عربي21:
2025-01-11@03:58:53 GMT

حكام الغرب يستهترون بالحق والقانون

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

امتدت حياة جو بايدن السياسية أكثر من نصف قرن كان في معظمها عضوا في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. ولم يكن برلمانيا عديم الخصال، فقد أظهر في خدمة ناخبيه في ولاية دالاوار تفانيا أكسبه سمعة حسنة.

ومن علامات فطنته وحسن اطلاعه، مثلا، أنه وجه إلى الفيلسوفة السياسية الشهيرة حنا آرندت في مايو 1975 رسالة يلتمس منها أن ترسل له نص محاضرة كانت قد ألقتها في بوسطن عن اتساع الهوة بين حقائق الواقع الاجتماعي وأكاذيب الخطاب السياسي في أمريكا.

وربما لم يكن الوحيد، ولكن الأكيد أنه كان أحد الساسة الأمريكيين القلائل الذين يتجشمون عناء قراءة نصوص المفكرين السياسيين.

أما في مجال الانحياز الأعمى لإسرائيل، فهو لا يختلف عن زملائه من الساسة وأسلافه من الرؤساء الأمريكيين بالطبيعة، وإنما بالدرجة فقط. هم منحازون لها بنسبة 99 بالمائة أو أقل قليلا، وهو منحاز بنسبة مائة بالمائة. ذلك أنه ليس مجرد صهيوني سياسي بحكم الأمر الواقع الأمريكي، بل إنه «صهيوني فخور»: صهيوني إيديولوجي عن مبدأ وعقيدة. ويكفي شاهدا على ما يعتمل في صدره من حرارة الإيمان أنه هو القائل بكل صدق: إنه لا ينبغي للمرء أن يكون يهوديا حتى يكون صهيونيا.

وليس هذا بقول هين. فالذي يعنيه، إذا مضينا به إلى منتهاه المنطقي، هو أن الصهيونية هي الشرط الطبيعي للبشرية: هي صحيح العقيدة و«دين الفطرة»!

ولا يُنتقد الرجل على ما بدا من إغفائه أثناء اجتماعه قبل أسابيع مع بعض القادة الأفارقة في أنغولا. إذ ليست علامات الإجهاد دليل نقص في الكفاءة أو الأداء. فالمعروف أن الرئيس الجمهوري رونالد ريغان كان يغفو في معظم اجتماعات مجلس الأمن القومي، وأنه لم يكن ملما بالتفاصيل لأنه كان كسولا لا طاقة له بقراءة التقارير المطولة.

ولكن هذا لا يمنع أنه كان من أنجح الرؤساء الأمريكيين في السياستين الداخلية والخارجية، وأنه نال إعجاب جيل الشباب من الساسة الديمقراطيين، وفي مقدمهم بيل كلنتون، تماما كما كانت الزعيمة المحافظة مارغريت تاتشر موضع إعجاب العماليين الجدد، وفي مقدمهم توني بلير وغوردون براون.

وقد كنت مقيما بأمريكا عندما خاض بايدن السباق الحزبي عام 1987 آملا في أن يصير مرشح الديمقراطيين لرئاسيات 1988.

وكان الاعتقاد في البدء أن حظوظه قوية، ولكنه اضطر للانسحاب من السباق في 23 سبتمبر 1987 عقب اكتشاف الصحافة لأباطيله التي كان من أبرزها أنه ضمّن أحد خطبه مقطعين مُنتَحلَيْن من خطاب لزعيم حزب العمال البريطاني نيل كينوك. ولأن كينوك رجل سمح كريم بقدر ما هو خطيب مفوّه فقد تغاضى عن الأمر، ثم انعقدت بين الرجلين منذئذ عرى المودة! وكان الظن أن تلك ستكون آخر أخطاء بايدن العلنية.
الحضيض الترامبي الذي هوت فيه أمريكا يجعل من السهل تنسيب الجرائم وتهوين الخطايا
ولكن ما جازف باقترافه أخيرا يثبت أنه بلغ في سوء التقدير حدا لم يعد يعبأ معه بِمَ ستقضي بشأنه محكمةُ التاريخ. فقد أصدر عفوا رئاسيا «كاملا غير مشروط» عن ابنه رغم إدانته بتهم جنائية خطيرة، ورغم أنه سبق أن تعهد بعدم العفو عنه. وهكذا زعزع بايدن، بإفراطه في «حب الولد» كما يقول أسلافنا، الأساس الأخلاقي الذي يتيح للديمقراطيين (الذين سبق لبايدن ذاته أن أشاد بمرشحتهم الرئاسية كامالا هاريس قائلا إن ضميرها الأخلاقي يبوئها منزلة القدّيسة!) الحَمْل على فساد ترامب ومحاباته لأقاربه وما يعتزمه من العفو عن جميع المذنبين من خلّانه وأعوانه.

وقد أجمع المعلقون الأمريكيون على أن بايدن دنّس شرف الرئاسة وفاقم أزمة الثقة بين الجمهور والساسة. ولكن بما أن الحضيض الترامبي الذي هوت فيه أمريكا يجعل من السهل تنسيب الجرائم وتهوين الخطايا، فقد التمست غايل كولنز في تعليق طريف بعض ظروف التخفيف قائلة: من الألطاف أن بايدن لم يعين ابنه سفيرا، تعريضا منها بترامب الذي عين والد صهره سفيرا في باريس رغم إدانته بتهم أخلاقية وجنائية.

إلا أن المفكر البلجيكي مارتن لغرو قد استبان تماثلا وتواصلا، في مجال الاستهتار بالحق والقانون، بين عفو بايدن عن ولده وبين إعلان فرنسا اعتزامها عدم اعتقال نتنياهو وغالانت بزعم أن إسرائيل ليست طرفا في معاهدة روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية. ذلك أن فرنسا نسيت في غمرة هذا التذاكي المعيب أنها، وجميع الدول الغربية، قد رحبت بمذكرتيْ اعتقال ميلوسفيتش وبوتين رغم أن صربيا وروسيا ليستا من أطراف المعاهدة!

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن الجنائية الدولية الغربية الولايات المتحدة غزة الغرب الجنائية الدولية بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الثنائي: خطاب القسم .. إصلاحي ولكن

وصل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى قصر بعبدا بإجماع سياسي كبير تظهر في الدورة الثانية وترجم في صندوقة الاقتراع بـ 99 صوتا. وسبق الدورة الثانية، لقاء جمع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل مع العماد عون، خلص الى حصول الثنائي، وفق مصادره، على ضمانات حيال الحكومة وتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الاعمار ووزارة المال والتعيينات، ولذلك قررا السير بانتخابه، علماً أن أكثر من مصدر دبلوماسي كان أكد لـ"لبنان 24"مساء الأربعاء وصباح الخميس أن عملية الانتخاب حسمت وأن أحداً لن يستطيع التعطيل.   وضع الرئيس عون في خطاب قسمه خريطة طريق للمرحلة المقبلة، مقدماً رؤيته حول كيفية إدارة البلاد على كل المستويات، لكن مصادر مقربة من حزب الله وحركة أمل تقول: إنه ورغم أن الثنائي الشيعي يتوسم خيراً في الرئيس عون من ناحية مناقبيته وصدقه وثقته الكبيرة بوفائه بالتزاماته، إلا أنه ربما يكون قد شعر بشيء من عدم الارتياح ربطاً ببعض ماجاء في خطاب القسم الذي خلا من استخدام كلمة العدو الاسرائيلي واعتمد صياغة عامة تميل إلى المضمون الدبلوماسي في كل ما يتصل بالاوضاع الجنوبية من ناحية الاعتداءات والاحتلال الاسرائيلي والحدود دون أي إشارة لحق لبنان في الدفاع عن أرضه وحدوده عسكرياً، الأمر الذي يشكل، بحسب هذه المصادر، تحولاً في خطاب الدولة اللبنانية يختلف عما كان في العقود الماضية، كما أن تضمين الخطاب الدعوة إلى الحياد الايجابي هو موقف جديد في مسألة طالما شكلت خلافاً بين المكونات اللبنانية الأمر الذي يستدعي تفاهماً وطنياً حول دلالاتها ومضمونها.   إن تكرار الموقف حول حصرية السلاح بيد الدولة بالإضافة إلى الكلام عن استراتيجية دفاعية لتمكين الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه عن كافة الأراضي اللبنانية يندرج أيضاً، بحسب هذه المصادر، في إطار التحولات المستجدة في الخطاب الرسمي اللبناني، علماً أن خلفية هذا الموقف يمكن أن تفهم في سياق الانسجام مع ورقة الاجراءات التنفيذية للقرار 1701 وما تضمنته من التزامات لبنانية. لكن في مطلق الأحوال، إن هذه البنود التي وردت في خطاب القسم تحتاج، بحسب المصادر نفسها، الى نقاش في مجلس الوزراء لكي تكتسي الصفة الرسمية اللبنانية، انطلاقاً من أن السلطة التنفيذية يمثلها مجلس الوزراء مجتمعاً والذي قد يستدعي أيضاً حواراً وطنياً يتجاوز حدود صلاحية مجلس الوزراء.   أما باقي التوجهات والمواقف التي وردت في خطاب القسم، فهي اتسمت، بحسب المصادر ، بعمومية شديدة لا تتيح فهماً عميقاً ونهائياً لعقيدة الرئيس الجديد في إدارة الدولة، سوى أنها من حيث الاهتمامات واللغة والمقاربة ذات سمة إصلاحية تقترب كثيراً من الأدبيات التي سادت بعد حراك 17 تشرين 2019، خاصة لناحية التأكيد بقوة على استقلالية القضاء ومحاربة الفساد وتفعيل مؤسسات الرقابة الإدارية والقضائية والتشديد على أهمية الحريات والعدل واستعادة الموقع التقليدي للبنان الذي كان سائداً في ستينيات وسبيعنيات القرن الماضي.   كل ذلك، لا يلغي، بحسب هذه المصادر، بعض الأسئلة الإشكالية من قبيل الحديث عن تطوير القوانين الانتخابية دون أي ذكر للتمسك بالنظام النسبي أو الحديث عن حماية الودائع دون الإشارة لاستعادة الودائع، ومقاربة الرئيس في خطابه لموضوع المصارف دون أن يفهم أي وجهة محددة سوف تعتمد في معالجة مسار التعافي المالي والاقتصادي وتحديد المسؤوليات المترتبة على ذلك، كما أن الخطاب خلا كلياً من الالتزام بالإصلاحات التي تضمنها اتفاق الطائف وهو الموضوع الأكثر إشكالية ربطاً بمسار إصلاح الدولة وتطوير مؤسساتها وكذلك فإن الخطاب خلا من التعبير عن نية الرئيس الجديد عن إطلاق ورعاية حوار وطني في مرحلة التحولات الكبرى التي يمر بها لبنان والمنطقة.   وعليه ترى هذه المصادر أن كل هذه الملاحظات توجب على دوائر القصر التي تحيط بالرئيس عون استكمال خطاب القسم برزمة من التفاصيل التي تقدم مزيداً من التوضيحات بشأن السياسات الجديدة للعهد.   المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • WP: ترامب يكره العولمة ولكن يبدو محبا للإمبريالية
  • الثيوقراطية في النظام الغربي
  • لماذا يتباطأ الغرب في رفع العقوبات عن سوريا؟
  • الثنائي: خطاب القسم .. إصلاحي ولكن
  • مدرب الأخدود: ركلة جزاء النصر غير صحيحة وعلى الدوري جلب حكام أجانب مميزين
  • نـجـاح يـفـوق التوقعات.. ولـكـن !
  • الشكري: انتقدوا السياسة وممارسيها ولكن لا تقسو على النساء
  • "ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق".. موضوع خطبة الجمعة القادمة
  • رئيس البرلمان العربي يدين نشر إسرائيل لخرائط تشمل أراضي عربية