماعي، وحصار دولي شديد، وأن شعب السودان سيواجه أوضاعا أكثر بؤسا وقسوة.
أي لا مستقبل في السودان لمن يسفك الدماء، ويدمر حياة الناس بالقتل والجوع والمرض والنزوح واللجوء، فالمستقبل لإرادة الشعب، ولمناخ يحترم ويصون حقوق الانسان السوداني، ويوفر أجواء الحرية، والعدالة، والعيش الكريم.
mohamedelmaki.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرب فی السودان انتخاب الرئیس انتخاب رئیس فی لبنان
إقرأ أيضاً:
مطار الخرطوم “الدولي” الحالي: لا للفكرة الخطيرة
مطار الخرطوم "الدولي" الحالي: لا للفكرة الخطيرةقرار تسويقه للبيع - ولا للإنفاق هدراً في إعادة بنائه أو حتى إعماره
بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
المملكة المتحدة
"سَأَمْشِي رَافِعَاً رَأْسِي بِأَرْضِ النُّبْلِ وَالطُّهْرِ
وَمِنْ تَقْدِيسِ أَوْطَانِي وَحُبٍّ فِي دَمِي يَجْرِي
وَمِنْ ذِكْرَى كِفَاحِ الأَمْسِ مِنْ أَيَّامِهِ الغُرِّ
سأجعل للعلا زادي وأقضي رحلة العمر
هنا صوت يناديني تقدم أنت سوداني
****
فيا وطني سلمت غدا نحقق مشرق الأمل
سنجعل أرضنا خلدا بهيجا وارف الظل
فباسمك يعمل الصانع والفلاح في الحقل
وإن تبذل جهود فتى فخيرك غاية البذل
هنا صوت يناديني تقدم أنت سوداني
****
مضى عهد مضى ليل وشق الصبح أستارا
فلا ذل ولا قيد يكبلنا ولا عارا
نصون لأرضنا استقلالها ونعيش أحرارا
هنا صوت يناديني تقدم أنت سوداني"
الشاعر إدريس جماع، رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى
في السودان للأسف في كثير من الأحيان نعاني من التسرع في إتخاذ القرارات التي تحسم بالتصديق وتنفيذ بعض الأمور التي تهم المواطنين بل قد يكون القرار نفسه عشوائيا من قبل مسؤول له نفوذ لا يفكر ويخطط التخطيط السليم فقراراته بعد فوات الأوان لا تأتي نتائجها ناجحة تفيد شعوباً ووطناً كاملاً كانت له حضارات لا تزال آثارها تشهد بعظمة من كانوا يخططون ويحكمون في ذاك الزمن البعيد. "البصيرة أم حمد" أي المسكوت عنه من عيوب بعض المسؤولين وأصحاب القرار يجب كشفه و مواجهته بشجاعة من غير مجاملة بل مساءلتهم لكن من غير التجريح الشخصي. أعني بذلك عندما توكل مهمة حساسة في أمور الدولة أو المجتمع يجب بدقة إعتبار معيار الكومبيتينس"الرجل المناسب في المكان المناسب" بعيدا عن المجاملة الحزبية أو الدينية إو الجهوية التي تضرر حاضر ومستقبل وطن بأكمله
قبل سنوات مضت كتبت أكثر من مرة وكذلك كتب غيري عن خطورة وجود المطار الحالي وسط الخرطوم بعد أن كان طرفياً خارج الخرطوم عند تكوينه قبل ستينيات القرن الماضي. و كتبت كيف يمكن الاستفادة من هذه المساحة المهولة ذات الموقع الاستراتيجي لتكون منطقة سياحية وترفيهية أولا لخدمة وراحة المواطنين السودانيين الغلابة أنفسهم والذين لا يتمكنون للسفر للسياحة أو سواها خارج البلاد كغيرهم من ميسوري الحال. ثانيا لكي ينعم بروعتها ووجودها أجيال تأتي بعد مئات السنين. أرض هذا المطار إذا صدقنا النيات ملك مشاع للمواطنين السودانيين المفروض يظل حقا مشروعا إلى أن تقوم الساعة. على سبيل المثال هايد بارك المشهورة سياحياً التي تحتل مساحة كبيرة في لندن قد تعدل مرات المساحة الحالية لمطار الخرطوم ولكن عبر مئات السنين رغم الضائقة السكانية جراء صغر مساحة الجزيرة البريطانية وتضاعف السكان حاليا إلي أكثر من سبعين مليوناً لم يفكر الإنجليز في إستثمار مساحة هذه الحديقة الإستراتيجية ماديا وتحويلها إلي ناطحات سحاب قبيحة المنظر كالذي نشاهده قد خيم حاليا على بعض مدن الخليج ماسحا تراثا جميلا كان في ثمانينيات القرن الماضي فتغيرت اليوم إلي مدن مجهولة الهوية، لا عربية هي ولا إسلامية المظهر .خلال ثلاثينيات حكم الإنقاذ كانت ترشح من قبل العملاء وسماسرة بيع الذمم وأصول الشعوب التي لا رأي لها إشاعات عن نية الحكومة لبيع مساحة مطار الخرطوم جرما ولا تزال حتى اليوم نار جشع بيع المطار يغطي دخانها سماء المطار و كأنه هو يستغيث الله لعل قطرا ينهال عليها من السماء يطفئوها . والله يشهد لا يوافق على بيع هذه المنطقة إلا شخص قصير النظر، لا وطنية له ولا يخاف اليوم الذي سيقف فيه مسؤولا أمام الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون. لذلك إيمانا مني قاطعا أقول لا يجوز بيع أي متر من مساحة أرض ذات أهمية في الوطن تعود ملكيتها للشعب كله بل جيلاًَ سياتي وسيكون وإن بعد قرون فلا يجوز بدون تريث ولا قبل دراسة بحثية من جهات ذات خبرة واختصاص يتم بعد ذلك عرضها لإستفتاء شعبي قبل أن يفقد الوطن جزءا مهماً من أرض مواطنيه ، "ولا نزال نعض إصبع الندم على فقدنا جنوبنا الغالي"
هنا أرفع صوتي كمواطن تهمه مصلحة الوطن والمواطن الحالية والمستقبلية "منادياً في الآفاق " لا ثم لا لبيع مطار الخرطوم رداً على شخص مجهول رشح رأيه الفطير على بعض منتديات التواصل الإجتماعي بأن موقع مطار الخرطوم الحالي ذو قيمة عالية إستثمارياً ونسبة لخطورة موقعه وسط العاصمة يمكن الإستفادة من قيمة البيع في بناء مطار جديد! والله لقد صدق ولكنه في نفس الوقت قد كذب كذباً مستتراً. لقد صدق بأن وجود المطار الحالي ضاراً بيئياً وصحياً وأمنياً على سلامة المواطنين والمساكن المجاورة ، وقد ذكرت أنا وغيري كثيرون متخصصون في علم الكوارث في مقالات سبقت بالتفصيل عن كل ذلك. لكن لم يقترح أي منا بيع المطار.
لقد كذب، لأنه إذا سألناه "إذا عرض الموقع للبيع من الذي سيشتريه وهل سيؤل كل الريع فقط لمصلحة المطار الجديد؟" الجواب معروف سلفاً "الفائز سيكون أجنبي قح مستعمر مستثمر ومستفيد" وسودانيون حوله من ناس "بيت سبق الجوع" أنساهم طمع الثراء السريع الحرام لقاء الله و غفلوا بأن رحلة الحياة جدا لقصيرة سيفتحون قنوات جيوبهم لتلغف من الزبد الذي سريعاً ما يذهب جفاءً "وخط هيثرو وبيت السودان في لندن وغيرها من ممتلكات السودان بالخارج التي ضاعت ستشهد ضد من تغولوا على ملكيتها للوطن والمواطن السوداني فباعوها "منهم من استعجلته المنية ومنهم من هو مريضاً عضوياً أو نفسياً ينتظر، الرحيل حيث لا ينفع الندم "
الأمر الثاني والمهم لو صدق ابناء السودان في شد الأحزمة على البطون و "طلاق" الفساد ثلاثة ، فيمكنهم أن يبنوا من الصفر مطاراً جديدا عالمياً وان يعمروا بإذن الله ما أتلفته الحروب بما تجود به هذه الأرض الطيبة من خيرات زروع ومعادن و لا داعي لإعمار الميؤوس منه"هو في الواقع كترقيع العراقي المهتوك" يكلف قروضاً لا تنتهي ولا داعي لإعمار هذا المطار القديم المتهالك الذي زاد قبحاً بعدما دمرته هذه الحرب البليدة الغاشمة. أما أسباب عدم صلاحية وجوده وسط العاصمة فهي حقيقة ظلت غائبة طيلة الزمن "بسبب مصلحة منتفعين وهم كثر " . فوجوده الحالي "موقعاً"، وبشكله وصالاته وخدماته اللوجستية والأرضية التي كانت قبل الدمار عيب فاضح ومخجل لبلد كبير هو السودان ، وتكلفة إعمار هذا الخراب ستكفي نفسها لبناء القواعد الأولية لبناء مطار جديد (على الأقل مدرج واحد سيكفي في البداية كما هو الحال في المطار القديم مع إضافة إنشاء جملونات مثل تلك التي كونت صالات الحج بدلاً لمباني تسيير ذهاب واستقبال المسافرين "فمطار جوبا الحالي ألم يكف حاجة دولة جنوب السودان ؟" حتي يتم مرحليا إكمال بناء المطار الدولي المنتظر حسب المواصفات والمقاييس المطلوبة عالمياً وسياحياً بعيداً عن العاصمة. المساحات المهولة خارج العاصمة متوفرة لتحقيق ذلك وحتى لبناء ترمينالات (صالات كبيرة حديثة ) وفروع الشحن الجوي وكذلك مترو يسهل مرونة إنسياب الحركة وسرعة السفر ذهابا وإياباً من قلب العاصمة إلى المطار الجديد وإن بعد عشرين كيلومترا من العاصمة فسيكون قريبا بإذن الله حتى من مدن بعيدة مثل مدني وكوستي وشندي وأتبرا عندما تتوفر قطارات رابطة و سريعة. هذه المساحات التي تسمح لتشييد مطار دولي حديث لمتوفرة شرق النيل وشمال الخرطوم بحري وحتى غرب أمدرمان.
أرجو أن يتعقل كل سوداني أنيطت له مسولية ما عندما يفكر و يريد أن يدلي برأيه في موضوع يهم المجتمع قاطبة وليس أفرادا أو مجموعات ذات أيديولوجية نطاقها يدور في خدمة مصالحها فقط، أيضاً أرجو أن يضع في ذهنه مصلحة الوطن الكبير حتى حلول خمسمائة سنة قادمة تنتظر . يجب أن نثبت أن لنا كيانا له قيمة ولنا مفكرين ذوي قدرات وعقول تخطط ويجب أن نترك لهم مساحة كافية في حرية التعبير وتداول الأفكار بكل طيبة نفس وثقة بإن مقصد كل شخص منهم مقصداً سليما صادقا يخدم مصلحة الوطن ومصلحة كل المجتمعات البدوية والحضرية لا فرق. فبيع أرض المطار إلي منطقة إستثمارية وتجارية كما جاء في الإقتراح لم يغير من ما يخشى منه، بل سيتحول المكان إلى منطقة مكتظة بناطحات السحاب القبيحة مع كثافة مرور السيارات ومطالب طرق جديدة أو أنفاق للموصلات والصرف الصحي ومآلات التأثير السلبي على البيئة وصحة المواطنين ستكون جداً كارثية. لذلك والعالم يعاني من ارتفاع درجات الحرارة وعلى الخصوص الخرطوم (تعاني من أعلى درجة حرارة في العالم) نتيجة الاحتباس الحراري فأفضل شيء في رأيي هو تحويل هذه المساحة مترامية الأطراف إلي جنة عدن ، أعني بقعة خضراء تلطف الجو، تجري من تحتها الأنهار تحفها أشجار ذات ثمار ورافة الظلال وتجذب السياح للاستجمام والترفية . تجربة إنجلترا في هايدبارك ومساحاتها الخضراء الجاذبة الأخرى مثل ريجنت بارك وغيرها (تعادل أربعين في المائة من مساحة إنجلترا) يمكن أن يستثمر السودان بشراء الخبرة من الإنجليز وستعود للسودان تلك المنطقة الجميلة بالخير خاصة إن الخرطوم تحفها الأنهر العذبة التي لا تتوفر في أي بلد آخر على هذه الكرة الأرضية. فى حالة عجز العقل السوداني عن حل عقدة بناء المطار الدولي الجديد والإستعانة ببيوت خبرات أجنبية متخصصة في هذا الشأن متوفرة في أروبا وأميركا ولا عيب في طلب العلم والخبرة ودول الخليج لم يرتفع شأنها إلا بالإستعانة من الخبراء الأجانب حتى يومنا هذا
أقول هذا مكرراً مرة أخرى و مذكراً والله يشهد صدق المقصد ورحم الله الشاعر إدريس جماع وكل الذين مجدوا مثله بشعرهم وأغانيهم وكتاباتهم هذا الوطن المعطاء الحبيب السودان (حليل زمنهم الجميل وحليلهم دوام نطراهم)، و هنا صوت يناديني ويناديك عزيزي القارئ، تقدم فأنت سوداني وأنا سوداني
تتمة ، أسمعوا ما ينصح به آخرون:
(1)
على منصة إكس غرد الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري السابق أن السودان يدخل مرحلة صعبة وسأل الله عز وجل أن يعينه على تجاوزها، وعلى تضميد جراحه بالتسامح والمصالحة الوطنية التي تعلو فوق كل المآسي، وما أزهق فيها من أرواح بريئة ودماء عزيزة. ومن أجل ذلك لا بد للسودان في المرحلة الجديدة من إدارة حكيمة، فمن قاد المعركة في الميدان قد لا يستطيع بالضرورة أن يقود بمفرده معركة الاقتصاد وإعادة البناء بنجاح، ولا بد للجيش أن يستعين بالكفاءات المدنية، وما أكثرها في السودان، لإعادة بناء سودان جديد موحد ومتسامح كما عرفناه دائما ونعرفه اليوم”.
ونوه شيخ جاسم إلى ان السودان قد عانى خلال سنوات طويلة من مؤامرات كثيرة من حوله استهدفته بهدف تقسيمه ونهب ثرواته، لذلك فإن السودان يحتاج الآن إلى تفكير متروي وعميق وتكاتف شعبي حول قيادة موحدة تحفظ للسودان مقدراته ووحدة ترابه. وتابع: “هو بحاجة إلى كوادر متخصصة يدعمها الجيش ليتحقق الإنجاز المنشود وليشعر السودانيون بالأمل، بعد أن مَنَّ المولى عز وجل على السودان بزوال غمة سيطرة الميليشيات على البلاد ومقدراتها”.
(2)
مستقبل المطارات العالمة تصميما وإدارة وما تقدمه من خدمات تحكمها سلامة وتأثير وجود تلك المطارات على البيئة ولا شك في المقام الأول على سلامة وصحة الإنسان . أهمها خطر التلوث والضوضاء إضافة إلى الكوارث من وقوع أو إصطدام الطائرات جعل منظمة الطيران العالمية والدارسين يفكرون حتى في إيجاد بدائل للبترول تكون صديقة للبيئة كما يستشف من الورقة أدناه و المنشورة حديثاً
Energy and Sustainabilty
https://www.mdpi.com/1996-1073/18/6/1360Airports
aa76@me.com