عربي21:
2025-05-02@10:27:06 GMT

بين أيمن ناصر صندوقة وليث شبيلات: طريق الإصلاح

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

يتميز الأردن بقدرة فريدة على إدارة العلاقة الداخلية مع المعارضة عبر استراتيجيات ناعمة تجنبت التصعيد العنيف، فقد نجح النظام في احتواء المعارضة من خلال سياسة تقليم الأظافر، التي عملت على تقليص تأثير المعارضة دون القضاء عليها. هذا النهج ساهم في تعزيز الاستقرار الداخلي، حيث لم تشهد البلاد صدامات كبرى كما حدث في دول أخرى بالمنطقة.

سر نجاح هذا الأسلوب يكمن في القدرة على تفكيك المعارضة إلى أفراد أو مجموعات صغيرة بدلا من مواجهتها ككتلة موحدة، وتعظيم جوانب الفرقة والخلاف بينها، وإعطائها مساحة ضيقة للعمل بسقف محدد لا يسمح بتجاوزه، مما أبقى الأمور تحت السيطرة.

ليث شبيلات: المعارضة الفردية وشجاعة النقد

لطالما كان ليث شبيلات رمزا للمعارضة الفردية في الأردن، إذ شكلت شخصيته القوية وصراحته في النقد حالة فريدة في الساحة السياسية. بروز ليث لم يكن وليد اللحظة، بل ساهم فيه إرثه العشائري الأبوي -والده الرئيس السابق للديوان الملكي- الذي وفّر له أرضية قوية، إضافة إلى شجاعته في مواجهة السلطة ونقد إدارتها بحدة. لكن على الرغم من قوته وتأثيره، ظلت معارضته تفتقر إلى العمل المنظم أو تقديم حلول عملية، مما جعلها أقرب إلى حالة صوتية تُسمع أكثر مما تُطبق.

تأتي تجربة أيمن ناصر صندوقة كنموذج مختلف للمعارضة في الأردن. فرغم تشابهه مع ليث في القوة والحجة وجراءة الطرح وعدم الرضوخ للسقوف المحددة، إلا أن أيمن انتهج نهجا أكثر تنظيما، عمل من خلال حزب سياسي -حزب الشراكة والإنقاذ وكان أمين سره قبل حل الحزب العام الماضي- وسعى إلى تقديم برامج إصلاحية واضحة بدلا من الاكتفاء بالنقد فقط
أيمن صندوقة: نقد بناء وعمل منظم

في المقابل، تأتي تجربة أيمن ناصر صندوقة كنموذج مختلف للمعارضة في الأردن. فرغم تشابهه مع ليث في القوة والحجة وجراءة الطرح وعدم الرضوخ للسقوف المحددة، إلا أن أيمن انتهج نهجا أكثر تنظيما، عمل من خلال حزب سياسي -حزب الشراكة والإنقاذ وكان أمين سره قبل حل الحزب العام الماضي- وسعى إلى تقديم برامج إصلاحية واضحة بدلا من الاكتفاء بالنقد فقط.

وقد تميز أيمن بالحركة السريعة والتواصل الدائم وكثرة الزيارات الميدانية والتفاني لحشد أكبر تأييد شعبي للإصلاح السياسي والإداري، وتميز نقده بالموضوعية، حيث إنه يقدم خطابا عاقلا بعيدا عن الغوغائية ودغدغة العواطف، ويطرح نقدا سياسيا بنّاء وهادفا وبرامج إصلاحية حقيقية، وقد نشر الحزب رؤية إصلاحية متقدمة وعززها ببرنامج عملي حاول أيمن ورفاقه جمع المعارضة عليه.

كما أن أيمن لم يكن صداميا مع أحد -عكس ليث- فكان شعاره دائما نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، حتى أنه مارس هذا الأسلوب في المجال الأكاديمي، حيث إنه معلم رياضيات وأحد مؤلفي المناهج الأردنية في الرياضيات وله إسهامات بارزة في ذلك، ومع ذلك قدم رؤى نقدية للمناهج الجديدة، مشددا على السلبيات والإيجابيات على حد سواء. هذا المنهج غير العدمي جعل معارضته بنّاءة وساعية لحلول واقعية.

مع ذلك، لم يتمتع أيمن بالدعم العشائري أو الإرث العائلي الذي ساهم في بروز ليث، وهو ما قلل من تأثيره السياسي وجعله معتمدا على قوة حجته وجهوده الشخصية فقط، حيث إن البعد العشائري لا يزال عاملا رئيسيا في المشهد السياسي الأردني، مما يصعب الطريق أمام الشخصيات المستقلة.

التحديات والسجن: صوت لا يُحتمل

أيمن صندوقة، رغم إيمانه العميق بالعمل السلمي السياسي وتحت مظلة الدستور، إلا أن النظام الأردني لم يستطع احتمال صوته العالي وصراحته الجريئة. ففي الوقت الذي اختار فيه أيمن الحوار والعمل المنظم كوسيلة للتغيير، واصل النظام التعامل معه كتهديد، وآخر فصول المواجهة كانت توجيه تهمة "محاولة قلب نظام الحكم" له، وهي تهمة جاءت على خلفية رسالة أرسلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي يخاطب فيها الملك مباشرة، محملا إياه المسؤولية كقائد أعلى للبلاد بضرورة التحرك الجاد لإيقاف المجازر في غزة. نتيجة لذلك، حُكم عليه بالسجن خمس سنوات.

هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها أيمن السجن، فقد سبق أن اعتقل مرات عديدة، مما يعكس صعوبة المشهد السياسي في الأردن، حيث يصبح التعبير الصريح والنقد البنّاء خطرا على صاحبه، حتى لو التزم بالإطار السلمي والقانوني.

ضريبة الإصلاح

أيمن صندوقة يدفع، مع قلة قليلة من أمثاله، ضريبة المطالبة بالإصلاحات السياسية والإدارية الحقيقية، لكنه يقوم بذلك بروح من المسؤولية الذاتية التي لا تنتظر مقابلا. أيمن مقتنع بأن ما يفعله هو واجب شخصي تجاه وطنه، ولا يمتنّ على أحد بذلك، بل يراه مساهمة طبيعية في مسيرة الإصلاح التي تحتاج إلى جهود الجميع.

الأردن اليوم يقف على مفترق طرق، حيث الأوضاع الداخلية تزداد تأزما، في ظل وعود إصلاحية تتكرر دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع
الأردن اليوم يقف على مفترق طرق، حيث الأوضاع الداخلية تزداد تأزما، في ظل وعود إصلاحية تتكرر دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع. الإدارة الأردنية تبدو ضعيفة وغير قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والمخططات الخارجية التي تهدد استقرار البلاد ومستقبلها.

في هذا المشهد المعقد، يشكل أيمن صندوقة وأمثاله من الشخصيات المعارضة الواعية والملتزمة بالعمل السلمي البنّاء ضمانة حقيقية لإحداث التغيير المطلوب؛ معارضة قوية ونقد بناء وبرامج إصلاحية واقعية هي السبيل الوحيد لتمتين الجبهة الداخلية، ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

الإصلاح الحقيقي ليس خيارا ترفيا، بل ضرورة وجودية للأردن، والحفاظ على أمثال أيمن صندوقة كصوت وطني حر، بدلا من محاربته، هو الطريق لإعادة بناء الثقة بين الشعب والدولة، ولإطلاق مسيرة إصلاح تعزز استقرار البلاد وقوتها في مواجهة المستقبل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ليث شبيلات إصلاحية الاردن إصلاح ليث شبيلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أیمن صندوقة فی الأردن بدلا من

إقرأ أيضاً:

احتجاجات بتونس تنديدا بتواصل الاعتقالات للمعارضين.. وتحركات داعمة لسعيد

شهدت العاصمة تونس، الخميس، مظاهرات وتحركات احتجاجية، انقسمت بين رافضة لتواصل الاعتقالات للمعارضين السياسيين ومطالبة بإطلاق سراحهم جميعا وإسقاط النظام، قابلها تحرك داعم للرئيس قيس سعيد، ورفضا للتدخلات الأجنبية في البلاد.

وقد تجمع المئات من المعارضين أمام المحكمة الإدارية حيث طالبوا بإطلاق سراح جميع المعارضين السياسيين رافعين شعارات "حرية، حرية..الشعب يريد إسقاط النظام، شغل حرية كرامة وطنية، ارحل يا فاشل، فاسدة المنظومة من قيس للحكومة".

وجاء التحرك بدعوة من عائلة القاضي السابق والمحامي، أحمد صواب الذي تم اعتقاله وإيداعه السجن بـ"تهم إرهابية" منذ أيام على خلفية تصريح له أمام دار المحامي في علاقة بقضية ملف "التآمر".



وقد انطلقت المسيرة من أمام المحكمة باتجاه مقر اتحاد الشغل (صواب كان نقابيا)، مرورا بشارع الثورة حيث حاول المحتجون تجاوز الحواجز الأمنية ولكن تم منعهم، وقد شهدت العاصمة ومعظم الطرق انتشارا أمنيا واسعا وعمليات مراقبة وتفتيش، ما حال دون حدوث أية مناوشات بين المحتجين المعارضين للنظام والمساندين له.


تقارب المعارضة"
وقال القيادي بحركة "النهضة" وعضو جبهة "الخلاص" رياض الشعيبي، :"نزلنا إلى الشارع اليوم للمطالبة بسراح جميع المعتقلين السياسيين،وتنديدا بإجراءات السلطة التي تتبعها في التضييق على حرية الرأي والتعبير والتظاهر،خرجنا للمطالبة بجميع الحقوق".



وأضاف الشعيبي في توضيح خاص لـ "عربي21" عن تواصل الانقسام بين صفوف المعارضة، إن "هناك انقسام نعم ولكن هناك بداية تحول في تذويب عديد الحواجز ودليل ذلك تواجد أغلب توجهات المعارضة والعائلات السياسية في مسيرة واحدة".

وأكد"هناك إحساس بالخطر من جميع الإيديولوجيات لأن هذه السلطة لا تفرق في استهدافها بين اليمين واليسار"، لافتا إلى أن "هناك تقارب وتواصل مع أغلب الفاعلين السياسيين وهناك توجه جديد بالبحث عن المشتركات الوطنية ولاشك أن مسيرة اليوم هي خطوة جديدة لمزيد التقارب على أمل أن يتدعم ذلك خلال الأسابيع القادمة ونجد المعارضة بصوت وبرنامج وشعار واحد تطالب بعودة الديمقراطية والتصدي لهذا الانقلاب".

يشار إلى أن المسيرة شاركت بها مختلف الأحزاب من اليمين إلى اليسار أبرزهم "النهضة، العمال، الدستوري الحر"، وغيرهم مع عدد من الشخصيات الوطنية وحقوقيين.


"أزمة خانقة"
بدوره، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي إن"البلاد تمرّ اليوم بأزمةٍ عامّة وخانقة مماثلةٍ لأزمات سابقة مسّت جميع المستويات "مشيرا إلى "توسّع موجة الانغلاق والتضييق على الحرّيات، حتى أصبحت العبارة والصورة والأغنية والشعار والاستعارة، أيّا كان منطقها وأهدافها وإطارها، سببا للزّجّ بأصحابها في السجون وتسليط أقسى الأحكام عليهم وخاصّة منذ سنّ المرسوم 54".

وأضاف الطبوبي في كلمة له بساحة محمد علي حيث تجمع المتظاهرون والعمال بمقر اتحاد الشغل، إن "التهم صارت تطلق جزافا والقضايا تحاك في المكاتب المغلقة وأصبحت محاكمة الرأي والتعبير خبزا يوميا مسّ النقابيين والإعلاميين والمحامين والنشطاء المدنيين والمدوّنين من الشباب الذين سلّطت عليهم أحكام جائرة بعد أن سُلب أغلبهم الحقّ في  محاكمة عادلة تكفل فيها العلنية وحقوق الدفاع والمكافحة وغيرها من الشروط التي يضمنها الدستور والتشريعات الوطنية والدولية".

"لا للتدخل الأجنبي"
وفي مقابل تنديد المعارضة بملاحقة السياسيين واعتبار ما حصل بتونس منذ 2021 انقلابا، أكد متظاهرون بالعشرات دعمهم للسياسات الرئيس قيس سعيد مؤكدين مساندتهم المطلقة له ورفضهم أي تدخل أجنبي في قرارات الدولة التونسية.

وشدد الداعمون للسعيد رفضهم للبيانات الخارجية المنددة والرافضة للأحكام الصادرة في حق أكثر من أربعين شخصا أغلبهم سياسيون ورجال أعمال في ما يعرف بملف"التآمر".


واعتبر مساندوا الرئيس أنها قرارات قضائية وأن الرئيس قيس سعيد لا يتدخل مطلقا في القضاء وهو ما يؤكده هو نفسه وأنه لا عودة للوراء.

وقال رئيس المكتب السياسي لمسار 25 يوليو/ تموز، عبد الرزاق الخلوليي "إن تونس دولة مستقلة وذات سيادة ومطلقا لا يسمح بالتدخل في شؤونها الداخلية".

وشدد الخلولي في تصريح خاص لـ "عربي21"،" السيادة الوطنية خط أحمر ولا مجال مطلقا للاستقواء بالأجنبي،نحن نساند الرئيس سعيد في كل قراراته".



مقالات مشابهة

  • أيمن يونس يهاجم بيسيرو: الزمالك محتاج مدرب جريء
  • مراد كوروم يرد على انتقادات المعارضة التركية
  • حرائق إسرائيل تشعل الجبهة الداخلية بين المعارضة والحكومة
  • احتجاجات بتونس تنديدا بتواصل الاعتقالات للمعارضين.. وتحركات داعمة لسعيد
  • اليوم.. المعارضة الاستئنافية للمتهمين بفبركة سحر مؤمن زكريا
  • بكاء لاعب النصر أيمن يحيى بعد الخسارة.. فيديو
  • أيمن عاشور: المستشفيات الجامعية ذراع التعليم الطبي وخط الدفاع الأول في الأزمات
  • رئاسة البرلمان تحيل مشروع مجاري أيمن الموصل إلى النزاهة (وثائق)
  • يوسف أيمن يخطف الأنظار بفضية التراب ناشئين... ومصر تلمع بـ5 ميداليات في البطولة العربية
  • نبش قبر الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بعد شهور على إحراقه (شاهد)