كيف ستؤثر العقوبات الأميركية على حميدتي وحلفائه بالسودان؟
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
يعتقد مراقبون أن العقوبات الأميركية على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" ستنسحب سياسيا وأخلاقيا على قوى سياسية سودانية تعتزم التحالف معه لتشكيل حكومة في مواقع سيطرته، وأنها ستدفعه للبحث عن أي مشروعية تخفف عنه الضغوط الخارجية، وتمنحه قبولا داخليا.
وفرضت الإدارة الأميركية الثلاثاء الماضي عقوبات على قائد قوات الدعم السريع و7 شركات تابعة له، بعدما اتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وتطهير عرقي وعنف جنسي بحق المدنيين في السودان.
كما سبق أن أصدرت واشنطن عقوبات في يونيو/حزيران 2023 على شركات تتبع الدعم السريع، قبل أن تفرض عقوبات أخرى في سبتمبر/أيلول 2023 على القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو، والمسؤول العسكري في ولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة، المتهم بقتل حاكم الولاية خميس أبكر، وقتل وتشريد العديد من المواطنين.
وفي مايو/أيار 2024، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على مسؤول العمليات في قوات الدعم السريع عثمان حامد، بالإضافة إلى علي يعقوب أبرز القادة العسكريين في القوات، الذي قُتل لاحقا في معارك الفاشر.
وتزايد الضغط حتى فرضت الخزانة الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2024 عقوبات على الشقيق الأصغر لقائد الدعم السريع القوني حمدان دقلو، وبعض الشركات التابعة أيضا للقوات.
إعلان رفض وارتياحوصفت قوات الدعم السريع قرار الإدارة الأميركية فرض عقوبات على حميدتي بأنه "مؤسف ومجحف وذو طابع سياسي"، مبررة بأن قائد القوات "كان له دور فاعل في إزاحة نظام البشير".
وأوضح بيان للدعم السريع -صدر يوم الأربعاء- أن "القرار يمثل مكافأة للطرف الرافض لإيقاف الحرب، ومعاقبة لدعاة الوحدة والسلام" مشيرا إلى أن "القوات المسلحة السودانية هي التي تسببت في عرقلة مرور المساعدات الإنسانية".
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية السوداني علي يوسف القرار الأميركي بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح، جاءت نتيجة لزيادة الانخراط السوداني مع واشنطن".
وأفاد يوسف -في تصريح صحفي يوم الخميس- أن من شأن العقوبات "التقليل من قدرة الدعم السريع على ارتكاب مزيد من الجرائم والاعتداءات على الشعب السوداني، والحد من نهبها وتهريبها لموارد الدولة وثروتها، وخاصة بسبب معاقبة الشركات الممولة لأعمال المليشيا الإجرامية".
لا شرعيةمن جانبه، أوضح المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو أن العقوبات على قائد الدعم السريع مرتبطة بعقوبات سابقة، وستستمر على الشخصيات والشركات التي تؤجج الحرب في السودان ويرتكبون الفظائع، وسيكون هناك تنسيق مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وفي تصريحات نشرها الإعلام المحل لبيرييلو، رأى المبعوث الأميركي أن هذه العقوبات ستؤخذ بعين الاعتبار عندما تفكر قوات الدعم السريع في إعلان حكومتها، وقال إن "الحكومة التي تعتزم قوات الدعم السريع تشكيلها مع بعض الفصائل لن تؤدي إلا إلى تفاقم هذا الصراع المروع"، وأضاف "أعتقد أن هذا النوع من الإجراءات يذكر الناس بعدم شرعية هذه المجموعة".
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف أن القرار الأميركي يصب في مصلحة الجيش السوداني، ويدعم سياسيا موقف قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، منتقدا مواقف واشنطن تجاه الدعم السريع قبل عقوباتها على "حميدتي"، عندما اعترفت بـ"حكومة الأمر الواقع في بورتسودان" وقالت إنها لا تساوي بين الجيش والدعم السريع، وإن الأخيرة ليس لها مستقبل سياسي.
إعلانوعبر حسابه في منصة "فيسبوك"، قال المحلل إن "العقوبات الأميركية لن تؤدي لوقف الحرب، بل ستنقلها إلى مربع جديد، وستدفع حميدتي إلى التصعيد العسكري والتشدد حيال أي مباردة للسلام، خاصة لو كانت واشنطن طرفا فيها".
وراثة الدعم السريعيعتقد الباحث والمحلل السياسي خالد سعد أن العقوبات تعد ضمنا عرقلة لتوجهات تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان، وإعلانا مسبقا بعدم الاعتراف بها، "لأن الموقف الأميركي واضح في هذا الشأن، ولا يبدي حماسة لإعادة تجربة اليمن وليبيا، كما يرى أن العقوبات تربك جهود واشنطن للسلام، "لأن الخطة المطروحة تتحدث عن مفاوضات بين قوتين عسكريتين، وليس بين حكومتين".
وبحسب حديث المحلل السياسي للجزيرة نت، فإن "القوى السياسية المتحالفة مع الدعم السريع ستفكر في وراثتها، والاستفادة من انتشارها العسكري، واستغلال تقييدها الدولي بالتأثير عليها، وللهيمنة على القرار السياسي لهذه القوات".
"كما أن الولايات المتحدة غير متحمسة لقيام حكومة تعقد الأوضاع المضطربة أصلا في المنطقة، بشكل يعزز مخاوف تقسيم السودان، ويزيد احتمالات وقوع أجزاء من البلاد تحت نفوذ أحد الأطراف الدولية المنافسة لواشنطن في المنطقة" يقول المحلل.
وعن تأثير القرار الأميركي على حلفاء الدعم السريع، يعتقد الباحث السياسي فيصل عبد الكريم أن العقوبات ستزيد من الأعباء السياسية والأخلاقية للحلفاء، وتضعهم في مرتبة واحدة مع "حميدتي" في الجرائم والانتهاكات المتهم بارتكابها، وستدفعهم للهروب إلى الأمام.
ويرجح الباحث في حديثه للجزيرة نت أن تؤدي الخطوة إلى انقسام تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" برئاسة عبد الله حمدوك، بين التيار الرافض لتشكيل حكومة مع "حميدتي" في مواقع سيطرة قواته، والفصائل التي تبنت الحكومة خلال اجتماع التحالف الأخير، مثلما انقسم تحالف قوى الحرية والتغيير إلى جسمين في العام 2021.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع أن العقوبات عقوبات على
إقرأ أيضاً:
مجزرة مخيم زمزم بالسودان.. مئات القتلى والجرحى وتصفية كوادر طبية
قال الإعلام العسكري في الفاشر بولاية شمال دارفور (غربي السودان) إن نحو 70 مدنيا قُتلوا في المدينة جراء قصف من قوات الدعم السريع بالمدافع والمسيرات.
وأشار الإعلام العسكري -في بيان- إلى أن الجيش والقوات المساندة له تمكنا من صد هجوم عنيف لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم، وإن المعركة أسفرت عن سقوط 50 قتيلا في صفوف القوات المهاجمة.
من جهتها، أعلنت "منسقية مقاومة الفاشر" (لجنة شعبية)، فجر اليوم الأحد، أن حصيلة ضحايا هجمات قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، بما فيها مخيما "زمزم وأبو شوك" للنازحين، أمس السبت، تجاوزت 320 قتيلا وجريحا.
وأضافت المنسقية -في بيان- أن الوضع في مخيم زمزم حاليا "يفوق الوصف"، مع توقف جميع المستشفيات، وقتل جميع المتطوعين والكادر الطبي الموجودين فيه. وأشار إلى أن عدد الوفيات في تزايد، حيث يموت 5 مصابين كل ساعة لعدم وجود رعاية طبية أو طاقم طبي ولا حتى مسعف.
⚠️⚠️⚠️
فيديو آخر يوثق عمليات الإغت.يال والتصفيات الجسدية التي قامت بها مليشيا الجنجويد نهار اليوم بحق مواطني مخيم زمزم للنازحين. https://t.co/59YZD6ChXA pic.twitter.com/kefXXVJzmY
— أخبار شرق كردفان (@EastKordofan) April 11, 2025
إعلان تصفية كوادر طبيةوأمس السبت، قالت شبكة أطباء السودان -في منشور على منصة إكس- إنه خلال يومين، قامت قوة تتبع للدعم السريع بتصفية 10 من الكوادر الطبية، بينهم مدير مستشفى أم كدادة، بولاية شمال دارفور، و9 آخرون من الكوادر الطبية العاملة بمخيم زمزم للنازحين، عقب الهجوم الذي نفذته الدعم السريع الجمعة.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن تقارير صادمة من الفاشر في دارفور تشير إلى أن هجمات عشوائية من قوات الدعم السريع أدت إلى مقتل مدنيين، بينهم عاملون في مجال الإغاثة.
وأضاف أن هذا يضفي أهمية ملحة على مؤتمر السودان المقرر عقده يوم الثلاثاء في لندن بمشاركة شركاء دوليين، وطالب جميع الأطراف بالالتزام بحماية المدنيين.
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إنها تشعر بالاستياء الشديد حيال الهجوم على مخيم زمزم للنازحين جنوبي مدينة الفاشر، الذي أودى بحياة عاملين في المجال الصحي، في أثناء تقديمهم الرعاية الصحية.
وحذرت منظمة الصحة -في حسابها على منصة إكس- من أن الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الصحي، تعد انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
بدوره، عبر توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عن غضبه لمقتل 9 من عمال الإغاثة في مخيم زمزم.
وقال فليتشر -عبر منصة إكس- إن مقتل عمال الإغاثة "خيانة خطيرة لقواعد الحرب"، وأضاف أنه تجب حماية العاملين في المجال الإنساني دائمًا.
ولليوم الثالث، تواصل قوات الدعم السريع هجومها على مخيم زمزم بالفاشر الذي يضم نحو نصف مليون نازح، وفق مصادر محلية.
ومنذ أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش.