أصوات صنعت المجد.."الغناء الشعبى" تراث حى ينبض بالحياة
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حينما يُذكر الطرب الشعبي، تنطلق الأرواح نحو عالم مفعم بالحكايات والألحان التي تعكس واقع الحياة اليومية، إنه ليس مجرد فن، بل هو نبض الشارع، ولغة المشاعر التي تنساب من قلوب الناس إلى كلمات وألحان بسيطة لكنها تحمل في طياتها أعمق المعاني، في كل موال وأغنية، نجد مزيجًا من الفرح والألم، الحب والحنين، والأمل والصبر.
منذ الأزل، والغناء الشعبي يرافق الإنسان، يحكي همومه، وينشد أفراحه، ويعبر عن أحلامه البسيطة، إنه فن ينبض بالحياة، يجمع بين أصالة الماضي وبساطة الحاضر، وبينما كانت الطبقات الحاكمة تتحدث بلغة الفصيح، انبثقت الأغنية الشعبية لتكون لغة الناس العادية، مرآةً تعكس وجدان الجماعة الشعبية وتراثها.
إنه الفن الذي لا يعرف قيودًا، يروي بطولات الأجداد كما في «سيرة أبو زيد الهلالي»، ويزين مناسبات الأفراح والطقوس الدينية، ليبقى الغناء الشعبي جزءًا أصيلًا من الهوية الثقافية للشعوب.
الفن الشعبى وثّق حياة الناس اليومية.. وسجل القصص والبطولات الملحمية
الجذور والتطور
يتميز الغناء الشعبي ببساطته وسهولة كلماته التي ترتبط بالحياة اليومية، متأثرًا بالبيئة الاقتصادية والاجتماعية، على مر العصور، كان هذا الفن أداة للتوثيق والتعبير، حيث سجل الانتصارات الحربية والقصص البطولية، ووثّق حياة الناس اليومية.
في مصر، وجد الغناء الشعبي بيئة خصبة في الموالد الشعبية التي تُقام احتفاءً بالأولياء الصالحين أو المولد النبوي الشريف، كما ازدهر في حفلات الزفاف والمناسبات الاجتماعية، حيث تختلف طقوس وأغاني الأفراح بين مناطق مصر المتنوعة، من واحة سيوة، إلى النوبة، والصعيد، والدلتا.
وعندما تأسست الإذاعة المصرية في منتصف الأربعينيات، لم يكن الغناء الشعبي جزءًا من المشهد الرسمي، واعتمدت الإذاعة في بدايتها على عمالقة الطرب مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، بينما استبعدت الأغنية الشعبية، نظرًا لما كان يراه بعض النقاد آنذاك من افتقارها إلى الالتزام الفني أو خشيتهم من استخدام تعبيرات لا تتوافق مع الذوق الرسمي، إلى أن جاء وقته وفرض الطرب الشعبي مكانته بين الجمهور في البدايه على الإذاعات الخاصة ثم الرسمية ثم الأسطوانات والشرائط.
ويتذكر الجيل القديم حفلات ليالى أضواء المدينة التى قدمتها الإذاعة منذ أن أطلقها الإعلامى الراحل جلال معوض أوائل عام 1953 واستمرت حتى منتصف السبيعينيات من القرن الماضى، وكان يحرص على مشاركة المطربين الشعبيين فى تلك الحفلات لما يحظون به من حب وتقدير الجماهير.
كما أنتجت الإذاعة العديد من الصور الغنائية المميزة مثل «قسم وأرزاق» «السلطانية» و«الدندورمة» وحققت جميعها نجاحاً شعبياً كبيراً، حتى أن التليفزيون أعاد تصوير بعضها وقدمها على الشاشة الصغيرة، كما استمر التليفزيون لسنوات طويلة يقدم برنامج «الفن الشعبى» من إعداد وإخراج شوقى جمعة وقدم من خلاله العديد من رواد الغناء الشعبى.. أما فى الوقت الحالى فقد انتشر الغناء الشعبى من خلال الإنترنت والسوشيال ميديا.
أصوات صنعت المجديظل الطرب الشعبي جزءًا من الهوية الثقافية، يروي قصص الناس، ويحتفي بآمالهم وأحلامهم. إنه ليس مجرد فن عابر، بل هو تراث حي ينبض بالحياة، ويستمر في التطور، ليظل شاهدًا على عبقرية الإنسان في التعبير عن ذاته ومن أبرز مطربيه ما يلي:
محمد طه.. ملك الموال
من طهطا إلى قلوب ملايين المصريين، انطلق محمد طه ليصبح واحدًا من أعظم رموز الموال الشعبي، وكان «طه» سيد الارتجال على المسارح وفي الحفلات الشعبية.
اشتهر بغنائه أمام الزعيم جمال عبد الناصر، وكان من أبرز مواويله «مصر جميلة»، التي عبّرت عن الروح الوطنية في زمن الثورة.
محمد رشدي.. أسطورة الألحان الشعبية
تخرج من المعهد الموسيقي للغناء الشعبي في الخمسينيات، تميز محمد رشدي بصوته العذب الذي دخل قلوب المصريين منذ أغنيته الأولى «قولوا لمأذون البلد».
تعاون رشدي مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي والملحن بليغ حمدي، ما أثمر عن أغاني خالدة مثل «عدوية» و«طاير يا هوى» كما كان صوته حاضرًا في ملحمة «أدهم الشرقاوي»، التي تُعد واحدة من أعظم الأعمال الملحمية للإذاعة المصرية.
محمد عبد المطلب.. صوت لا يُنسى
ولد عام 1910، وكان صوته العميق وسيلة للتعبير عن أحاسيس الناس البسيطة، قدم أغاني مثل «رمضان جانا» و«ساكن في حي السيدة»، التي لا تزال محفورة في وجدان المصريين.
تأثر عبد المطلب بالشيخ سيد درويش، وتعاون مع كبار الملحنين مثل محمود الشريف، ليصبح أحد أعمدة الغناء الشعبي.
محمد العزبي.. النغمة البهية
انضم إلى فرقة رضا للفنون الشعبية، وترك بصمة كبيرة في الطرب الشعبي، من أشهر أغانيه «عيون بهية»، التي أصبحت رمزًا للغناء الشعبي الأصيل.
بدرية السيد.. صوت الإسكندرية
المعروفة بـ«بدارة»، اشتهرت بدرية السيد بأغانيها التي تحمل روح الإسكندرية، وكانت أغانيها تعبيرًا صادقًا عن الحياة اليومية في المدن الساحلية، وأنتجت لها إذاعة الإسكندرية العديد من الأغاني.
من أغنياتها «ادلع يا رشيدى»، من فوق شواشى الدره قمريه بتغنى»، ومن أشهر المواويل التى تغنت بها «طلعت فوق السطوح أسأل على طيرى»، و«صعيدى ولا بحيرى».
أحمد عدوية.. ثورة في الطرب الشعبي
أحدث أحمد عدوية نقلة نوعية في السبعينيات عندما قدم الطرب الشعبي بلمسة عصرية، أغانيه مثل «بنت السلطان» و«سلامتها أم حسن» مزجت بين البساطة والإيقاعات الحديثة، ما جعله نجمًا شعبيًا لا يُنسى.
رمضان البرنس.. صوت القوة والإحساس الشعبي
رمضان البرنس، أحد أبرز نجوم الطرب الشعبي في العصر الحديث، استطاع أن يلفت الأنظار بفضل صوته القوي وأدائه الذي ينبض بالمشاعر، ويشتهر بأسلوبه العفوي الذي يلامس حياة الناس اليومية، حيث يقدم أغاني تعكس نبض الشارع المصري وتعبّر عن همومه وأفراحه.
يمتلك رمضان البرنس كاريزما فنية خاصة جعلته محط أنظار الجماهير في الحفلات الشعبية، حيث تتناغم أغانيه مع أجواء البهجة والاحتفالات، ومن أشهر أغانيه التي لاقت صدى واسعًا «تعالى يا عم الحاج» و«أنت حياتي»، اللتين أصبحتا رمزًا للحفلات الشعبية في مصر.
حسن الأسمر.. صوت الحزن الشعبي
حسن الأسمر، أحد أعمدة الطرب الشعبي المصري، تميز بصوته الحزين الذي عكس وجدان الشارع المصري وهمومه، وُلد في القاهرة عام 1959، واشتهر بأغانيه التي تحمل مشاعر صادقة وألحانًا عميقة.
قدّم أغاني خالدة مثل «كتاب حياتي يا عين» التي أصبحت رمزًا للألم الإنساني، و«أنا أهو وأنت أهو»التي جمعت بين البهجة والشجن، كان حسن الأسمر قادرًا على المزج بين الكلمات البسيطة والإحساس العالي، مما جعله قريبًا من قلوب الجماهير.
فاطمة عيد.. ملكة الأفراح
فاطمة عيد، واحدة من أبرز الأسماء في مجال الفن والموسيقى في العالم العربي، بدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة، حيث تألقت بصوتها الرائع وأدائها المميز الذي جعلها تحجز مكانًا خاصًا في قلوب جمهورها.
فهي صوت المرأة الريفية الذي حمل أغاني الأفراح والمناسبات السعيدة، بأغانٍ مثل «طلعوا الحلوين»، و«رايحة فين يا حاجة» فاستطاعت أن تزرع البهجة في قلوب الجماهير.
حورية حسن.. فراشة الفن الشعبي
بأغاني مثل «يا أبو الطاقية الشبيكة»، جمعت حورية حسن بين الطرب الشعبي والكلاسيكي، مما أكسبها قاعدة جماهيرية واسعة.
جمالات شيحةجمالات شيحة.. طاقة الحفلات
أيقونة الطرب الشعبي النسائي في النوبة، اشتهرت بجمال صوتها ومواضيع أغانيها المستوحاة من الحياة اليومية والنوبة، قدمت أغانٍ مثل «على ورق الفل دلعني» و«يا ورد على فل وياسمين»، التي تحمل طابعًا خاصًا يعبر عن التراث النوبي.
خضرة محمد خضر.. صوت الموال
ولدت في كوم حمادة بمحافظة البحيرة، اشتهرت خضرة بقصة أيوب وناعسة التي غنتها مع الفنانة فاطمة عيد من تأليف زكريا الحجاوي، اكتشفها زكريا الحجاوي وتزوجها سنة 1961 لكنهما انفصلا بعد ذلك.
كانت صوتًا فريدًا في فن الموال الشعبي، غنت عن الحياة الريفية والبيئة الزراعية بشكل بسيط وعميق في الوقت ذاته، اشتهرت بأغاني مثل «متى أشوفك يا قلبى اطمن» و«يا عريسنا».
هدى السنباطي.. الحنين إلى الماضي
برزت في الغناء الشعبي بفضل قدرتها على المزج بين الأسلوب الكلاسيكي والطابع الشعبي، قدمت أغانٍ تتسم بالحنين إلى الماضي وتقدير الحياة اليومية.
ليلى نظمي.. رمز البهجة
اشتهرت بأسلوبها المرح وأغانيها المليئة بالطاقة، وكانت رمزًا للبهجة في الحفلات الشعبية، من أشهر أغانيها «ما أخذش العجوز أنا» و«الحلوة دي قامت تعجن».
ولدت في الإسكندرية وتخرجت من «المعهد العالي للموسيقى» عام 1968.
الطرب الشعبي: من الماضي إلى الحاضر
رغم ظهور أنماط موسيقية جديدة مثل المهرجانات، استطاع الطرب الشعبي أن يحافظ على مكانته، بفضل فنانين مزجوا بين التراث والحداثة.
فنانون مثل حكيم وعبد الباسط حمودة وأحمد شيبة قدموا أعمالًا مزجت بين الإيقاعات العصرية وروح الطرب الشعبي، لتصل إلى جمهور الشباب.
حكيمحكيم.. سفير الطرب الشعبي عالميًا
بدأ مشواره الفني وهو في العاشرة من عمره بالغناء في حفلات المدرسة والتجمعات العائلية، ليحظى بشهرة محلية في بلدته، خلال المرحلة الثانوية، انتقل إلى القاهرة بحثاً عن فرصة أكبر، وبدأ مشواره في الملاهي الليلية وحفلات الزفاف، متحدياً رغبة والده الذي حاول إعادته لاستكمال دراسته، لكنه أصر على متابعة حلمه.
في عام 1989، شكّل لقاؤه بالفنان حميد الشاعري نقطة تحول كبيرة، حيث قدمه الشاعري لشركة «سونار» للإنتاج الموسيقي، وأصدرت الشركة ألبومه الأول «نظرة»، الذي حقق نجاحاً ساحقاً، لينطلق نحو عالم الشهرة ويبدأ مسيرة غنائية مميزة.
ويعتبر حكيم المطرب الوحيد الذي أخذ الأغنية الشعبية إلى العالمية، حيث استطاع المزج بين الإيقاعات الشرقية والعالمية بأسلوب فريد، من أشهر أغانيه «السلام عليكو»، التي حققت نجاحًا كبيرًا، و«حلاوة روح»، التي أظهرت طاقته الإبداعية وصوته المميز.
عبد الباسط حمودة.. صوت الشجن
وُلد عبد الباسط حمودة في منطقة أبو قير بالإسكندرية، ونشأ في حي شعبي بسيط اتسم بالتلقائية والعفوية، تأثر منذ صغره بالأغاني الشعبية التي كانت تنبعث من المقاهي والمحلات، فحفظ الكثير منها وأصبحت جزءاً من وجدانه. بفضل حبه لهذا النوع من الفن، بدأ مشواره الغنائي من خلال إحياء الأعراس والمناسبات الخاصة، ليشق طريقه في عالم الأغنية الشعبية.
عبد الباسط حمودة، صاحب الصوت العميق والإحساس الصادق، نجح في لمس قلوب الجماهير بأغانيه التي تتناول قضايا الحياة اليومية، أشهر أغانيه «أنا مش عارفني»، التي أصبحت رمزًا للحيرة والمعاناة، و«على وضعك»، التي احتفظت بشعبيتها في الأعراس والمناسبات.
شعبان عبد الرحيم.. صوت البسطاء
شعبان عبد الرحيم ولد في 15 مارس 1957 وتوفي في 3 ديسمبر 2019، في حي الشرابية بالقاهرة باسم «قاسم». واختار اسم «شعبان» في الوسط الفني والحياة الشخصية، تيمناً بمولده خلال شهر شعبان.
اشتهر بأغانيه البسيطة التي تحمل رسائل مباشرة، أبرزها أغنية «أنا بكره إسرائيل»، التي أطلقها عام 2000 مستوحياً كلماتها من أحداث الانتفاضة الفلسطينية، وحققت الأغنية صدى واسعاً محلياً وعربياً، وأثارت جدلاً كبيراً حتى اتهمته شبكة «سي إن إن» بالتحريض ضد التطبيع مع إسرائيل.
شعبان عبد الرحيم، المطرب العفوي، كان ظاهرة فنية أثارت الجدل والإعجاب، تميز بأسلوبه البسيط الذي يعبر عن قضايا المجتمع، مثل أغنية «هبطل السجاير»، التي عالجت قضايا اجتماعية بطريقة مرحة.
أحمد شيبة.. نغمة الحظ والطموح
أحمد شيبة، النجم الشعبي الذي أحدث ضجة بأغانيه، حقق نجاحًا باهرًا بأغنيته «آه لو لعبت يا زهر»، التي أصبحت ترمز للطموح والحظ، كما قدم أغاني مؤثرة مثل «سيبوني»، التي تعكس مشاعر الحزن والأسى بأسلوب فني مميز.
محمود الليثي.. ملك الحفلات الشعبية
محمود الليثي، الملقب بملك الحفلات الشعبية، تميز بأغانيه التي تمزج بين المرح والإيقاع السريع. من أشهر أغانيه «بونبوناية»، التي تضيف جوًا من البهجة، و«يا عم يا صياد»، التي تعكس روح الأصالة في الأغنية الشعبية.
بوسي.. نجمة الأغنية الشعبية النسائية
بوسي، الصوت النسائي البارز في الطرب الشعبي، قدمت أغاني تُعبّر عن فرح الناس وآمالهم، من أشهر أغانيها «آه يا دنيا»، التي حصدت ملايين المشاهدات، وأغنية «تعالى»، التي أضافت لمسة شبابية إلى الأغنية الشعبية.
أمينة.. صوت الأفراح والبهجة
أمينة، التي لقبت بـ"مطربة الحنة"، تميزت بأغانيها المبهجة التي تعكس روح الاحتفالات، من أشهر أغانيها «الحنة يا حنة»، التي تُغنى في كل الأفراح، و«بشويش عليا»، التي أظهرت قدرتها على تقديم الطرب الشعبي بأسلوب عصري.
رضا البحراوي.. قوة الصوت الشعبى
رضا البحراوي، المطرب الذي عرف بصوته القوي وأدائه الحماسي، أصبح نجم الحفلات الشعبية. من أبرز أغانيه «فين خالي وفين عمي»، التي تحمل رسالة تحفيزية، وأغنية «الناس الرايقة»، التي تعبر عن البهجة والتفاؤل.
وفي عالم الأغنية الشعبية، تُعتبر هذه الأسماء نجومًا أعادوا صياغة التراث بأسلوب حديث، وجعلوا الأغاني الشعبية أقرب إلى الأجيال الجديدة، أصواتهم وألحانهم ستظل شاهدة على فن لا يموت، يعبر عن نبض الشارع وحكايات الطرب الشعبي جزءًا من الهوية الثقافية، يروي قصص الناس، ويحتفي بآمالهم وأحلامهم.
إنه ليس مجرد فن عابر، بل هو تراث حي ينبض بالحياة، ويستمر في التطور، ليظل شاهدًا على عبقرية الإنسان في التعبير عن ذاته.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الطرب الشعبي الغناء الشعبي الفن الشعبي تراث عبد الباسط حمودة الأغنیة الشعبیة الحفلات الشعبیة الحیاة الیومیة الغناء الشعبی ینبض بالحیاة الطرب الشعبی الشعبی جزء ا أغانیه التی التی أصبحت التی تعکس التی تحمل الشعبی ا من أبرز التی ت
إقرأ أيضاً:
عُمان المجد
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
في كل عام ميلادي جديد تتجدَّد لدينا في عُمان أحداث ومُناسبات، وتحدث معنا مثلها وذلك على الصعيد المحلي والوطني، ومنذ أول يوم جديد من كل عام جديد، تأتي البشارات والمكرمات والترقيات والفعاليات، ومنها ضخ دماء جديدة في السلك الحكومي، وانتهاج سياسات متنوعة، تنصب كلها في خدمة الوطن والمُواطن.
ففي بداية هذا العام كان اجتماع مجلس الوزراء بقصر بيت البركة، تفضل برئاسته حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- وتناول هذا الاجتماع نقاطًا مُهمة كثيرة تخص الشأن الداخلي والخارجي، وتم فيه تدارس العديد من الملفات والمواضيع والمجالات المختلفة، والإعلان عن مثيلاتها من الأهداف والرؤى، خدمة للتنمية المستدامة، وتعزيز الاقتصاد؛ بما يفتح مجالات العمل والاستثمار، واستغلال موارد البلد الطبيعية وطاقاته، لتعود بالنفع والفائدة على عُمان وأهلها حاضرا ومستقبلا.
وكان عاهل البلاد المفدى ركز في حديثه مع أعضاء مجلس الوزراء الموقر، على أهمية دور الحكومة في تحقيق تطلعات المواطنين وطموحاتهم في العيش بعزة وكرامة، بعيدا عن الصعوبات والتعقيدات، وسرعة تدارك الأمور التي لا تمكن أبناء الوطن من تجاوز التحديات والعقبات والأزمات الاقتصادية، المتعلقة بمعيشتهم وحياتهم العامة والخاصة، وفتح فرص التوظيف والعمل لأبناء البلد في القطاعين العام والخاص.
ليؤكد جلالته مرة أخرى من خلال توجيهاته للوزراء، بأن الاهتمام بالوطن والمواطن وتعزيز مقدراته ومكتسباته والمحافظة عليهم وجعل كل ذلك من أجل مصلحة الجميع، شغله الشاغل، وأمر لا يبارحه ولا يجب الإغفال عنه مطلقا، خاصة مع الإعلان عن ميزانية الدولة للمرحلة المقبلة، وتخصيص ميزانية للمشاريع التنموية المستقبلية التي ستعزز البنية التحتية ومسارات التنمية المستدامة.
وصعودا في التواريخ بدءًا من الأول من يناير فأعلى، فلقد احتفلت شرطة عُمان السلطانية في الخامس من يناير، بيومها السنوي الذي شهد تخريج كوكبة جديدة من الشرطة، وفي هذا اليوم الذي لم يكن فيه فقط الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من منتسبي الشرطة، بقدر ما كان هذا اليوم انطلاق خطط جديدة وأفكار جديدة وتطور وتقدم حديث في مختلف المجالات الشرطية التي يقدمها هذا الجهاز برجاله حماة الحق وحراس المبادئ. إن جهاز شرطة عُمان السلطانية وقد احتفل بيومه السنوي في الخامس من يناير الماضي، إنما جدد العهد والولاء والطاعة ليكون منتسبوه على أهبة الاستعداد واليقظة دوما وأبدا، وعند مستوى الظن والثقة التي أولوا إياها، خدمة لعُمان وأهلها، وليكون الحصن الحصين والدرع المتين في الداخل وفي حدود مسؤولياتهم ومهامهم وواجباتهم.
إن هذا الجهاز برجاله ومنتسبيه الأعزاء أصحاب الكفاءة والمهارة العالية والخبرات الكبيرة، والتدريب المتقن، يحظى بالاهتمام والرعاية السامية من لدن جلالة السلطان القائد الأعلى، وقادة الشرطة وكبار ضباطها.
وشرطة عُمان السلطانية بالأفواج البشرية التي تلتحق بها من الجنسين باستمرار، إنما هي تقوم بواجبات وأدوار كثيرة ومهمة، وما تزويدها بالعدة والعتاد وبالأجهزة الأمنية الحديثة، إلا لتكون عند المستوى الذي تنشده لها القيادة الحكيمة.
آملين وراجين أن يكون الشرطي سواء فردا أو ضابطا متسلحا بالإنسانية والأخلاق، عامرة قلوبهم بالإيمان مليئين شجاعة وإقداماً ونخوة وشهامة، محقين الحق عاملين به، متمتعين بالإخلاص والوفاء، واضعين نصب أعينهم المصلحة العامة فوق أي مصلحة أخرى، وهذا ما عهدناه منهم دائمًا، فلهم منَّا كل التحية والتقدير والشكر والاحترام.
أما في السابع من يناير الجاري وذلك يوم الثلاثاء الماضي، فلقد تشرف ميدان الفروسية في العاديات بالسيب، باحتضان المهرجان السنوي للفروسية لهذا العام، الذي كان تحت الرعاية السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه، وهو الأول منذ اعتلاء جلالته مقاليد الحكم في البلاد.
هذا الاحتفال أعاد للأذهان تلك المهرجانات السنوية التي كان يرعاها المغفور له السلطان قابوس طيب الله ثراه، فابتهجت الأرض بالمقدم السامي للعاديات، واستبشر ذلك الميدان والحضور بطلة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.
وها هو المهرجان يعود بحلة جديدة وبشكل جديد بعد توقف لسنوات.. عاد حاملًا لنا معه ذكريات لا تنسى، ذكريات لا زالت باقية عن جانب من اهتمامات السلطان قابوس الذي كان مهتماً بالخيل ومحبًا لها، ومشجعًا للسباقات المتعلقة بالهجن والفروسية على حد سواء.
حفظ الله عُمان وأهلها من كل سوء وشر ومكروه، والله نسأل أن يديم الأمن والأمان والرخاء علينا، وأن يبارك في أرزاقنا وأقواتنا وأفعالنا وأعمالنا.