الثورة نت:
2025-01-10@23:38:51 GMT

شهداء مع فارق التوقيت

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

كل يوم تشرق الشمس على غزة كما تشرق على العالم أجمع، لكنها هناك تشرق على ألم ومعاناة وقتل وتشريد ونزوح، في بقعة صغيرة مكتظة بالسكان، لا تزيد مساحتها عن 360كيلومتراً مربعاً، تُكتب قصص الموت والفقدان بحبر الدم والدموع، يُقتل أبناء غزة يوميًا، في صمت عالمي يكاد يكون تواطؤًا، وكأن الوقت هنا يختلف، وكأن أرواحهم ليست كباقي الأرواح.

.

في غزة يجسد الصمود الأسطوري، الذي لا مثيل له في العالم.

في غزة، يُولد الأطفال تحت قصف الطائرات، وتكبر أحلامهم في ظل الحصار. والدمار والموت. لكن كل حلم يُذبح مع أول انفجار، وكل طموح يُسحق تحت ركام البيوت المدمرة. في الوقت الذي ينام فيه العالم على وسائد الراحة، وأسرة النوم الهادئة، يُوقظ أهالي غزة على أصوات الانفجارات، وصرخات الأمهات الثكلى، وألم الفقد الذي لا يشفى.

شهداء غزة هم قصة الإنسان المظلوم الذي يُقتل مرتين: مرة بالجسد، ومرة بالصمت العالمي، والتواطئ العربي.

يموتون في مشاهد تتكرر كل يوم، لكنهم يحملون أسماء مختلفة وأعمارًا تبدأ من الطفولة ولا تنتهي بالشيخوخة. الطفل الذي كان يضحك في زقاق الحي، يصبح غدًا صورة على جدار، والشابة التي كانت تعد خططها للمستقبل تصبح اليوم ذكرى تؤلم العائلة كلها.

إن ما يحدث في غزة ليس فقط حربًا عسكرية، بل حرب على الحياة ذاتها، حرب إبادة جماعية، تؤكد وحشية هذا الكيان الغاصب، الذي يسعى لإهلاك الحرث والنسل، تُحاصر غزة من البر والبحر والجو، تُحرم من الكهرباء والماء والغذاء، ومع ذلك، يعيش أهلها. يقاومون ليبقوا على قيد الكرامة، رغم أن العالم يدير ظهره، وينظر إلى ساعته كأن توقيت غزة لا يعنيه.

“شهداء مع فارق التوقيت” هو الوصف الذي سمعته من الإعلامي سلمان البشر مراسل تلفزيون فلسطين وهو ينعي زميله محمد أبو حطب، كان ينعي زميله ويصف ما يحدث في غزة ودموعه تنهمر على خديه..

لم اتمالك نفسي، فأجهشت بالبكاء… وسالت دموعي.. ولكني. بدأت أفكر في الواقع المأساوي، الذي يعيشه أبناء غزة.

دمار شامل.. وكأن طوفان أو زلزال.. هد منازل الغزة.. المقاطع المصورة التي تظهره بعض القنوات لواقع مدينة غزة.. قبل.. وبعد العدوان.. مشاهد لا تصدق.. أين البنيات والأبراج والمساكن.. أصبحت اطلالاً، واثراً بعد عين.

في غزة يتكرر الموت كل يوم بينما يعيش الآخرون حياتهم المعتادة. تُقصف الأحياء، وتُستهدف المدارس والمستشفيات، لكن الحقيقة الكبرى أن الضحية هنا ليست فقط الإنسان، بل الإنسانية جمعاء.

لم تعد غزة مدينة يسكنها الاحياء، بل باتت مقبرة جماعية.. تحكي قصة صمود أبنائها.. الذين رفضوا ترك أرضهم وفضلوا الموت على تراب وطنهم، خيرٌ من الحياة في مخيمات اللجوء.

مع كل جنازة جديدة، وفي كل صرخة طفل تحت الأنقاض، تتجدد دعوة للإنسانية أن تستيقظ. أهل غزة لا يطلبون المستحيل، فقط أن يعيشوا كباقي البشر. لكن يبدو أن الوقت في غزة يمضي وفق عقارب خاصة، عقارب تدق بالموت، وتترك العالم يتفرج.

ومع ذلك، فإن شهداء غزة ليسوا مجرد أرقام أو أسماء تُضاف إلى قوائم الضحايا، بل هم شعلة مقاومة. كل روح تُزهق تترك رسالة: إن غزة، رغم كل الألم، لن تنكسر. شهداؤها هم وقود الصمود الذي يبقيها واقفة رغم كل شيء.

وغزة، كما عهدناها، ستظل تقاوم، ولن يموت أبناؤها، فشعبنا اليمني واقف ومساند وداعم لأبناء غزة.  فنخن معهم نموت سوياً، أو نعيش معاً، غزة باقية ما دام فيها شعب يرفض الاستسلام، حتى وإن كانت أرواحهم تُزهق بفارق توقيتٍ عن بقية العالم.، فإن الحقيقية أن صمود أبناء غزة وتضحياتهم هي من ستعجّل بزوال الكيان الصهيوني الغاصب، وسيبدأ معها ميلاد تاريخ جديد..

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: فی غزة الذی ی

إقرأ أيضاً:

ما الذي تريده إيران من العراق؟

عانت العلاقات العراقيّة- الإيرانيّة منذ سبعينيات القرن الماضي من حالات شدّ وجذب، ولم تستقرّ إلا نادرا!

والمناوشات العراقيّة- الإيرانيّة بدأت في العام 1972 وانتهت باتّفاق الجزائر في العام 1975. وبعد أشهر من قيام "الثورة الإسلامية الإيرانيّة" بداية العام 1979 بَدَت التّشنّجات السياسيّة واضحة بين البلدين، وبعد أقلّ من عامين انطلقت بينهما المناوشات العسكريّة الحدوديّة بين 4–22 أيّلول/ سبتمبر 1980، لتشتعل حينها حرب الثماني سنوات (حرب الخليج الأولى)، وانتهت في آب/ أغسطس 1988!

وقد سَحقت الحرب أكثر من مليون شخص، وربّما تكلفتها المادّيّة الباهظة قادت لغزو الكويت وحرب الخليج الثانية، وأخيرا لاحتلال العراق!

ولاحقا بين عاميّ 1991 و2003 دخلت علاقات البلدين بمرحلة الحرب الهادئة والباردة، وكان العراق خلالها يدعم منظّمة "مجاهديّ خلق" المعارضة، فيما دعمت إيران المعارضة العراقيّة!

وبعد الاحتلال الأمريكيّ للعراق في العام 2003 تفاجأنا بأنّ إيران تقول صراحة بأنّها دعمت احتلال العراق، وفقا لتصريح "محمد علي أبطحي"، نائب الرئيس محمد خاتمي، حيث قال في منتصف كانون الثاني/ يناير 2004: "لولا إيران لما استطاعت أمريكا غزو أفغانستان والعراق"!

التدخّل الإيرانيّ المتنوّع في العراق يسعى لتحقيق جملة أهداف لصالح إيران حصرا، ومحاولة تغليف هذه الأهداف بأغطية "دينيّة ومذهبيّة" لم تعد مقبولة لدى "شيعة العراق" قبل غيرهم، وربّما من أبرزها: اللعب بالورقة العراقيّة في مفاوضات الملفّ النوويّ مع واشنطن، و"تصدير الثورة الإسلاميّة" للعراق ومن خلاله لبعض دول المنطقة، والظفر ببعض خيرات العراق!
وهكذا صارت إيران تتفاخر، وعلانية، بأنّها تتحكّم بأربع عواصم عربيّة بينها بغداد، وهذا الأمر لم يكن محلّ ترحيب غالبيّة العراقيّين الذي تمنّوا أن يَروا بلادهم تمتلك سيادة حقيقية، وليست سيادة وهميّة على الورق والإعلام فقط!

التغلغل الإيرانيّ لم يكن هامشيّا، ولدرجة أنّ رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي ذكر يوم 11 كانون الثاني/ يناير 2020": لا يمكن اختيار رئيس الوزراء في العراق من دون موافقة إيران"!

وبداية العام 2020 قتلت الطائرات الأمريكيّة قائد فيلق القدس الإيرانيّ قاسم سليماني بعد خروجه من مطار بغداد، والذي كان يتردّد على العراق شهريّا، أو أسبوعيّا، ويتحكّم في غالبيّة الملفّات الأمنيّة والسياسيّة!

التدخّل الإيرانيّ المتنوّع في العراق يسعى لتحقيق جملة أهداف لصالح إيران حصرا، ومحاولة تغليف هذه الأهداف بأغطية "دينيّة ومذهبيّة" لم تعد مقبولة لدى "شيعة العراق" قبل غيرهم، وربّما من أبرزها: اللعب بالورقة العراقيّة في مفاوضات الملفّ النوويّ مع واشنطن، و"تصدير الثورة الإسلاميّة" للعراق ومن خلاله لبعض دول المنطقة، والظفر ببعض خيرات العراق!

ووجدت إيران، التي تعاني من عقوبات أمريكيّة وأوروبيّة منذ العام 2018، من تغلغلها في العراق فرصة ذهبيّة للتهرّب من العقوبات وتعويض أضرارها الاقتصاديّة! وقد جنت آلاف المكاسب الاقتصاديّة على حساب العراق، وفي نهاية تمّوز/ يوليو 2024 أكّد المستشار السابق في الرئاسة العراقيّة "ليث شبر" تهريب أكثر من 200 مليار دولار من العراق لإيران منذ العام 2003"، عدا التبادل التجاري بقيمة 10 مليارات دولار، وتهريب النفط وغيره!

وآخر المكاسب الإيرانيّة، التي أُعلن عنها بداية العام 2025، تمثّل بتصدير تركمانستان لحوالي 25 مليون متر مكعّب يوميّا، وبقيمة 2.5 مليون دولار يوميّا إلى الشمال الإيرانيّ التي تعجز إيران عن إيصال الغاز إليها، ثمّ تعطي إيران كمّيّات مساوية من غازها من مدنها القريبة للعراق عبر الأنابيب، وفي المقابل تستهلك الغاز الذي دفع العراق أمواله لتركمانستان! فهل يعقل هذا؟

ولذلك هنالك حديث، وفقا لـ"Oil Price"، بأنّ فريق الرئيس ترامب "يفكّر في فرض عقوبات على العراق مثل إيران، تشمل الأفراد والكيانات المرتبطة بالتمويل والخدمات المتعلّقة بنقل النفط والغاز الإيرانيّين، والأموال المتعلّقة بذلك"! ولا أدري ما ذنب الشعب العراقيّ الذي يدفع ضريبة هذه السياسات المنبطحة للغرباء!

يفترض بالقيادة الإيرانيّة أن تترك سياسة التدخل، ومحاولة التحكّم بالعراق وغيره، لأنّ خروجها "المذلّ" من سوريا يؤكّد بأنّ البطش والقوّة والترهيب لا تُمهّد الطريق للغرباء للسيطرة على مقدّرات الدول
ومع تطوّرات الملفّ السوريّ والتخوّف من استهداف العراق، وعدم قدرة رئيس حكومة بغداد "محمد شياع السوداني" لإقناع الفصائل التي تأتمر بأوامر إيرانيّة بتسليم سلاحها للحكومة قبل وصول ترامب للبيت الأبيض بعد عشرة أيّام، ولهذا تحرّك مباشرة إلى طهران، الأربعاء الماضي، لحسم هذا الملفّ قبل الوصول لمرحلة "الانهيار الكبير"!

وقد ينقل رسالة من القيادة السوريّة، بعد زيارة رئيس المخابرات العراقيّة لدمشق، للقيادة الإيرانيّة، وكذلك مناقشة تداعيات الملفّ السوريّ على العراق، وربّما المطالبة بدعم إيرانيّ في حال تعرّض العراق لهجمات خارجيّة!

وتأكيدا للربكة السياسيّة والأمنيّة قال زعيم تيار الحكمة "عمار الحكيم"، يوم 02 كانون الثاني/ يناير 2025: "الأمريكان أبلغوني بأنّ الفصائل ستتعرّض لهجوم، وأنّ الرئيس ترامب سيحاصر أذرع إيران في العراق"!

القلق العراقيّ من احتمالية حصول هجمات لداعش من الأراضي السوريّة جعل بغداد تحاول التنسيق مع القاصي والداني لتأمين الحدود المشتركة.وفي تصريح غريب وناريّ، ويحمل في طيّاته الكثير، قال السوداني الأحد الماضي: "العراق على أتمّ الجهوزيّة والاستعداد لردّ أيّ اعتداء مهما كان مصدره"! وبعده قال نوري المالكي، زعيم "دولة القانون": "إعادة رسم خارطة العراق احتمال وارد"!

وهكذا، ومع هذه الصور المتشابكة والمركّبة يفترض بالقيادة الإيرانيّة أن تترك سياسة التدخل، ومحاولة التحكّم بالعراق وغيره، لأنّ خروجها "المذلّ" من سوريا يؤكّد بأنّ البطش والقوّة والترهيب لا تُمهّد الطريق للغرباء للسيطرة على مقدّرات الدول!

ينبغي على إيران أن تحترم السيادة العراقيّة، وتحاول العمل لتحقيق مصالح البلدين الجارين بعيدا عن سياسات الهيمنة والوكالة في الحروب! فمتى يتحقّق الحلم العراقيّ والعربيّ، وتكفّ إيران عن تدخّلاتها؟

x.com/dr_jasemj67

مقالات مشابهة

  • ما الذي تريده إيران من العراق؟
  • مصطفى بكري يكشف أسباب الحملات التحريضية ضد مصر في هذا التوقيت
  • المصور الذي فقد عائلته ووثق الإبادة الإسرائيلية
  • طوق أمنيّ للجيش على أوتوستراد البداوي... ما الذي يجري هناك؟
  • مضوي: “فارق الأهداف مهم لضمان تأهلنا في المركز الأول”
  • د. النور حمد الذي صدق ووفّى
  • لا أعلم خوض اللقاء بهذا التوقيت .. تعليق مثير من جروس بعد مباراة أبو قير
  • جروس: إصابة فتوح بسيطة.. ولا أعلم سبب خوض مباراة الزمالك وأبو قير في هذا التوقيت
  • إمام وخطيب: فارق كبير بين الكتاتيب التقليدية والجديدة