الجزيرة:
2025-04-14@11:08:51 GMT

4 دول ترسم مستقبل سوريا

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

4 دول ترسم مستقبل سوريا

لم يكن سقوط نظام الأسد في سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول أمرًا متوقعًا لدى أي من دول المنطقة أو العالم، بل حتى لدى إدارة العمليات العسكرية التي قادت العملية، رغم إصرار بعض المحللين على أنه أمر مخطط له.

فتصريحات القيادة العسكرية، وتصريحات دول المنطقة حتى بعد انطلاق الحملة العسكرية كانت تتحدث عن عمليات عسكرية ضيقة في حلب وريف إدلب؛ بهدف إسكات قصف النظام على المعارضة وقتها، و"ردع العدوان" الذي استمرّ به النظام السوري رغم الاتفاقيات المتتالية في جنيف وأستانا، وغيرها.

بيدَ أن انهيار الجيش السريع والمفاجئ أمام تقدم مقاتلي قيادة العمليات العسكرية أدى إلى ارتجال خطط جديدة والإسراع نحو دمشق من الشمال والجنوب بتقنيات "الحرب الخاطفة" والتي لم تستطع قوات النظام الصمود أمامها، وأصدرت الأوامر بتخلي الجنود عن مواقعهم، وانتهت بوصول قوات المعارضة إلى دمشق، وهروب بشار الأسد إلى روسيا في مشهد لم يكن مطروحًا على الساحة إطلاقًا قبل عشرة أيام فقط من بداية العمليات.

هذا الانتصار السريع أثار قلق دول المنطقة ومنها الأردن تجاه أمرين أساسيين:

أولًا: احتمالية الفوضى التي تقع بعد سقوط الأنظمة عادة، والانفلات الأمني الذي قد يؤدي إلى تشكيل خطر على المملكة من حدودها الشمالية. ثانيًا: هوية الفصائل التي قادت المعركة والتي تنتمي لتنظيمات كان لديها عداء تاريخي مع الأنظمة العربية، وخاصة الأردن. إعلان

هذه المخاوف المبررة التي تشاركتها المملكة الأردنية مع عدد من الدول، دفعتها في خطوة شديدة الأهمية إلى الدعوة إلى مؤتمر العقبة في الرابع عشر من ذات الشهر (ديسمبر/كانون الأول)، والذي شارك فيه أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية التي تضم الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، بحضور وزراء خارجية قطر، والإمارات، والبحرين، وتركيا. بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والأمم المتحدة.

قوبل هذا الاجتماع ببرود في البداية من قبل السوريين؛ لأنه أكد على الرعاية الأممية وتطبيق القرار 2254 الذي يدعو لتحول سلمي سياسي في سوريا، وهو قرار يعتبره السوريون مرتبطًا بحقبة قد انطوت صفحتها، فقد سقط النظام وسقطت الأطراف المتفاوضة، ولم يبقَ إلا الشعب السوري والدولة السورية الجديدة، والتي كانت القيادة الجديدة وقتها قد بدأت باستلامها، وتعيين وزراء للوزارات السيادية.

لكنني أعتقد أن قيمة هذا المؤتمر لم تكن تكمن في البيان الصادر عنه، والذي أكد إضافة إلى ما سبق، على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة العازلة في الجولان والقنيطرة. فقيمته الحقيقية هي في شبكة التحالفات الجديدة التي استطاعت المملكة الأردنية أن تبنيها بشكل سريع وديناميكي مع الأطراف التي تملك مصلحة إستراتيجية في استقرار سوريا وأمنها على المديَين؛ المتوسط، والبعيد.

أتحدث هنا، بالإضافة إلى الجمهورية العربية السورية نفسها، عن المملكة العربية السعودية (الحليف التاريخي للأردن)، وتركيا، وقطر، وهي الدول التي يبدو أنها اتفقت بعد مؤتمر العقبة على المشاركة الفعالة في بناء وإعمار سوريا الجديدة والحرص على أمنها واستقرارها وانتقال السلطة فيها إلى الحكومة الجديدة بطريقة سلسة، أو على الأقل معقولة.

في أعقاب المؤتمر، كان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي صاحب أول زيارة رسمية لدولة عربية للقاء أحمد الشرع ووزرائه، تلته الوفود العربية من قطر، والسعودية. تبع ذلك في خطوات – واضح أنها مخطط لها – الزيارة الرسمية الأولى للفريق (السياسي- الأمني- العسكري) السوري إلى المملكة العربية السعودية، حيث قابلوا أيضًا نظراءهم هناك.

إعلان

وأعلن الأردن بعدها عن زيارة فريقه (السياسي- الأمني- العسكري) إلى تركيا، ثم إلى سوريا ممثلًا بوزير الخارجية ومدير المخابرات ورئيس هيئة الأركان، لتعقبها زيارة بنفس المستوى من الطرف السوري إلى الأردن.

المنطقة إذن، تتنفس ولأول مرة من رئتها التي كانت مغلقة من زمن طويل. فعلاقة الأردن بالأخت الكبرى لبلاد الشام لم تكن مثالية حتى قبل الثورة، بل منذ تولي حزب البعث مقاليد الحكم في سوريا؛ فقد هدد حدودها أكثر من مرة، واعتقل الأردنيين وخطفهم وعذبهم، وخرّب مشاريع إستراتيجية أردنية اقتصادية، وكان سببًا في تصدير متكرر لعناصر حاولت زعزعة أمن الأردن.

كما أنه حول سوريا بالكامل إلى مصنع مخدرات واستخدم عصابات منظمة عبر الأردن ليوصل إنتاجه إلى دول الخليج. وذلك كله فضلًا عن خريطة تحالفاته البائسة مع إيران والتي كانت وبشكل فعال تهدد أمن المنطقة بالكامل.

يشعر الأردن أنه أمام شريك "محتمل" يمكن العمل معه على الملفات الأساسية، فقد أبدت الحكومة السورية المؤقتة مرونة شديدة، كما أعطت ضمانات للمملكة الأردنية حول إيقاف تصدير الكبتاغون والمخدرات، وأمن الحدود الشمالية، وعودة اللاجئين. وأعطت ضمانات أخرى لتركيا والخليج والمجتمع الدولي، مما أثار شعورًا بالارتياح أمام معظم دول المنطقة واعتقادًا بأن اللاعب السوري الجديد عاقل وليس كسابقه.

أدى هذا -بنظري – إلى تشكل حلف مرن (أو تنسيق على الأقل) بين الدول صاحبة المصلحة الإستراتيجية في استقرار سوريا وأمنها، وهي الدول التي أحب أن أسميها تيمنًا بدول حلف العقبة؛ سوريا، والأردن، والسعودية وقطر، وتركيا، والتي يبدو أنها ستعمل معًا في المرحلة القادمة بشكل فعال، وفي ملفات لا تقتصر على الملف السوري.

وما نأمله هو أن تشكل دول حلف العقبة قوة احتواء للعدو الصهيوني على المدى البعيد، ورمانة الميزان في هذا ستكون دون منازع الأردن، فهو خط المواجهة الأول مع العدو الصهيوني الذي يهدد الضفة الغربية والأردن بشكل مستمر.

إعلان

ومع أن المملكة استطاعت حتى الآن -دبلوماسيًا – منع توسع الصراع باتجاه صراع إقليمي، إلا أنه من الواضح أننا لا نعمل مع طرف عاقل يريد إنهاء الصراع، بل يريد إشعال حرب إقليمية شاملة سيكون الأردن فيها في خط النار الأول. ولذلك فإن الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الأردن الآن وتشكيل خريطة التحالفات الجديدة والجمع بين السعودية، وتركيا، وقطر، وسوريا في مجال حيوي تنسيقي واحد، هي أفضل طريقة ممكنة لمواجهة التحديات القادمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دول المنطقة

إقرأ أيضاً:

دكتوراه فخرية لسفير المملكة في بريطانيا من الأكاديمية البحرية العربية

منحت الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إحدى منظمات جامعة الدول العربية المتخصصة، شهادة الدكتوراه الفخرية لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة رئيس الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية العمومية للمنظمة البحرية الدولية (IMO)، وذلك خلال حفل رسمي أُقيم في مقر المنظمة البحرية الدولية في لندن.
ويأتي هذا التكريم تقديرًا لإسهامات سموه البارزة في دعم جهود ومبادرات المملكة العربية السعودية في القطاع البحري ومساندة طموحات الدول العربية، إلى جانب دوره في تعزيز استدامة الصناعة البحرية وإسهاماته في تحقيق أهداف المنظمة البحرية الدولية، إضافةً إلى قيادته الفاعلة لرئاسة الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية العمومية للمنظمة، والتي شكلت محطة مهمة في مسيرة العمل البحري العربي والدولي.
أخبار متعلقة منح حرم خادم الحرمين الشريفين الأميرة فهدة آل حثلين الدكتوراه الفخريةبرعاية خادم الحرمين.. الأميرة فهدة آل حثلين تكرم الفائزات بجائزة الأميرة نورةواشنطن.. وزير الخارجية يبحث العلاقات الاستراتيجية مع نظيره الأمريكي .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } سفير المملكة في بريطانيا يتسلم دكتوراه فخرية من الأكاديمية البحرية العربية - واس سفير المملكة في بريطانيا يتسلم دكتوراه فخرية من الأكاديمية البحرية العربية - واس var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });قطاع النقل البحريوقال صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن سلطان في كلمته بهذه المناسبة: "أشكر الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والقائمين عليها، على هذا التكريم الذي يمثل حافزًا لتعزيز العمل المشترك نحو تمكين الدول العربية في قطاع النقل البحري، وترسيخ حضورها في المحافل الدولية".
وأشار إلى أنّ النهوض بهذا القطاع الحيوي يتطلب مواصلة التعاون وتبادل الخبرات، بما يسهم في دعم التنمية المستدامة وتحقيق التكامل البحري واللوجستي في المنطقة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } سفير المملكة في بريطانيا يتسلم دكتوراه فخرية من الأكاديمية البحرية العربية - واس سفير المملكة في بريطانيا يتسلم دكتوراه فخرية من الأكاديمية البحرية العربية - واس var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وتعد الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري مؤسسة تعليمية عربية متخصصة، تعمل على إبراز الجهود القيادية في القطاع البحري، وتقديم الدعم العلمي والتدريبي لتطوير الكفاءات البشرية في مجالات النقل البحري واللوجستي، من خلال برامج أكاديمية ومبادرات تعاونية تخدم المنطقة العربية.

مقالات مشابهة

  • ما مستقبل الوضع الأمني في درعا بعد تسليم اللواء الثامن سلاحه للجيش السوري؟
  • مستقبل وطن: جولات الرئيس السيسي تجسد رؤية مصر لتعزيز التضامن العربي ودعم فلسطين
  • الخارجية: المملكة تُدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر غرب السودان
  • الرئيس السوري يصل إلى الإمارات العربية المتحدة
  • المملكة تُدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر غرب السودان
  • المملكة تُدين الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين بالسودان
  • بالاتفاق مع قسد.. الجيش السوري يدخل منطقة سد تشرين في ريف حلب
  • دكتوراه فخرية لسفير المملكة في بريطانيا من الأكاديمية البحرية العربية
  • ضبط 3 أشخاص حاولوا التسلل من سوريا إلى الأردن
  • الرئيس السوري في تركيا.. تعزيز التعاون الدولي وسط التحديات الإقليمية