#سواليف

بين #الطغيان و #السقوط: لماذا تنتهي #أنظمة_الاستبداد بالثورات؟
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

تتشابه أنظمة الاستبداد مهما اختلفت الأزمنة والأماكن، فهي قائمة على نهج موحّد من القمع والفساد، تسعى من خلاله إلى السيطرة المطلقة على #الشعوب وتكميم الأفواه، غير مدركة أن دوام الحال من المحال، وأن عدالة الشعوب هي اليد التي تقلب موازين الطغيان، مهما طال بها الزمن.

إن أبرز ملامح أنظمة الطغيان تكمن في ممارساتها القمعية التي لا تعترف بحدود أخلاقية أو قانونية. من القتل خارج إطار القانون إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تُغلق هذه الأنظمة كل أبواب #الحرية، لتفتح بالمقابل أبواب #السجون والمعتقلات. في ظل هذه السياسات الوحشية، يتحوّل الوطن من ملاذ آمن إلى ساحة مفتوحة للترهيب والخوف.

مقالات ذات صلة غزة ..10% من حالات القصف الصهيوني تسببت بتبخر جثامين الشهداء 2025/01/11

لكن القمع ليس وحده السمة المشتركة. في ظل هذه الأنظمة، تصبح الثروات الوطنية حكرًا على فئة صغيرة من المنتفعين الذين يكدّسون المال والسلطة، بينما تعاني الأغلبية الساحقة من الفقر والتهميش. الفساد يصبح ثقافة عامة، والبطالة والجوع والجريمة تنتشر كالنار في الهشيم، لتُثقل كاهل المواطن الذي يجد نفسه عالقًا بين مطرقة القمع وسندان الفقر.

ولم تقتصر ممارسات هذه الأنظمة على الداخل فقط، بل امتدت لتشمل خيانة قضايا الأمة. من الشرق إلى الغرب، تتشابه الأنظمة المستبدة في تفريطها بالمصالح الوطنية والقومية، واستبدالها بالتحالفات الخارجية التي تضمن استمرارها على حساب تطلعات شعوبها. في اليمن وليبيا وسوريا، كان ثمن هذا التواطؤ باهظًا، حيث أُهدرت الأرواح وضاعت الثروات تحت ستار المصالح الضيقة.

لكن عجلة الزمن لا تتوقف، وكما أن هناك بداية لكل طغيان، فهناك أيضًا نهاية حتمية. تنهار قواعد الشرعية التي تستند إليها هذه الأنظمة تدريجيًا، مع تزايد وعي الشعوب وتصاعد غضبها. النخب المستفيدة من فساد هذه الأنظمة تنأى بنفسها مع اشتداد الأزمة، والجيوش وأجهزة الأمن التي كانت حصنًا لها تتحطم أمام الإرادة الشعبية. الحلفاء الخارجيون الذين طالما مدّوا الأنظمة المستبدة بمقومات البقاء يتخلون عنها عندما تصبح عبئًا سياسيًا.

التاريخ مليء بالأمثلة على ذلك. من سقوط شاه إيران، إلى انهيار نظام حسني مبارك في مصر، وصولاً إلى نظام بشار الأسد الذي كان رمزًا للقمع والاستبداد لعقود. الثورة السورية كانت صرخة مدوية في وجه الطغيان، استمرت لأكثر من عقد، ودفع فيها الشعب السوري ثمنًا باهظًا من أرواح أبنائه ومقدرات وطنه. لكنها كانت أيضًا دليلًا على أن الشعوب لا تُقهر، وأن فجر الحرية لا بد أن يبزغ مهما طال الليل.

إن #الثورة ليست مجرد فعل احتجاجي، بل هي نتيجة حتمية لممارسات الطغيان. مع نضوج الوعي الثوري لدى الشعوب، يتحوّل الغضب الشعبي إلى بركان ثائر لا يمكن احتواؤه. تدرك الشعوب في النهاية أن الصمت على الظلم يعني استمرار القمع والاضطهاد والفساد، وأن الطريق إلى الحرية لا يمر إلا عبر المواجهة والصمود.

الثورة السورية خير مثال على ذلك. كانت الثورة أكثر من مجرد انتفاضة ضد نظام مستبد؛ كانت تعبيرًا صادقًا عن تطلع الشعب السوري إلى الكرامة والحرية. أصبحت رمزًا عالميًا للصمود في وجه الظلم، ومصدر إلهام للشعوب الأخرى التي ما زالت تخضع لأنظمة استبدادية مشابهة.

ختامًا، الطغاة قد يظنون أن قبضتهم الحديدية كفيلة بحمايتهم إلى الأبد، لكن التاريخ يثبت عكس ذلك. الشعوب لا تنسى، والظلم لا يدوم. السؤال الآن ليس هل ستثور الشعوب، بل متى ستثور؟ الإجابة تكمن في إيمان الشعوب بحقها في التغيير، وفي قوة إرادتها لتحقيق الحرية والكرامة. الثورة ليست خيارًا، بل هي قدرٌ تفرضه الشعوب عندما تعي قوتها وتكسر قيودها.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الطغيان السقوط الشعوب الحرية السجون الثورة هذه الأنظمة

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي يفضح إنتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر وملاحقة الكبرانات للنشطاء بتهم الإرهاب

زنقة20| علي التومي

كشف تقرير حديث لمقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بوضع المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور، عن تصاعد وتيرة القمع والإنتهاكات الممنهجة في الجزائر، مما يؤكد ما حذرت منه عدة منظمات حقوقية دولية سابقا.

وأوضح التقرير المدون في 18 صفحة، أن السلطات الجزائرية تستخدم قوانين مكافحة الإرهاب، مثل المادة 87 مكرر من القانون الجنائي، كأداة لقمع الأصوات المعارضة، بما في ذلك الصحفيون والنشطاء الحقوقيون.

ورغم محاولات النظام الجزائري الترويج لالتزامه بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فإن الوقائع تعكس عكس ذلك، حيث أغلقت السلطات العديد من الجمعيات المدنية، أبرزها الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وشددت الرقابة على الإعلام المستقل، ما أدى إلى سجن صحفيين بارزين مثل الصحفي الجزائري “إحسان القاضي”.

وفي ردها على التقرير، نفت السلطات الجزائرية وقوع أي تجاوزات، معتبرة أن قوانينها تتماشى مع التشريعات الدولية، في محاولة واضحة لتبرير القمع الممنهج، إلا أن المراقبين اادوليين يرون أن كل هذه الادعاءات لا تصمد أمام الحقائق الميدانية التي تؤكد استمرار التضييق على الحريات الأساسية للمواطنين بالجزائر.

ويأتي هذا التقرير الصادم ليضع النظام الجزائري العسكري في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، ويزيد من الضغوط المطالبة الدولية بوقف الانتهاكات وضمان حرية التعبير والتجمع السلمي داخل بلد عربي يعيش اسوا حالات القمع والإضطهاد والتضييق في التاريخ الحديث.

إلى ذلك يرى نشطاء بالداخل الحزائري، ان  نفاق النظام الجزائري في عادة مايتجلى في محاولاته تجميل القمع من خلال خطاب يستند إلى الشرعية والاتفاقيات الدولية، بينما يتم تجاهل هذه القوانين بشكل منهجي أو التلاعب بها لتبرير الاضطهاد السياسي القائم بالجزائر مايفرض تدخل حازما للمنظمات الدولية لمحاسبة هذا النظام القمعي.

الجزائرحقوق الإنسان

مقالات مشابهة

  • من المشلعيب إلى المنافي محنة المبدع السوداني بين القمع والهروب- حول كتاب مهارب المبدعين
  • يمن الإيمان يعلن النفير العام لمواجهة الطغيان المعاصر
  • أطروحات فكرية تجدد شرعية الاستبداد وتغذي تحالفات السلطة في العالم العربي
  • نحن وإياهم في زمن الإمبريالية الصاعدة
  • تقرير أممي يفضح إنتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر وملاحقة الكبرانات للنشطاء بتهم الإرهاب
  • اليمن: صمودٌ أُسطوريٌّ في وجه الطغيان العالميّ
  • كلنا إرادة استنكرت محاولات تشويه سمعتها: لن نخضع لمحاولات القمع والتخويف
  • صناعة الشعوب المشوهة
  • السوريون والبحث عن تعايش سلمي متكافئ
  • غيث حمور: أدب المنفى السوري وجد طريقه أخيرا للوطن