نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرا، يسلّط الضوء على اختفاء التحديث الذي نشرته شبكة "أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة"، وهي هيئة مستقلة مدعومة من الحكومة الأمريكية، في 23 كانون الأول/ ديسمبر، بشأن توقّعاتها حول مجاعة وشيكة في شمال قطاع غزة المحاصر.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "هذا التحديث اختفى سريعاً بعد انتقادات وجّهها السفير الأمريكي في إسرائيل للأرقام السكانية الواردة في التقرير، استناداً لتوجيهات صادرة عن الحكومة الأمريكية".



واعتبر الموقع أن: "هذه الرقابة تؤثّر بشكل مباشر على مصداقية الولايات المتحدة في قضايا الأمن الغذائي"، مشيرا إلى أن: "الولايات المتحدة، التي كانت تقود العالم سابقاً في وضع معايير التعامل مع الأزمات الغذائية ومنع استخدام الغذاء كسلاح، أصبحت اليوم تفرض رقابة على تقارير مستقلة توثق منع إسرائيل الإمدادات الغذائية عن شمال غزة".

الغذاء كسلاح
أضاف الموقع أن عام 1974 كان حاسماً لتشكيل توافق عالمي حول الأمن الغذائي، لكنه بدأ بسياسة أمريكية استخدمت الغذاء كسلاح ضد بنغلاديش، ما أدى إلى وفاة 1.5 مليون شخص بسبب مجاعة سببتها خلافات تجارية. 

"هذا الامتناع عن تقديم المساعدات كان امتداداً لسياسة نيكسون/ كيسنجر، التي دعمت حليفاً مثل باكستان رغم انتهاكاته الإنسانية خلال حرب استقلال بنغلاديش، لضمان مكاسب دبلوماسية مع الصين" بحسب التقرير نفسه.

وأبرز: "بالإضافة إلى ذلك، ساهمت سياسات أخرى في تأجيج المجاعات، مثل فشل الإمبراطور هيلا سيلاسي في معالجة المجاعة في إثيوبيا، مما أدى إلى سقوط نظامه لصالح الشيوعيين".


مبادرات لمواجهة الأزمات الغذائية
بيّن الموقع أنه في نهاية عام 1974، شهد العالم تحولاً كبيراً في مجال الأمن الغذائي، حيث اتفقت الدول خلال مؤتمر الغذاء العالمي الذي عقدته الأمم المتحدة على معايير ومؤسسات جديدة لتوجيه الأمن الغذائي العالمي.

وبحلول 1977، تم حظر استخدام الغذاء كسلاح ضمن بروتوكولات إضافية لاتفاقيات جنيف، وهو مبدأ تم تعزيزه لاحقاً بقرارات دولية، منها قرار بالإجماع من مجلس الأمن عام 2018، وقرار من مجلس الشيوخ الأمريكي في 2022، وبيان مشترك للأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة عام 2023.

وخلال مجاعة إثيوبيا في ثمانينيات القرن الماضي، التزمت الولايات المتحدة بهذه المعايير رغم عدائها للشيوعية، حيث قدّم الرئيس، رونالد ريغان، مساعدات غذائية للشعب الإثيوبي الجائع، مؤكداً أن: "الطفل الجائع لا يعرف السياسة".

وأوضح الموقع: "كانت تلك المجاعة جزءاً من أزمة غذائية أوسع في إفريقيا في منتصف الثمانينيات، ما دفع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى إنشاء شبكة: أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة".

وأضاف: "بدأت الشبكة كخدمة مستقلة لتحليل الأوضاع وإطلاق التحذيرات المبكرة للمجتمع الإنساني، ولا تزال تعمل بهذه الصفة. ومنذ اعتماد الأمم المتحدة في 2004 لنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أصبح هذا النظام المعيار الأساسي للتحذير المبكر من المجاعات، واستخدمته شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة في تقييم الوضع في غزة".


انتقادات أمريكية
يتطلب إعلان الشبكة عن مجاعة تأكيداً من لجنة مستقلة، لكن التحديث الأخير الذي نشرته الشبكة عن الوضع في غزة واجه عدّة انتقادات، خاصة من السفير الأمريكي في دولة الاحتلال الإسرائيلي، جاك لو، الذي شكك في الأرقام السكانية المستخدمة في التقييم.

وذكر الموقع أنّ: "الحرب على غزة أدّت لخسائر بشرية ضخمة وأثرت أيضاً على الالتزام العالمي بحقوق الإنسان وقوانين الحرب، مع تراجع إدارة بايدن عن إدانة انتهاكات إسرائيل".

وحسب الموقع، فإن: "هذا الوضع يهدد سمعة شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة بعد سحب تحديثها الأخير تحت ضغط من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية".

ومنذ آيار/ مايو، كانت الشبكة قد أشارت إلى مجاعة وشيكة في غزة بسبب نقص الإمدادات الغذائية. وأكدت لجنة مراجعة المجاعة في تشرين الثاني/ نوفمبر أن بعض مناطق غزة تواجه خطر المجاعة، وهو ما يتوافق مع تحذيرات خبراء إنسانيين بسبب عدم سماح للاحتلال الإسرائيلي بزيادة الإمدادات.

وختم الموقع بالقول إن: "الولايات المتحدة أمام خيارين: إما أن تترك مكانتها الدولية التي تضررت بشدة، أو تعود إلى الالتزام بالمعايير وتدين الانتهاكات الإسرائيلية بدلا من ممارسة الرقابة على التقارير حول المجاعة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية بايدن بايدن المساعدات الغذائية ادارة بايدن المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأمن الغذائی الغذاء کسلاح الموقع أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

سلاح التجويع.. جريمة على مرأى العالم أجمع

ما زالت إسرائيل مصرة على ارتكاب جرائمها في غزة، ورغم أن حركة حماس ملتزمة بقرار وقف إطلاق النار، إلا أن الاحتلال عاد ليستخدم التجويع سلاحا لكسر إرادة الفلسطينيين في غزة، في تحد مستمر للشرعية الدولية ولأبسط مبادئ الإنسانية في ظل غياب الأعذار السابقة حينما كانت المقاومة مستمرة في مقاومتها للاحتلال. لا يمكن فهم هذه السياسة التي أوقفت المساعدات في شهر رمضان المبارك وقطعت الكهرباء عن محطة تحلية المياه باعتبارها تكتيكا تفاوضيا في وقت تبدي فيه حماس مرونة كبيرة في المفاوضات وفي تطبيق بنود الاتفاق، لكن الأمر يُقرأ في سياقه التاريخي ما يعني إمعان الاحتلال في جرائمه التي تهدف إلى فرض واقع جديد، واقع يجبر الفلسطينيين على الرضوخ أو التهجير.

والقانون الدولي واضح في هذا الشأن حيث تشير المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة إلى إلزام القوة المحتلة بضمان إمداد السكان بالمواد الغذائية والطبية، كما أن استخدام التجويع كسلاح محظور بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. لكن رئيس وزراء «دولة» الاحتلال واليمين المتطرف الذي يسانده في «الحكومة» يواصلون تجاهل هذه القوانين، مدعومين بغطاء سياسي أمريكي يتزعمه ترامب الذي ما زال مصرا على خطة التهجير وتحويل القطاع إلى «ريفييرا» في سياق فرض استراتيجيته الأوسع لترسيخ الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.

إن همّ نتنياهو، وترامب أيضا في هذه المرحلة ليس النصر على حماس أو إذلال سكان القطاع ومن دعمهم في معركة طوفان الأقصى ولكن الهدف الاستراتيجي الذي بدا الآن واضحا رغم أن مساره معد ليكون متوسط المدى هو العمل على إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية لغزة عبر إعادة بناء نموذج الضفة الغربية في المستوى الأول أو عبر إعادة تشكيل الشرق الأوسط في المستوى الأوسع. هذا الفكر الذي بدأ يتشكل على الواقع يشير إلى أن ما يطرحه نتنياهو وترامب حول التهجير من أجل الإعمار ما هو إلا خدعة أخرى ضمن سلسلة خدع مستمرة يبيعها ساسة إسرائيل وساسة الغرب للمنطقة. وبعيدا عن القانون الدولي فإن الناحية الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع تشير إلى قرب تصنيف كل مدن غزة أنها في مجاعة، فقد عاد مئات الآلاف من السكان إلى المدن الشمالية في القطاع بعد بدء سريان وقف إطلاق النار ورغم أن المساعدات للشمال كانت شحيحة جدا إلا أنها توقفت تماما عن الشمال والجنوب الأمر الذي زاد معاناة الناس هناك بشكل مخيف جدا. وحذرت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة من أن أي قيود إضافية على المساعدات ستؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث بدأت مشاهد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية تظهر في تقارير المنظمات الحقوقية.

ثمة أمر غاية في الأهمية لا تعيره إسرائيل أو الدول الغربية القادرة على الضغط على إسرائيل كثير أهمية وهو تعميق الكراهية بين الداعمين والمتعاطفين مع سكان غزة، وهم كثر في مختلف أنحاء العالم، وبين الإسرائيليين والغرب الداعمين لسياسات إسرائيل، وتعميق هذا الخطاب ينعكس بشكل سلبي على الغرب ويتحول مع الوقت إلى أعمال ميدانية تتمثل في عمليات مسلحة وطعن ودهس كما حدث في مدن غربية كثيرة خلال الفترة الماضية.

ترفض إسرائيل أن تقرأ التاريخ جيدا، تاريخ الشعب الفلسطيني على أقل تقدير والذي يشير بشكل واضح تماما إلى أن إرادته لا يمكن أن تنكسر في طريق تحرير أرضه والحصول على حقوقه وأن العقاب الجماعي أو الفردي لن يجدي نفعا أبدا بل إنه سيؤدي إلى تأجيج المقاومة وتوسعة قاعدتها الشعبية، إضافة إلى تعزيز نفوذ الجماعات والقوى الإقليمية المناوئة للاحتلال. أما الحقيقة التي على إسرائيل أن تضعها دائما في اعتبارها فهي أن أية محاولة لتجاهل الواقع الفلسطيني أو إزالته بالقوة هي ضرب من الوهم، لأن القضية ليست فقط في غزة، بل في الضفة والقدس والشتات، حيث الذاكرة الفلسطينية لا تموت، والحقوق المسلوبة لا تسقط بالتقادم.

مقالات مشابهة

  • شبح المجاعة يهدد غزة وإغلاق المعابر يمنع المياه عن 90% من السكان
  • غزة: أبرز مؤشرات عودة شبح المجاعة وانعدام الأمن الغذائي
  • نائب ترامب يهاجم بايدن: نام طوال ولايته وزوجته كانت تدير البلاد
  • ترامب يصعد خطابه.. ضغوط اقتصادية على كندا وهجوم على سياسات بايدن
  • جدل داخلي حاد في إيران حول نوايا الولايات المتحدة
  • وزير الطاقة الإسرائيلي: أوقفنا المساعدات الإنسانية لغزة واستئناف القتال مطروح
  • المفوض العام للأونروا: إسرائيل تستخدم قطع المساعدات الإنسانية عن غزة كـ"سلاح"
  • سلاح التجويع.. جريمة على مرأى العالم أجمع
  • منظمة الهجرة الأممية تواجه اضطرابات قوية بعد تجميد ترامب المساعدات
  • شبح المجاعة يلقي بظلاله على سكان غزة مع استمرار منع الاحتلال لدخول المساعدات