كيف ستؤثر العقوبات الأميركية على حميدتي وحلفائه بالسودان؟
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
يعتقد مراقبون أن العقوبات الأميركية على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” ستنسحب سياسيا وأخلاقيا على قوى سياسية سودانية تعتزم التحالف معه لتشكيل حكومة في مواقع سيطرته، وأنها ستدفعه للبحث عن أي مشروعية تخفف عنه الضغوط الخارجية، وتمنحه قبولا داخليا.
التغيير ــ وكالات
وفرضت الإدارة الأميركية الثلاثاء الماضي عقوبات على قائد قوات الدعم السريع و7 شركات تابعة له، بعدما اتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وتطهير عرقي وعنف جنسي بحق المدنيين في السودان.
كما سبق أن أصدرت واشنطن عقوبات في يونيو 2023 على شركات تتبع الدعم السريع، قبل أن تفرض عقوبات أخرى في سبتمبر 2023 على القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو، والمسؤول العسكري في ولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة، المتهم بقتل حاكم الولاية خميس أبكر، وقتل وتشريد العديد من المواطنين.
وفي مايو 2024، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على مسؤول العمليات في قوات الدعم السريع عثمان حامد، بالإضافة إلى علي يعقوب أبرز القادة العسكريين في القوات، الذي قُتل لاحقا في معارك الفاشر.
وتزايد الضغط حتى فرضت الخزانة الأميركية في أكتوبر 2024 عقوبات على الشقيق الأصغر لقائد الدعم السريع القوني حمدان دقلو، وبعض الشركات التابعة أيضا للقوات.
رفض وارتياحوصفت قوات الدعم السريع قرار الإدارة الأميركية فرض عقوبات على حميدتي بأنه “مؤسف ومجحف وذو طابع سياسي”، مبررة بأن قائد القوات “كان له دور فاعل في إزاحة نظام البشير”.
وأوضح بيان للدعم السريع -صدر يوم الأربعاء- أن “القرار يمثل مكافأة للطرف الرافض لإيقاف الحرب، ومعاقبة لدعاة الوحدة والسلام” مشيرا إلى أن “القوات المسلحة السودانية هي التي تسببت في عرقلة مرور المساعدات الإنسانية”.
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية السوداني علي يوسف القرار الأميركي بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح، جاءت نتيجة لزيادة الانخراط السوداني مع واشنطن”.
وأفاد يوسف -في تصريح صحفي يوم الخميس- أن من شأن العقوبات “التقليل من قدرة الدعم السريع على ارتكاب مزيد من الجرائم والاعتداءات على الشعب السوداني، والحد من نهبها وتهريبها لموارد الدولة وثروتها، وخاصة بسبب معاقبة الشركات الممولة لأعمال المليشيا الإجرامية”.
لا شرعيةمن جانبه، أوضح المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو أن العقوبات على قائد الدعم السريع مرتبطة بعقوبات سابقة، وستستمر على الشخصيات والشركات التي تؤجج الحرب في السودان ويرتكبون الفظائع، وسيكون هناك تنسيق مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وفي تصريحات نشرها الإعلام المحل لبيرييلو، رأى المبعوث الأميركي أن هذه العقوبات ستؤخذ بعين الاعتبار عندما تفكر قوات الدعم السريع في إعلان حكومتها، وقال إن “الحكومة التي تعتزم قوات الدعم السريع تشكيلها مع بعض الفصائل لن تؤدي إلا إلى تفاقم هذا الصراع المروع”، وأضاف “أعتقد أن هذا النوع من الإجراءات يذكر الناس بعدم شرعية هذه المجموعة”.
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف أن القرار الأميركي يصب في مصلحة الجيش السوداني، ويدعم سياسيا موقف قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، منتقدا مواقف واشنطن تجاه الدعم السريع قبل عقوباتها على “حميدتي”، عندما اعترفت بـ”حكومة الأمر الواقع في بورتسودان” وقالت إنها لا تساوي بين الجيش والدعم السريع، وإن الأخيرة ليس لها مستقبل سياسي.
وعبر حسابه في منصة “فيسبوك”، قال المحلل إن “العقوبات الأميركية لن تؤدي لوقف الحرب، بل ستنقلها إلى مربع جديد، وستدفع حميدتي إلى التصعيد العسكري والتشدد حيال أي مباردة للسلام، خاصة لو كانت واشنطن طرفا فيها”.
يعتقد الباحث والمحلل السياسي خالد سعد أن العقوبات تعد ضمنا عرقلة لتوجهات تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان، وإعلانا مسبقا بعدم الاعتراف بها، “لأن الموقف الأميركي واضح في هذا الشأن، ولا يبدي حماسة لإعادة تجربة اليمن وليبيا، كما يرى أن العقوبات تربك جهود واشنطن للسلام، “لأن الخطة المطروحة تتحدث عن مفاوضات بين قوتين عسكريتين، وليس بين حكومتين”.
وبحسب حديث المحلل السياسي للجزيرة نت، فإن “القوى السياسية المتحالفة مع الدعم السريع ستفكر في وراثتها، والاستفادة من انتشارها العسكري، واستغلال تقييدها الدولي بالتأثير عليها، وللهيمنة على القرار السياسي لهذه القوات”.
“كما أن الولايات المتحدة غير متحمسة لقيام حكومة تعقد الأوضاع المضطربة أصلا في المنطقة، بشكل يعزز مخاوف تقسيم السودان، ويزيد احتمالات وقوع أجزاء من البلاد تحت نفوذ أحد الأطراف الدولية المنافسة لواشنطن في المنطقة” يقول المحلل.
وعن تأثير القرار الأميركي على حلفاء الدعم السريع، يعتقد الباحث السياسي فيصل عبد الكريم أن العقوبات ستزيد من الأعباء السياسية والأخلاقية للحلفاء، وتضعهم في مرتبة واحدة مع “حميدتي” في الجرائم والانتهاكات المتهم بارتكابها، وستدفعهم للهروب إلى الأمام.
ويرجح الباحث في حديثه للجزيرة نت أن تؤدي الخطوة إلى انقسام تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” برئاسة عبد الله حمدوك، بين التيار الرافض لتشكيل حكومة مع “حميدتي” في مواقع سيطرة قواته، والفصائل التي تبنت الحكومة خلال اجتماع التحالف الأخير، مثلما انقسم تحالف قوى الحرية والتغيير إلى جسمين في العام 2021.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمريكا الدعم السريع حميدتي عقوبات
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت تكشف آخر مناطق سيطرة الدعم السريع بالخرطوم
الخرطوم- مع التقدم المتتابع لعمليات الجيش السوداني في محاور القتال المختلفة، وتمكنه مؤخرا من فرض سيطرته بالكامل على مناطق الخرطوم بحري، وشرق النيل، والكدرو، بعد عمليات استمرت زهاء عامين، ما زالت هناك العديد من المناطق الإستراتيجية المهمة بالعاصمة الخرطوم تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
ومع اقتراب الحرب في السودان من مرحلة الحسم، حسب قيادات عسكرية رفيعة تحدثت للجزيرة نت، يبرز السؤال عن أهم المناطق التي وُجدت أو تمددت فيها الدعم السريع في فترات سابقة على نطاق ولاية الخرطوم، واستعصى على الجيش فك عقدتها وتحييدها حتى الآن.
مناطق ساخنةوتكشف الجزيرة نت، من خلال مصادرها الميدانية المطلعة، أهم تلك المناطق الساخنة التي من المرجح أن تشهد معارك ضارية خلال الفترة القادمة. وفيما يلي إضاءات كاشفة لأهم تلك المواقع بالخرطوم الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع.
في محيط القصر ووسط الخرطوم
على وقع العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوداني، انحسر وجود قوات الدعم السريع بوسط الخرطوم، حيث لا يتجاوز نطاق وجودها محيط منطقة القصر الجمهوري وعددا من البنايات ومقرات المؤسسات الحكومية الواقعة غرب جامعة الخرطوم، بامتداد حتى مسجد الشهيد بمنطقة المقرن.
كذلك تتمركز الدعم السريع في أجزاء من السوق العربي تنتهي جنوبا بارتكازات قوات المدرعات في محطة جاكسون وكبري الحرية، بالإضافة لمثلث الخرطوم 2 و3 ومنطقة العمارات وشارع 61 الذي تتموضع فيه عدد من المقار العسكرية والإدارية.
إعلانالمدينة الرياضية وشرق الخرطوم
وفي شرق الخرطوم، يوجد أكبر تمركز لقوات الدعم السريع بالمدينة الرياضية التي شهدت انطلاق الرصاصة الأولى في بداية الحرب صبيحة 15 أبريل/نيسان 2023، وتحولت بعد ذلك لمستودع كبير لمنهوبات المدنيين، حيث من المتوقع أن تكون نقطة اشتباكات ساخنة خلال معركة الجيش المستمرة لاستعادة ما تبقى من الخرطوم.
جامعة أفريقيا العالمية والأحياء المجاورة
تُعد هذه الجامعة من أهم المؤسسات غير العسكرية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. وبعد أن كانت مصدرا لإشعاع علمي أضاء الكثير من الدول الأفريقية ودولا أخرى من خارج القارة، أحالتها القوات لمنطقة خاصة بتجميع وتشوين قواتها.
وهناك أيضا امتداد لوجود هذه القوات بشكل انفرادي في أحياء الأزهري ومايو والأندلس التي ترتبط بالطرق المؤدية لمحلية جبل أولياء، علاوة على المناطق شرق القيادة العامة بري، وأركويت، والمعمورة، وشارع الستين. ويستمر وجودها حتى منطقة سوبا غربا والباقير.
توتي الجزيرة المحاصرة
في جزيرة توتي، التي توجد في موقع إستراتيجي متوسطة مثلث أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، تُحكم قوات الدعم السريع حصارا قاسيا على ما تبقى من سكانها، المشهور عنهم ارتباطهم الشديد بأرضهم الخصيبة حتى في أشد مواسم الفيضانات التي ضربت الجزيرة.
وتتوالى الشكاوى من استخدام القوات لمزارع توتي الخضراء، التي كانت تمد ولاية الخرطوم بخيراتها الوفيرة من الخضروات والفواكه، في أعمال القتال وتوجيه القصف المدفعي العشوائي صوب مدينة أم درمان، مخلفة في كل مرة مزيدا من الضحايا وسط المدنيين.
وفي ظل معاناة كبيرة للحصول على الطعام والشراب والعلاج، أرغمت الدعم السريع كل من أراد الخروج من الجزيرة على دفع مبالغ طائلة، وفقا لإفادات شهود عيان، بينما تستخدم ما تبقى من سكانها دروعا بشرية، وهو ما يصعب مهمة الجيش في التعامل مع الأهداف العسكرية هناك.
إعلانالريف الجنوبي وجبل أولياء
في الريف الجنوبي لمدينة أم درمان، توجد قوات الدعم السريع في ضاحية الصالحة وحتى تخوم ولاية شمال كردفان، حيث الكثير من القرى والتجمعات.
وتسيطر الدعم السريع على كامل محلية جبل أولياء بما فيها معسكر طيبة الحسناب الذي يعتبر أكبر تمركزات "المليشيا" في الوقت الحالي داخل ولاية الخرطوم، إلى جانب معسكر الاحتياطي المركزي الذي استولت عليه في وقت سابق مع بداية المعارك عام 2023، وما زال تحت سيطرتها حتى الآن.
أجزاء ضيقةتمركز بمناطق غرب أم درمان
بات وجود الدعم السريع في غرب أم درمان منحصرا في أجزاء ضيقة بمناطق سوق ليبيا وغرب الحارات، وعدد من الحارات بمنطقة أمبدة، حيث يتم منها القصف المدفعي نحو الأحياء الآمنة المأهولة بالسكان في منطقة الثورات بمحلية كرري في أم درمان.
ويشير البعض إلى أن مناطق غربي أم درمان تُطلق منها المسيّرات التي استهدفت عددا من المرافق الخدمية الحيوية في الأيام الماضية، في حين استبعدت مصادر عسكرية تحدثت للجزيرة ذلك، وأكدت أن إطلاقها يأتي من منصات خارج ولاية الخرطوم في دارفور وكردفان، بدليل أن المسيّرات المستخدمة هي إستراتيجية وانتحارية ذات مرور عالٍ وتقطع مسافات بعيدة.
مناطق خارج السيطرة
يثير وجود المناطق المشار إليها تحت سيطرة الدعم السريع في ولاية الخرطوم تساؤلات بشأن مدى استعصائها وصعوبة استعادتها من قبل الجيش، في وقت يرى فيه متابعون لمجرى العمليات العسكرية أن استعادة الجيش لتلك المواقع أصبحت مسألة وقت، رغم احتفاظها بترسانة من الأسلحة.
ويفرض الجيش على هذه المناطق طوقا بما يشبه الحصار من نواحي الشرق والغرب والشمال حتى الجنوب، خاصة في أعقاب تحرير ولاية الجزيرة ومناطق بولاية سنار ومصفاة الجيلي ومناطق بحري وشرق النيل، التي كانت فيها قوات الدعم السريع التي فقدت قدرتها على المناورة والتعويض بفعل تكتيكات الحصار والتطويق والاستنزاف التي يتبعها الجيش.
ويبدو من الناحيتين النظرية والعملية أنه لا توجد مناطق خارج سيطرة الجيش بولاية الخرطوم يصعب عليه استعادتها، لكن طبيعة الأرض، خاصة في المناطق المبنية، وظروف المعارك قد تبطئ أو تسرع من تقدمه لفرض سيطرته الكاملة على العاصمة الخرطوم.
إعلان