عربي21:
2025-01-11@03:39:51 GMT

بين أيمن ناصر صندوقة وليث شبيلات: طريق الإصلاح

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

يتميز الأردن بقدرة فريدة على إدارة العلاقة الداخلية مع المعارضة عبر استراتيجيات ناعمة تجنبت التصعيد العنيف، فقد نجح النظام في احتواء المعارضة من خلال سياسة تقليم الأظافر، التي عملت على تقليص تأثير المعارضة دون القضاء عليها. هذا النهج ساهم في تعزيز الاستقرار الداخلي، حيث لم تشهد البلاد صدامات كبرى كما حدث في دول أخرى بالمنطقة.

سر نجاح هذا الأسلوب يكمن في القدرة على تفكيك المعارضة إلى أفراد أو مجموعات صغيرة بدلا من مواجهتها ككتلة موحدة، وتعظيم جوانب الفرقة والخلاف بينها، وإعطائها مساحة ضيقة للعمل بسقف محدد لا يسمح بتجاوزه، مما أبقى الأمور تحت السيطرة.

ليث شبيلات: المعارضة الفردية وشجاعة النقد

لطالما كان ليث شبيلات رمزا للمعارضة الفردية في الأردن، إذ شكلت شخصيته القوية وصراحته في النقد حالة فريدة في الساحة السياسية. بروز ليث لم يكن وليد اللحظة، بل ساهم فيه إرثه العشائري الأبوي -والده الرئيس السابق للديوان الملكي- الذي وفّر له أرضية قوية، إضافة إلى شجاعته في مواجهة السلطة ونقد إدارتها بحدة. لكن على الرغم من قوته وتأثيره، ظلت معارضته تفتقر إلى العمل المنظم أو تقديم حلول عملية، مما جعلها أقرب إلى حالة صوتية تُسمع أكثر مما تُطبق.

تأتي تجربة أيمن ناصر صندوقة كنموذج مختلف للمعارضة في الأردن. فرغم تشابهه مع ليث في القوة والحجة وجراءة الطرح وعدم الرضوخ للسقوف المحددة، إلا أن أيمن انتهج نهجا أكثر تنظيما، عمل من خلال حزب سياسي -حزب الشراكة والإنقاذ وكان أمين سره قبل حل الحزب العام الماضي- وسعى إلى تقديم برامج إصلاحية واضحة بدلا من الاكتفاء بالنقد فقط
أيمن صندوقة: نقد بناء وعمل منظم

في المقابل، تأتي تجربة أيمن ناصر صندوقة كنموذج مختلف للمعارضة في الأردن. فرغم تشابهه مع ليث في القوة والحجة وجراءة الطرح وعدم الرضوخ للسقوف المحددة، إلا أن أيمن انتهج نهجا أكثر تنظيما، عمل من خلال حزب سياسي -حزب الشراكة والإنقاذ وكان أمين سره قبل حل الحزب العام الماضي- وسعى إلى تقديم برامج إصلاحية واضحة بدلا من الاكتفاء بالنقد فقط.

وقد تميز أيمن بالحركة السريعة والتواصل الدائم وكثرة الزيارات الميدانية والتفاني لحشد أكبر تأييد شعبي للإصلاح السياسي والإداري، وتميز نقده بالموضوعية، حيث إنه يقدم خطابا عاقلا بعيدا عن الغوغائية ودغدغة العواطف، ويطرح نقدا سياسيا بنّاء وهادفا وبرامج إصلاحية حقيقية، وقد نشر الحزب رؤية إصلاحية متقدمة وعززها ببرنامج عملي حاول أيمن ورفاقه جمع المعارضة عليه.

كما أن أيمن لم يكن صداميا مع أحد -عكس ليث- فكان شعاره دائما نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، حتى أنه مارس هذا الأسلوب في المجال الأكاديمي، حيث إنه معلم رياضيات وأحد مؤلفي المناهج الأردنية في الرياضيات وله إسهامات بارزة في ذلك، ومع ذلك قدم رؤى نقدية للمناهج الجديدة، مشددا على السلبيات والإيجابيات على حد سواء. هذا المنهج غير العدمي جعل معارضته بنّاءة وساعية لحلول واقعية.

مع ذلك، لم يتمتع أيمن بالدعم العشائري أو الإرث العائلي الذي ساهم في بروز ليث، وهو ما قلل من تأثيره السياسي وجعله معتمدا على قوة حجته وجهوده الشخصية فقط، حيث إن البعد العشائري لا يزال عاملا رئيسيا في المشهد السياسي الأردني، مما يصعب الطريق أمام الشخصيات المستقلة.

التحديات والسجن: صوت لا يُحتمل

أيمن صندوقة، رغم إيمانه العميق بالعمل السلمي السياسي وتحت مظلة الدستور، إلا أن النظام الأردني لم يستطع احتمال صوته العالي وصراحته الجريئة. ففي الوقت الذي اختار فيه أيمن الحوار والعمل المنظم كوسيلة للتغيير، واصل النظام التعامل معه كتهديد، وآخر فصول المواجهة كانت توجيه تهمة "محاولة قلب نظام الحكم" له، وهي تهمة جاءت على خلفية رسالة أرسلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي يخاطب فيها الملك مباشرة، محملا إياه المسؤولية كقائد أعلى للبلاد بضرورة التحرك الجاد لإيقاف المجازر في غزة. نتيجة لذلك، حُكم عليه بالسجن خمس سنوات.

هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها أيمن السجن، فقد سبق أن اعتقل مرات عديدة، مما يعكس صعوبة المشهد السياسي في الأردن، حيث يصبح التعبير الصريح والنقد البنّاء خطرا على صاحبه، حتى لو التزم بالإطار السلمي والقانوني.

ضريبة الإصلاح

أيمن صندوقة يدفع، مع قلة قليلة من أمثاله، ضريبة المطالبة بالإصلاحات السياسية والإدارية الحقيقية، لكنه يقوم بذلك بروح من المسؤولية الذاتية التي لا تنتظر مقابلا. أيمن مقتنع بأن ما يفعله هو واجب شخصي تجاه وطنه، ولا يمتنّ على أحد بذلك، بل يراه مساهمة طبيعية في مسيرة الإصلاح التي تحتاج إلى جهود الجميع.

الأردن اليوم يقف على مفترق طرق، حيث الأوضاع الداخلية تزداد تأزما، في ظل وعود إصلاحية تتكرر دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع
الأردن اليوم يقف على مفترق طرق، حيث الأوضاع الداخلية تزداد تأزما، في ظل وعود إصلاحية تتكرر دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع. الإدارة الأردنية تبدو ضعيفة وغير قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والمخططات الخارجية التي تهدد استقرار البلاد ومستقبلها.

في هذا المشهد المعقد، يشكل أيمن صندوقة وأمثاله من الشخصيات المعارضة الواعية والملتزمة بالعمل السلمي البنّاء ضمانة حقيقية لإحداث التغيير المطلوب؛ معارضة قوية ونقد بناء وبرامج إصلاحية واقعية هي السبيل الوحيد لتمتين الجبهة الداخلية، ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

الإصلاح الحقيقي ليس خيارا ترفيا، بل ضرورة وجودية للأردن، والحفاظ على أمثال أيمن صندوقة كصوت وطني حر، بدلا من محاربته، هو الطريق لإعادة بناء الثقة بين الشعب والدولة، ولإطلاق مسيرة إصلاح تعزز استقرار البلاد وقوتها في مواجهة المستقبل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ليث شبيلات إصلاحية الاردن إصلاح ليث شبيلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أیمن صندوقة فی الأردن بدلا من

إقرأ أيضاً:

أيمن العشري: القمة المصرية اليونانية القبرصية داعمة لمجتمع الأعمال

شارك أيمن العشري رئيس غرفة القاهرة التجارية في منتدى التعاون المصري اليوناني القبرصي الذي نظمة الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية اليوم الاربعاء على هامش القمة الثلاثية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره القبرصى نيكوس خريستودوليديس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس.


وحضر المنتدي  عدد من الوزراء المصريين " رانيا المشاط وزير التعاون الدولي والتخطيط ، ومحمود عصمت وزير الكهرباء، وكريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، ومسؤولين من الدول الثلاثة، إلى جانب مشاركة نحو 300 رجل أعمال من البلدان الثلاثة وعدد  من رؤساء الغرف التجارية واعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية ومؤسسات المال والاعمال.


وأكّد "العشري" أن تنظيم منتدى أعمال ثلاثي " مصري يوناني قبرصي" عقب  انعقاد قمة ثلاثية بين مصر واليونان وقبرص يساهم في دفع وتعزيز التعاون الاقتصادي  الثلاثي، ويزيد من حجم التبادل التجاري و الاستثماري المشترك  الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص ، والاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز لمصر والفرص الاستثمارية المتاحة بها.


وأشار "العشري" إلى أهمية  حضور عدد من المستثمرين ورجال الأعمال وممثلي الشركات المصرية واليونانية والمصرية ، وعرض الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر وما تشهده من تنمية وإجراءات ومحفزات ساهمت في تحسين مناخ الاستثمار في مصر، وهو ما يساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من الدولتين للاستثمار ، خاصة أن مصر تتمتع بوجود مناطق اقتصادية مهمة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومشروعات الطاقة المتجددة والبينية التحتية والتشريعية المتطورة.


ونوّه رئيس غرفة القاهرة إلى أهمية القمة المصرية اليونانية القبرصية وانعكاسها على تنمية العلاقات الاقتصادية المصرية اليونانية القبرصية لزيادة التجارة البينية، لافتًا إلى أن مصر بها فرص استثمارية كبيرة وفي مختلف القطاعات في ظل تشجيع القيادة السياسية المصرية ، على رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي للمستثمرين والاستثمار.


وأكّد( العشري) أن الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها مصر تشجع على دخول مزيد من الاستثمار للسوق المصري الذي يعتبر سوقًا واعدًا من حيث حجم الاستهلاك والنفاذ منه للأسواق الأخرى.


وتابع  رئيس غرفة القاهرة:  إن هذا المنتدى يمثل أهمية خاصة على زيادة العلاقات الاقتصادية الثلاثية " المصرية- اليونانية – القبرصية" خلال المرحلة المقبلة في ظل الالتفاف الثلاثي الهام حول دعمها وبحث سبل تطويرها وتنميتها.

مقالات مشابهة

  • بحضور مؤلفه أيمن الحكيم.. حفل توقيع كتاب سقف جديد للإبداع عن خالد النبوي
  • د.حماد عبدالله يكتب: الإصلاح الثقافى قبل الدعوى !!
  • طرح عطاء تأهيل وتطبيق الرسوم في “طريق الـ 100” بالربع الثاني من 2025
  • "الإصلاح والنهضة" يثمن انعقاد القمة الثلاثية العاشرة بين مصر وقبرص واليونان
  • المحياني يُسلط الضوء على مشاكل الهلال: يجب التعاقد مع جناح أيمن .. فيديو
  • الاصلاح والنهضة يثمن القمة الثلاثية العاشرة بين مصر وقبرص واليونان
  • أيمن العشري: القمة المصرية اليونانية القبرصية داعمة لمجتمع الأعمال
  • هل آن الأوان للسير فى طريق الإصلاح السياسي؟
  • بيان صادر من حزب جبهة العمل الإسلامي حول الحكم الصادر بحق الناشط أيمن صندوقة