غرينلاند وكندا وقناة بنما.. هل نأخذ تصريحات ترامب على محمل الجد؟
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
نشرت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على طموحات الرئيس الأمريكي المنتخب التوسعية فيما يتعلق بالعديد من المناطق الاستراتيجية، قبل أقل من أسبوعين من أدائه اليمين الدستورية.
وقابلت الصحيفة عددا من الخبراء الذين أكدوا أنه يجب النظر إلى هذه التصريحات على أنها وسيلة للضغط من أجل التفاوض على الاتفاقات الاقتصادية.
وتساءلت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، هل ما يحدث في هذا الصدد محض استفزاز أم طموحات جادة؟ خاصة أنها تأتي قبل أقل من أسبوعين على تنصيبه في البيت الأبيض، في 20 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وتحدث ترامب أولا عن غرينلاند، وهي إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تديره الدنمارك قائلا، إن السيطرة على غرينلاند ”ضرورة مطلقة“ من أجل ”الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم“.
ويوم الثلاثاء، حث الدنمارك مرة أخرى على "التخلي" عن السيطرة على أكبر جزيرة في العالم.
كما أعرب ترامب في عدة مناسبات عن آرائه التوسعية بشأن قناة بنما التي بنتها الولايات المتحدة وافتُتحت في عام 1914، وتم نقل السيطرة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد اتفاق تم التوصل إليه مع الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر.
وذهب ترامب إلى أبعد من ذلك في تصريحه الأخير بعد أن أشار إلى احتمال استخدام القوة لضم قناة بنما أو غرينلاند، كما انتهز ترامب الفرصة ليعلن أنه ينوي تغيير اسم خليج المكسيك إلى ”خليج أمريكا“.
وقال الرئيس المنتخب أيضا إن كندا يجب أن ”تندمج“ مع الولايات المتحدة لتصبح الولاية الأمريكية الحادية والخمسين، وذلك في أعقاب الإعلان عن استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.
ورد خافيير مارتينيز آتشا، وزير خارجية بنما بأن سيادة بنما على القناة ”غير قابلة للتفاوض“.
بدورها أصرت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن يوم الثلاثاء على أن ”غرينلاند ملك لسكان غرينلاند“.
من جانبه، أكد جاستن ترودو أن ”كندا لن تكون أبدًا أبدًا جزءًا من الولايات المتحدة“.
ماذا يقول الخبراء؟
يقول لوريك هينيتون، المحاضر في جامعة فرساي سان كوينتين: ”لا ينبغي أن نأخذ ما يقوله ترامب على محمل الجد، ولكن يجب أن نحاول فهم ما وراءه“. ومن وجهة نظره فإن تصريحاته ”طريقة لإظهار طموحاته بالنسبة لمستقبل الولايات المتحدة، ولكن من خلال استعراض القوة للظهور بمظهر أكثر مصداقية“، وهو ما يتوافق مع ما انتقاداته لأسلافه عندما اتهمهم بـ”الضعف“.
وحسب الصحيفة، يرى الخبراء أنه من غير المعقول أن يستخدم دونالد ترامب القوة لضم الأراضي التي يطالب بها. ويقول يانيك ميريور، وهو عالم سياسي خبير بالشؤون الأمريكية، إن ذلك يبدو ”تزييفًا للواقع“ من أجل الحصول على ميزة من أجل ”إعادة التفاوض على ميزان القوى“ بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض.
ويضيف لوريك هينيتون: ”من خلال وضع سقف عالٍ منذ البداية، مع مطالب مبالغ فيها، سيدفع محاوريه إلى منح واشنطن شيئًا ما“.
ويعتقد هينيتون أنه من خلال فرض رسوم جمركية بنسبة 25%، يمكن أن يستغل دونالد ترامب الفرصة ”لإعادة التفاوض على شروط الشراكة التجارية مع كندا، أو حتى الشراكة الأمنية، بطريقة أكثر ملاءمة للولايات المتحدة“.
وتقول آن كراتز، وهي خبيرة في التاريخ وعضو مشارك في معهد كوينسي بواشنطن، إن ترامب خلال فترة ولايته الأولى في منصبه ”كان قد أطلق بالفعل تهديدات مماثلة.. وفي النهاية، بمجرد وصوله إلى السلطة، أعاد التفاوض على المعاهدة بين البلدين“.
أما فيما يتعلق بقناة بنما، فقد هدد دونالد ترامب باستعادة السيطرة عليها إذا لم يتم تخفيض الرسوم المفروضة على السفن الأمريكية. وتتوقع آن كراتز أن ”بنما وهي بلد صغير ستجد صعوبة في الدفاع عن نفسها، لذلك إذا عرض عليهم الأمريكيون مبلغًا كبيرًا مقابل اتفاق من نوع ما، فلن يجازفوا“.
وبالنسبة لغرينلاند، تعتقد كراتز أن ترامب قد يلجأ إلى التهديد باستخدام القوة ”لإجبار الدنماركيين على إبرام اتفاق ثنائي جديد، وربما لإقامة قواعد عسكرية أخرى وربما استغلال الثروات“، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لديها بالفعل قاعدة عسكرية في الجزيرة القطبية منذ عام 1941، وأن الجزيرة مطمع للقوى العالمية بسبب موارد الطاقة والمعادن.
ويوم الأربعاء، قالت الدنمارك إنها ”منفتحة على الحوار مع الأمريكيين حول كيفية التعاون“.
أما فيما يتعلق بفكرة إعادة تسمية خليج المكسيك بـ”خليج أمريكا“، يقول هينيتون إنها خطوة رمزية لأنه ”يعيد الولايات المتحدة إلى مركز القارة“، لكن الرئيس الأمريكي يمكن أن يستخدم ذلك لصالحه للتأثير على سياسة الهجرة المكسيكية التي يتهمها ”بالسماح لملايين الأشخاص بالتدفق" إلى الولايات المتحدة، بحسب التقرير.
كما يشير لوريك هينيتون إلى أنه ترامب يريد إلى جانب ”تأكيد نفوذ الولايات المتحدة ومصالحها في هذه المناطق المختلفة“، يضع في الحسبان أيضا المنافسة مع الصين.
لذلك يرى هينيتون أنه من الصعب الحديث عن ”إرادة توسعية“ من جانب دونالد ترامب، بالمعنى الذي كان يستخدم به المصطلح في القرن التاسع عشر، بل هي بالأحرى ”رغبة في ترك بصمته“.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب غرينلاند الدنمارك كندا ترودو كندا الدنمارك غرينلاند ترامب ترودو صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة دونالد ترامب التفاوض على من أجل
إقرأ أيضاً:
ترامب يعود لمشروع ضم غرينلاند: إغراءات اقتصادية بدلًا من الدبابات وسط تصاعد التنافس في القطب الشمالي
في خطوة تعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة ولكن بأساليب عصرية، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرح خطته المثيرة للجدل بشأن جزيرة غرينلاند، بعد أن كانت قد طويت أوراقها منذ الإعلان عنها لأول مرة في يناير الماضي.
هذه المرة، عاد ترامب إلى المشروع ولكن بعيدًا عن التهديدات العسكرية، مستبدلًا الدبابات والطائرات بـحقيبة من الحوافز الاقتصادية ورسائل ناعمة مغطاة بغلاف الدبلوماسية والتعاون.
البيت الأبيض: ترامب عازم على التحاور مع إيران ترامب يناقش البرنامج النووي الإيراني مع مساعديه قبل الجولة الثانية من المفاوضات خطة أمريكية بديلة عن المعونات الدنماركيةحسب شبكة CNBC، لا يسعى ترامب إلى شراء الجزيرة كما سخر منه البعض سابقًا، بل يخطط لتقديم منحة مالية سنوية لكل مواطن غرينلاندي بقيمة 10 آلاف دولار، في محاولة لكسب ودّ سكان الجزيرة الذين يبلغ عددهم نحو 57 ألف نسمة.
وتستهدف الخطة الأمريكية استبدال الدعم السنوي المقدم من الحكومة الدنماركية، والذي يبلغ نحو 600 مليون دولار، بتمويل أمريكي مصدره استثمارات ضخمة في ثروات غرينلاند الطبيعية، التي تشمل المعادن النادرة المستخدمة في صناعة التكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى النفط، والذهب، واليورانيوم.
صدام المصالح وسط أجواء جليدية معقدةغير أن الطموح الأمريكي يصطدم بواقع معقد؛ إذ تعاني غرينلاند من مناخ قاسٍ وبنية تحتية محدودة، فضلًا عن تحديات ذوبان الجليد التي تعيق الوصول إلى الموارد.
وما يزيد الموقف تعقيدًا، هو الضغط الداخلي على الميزانية الأمريكية، حيث طلب ترامب من إيلون ماسك، وزير الكفاءة الحكومية في إدارته، خفض تريليون دولار من الإنفاق الفيدرالي، وهو ما يضع الخطة تحت ضغط سياسي واقتصادي داخلي.
الشراكة من أجل السلام... والتوسعورغم هذه التحديات، أكد ترامب في مؤتمر صحفي عقد مؤخرًا أنه مصمم على تحقيق تقدم في مفاوضات ضم غرينلاند، ما دفع فريقه إلى التحرك سريعًا. حيث توجه مايكل والتز، مستشار الأمن القومي، وجيه دي فانس، نائب الرئيس، إلى الجزيرة لإطلاق ما وصفوه بـ "الشراكة من أجل السلام والازدهار".
ويأتي هذا التحرك في وقت يتصاعد فيه التنافس الدولي في منطقة القطب الشمالي، بفعل ذوبان الجليد وظهور ممرات بحرية جديدة، تغري قوى كبرى مثل روسيا والصين بالدخول إلى المسرح القطبي.
رد فعل دنماركي غاضب وانقسام داخل الجزيرةفي المقابل، لم تتأخر كوبنهاجن في الرد، حيث وصفت ميت فريدريكسن، رئيسة وزراء الدنمارك، التحركات الأمريكية بأنها "ضغط غير مقبول"، مؤكدة أن تقرير المصير هو حق حصري لسكان غرينلاند وحدهم.
وعلى الرغم من إغراءات ترامب، إلا أن الانقسام ما زال حاضرًا على أرض الجزيرة. ففي آخر انتخابات، لم تحصل الأحزاب المؤيدة للتقارب مع واشنطن سوى على دعم ربع الناخبين، ما يعكس حذرًا شعبيًا واسعًا من نوايا واشنطن.
استدعاء التاريخ وتوظيف الإعلامترامب لم يكتفِ بالحوافز المالية، بل استدعى التاريخ، مشيرًا في حملاته الإعلامية إلى علاقة الدم واللغة التي تربط سكان غرينلاند بـشعب الإنويت في ألاسكا، كما روج لدور الولايات المتحدة في حماية الجزيرة من الغزو النازي إبان الحرب العالمية الثانية.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن الإدارة الأمريكية عقدت اجتماعات متتالية لوضع آليات تنفيذية للخطة، وشكلت فرقًا متخصصة لإدارة المحتوى الإعلامي الموجه لسكان غرينلاند عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هل يكون الخيار العسكري مطروحًا؟رغم أن خطاب ترامب الحالي خالٍ من التهديدات المباشرة، يبقى السؤال مطروحًا حول احتمال استخدام القوة مستقبلًا في ظل طموحاته التوسعية، لا سيما في منطقة تشهد تصعيدًا استراتيجيًا متسارعًا.
وحتى اللحظة، تؤكد الإدارة الأمريكية التزامها بالحلول الدبلوماسية والاقتصادية، إلا أن التاريخ الأمريكي في التدخلات الخارجية لا يُطمئن خصوم واشنطن تمامًا.