عربي21:
2025-02-11@12:55:00 GMT

ساركوزي في قفص القذافي

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

بدأت يوم السادس من الشهر الحالي، محاكمة الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي، بتهمة تلقي مبلغ خمسين مليون يورو من الراحل معمر القذافي، لتمويل حملته الانتخابية الرئاسية عام 2007. المتهم الثاني في هذه القضية، الوزير السابق غيون مع عشرة متهمين آخرين.

في صباح يوم من أيام عام 2021، اتصل بي هاتفياً ضابط شرطة إيطالي، وقال إن ثلاثة قضاة تحقيق فرنسيين سيصلون إلى روما بعد أربعة أيام، ويودون الالتقاء بي إن لم يكن لدي مانع.

زارني الضابط الإيطالي بعد ذلك وناقشت معه تفاصيل الموضوع.

التقيت قضاة التحقيق الفرنسيين الثلاثة. قال أحدهم في البداية: إن لديهم جملة من الاستفسارات، حول ما قيل عن تلقي ساركوزي، مبلغ خمسين مليون يورو من ليبيا في عهد القذافي لتمويل حملته الانتخابية الرئاسية عام 2007. قدم لي أحدهم ورقة كتبت عليها سطور باللغة العربية، وقال إنها بخط يد الراحل رئيس وزراء ليبيا الأسبق الدكتور شكري غانم في كراسة مذكراته.

سألني القاضي الفرنسي: هل هذا خط شكري غانم؟ أجبته بأنني غير متأكد. ما نسب إلى شكري في الورقة هو، أن بشير صالح مدير مكتب القائد، أخبر أنهم دفعوا مبلغ خمسين مليون يورو لساركوزي لتمويل حملته الانتخابية.

سأل الثاني: هل وزارة الخارجية الليبية التي كنت وزيراً لها آنذاك، هي من دفعت المبلغ؟ أجبته بأن الخارجية تتم كل تحويلاتها عبر البنوك، وليست لها أموال سائلة، ويمكنكم مراجعة البنوك الفرنسية. وأضفت أن العلاقة بين ساركوزي والقذافي، كانت تتم عبر بشير صالح مدير مكتب القذافي وغيون الوزير الصديق المقرب من ساركوزي.

قرأ القاضي أقوالاً نسبها إلى الدكتور البغدادي المحمودي، رئيس الوزراء الليبي الأسبق، جاء فيها، أننا كنا في اجتماع مع القذافي حضره بشير صالح، وأنني هاجمتُ صالح بشدة، بسبب اتصالاته بمسؤولين أجانب من دون علمي، وذكرت اتصالاته مع الوزير الفرنسي غيون، وأن القذافي غضب لذلك، وأمر بالتحقيق مع صالح. أجبته: نعم حصل ذلك، ولكن لم يتم أي تحقيق مع صالح.

بعد فوز الرئيس ساركوزي في الانتخابات الرئاسية عام 2007، قام القذافي بزيارة رسمية إلى باريس. كنت الوزير الوحيد الذي رافقه في تلك الزيارة، ومعي محمد الطاهر سيالة مساعدي لشؤون التعاون الدولي، وعلي التريكي المساعد للشؤون الأفريقية، وجمال البرق مدير إدارة التعاون الدولي، وهو الآن سفير ليبيا لدى ألمانيا.

عُقد اجتماع مشترك بقصر الإليزيه برئاسة القذافي وساركوزي. ناقشنا الاتفاقيات التي أعدها الطرفان للتوقيع عليها. عرض الرئيس ساركوزي اتفاقية تنص على أن الطرف الليبي وافق على شراء 12 طائرة رافال عسكرية من فرنسا. قلت له يا فخامة الرئيس، هذا الموضوع لم نناقشه في ليبيا، ولم يُطرح في الاجتماعات المشتركة للطرفين الفنيين.

استمر النقاش بيني وبين الرئيس أكثر من ربع ساعة. همس القذافي في أذني وقال لي: حاول أن تجد مخرجاً معقولاً. قلت للرئيس ساركوزي: قدموا لنا اقتراحاً ندرسه ونرد عليكم فيما بعد. ولم تتم صفقة الرافال. زيارة القذافي لفرنسا رافقتها منغصات عدَّة. مظاهرات من عائلات ضحايا طائرة اليو تي إيه الفرنسية، التي سقطت في صحراء النيجر، ووجهت فيها التهمة إلى ليبيا.

تصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، التي هاجم فيها زيارة القذافي لفرنسا، ووصفه بالمنتهك الأكبر لحقوق الإنسان. كنت أجلس مساء في الفندق ومعي علي التريكي ومحمد سيالة وموسى كوسا رئيس هيئة الأمن الخارجي. اتصل بي نوري المسماري مدير المراسم مضطرباً، وحدثني باللغة الإيطالية، وقال: الدجاج الأسود كله عندنا، والقائد أمر بتجهيز الطائرات للمغادرة حالاً. ذهبت مع موسى كوسا إلى إقامة القذافي، بعد نقاش حضره ابنه المعتصم، أقنعته بمواصلة الزيارة، وعقدت مؤتمراً صحافياً، للرد على ما صرح به برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي.

كانت تلك الزيارة، التي وصفت بالتاريخية، رحلة سارت فوق الألغام، بل زرعت ألغاماً تحرك عدادها التنازلي فيما بعد. كان الهدف الأول للقذافي من زيارته لباريس، توظيف النفوذ الفرنسي الفاعل لفرنسا في أفريقيا، للدفع بمشروعه الكبير في تأسيس الاتحاد الأفريقي، في حين كان طموح ساركوزي، فتح باب السوق الليبية للشركات والمنتجات الفرنسية، في جميع المجالات، وعلى رأسها السلاح والنفط. لم يتحقق شيء من ذلك الحلم الطموح، وشعر ساركوزي، أنه دفع ثمناً سيكلفه الكثير بفتحه باب قصر الإليزيه لمعمر القذافي.

بعد تدخل فرنسا عسكرياً في ليبيا عام 2011، برزت تحليلات مختلفة داخل فرنسا وخارجها، عن دوافع ذلك التدخل. هناك من ذهب إلى أن ساركوزي، هبَّ إلى إسقاط القذافي، بدافع كسر حلقة الحقيقة الأقوى في عملية تمويل حملته الانتخابية، وهناك من ردّ التدخل العسكري الفرنسي، إلى الإحباط الذي شعر به ساركوزي، حيث لم تفتح الأبواب الليبية لشركات فرنسا ومنتجاتها، وبخاصة العسكرية.

التقى الاثنان في حلبة القدر. كل واحد منهما ضرب الآخر بقبضته الخاصة. رحل معمر القذافي، وبقي الرئيس نيكولاي ساركوزي في حلبة قفص القذافي.
وعلى كل حال فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته.

الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ساركوزي القذافي ليبيا فرنسا ليبيا فرنسا القذافي ساركوزي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حملته الانتخابیة

إقرأ أيضاً:

الرئيس الفرنسي يعلن عن رغبته في رؤية أوروبا تلحق بأمريكا في استخدام الذكاء الاصطناعي

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء اليوم الإثنين، أهمية تبني استراتيجية أوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لتعويض تأخر أوروبا في هذا المجال واللحاق بركب هذه الطفرة التكنولوجية.

جاءت تصريحات ماكرون في ختام اليوم الأول من قمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي، حيث ألقى كلمة أعرب فيها عن رغبته في رؤية أوروبا تلحق بالولايات المتحدة في استخدام وتطوير الذكاء الاصطناعي.

واقترح ماكرون أيضًا الاستلهام من استراتيجية ترميم كاتدرائية نوتردام بباريس، في إشارة إلى ترميمها في وقت قياسي بعد أن دمر حريق هائل جزءًا منها، وذلك لتعويض تأخر أوروبا في سباق الذكاء الاصطناعي والذي تهيمن عليه الصين والولايات المتحدة.

وتحت قبة «القصر الكبير» بباريس وأمام الآلاف من الأطراف الفاعلة في عالم التكنولوجيا، تحدث الرئيس الفرنسي قائلًا: «حان الوقت لتبني استراتيجية أوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي».

وأضاف: «لقد أظهرنا للعالم أنه من خلال جدول زمني واضح يمكننا تحقيق ذلك»، في إشارة إلى التطور الذي تحقق عند ترميم كاتدرائية نوتردام ببارس العريقة، داعيًا أيضًا إلى تبسيط الإجراءات والإدارة.

وأوضح أن نهج واستراتيجية العمل الخاصة بترميم كاتدرائية نوتردام سيتم اعتمادها في مراكز البيانات والتراخيص وجاذبية الذكاء الاصطناعي.

كما أشار إلى أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ستقدم، غدًا الثلاثاء، «الاستراتيجية الأوروبية بشأن الذكاء الاصطناعي»، والتي من شأنها أن تسمح للاتحاد الأوروبي بتسريع وتبسيط تنظيم الذكاء الاصطناعي وتعزيز السوق الموحدة والاستثمار أيضًا في قدرات الحوسبة.

وتابع: «نحن بحاجة إلى المزيد من أوروبا، ونحتاج إلى توفير سوق داخلية أكبر لجميع الشركات الناشئة التي تعمل في أوروبا».

يأتي هذا بعد يوم من إعلان الرئيس الفرنسي عن استثمار بقيمة 109 مليارات يورو في فرنسا في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، وخاصة فيما يتعلق ببناء مراكز البيانات.

وقال ماكرون، مساء أمس الأحد: «نريد أن نتقدم بشكل أسرع وأقوى بكثير»، كاشفًا عن استثمار 109 مليارات يورو في مجال الذكاء الاصطناعي في فرنسا خلال السنوات المقبلة، وتشمل هذه الاستثمارات 50 مليار يورو من الإمارات العربية المتحدة، و20 مليار يورو من صندوق بروكفيلد الكندي، و10 مليارات يورو من شركة «فلويد ستاك» البريطانية.

وانطلقت، صباح اليوم الاثنين، فعاليات «قمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي»، بالعاصمة الفرنسية، وتستمر ليومين، بمشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات وقادة منظمات دولية وكبرى الشركات الفاعلة في هذا المجال وممثلين عن المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم.

وحضر نحو 1500 مشارك في القصر الكبير، منذ صباح اليوم، خلال إطلاق هذا الاجتماع الدولي، برئاسة مشتركة مع الهند، وتهدف هذه القمة إلى تعزيز استراتيجية فرنسية وأوروبية طموحة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يسلط هذا الحدث الدولي الضوء على خبرات الأطراف الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا وجمع شركائها الدوليين حول هذه الرؤية المشتركة.

اقرأ أيضاً«الرئيس الفرنسي» يعلن عن خطط لتجديد متحف اللوفر ونقل «الموناليزا» إلى غرفة مخصصة لها

الرئيس الفرنسي يدعو لاحترام التزامات اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

لمواجهة الولايات المتحدة.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى «أوروبا قوية وموحدة»

مقالات مشابهة

  • الرئيس الفرنسي يعلن عن رغبته في رؤية أوروبا تلحق بأمريكا في استخدام الذكاء الاصطناعي
  • الهجرة الدولية: قلقون من المخاطر التي يواجهها المهاجرون في ليبيا
  • الرئيس الفرنسي يفاجئ الجميع بالرقص والغناء ..فيديو
  • فعاليات في خيران المحرق وقفل شمر بذكرى الشهيد الرئيس الصماد
  • الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ صالح علي الرويشان
  • في سابقة بتاريخ فرنسا.. ظهور الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي مرتديا سوار مراقبة
  • قيادة وزارة الثقافة والسياحة يزورون ضريح الشهيد الرئيس صالح الصماد ورفاقه
  • مديريات حجة تشهد فعاليات بالذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس الشهيد صالح الصماد
  • فعاليتان خطابيتان في صرواح وبدبدة بمأرب إحياءً للذكرى السنوية الشهيد الرئيس صالح الصماد
  • وزارة الصحة تُحيي الذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد