نشرت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على طموحات الرئيس الأمريكي المنتخب التوسعية فيما يتعلق بالعديد من المناطق الاستراتيجية، قبل أقل من أسبوعين من أدائه اليمين الدستورية. 

وقابلت الصحيفة عددا من الخبراء الذين أكدوا أنه يجب النظر إلى هذه التصريحات على أنها وسيلة للضغط من أجل التفاوض على الاتفاقات الاقتصادية.



وتساءلت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، هل ما يحدث في هذا الصدد محض استفزاز أم طموحات جادة؟ خاصة أنها تأتي قبل أقل من أسبوعين على تنصيبه في البيت الأبيض، في 20 كانون الثاني/ يناير الجاري. 

وتحدث ترامب أولا عن غرينلاند، وهي إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تديره الدنمارك قائلا، إن السيطرة على غرينلاند ”ضرورة مطلقة“ من أجل ”الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم“.

ويوم الثلاثاء، حث الدنمارك مرة أخرى على "التخلي" عن السيطرة على أكبر جزيرة في العالم. 

كما أعرب ترامب في عدة مناسبات عن آرائه التوسعية بشأن قناة بنما التي بنتها الولايات المتحدة وافتُتحت في عام 1914، وتم نقل السيطرة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد اتفاق تم التوصل إليه مع الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر. 

وذهب ترامب إلى أبعد من ذلك في تصريحه الأخير بعد أن أشار إلى احتمال استخدام القوة لضم قناة بنما أو غرينلاند، كما انتهز ترامب الفرصة ليعلن أنه ينوي تغيير اسم خليج المكسيك إلى ”خليج أمريكا“.

وقال الرئيس المنتخب أيضا إن كندا يجب أن ”تندمج“ مع الولايات المتحدة لتصبح الولاية الأمريكية الحادية والخمسين، وذلك في أعقاب الإعلان عن استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

ورد خافيير مارتينيز آتشا، وزير خارجية بنما بأن سيادة بنما على القناة ”غير قابلة للتفاوض“.

بدورها أصرت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن يوم الثلاثاء على أن ”غرينلاند ملك لسكان غرينلاند“.

من جانبه، أكد جاستن ترودو أن ”كندا لن تكون أبدًا أبدًا جزءًا من الولايات المتحدة“.



ماذا يقول الخبراء؟
يقول لوريك هينيتون، المحاضر في جامعة فرساي سان كوينتين: ”لا ينبغي أن نأخذ ما يقوله ترامب على محمل الجد، ولكن يجب أن نحاول فهم ما وراءه“. ومن وجهة نظره فإن تصريحاته ”طريقة لإظهار طموحاته بالنسبة لمستقبل الولايات المتحدة، ولكن من خلال استعراض القوة للظهور بمظهر أكثر مصداقية“، وهو ما يتوافق مع ما انتقاداته لأسلافه عندما اتهمهم بـ”الضعف“.

وحسب الصحيفة، يرى الخبراء أنه من غير المعقول أن يستخدم دونالد ترامب القوة لضم الأراضي التي يطالب بها. ويقول يانيك ميريور، وهو عالم سياسي خبير بالشؤون الأمريكية، إن ذلك يبدو ”تزييفًا للواقع“ من أجل الحصول على ميزة من أجل ”إعادة التفاوض على ميزان القوى“ بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض. 

ويضيف لوريك هينيتون: ”من خلال وضع سقف عالٍ منذ البداية، مع مطالب مبالغ فيها، سيدفع محاوريه إلى منح واشنطن شيئًا ما“.

ويعتقد هينيتون أنه من خلال فرض رسوم جمركية بنسبة 25%، يمكن أن يستغل دونالد ترامب الفرصة ”لإعادة التفاوض على شروط الشراكة التجارية مع كندا، أو حتى الشراكة الأمنية، بطريقة أكثر ملاءمة للولايات المتحدة“. 

وتقول آن كراتز، وهي خبيرة في التاريخ وعضو مشارك في معهد كوينسي بواشنطن، إن ترامب خلال فترة ولايته الأولى في منصبه ”كان قد أطلق بالفعل تهديدات مماثلة.. وفي النهاية، بمجرد وصوله إلى السلطة، أعاد التفاوض على المعاهدة بين البلدين“.

أما فيما يتعلق بقناة بنما، فقد هدد دونالد ترامب باستعادة السيطرة عليها إذا لم يتم تخفيض الرسوم المفروضة على السفن الأمريكية. وتتوقع آن كراتز أن ”بنما وهي بلد صغير ستجد صعوبة في الدفاع عن نفسها، لذلك إذا عرض عليهم الأمريكيون مبلغًا كبيرًا مقابل اتفاق من نوع ما، فلن يجازفوا“.

وبالنسبة لغرينلاند، تعتقد كراتز أن ترامب قد يلجأ إلى التهديد باستخدام القوة ”لإجبار الدنماركيين على إبرام اتفاق ثنائي جديد، وربما لإقامة قواعد عسكرية أخرى وربما استغلال الثروات“، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لديها بالفعل قاعدة عسكرية في الجزيرة القطبية منذ عام 1941، وأن الجزيرة مطمع للقوى العالمية بسبب موارد الطاقة والمعادن. 



ويوم الأربعاء، قالت الدنمارك إنها ”منفتحة على الحوار مع الأمريكيين حول كيفية التعاون“.

أما فيما يتعلق بفكرة إعادة تسمية خليج المكسيك بـ”خليج أمريكا“، يقول هينيتون إنها خطوة رمزية لأنه ”يعيد الولايات المتحدة إلى مركز القارة“، لكن الرئيس الأمريكي يمكن أن يستخدم ذلك لصالحه للتأثير على سياسة الهجرة المكسيكية التي يتهمها ”بالسماح لملايين الأشخاص بالتدفق" إلى الولايات المتحدة، بحسب التقرير.

كما يشير لوريك هينيتون إلى أنه ترامب يريد إلى جانب ”تأكيد نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها في هذه المناطق المختلفة“، يضع في الحسبان أيضا المنافسة مع الصين.

لذلك يرى هينيتون أنه من الصعب الحديث عن ”إرادة توسعية“ من جانب دونالد ترامب، بالمعنى الذي كان يستخدم به المصطلح في القرن التاسع عشر، بل هي بالأحرى ”رغبة في ترك بصمته“.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب غرينلاند الدنمارك كندا ترودو كندا الدنمارك غرينلاند ترامب ترودو صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة دونالد ترامب التفاوض على من أجل

إقرأ أيضاً:

المعارضة في غرينلاند تفوز بالانتخابات وسط مساعي ترامب لشراء الجزيرة

فاز "الحزب الديمقراطي" المؤيد لاستقلال غرينلاند التدريجي عن الدنمارك في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها البلاد على وقع مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السيطرة على الجزيرة التي تعد الأكبر في العالم من حيث المساحة.

وحصل الحزب على أغلبية الأصوات بنسبة 29.9 بالمئة في الانتخابات التي جرت الثلاثاء الماضي ليحتل بذلك المركز الأول متقدما على حزب "ناليراك" القومي الذي حل في المركز الثاني.

وقال زعيم حزب الديمقراطيين ووزير الصناعة والمعادن السابق، ينس فريدريك نيلسن، إن "الناس يريدون التغيير... نريد المزيد من الأعمال لتمويل رفاهيتنا"، مضيفا "لا نريد الاستقلال غدا، نريد أساسا جيدا"، وفقا لرويترز.


ويؤيد "الحزب الديمقراطي" وحزب "ناليراك" الاستقلال عن الدنمارك، لكنهما يختلفان حول وتيرة التغيير.

ودأب ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري على التصريح بشأن عزمه السيطرة على جزيرة غرينلاند، التي تتمتع بحكم ذاتي ويبلغ عدد سكانها 57 ألف نسمة.

والاثنين، أعاد ترامب الحدث عن السيطرة على غرينلاند من خلال تدوينة نشرها عبر منصة التواصل الخاصة به "تروث سوشيال"، حيث قال: "سنستمر في الحفاظ على سلامتكم، كما فعلنا منذ الحرب العالمية الثانية. مستعدون لاستثمار مليارات الدولارات لخلق وظائف جديدة وجعلكم أثرياء".

وتعود رغبة ترامب في شراء الجزيرة من الدنمارك إلى فترة ولايته الأولى، حيث أبدى اهتمامه بالسيطرة على غرينلاند لكن رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن رفضت هذا العرض عام 2019 ووصفته بأنه "سخيف".

يشار إلى أن الجزيرة تُعتبر نقطة استراتيجية في المنطقة القطبية الشمالية، ويجعلها هذا الموقع مهمة للغاية من الناحية العسكرية؛ فهي تُعد بوابة إلى القطب الشمالي، حيث تتزايد المنافسة بين الدول الكبرى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة.


وتمتلك الولايات المتحدة بالفعل قاعدة عسكرية كبيرة في غرينلاند تُعرف باسم قاعدة ثول الجوية (Thule Air Base)، وهي تُستخدم لرصد الصواريخ وتوفير أنظمة إنذار مبكر.

السيطرة على غرينلاند بالكامل ستمنح الولايات المتحدة نفوذًا أكبر في المنطقة القطبية الشمالية، نظرا لأن أقصر طريق من أوروبا إلى أمريكا الشمالية يمر عبر الجزيرة.

ولا يمكن إغفال الموارد الطبيعية والثروات المعدنية التي تحتوي عليها الجزيرة، وربما تكون سببا بارزا لرغبة ترامب في السيطرة عليها، خاصة مع الاعتقاد أن غرينلاند تحتوي على احتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي، ما يجعلها جذابة من الناحية الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • ترامب يسعى لاستعادة النفوذ الأمريكي في قناة بنما وسط جدل دولي متصاعد
  • بعد بنما.. ترامب يلمح إلى استخدام القوة للسيطرة على جرينلاند
  • بحجة الأمن الدولي..ترامب يحاول جرّ الناتو إلى معركة غرينلاند
  • إدارة ترامب تبحث خيارات عسكرية لضمان الوصول إلى قناة بنما
  • تكليف "البنتاغون" بتقديم خيارات عسكرية تتعلق بقناة بنما
  • "CNN": تكليف البنتاجون بوضع خيارات عسكرية لتأمين وصول الولايات المتحدة إلى قناة بنما
  • استطلاع.. الأمريكيون قلقون من تقارب ترامب مع روسيا
  • بعد انتهاء الانتخابات.. كيف ستواجه غرينلاند تهديدات ترامب؟
  • انتخابات غرينلاند: فوز مفاجئ للمعارضة اليمينية المؤيدة للاستقلال
  • المعارضة في غرينلاند تفوز بالانتخابات وسط مساعي ترامب لشراء الجزيرة