رغم ازدحام برنامجه ورغم الظروف غير الطبيعية التي تمر بها الدولة من جراء الحرب المفروضة على الشعب السوداني وقد أصابت أهم مرفق وأثرت عليه تأثيرا لا تخطئه العين وهو مرفق وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي حيث يجب عليها الايفاء بالالتزامات اليومية والمتجددة للمجهود الحربي ومتطلبات قطاع الصحة ومعاش الناس لا سيما الفصل الأول واستمرار دولاب العمل من الفصل الثاني السلع والخدمات.

دلفنا إلى داخل المكتب الذي لم يكن بفخامة المكان والزمان المتوقع ولكنه بعبق الأثر وحركة السكرتارية التي تدربت على حسن الاستقبال.. تحس في المكان وقع خاص في النفس والتنظيم والترتيب وأعمال السكرتارية أضفت على المكان هيبة وزادت هيبة المكان تلك الاريحية والابتسامة التي تعلو المحيا من الغفير إلى الوزير. دخلنا إلى المكتب وفي مخيلتي وزيرا مثقل بالهموم والمشاكل تحاصره من كل صوب وحدب.. ورجلا يرأس حركة العدل والمساواة ومسيرة طويلة من النضال والكفاح لأجل قضايا حمل همها ومازال على رأس هرمها لا أظنه يجد الوقت الكافي لسماعنا وتقدير مواقفنا.وعند دخولنا سلم علينا ببساطة السوداني الأصيل وود البلد النبيل مبتسما هاشا باشا ومعتذرا عن دقائق اقتطعها من الزمن المضروب بيننا ولسان حاله مع صراع في شتى الجبهات يقول:نِحنا سهمنا دايماً في المصادِف عالينِحـنا العِـندنا الخُلق البِتاسع التالينِحنا اللي المِحن بنشـيلا مـا بنباليبِنلوك مُـرهِن لا من يجينا الحـاليد. جبريل إبراهيم محمد هو سياسي سوداني بارز ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي في السودان (اعتبارًا من عام 2021). يُعرف أيضًا بأنه قائد حركة العدل والمساواة، إحدى الحركات المسلحة التي نشأت في إقليم دارفور بالسودان ينتمي جبريل إبراهيم إلى إقليم دارفور فيه سحنات السودان كله.عميق الفكرة قوي الإرادة سديد الرأي ، وهو من الشخصيات المؤثرة في الإقليم والسودان وفي القرار التنفيذي فهو أحد أركان العمل التنفيذي للدولة، حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من إحدى الجامعات اليابانية شارك في تأسيس حركة العدل والمساواة بعد وفاة شقيقه خليل إبراهيم، الذي كان زعيم الحركة، تولى جبريل قيادتها.كنت واحدا من الذين عملوا مع د.خليل إبراهيم وهو مؤسس مستشفى المجاهدين بجوبا وقد كان لي شرف إدارة المعمل الطبي بها في ذلك الحين .. وكانت لنا حلقات تلاوة معه وحلقات علم ونقاش مثمرة ومفيدة تعلمنا منه الكثير رحمه الله رحمة واسعه وأبدل الله سيئاته حسنات وطرح البركة في ذريته ومن خلفه.بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام في عام 2020، انخرط جبريل إبراهيم في العملية السياسية بالسودان، وتم تعيينه وزيرًا للمالية والتخطيط الاقتصادي ضمن الحكومة الانتقالية.وقد واجه العديد من التحديات في إدارة الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمات هيكلية مثل التضخم المرتفع ونقص العملات الأجنبية وموازنة البنود وغيرها من الإشكالات وقد تناوشته سهام النقد من كل صوب وحدب تارة بالعنصرية وتارة باستنزاف الدولة وتارات أخرى بعدم التخصصية ومعرفة الإدارة وكعادة السودانيين غالبيتنا ومعظمنا يجيدون النقد ولا يجيدون البناء .وبعد قيام الحرب مازالت الأقلام تتناوشه والرأي العام يتمحور وينقسم حوله وهو ثابت كالجبال الرواسي ولسان حاله يقول (أنا فخور بنفسي وبكل ما أحققه من إنجازات..أنا أؤمن بقدراتي وبقوتي، وأنا أعرف أنني قادر على تحقيق أي شيء أضعه في نفسي..كل يوم، أنا أصبح أكثر ثقة بنفسي واستعدادًا لمواجهة التحديات بكل شجاعة..أنا أعرف قيمتي وأنا أحترم نفسي وأنا أحترم الآخرين).ونحن معك نثق في قدراتك ونؤمن بأنك واحد من الذين صوبوا سهامهم إلى دحر التمرد وإلى قضايا الوطن المصيرية فالسودانيين من الذكاء بمكان يعرفوا أنك قومي ووطني وغيور معطون بحب الوطن .ما أردت قوله في هذه السانحة هي من واقع مسؤوليتي في أحد الدوائر الحكومية التي لها علاقة وصلة وثيقة بوزارة المالية التي يصب فيها المال العام من نتاج الخدمات التي تقدمها المؤسسة.. فوزارة المالية هي التي تحدد كيفية الإيرادات والرسوم وطريقة توريدها ومراجعتها ومن ثم تحديد المنصرفات وفقا لآليات تتبعها المالية في إدارة المال العام عبر نظام إداري ومالي محكم ومتوارث في كل الحقب الوزارية المختلفة.اتيحت لي الفرصة لمناقشة موازنة العام 2023 في وزارة المالية وشهدت بأم عيني كيف تم توزيع فرق المناقشة بنظام وترتيب دقيق يشرف عليه مباشرة وكيل المالية د. عبد الله إبراهيم ولأول مرة كان المناقشات في فرق متخصصة وضعت آليات الموازنة وكنا مستبشرين خيرا بها رغم أنها منعت أي استرداد للإيرادات باي نسبة كانت وتحت أي ظرف كان.نشأت الحرب واستهدفت المؤسسات والبنى التحتية ووضعت وزارة المالية تحت مقصلة المطالب (المجهود الحربي , مطلوبات الخدمات الصحية ومعاش الموظفين والقوات النظامية وغيرها) والمتمردين لم يقف استهدافهم المؤسسات وإخراجها من دائرة الفعل والإنتاج بل تعداهم إلى إفقار الناس وتهجيرهم قسرا وسلبهم أموالهم وهذا ضاعف من حجم التحديات على وزارة المالية ووضعها تحت ضغط عال .هذا بجانب ما كشفه السيد وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم عن عدم حصول السودان على عون خارجي على الرغم من ظروف الحرب وتداعياتها على موارد البلاد ومعاش المواطن وأمنه واستقراره.وكشف الوزير – لدى لقائه بمقر الوزارة ببورتسودان السفير النرويجي المعتمد لدى السودان، عن ضعف استجابة الدول الغربية لمعالجة الأزمة في السودان مبدياً استعداد الحكومة للدخول في المبادرات التي تستهدف تحقيق السلام المستدام والتنمية في البلاد. وأطلع د. جبريل السفير النرويجي على الأوضاع الإنسانية القاسية التي يعيشها المواطن في الولايات المتأثرة بالحرب سيما غرب البلاد مشيراً إلى ضعف استجابة الغرب لدعمه.نحن أمام قياده فريدة في إدارة ملف الأزمة فقد استطاعت الوزارة أن تفي كل التزاماتها ، كشف ذلك التقرير التالي:(تم التوقيع على تقرير موقف حسابات الحكومة المشترك بين وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي للعام المالي 2024م.وكشف التقرير اكتمال سداد مطلوبات دعم المجهود الحربي ومرتبات القوات النظامية وتحمل الحكومة لكافة تكاليف المساعدات الإنسانية وإيفاء سداد مطلوبات قطاع الصحة ، وسداد كامل تعويضات العاملين بالوحدات الحكومية الاتحادية والتزامات معاشات الحكومة الاتحادية حتى ديسمبر للعام المذكور مع تغطية جزء من متأخرات العام 2023م.وتضمن التقرير سداد تحويلات الولايات وفقاً لتدفق الموارد والآلية المتبعة بجانب دعم خدمات الصحة والمياه والتعليم للنازحين .وأسفر التقرير عن سداد دعم التعليم العالي ودعم الجامعات والهيئات الإعلامية وتسيير الوحدات الاتحادية وتحمل تكلفة إيجاراتها.بقلم د. زكي محمد البشيرالصفحة الإعلامية لحركة العدل والمساواة السودانية إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: والتخطیط الاقتصادی العدل والمساواة وزارة المالیة جبریل إبراهیم

إقرأ أيضاً:

سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! “المجاعة”، محض افتراء، أم مجرد شظف عيش؟!

الجميل الفاضل

ما القصة؟

فالناس صرعي من هول الذل!!

اصطفت “البستلات”، و”الجكوك”، وصغيرات الأواني، من كل صنف ولون، تزح زحا، نحو دنان مطاهي، تسمي “التكايا”، ملأ بعضها عدسا، وشيئا من “بليلة” في آخر، هو إدام بلا خبز، لا يكفي وجبة واحدة لأسرة صغيرة، ينتظره المصطفون لساعات طوال، رغم غياب الخبز، الذي ثمنه شاعر المنافي محمود درويش بقوله:

“إنا نحب الورد لكنا نحب الخبز أكثر.

ونحب عطر الورد لكن السنابل منه أطهر”.

علي أية حال، يظل الناس هنا صرعي، وماهم بصرعي، زائغة عيونهم في ذهول، من هول ذل، يحلق فوق رؤوسهم المطرقات، كأنما حط عليها طير، بفعل حرب قيل لهم: أنها ما شبت إلا لأجل “الكرامة”، كرامتهم.

أنها كرامة، يزعم “البلابسة” الأشرار، أن هذه الحرب ستمنحها للناس بيمينها القوية، “فتكا” و”متكا”، قبل أن يتفاجأ الجميع بأن “الجوع” قادر بصفوف طعامه المهينة، أن يسلبها لهم، بين غمضة عين عن شر الحرب، وإنتباهتها علي صوت جوع، يصدر من غور سحيق، من كل جوف خاوي.

هذا بالطبع في الحضر، حيث “غرف الطوارئ” ذات التكايا، فما بالك بجوع من الدرجة الرابعة أو الخامسة، يبحث لإيجاد مخرج منه، مجلس الأمن الدولي اليوم الإثنين، جوع أضطر الناس في معسكرات النزوح بدارفور، لمشاركة الحيوان نوع غذائه، وفي قري وبوادي أخري يأكل الآن أهلها أوراق الشجر.

لتبقي حقيقة واحدة هي: أن من لا يملك قوته، لا يملك كرامته، ولا قراره، وإن إمتلك السلاح.

والي أين سيركض هذا الشبح القادم؟

لجان دولية تقرع ناقوس الخطر!!

تقطع لجنة دولية أن خمسة علي الأقل من مناطق السودان، تقع الآن بالفعل في نطاق المجاعة، التي تقول ذات اللجنة أنها ستتمدد خلال شهر مايو المقبل، لتشمل (17) منطقة أخري، مالم تتخذ تدابير فورية لتقديم الغذاء الكافي، بصورة عاجلة ومستدامة لسكانها.

وكيف تحل بالناس المسغبة؟

يقولون: إستمرار الحرب يوسع رقعة المجاعة!!

يعد إستمرار الحرب لنحو واحد وعشرين شهرا، وإتساع نطاقها المحتمل في ظل تصاعد حالة الإستقطاب الإثني والمناطقي الحاد، وإرتفاع وتيرة خطاب الكراهية العنصري بين المكونات السودانية، التي باتت تعاني تهتكا وتمزقا متناميا يوما بعد يوم، في نسيجها الإجتماعي، وبشكل شبه ممنهج، نتيجة للسياسات التي كرست لواقع الإنقسام، من خلال إجراءات الإستبدال الجزئي للعملة ببعض مناطق البلاد، وحرمان عشرات آلاف الطلاب من حق الجلوس لإمتحانات الشهادة السودانية، الأمر الذي أنتج غبنا لا يخفي، ربما رشح هو الحرب لدخول مناطق لم تدخلها من قبل، كرد فعل يأتي علي كل ذلك، فضلا عن شبهة إستهداف الطيران الحربي، لما يعرف بمناطق حواضن الدعم السريع، إضافة لما ينظر اليه كشكل من أشكال العقاب التعسفي الجماعي، المطبق جزافا بمناطق سيطرة الجيش، علي المشكوك في تعاونهم مع العدو، تحت طائلة ما عرف بقانون “الوجوه الغريبة”.

عليه فإن تقارير المنظمات الدولية تشير الي أن دخول العمليات العسكرية الي مناطق الإنتاج الزراعي قد أدي في ولايتي الجزيرة وسنار، لحرمان المزارعين من حصاد محاصيلهم الغذائية، وبالتالي فإن خروج مناطق أخري من دائرة الإنتاج بدخول العمليات الحربية إليها، سيؤدي لإطلالة شبح المجاعة علي مزيد من السكان، في مناطق أخري بالبلاد، تقدرهم المنظمات بنحو خمس وعشرين مليونا.

لكن “المجاعة”، لما ينكرون وجودها؟

فهناك ما ينبغي أن يحذره “أشقي ثمود” السودان؟!

عرف السودان دائما المجاعات تأتي في زمن الديكتاتوريات والعهود الشمولية، وكعادتها تذهب مثل هذه الأنظمة والدول البوليسية لإحاطة كافة أمورها بالسرية والكتمان، خشية من أعين الصحافة الفضولة، ومن الأنوف الطويلة، لوكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية المعنية، بالحروب، والأمراض، والمجاعات، وبكل ما يتصل بحقوق الإنسان، تلك المنظمات التي تمهد بالضرورة لتدخلات ما يسمي بالمجتمع الدولي، الذي هو شر غائب ينتظر في عرف مثل هذه الحكومات، الحريصة علي ستر عوراتها الكثيرة والكبيرة، وعلي الإستفراد بشعوبها المغلوبة علي أمرها بعيدا عن تطفل ورقابة الآخرين.

ويقول التاريخ في السودان: أن مثل هذه الأنظمة، لا تعلن في العادة عن بلادها مناطق كوارث، أو طؤاري، مهما كان سوء الوضع، والأحوال، والمنقلب.

لكن تاريخ هذه البلاد نفسه يقول أيضا: أن كل المجاعات التي حلت بالسودان لم تذهب إلا ومعها في رحلة إيابها، ذات النظام المكابر، الذي رفض الإعتراف بها أول مرة، أو تلكأ علي الأقل في أن يعينه المجتمع الدولي عليها.

إذن فليتعظ ويحذر رئيس الأمر الواقع، الذي إعتبر أن هذه المجاعة “محض افتراء”، ووزير إعلامه الذي وصفها تقليلا من شأنها كقدر كبير، بأنها مجرد “شظف عيش”.

فإن الحكمة الإلهية ظلت تقضي في تاريخ السودان، بمثلما قضت علي إمرأة حميرية، رمي بها جوع هرة، لم تطعمها، ولم تتركها، لتأكل من خشاش الأرض، في النار.

لكن تري الي أي جحيم سيقذف جوع ملايين وشيك، يطارد شبحه بسرعة البرق، أطفالا صغارا، ونساءا ضعافا، وشيوخا أكل عليهم الدهر وشرب، من سمر البشر، “أصل البشرية” الأول، بشقي، إنبعث فيهم كإنبعاث “أشقي ثمود”، إذ كان في هذه المدينة أيضا، في آخر عهد “إخواني” مندثر، تسعة رهط يفسدون في الأرض، ولا يصلحون، “فنادوا صاحبهم فتعاطى، فعقر”، ليشقي هو أهل هذه الديار بحرب، أجري الله علي لسانه أن أسماها، “حربا عبثية”، رغم أنها فضلا عن عبثيتها تلك، هي حرب من نوع لا يبقي ولا يذر، تبعها جوع كافر، سيحيل من فرط جنوحه لامحالة، حياة كافة السودانيين الي كدر، إذ هو جوع ترافق لحكمة يعلمها الله وحده، بأمراض شتي سرت بينهم كسريان النار في هَشِيمِ مُحْتَظِرِ.

 

الوسومالجميل الفاضل

مقالات مشابهة

  • “اغاثي الملك سلمان” يوزّع 1.117 كرتونًا من التمر في السودان
  • وزارة المالية تحتفي بتخريج 60 قائدًا في القطاع المالي العام من برنامج "القادة الماليين"
  • حماس توافق على قائمة “الرهائن” التي قدمها الاحتلال للمرحلة الأولى 
  • سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! “المجاعة”، محض افتراء، أم مجرد شظف عيش؟!
  • مؤسسة “تحقيق أمنية” تحتفي بعامٍ استثنائي من الإنجازات في 2024
  • بعد تكرر حالات اطلاق النار.. وزير “المالية الصهيوني” مصاب بـ”الرعب” 
  • الأعيسر: يجدد حرص الحكومة تمليك الرأي العام الحقائق كاملة
  • فريحات: إلغاء التحديث الاقتصادي أو استقالة الحكومة
  • جبريل إبراهيم: هناك من يتربصون بالدولة وينتظرون إنهيارها وعشمهم لن يتحقق