عُمان تحتفي بالمنجز لا بالزمن
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
لا يصنع الزمنُ الرجال، ولكن الرجال هم الذين يصنعون الزمن، وهم الذين يكتبون التاريخ وينقشون تفاصيله على الصخور الصلدة التي لا يقوى الزمن على تغييرها. ولا يُحسَب الزمن بعدد أيامه، ولكن بالإنجازات التي تحققت فيه، وبقدرته على تشكيل الواقع وصناعة المستقبل.
تحضر هذه الرؤية العميقة بقوة في هذه اللحظة التي تحتفل فيها سلطنة عمان بمناسبة مرور 5 أعوام على تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، مقاليد الحكم في سلطنة عمان.
مضت السنوات الخمس إذا وكأنها ومضة أو ارتدادة طرف، لكنها، في الحقيقة، كانت متخمة بالإنجازات الكبرى التي غيرت وجه عُمان وصنعت تحولات كبرى في البنى التي يقوم عليها العمل الحكومي وفي الاقتصاد وفي الهياكل الإدارية، وفي فلسفة الاقتصاد وفلسفة الإنفاق المالي وفلسفة المستقبل الذي تريده عُمان.. حتى وكأن الزمن بدا أمام كل هذه التحولات والإنجازات صغيرا، وهذا يثبت أن الإرادة الصادقة والعزيمة الراسخة قادرتان على تجاوز حدود المستحيل.
ومنذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة مقاليد الحكم بدأت عُمان رحلة نهضتها المتجددة مستندة إلى إرثها التاريخي ومُستلهمة رؤى المستقبل من «رؤية عمان 2040» التي صنعت على عين السلطان هيثم بن طارق وبمشاركة شعبية واسعة. وأرسى سلطان البلاد المفدى أسسا راسخة لسياسة حكيمة تتسم بالتوازن والاعتدال، مُعززا مكانة عُمان كواحة للسلام وملتقى للحوار والتفاهم بين الأمم. وفي ظل توجيهاته السديدة، استمرت عُمان في القيام بدور فاعل على الساحة الدولية، مُسهمة في تحقيق الاستقرار ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، شهدت عُمان خلال السنوات الخمس الماضية نقلة نوعية من خلال تنفيذ خطط تنموية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستدامة الاقتصادية.. فقد تم إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى في مجالات الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية والسياحة، ما أسهم بتعزيز الوضع المالي في سلطنة عمان التي كانت تعيش أزمة مالية كبرى جراء انخفاض أسعار النفط وتوقف وتأثر قطاعات الإنتاج بسبب جائحة فيروس كورونا ما جعل سلطنة عمان تحقق فوائض مالية متجاوزة توقعات خطة التوازن المالي وتحسين التصنيف الائتماني إلى مستويات استثمارية. وبفضل رؤية جلالته الثاقبة، تم تعزيز بيئة الاستثمار وتطوير البنية الأساسية، لتصبح سلطنة عُمان وجهة جاذبة للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
وفي مجال التنمية البشرية، أولى جلالة السلطان المعظم اهتماما خاصا بالتعليم والبحث العلمي، إيمانا منه بأن الإنسان هو محور التنمية وغايتها. فتم تحديث المناهج التعليمية لتواكب متطلبات سوق العمل عبر فتح مسارات للتعليم التقنية مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة. كما تم دعم الشباب وتشجيعهم على الإبداع والمشاركة الفاعلة في بناء الوطن، ليكونوا عماد المستقبل وحملة مشاعل النهضة المتجددة.
وكان اهتمام جلالة السلطان المعظم في بناء عُمان اهتماما أعمق بكثير من البناء اللحظي المباشر، فرؤيته وفلسفته ذات صبغة حضارية تهتم ببناء المؤسسات والاقتصاد والبنى الأساسية في الدولة ولكنها تبني الإنسان وتبني القيم والأخلاق؛ ولذلك نراه في كل مناسبة يركز على البناء الأخلاقي وبناء القيم وتربية النشء على القيم العمانية الأصيلة المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف. وخلال ذلك يتم بناء الهوية الوطنية والمحافظة على التراث العُماني الغني.
وفي التاريخ العماني رصيد كبير جدا يساعد ويسهل عملية البناء الحضاري وفق نظرية التراكم المعرفي وفيه ما يمكن الإنسان من التفاعل حضاريا مع الآخر.
إن ما تحقق في السنوات الخمس الماضية من عمر عُمان يكشف بشكل واضح جدا قدرة العمانيين على تغيير مسار الأحداث لصالح مشاريعهم ونهضتهم حتى لو كانت أحلامهم وطموحاتهم كبرى تطاول السماء.
وما دامت قيادة عُمان في يد رجل بحجم السلطان هيثم بن طارق المعظم فإن الفعل الحقيقي على أرض الواقع سيكون، على الدوام، أكبر بكثير من حجم الزمن، والطموح الإنساني أكثر حصيلة من المساحة التي يمتلكها الزمن رغم عظمته هو الآخر وقدرته على التغيير.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
مصر ترحّب بالمحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران وتثمن دور سلطنة عمان
أعربت وزارة الخارجية المصرية، اليوم الأحد، عن ترحيبها بانعقاد الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتي جرت في العاصمة العُمانية مسقط، بمبادرة ووساطة من سلطنة عمان.
ووصفت الخارجية المصرية هذه الخطوة بأنها تطور إيجابي في مسار البحث عن تسوية سياسية تُجنّب المنطقة مخاطر التصعيد والحرب.
وفي بيان رسمي، ثمّنت مصر ما وصفته بـ"الدور الحيوي والبنّاء والمستمر" الذي تضطلع به سلطنة عمان في دعم جهود التوصل إلى حلول سياسية وسلمية لمختلف التحديات التي تعصف بالمنطقة، مؤكدة أن تلك المساعي تسهم بفاعلية في إبعاد شبح الحرب الشاملة. وأكد البيان دعم القاهرة الكامل لكل الجهود الرامية إلى حل الأزمات عبر الحوار والتفاوض، مشدداً على قناعة مصر بأن "السياسات العسكرية لا تقدم حلولًا دائمة"، وأن التصعيد لا يزيد الأوضاع الإقليمية إلا تعقيدًا.
وأضاف البيان أن مصر تقدر "النهج التعاوني" من الطرفين الإيراني والأمريكي، وعبّرت عن أملها في أن تفضي هذه المحادثات إلى اتفاق يُراعي شواغل الجانبين، ويضمن أمن واستقرار منطقة الخليج، ويؤسس لمرحلة جديدة من التهدئة تنعكس إيجابًا على الأوضاع الإقليمية عامة، وعلى قطاع غزة بشكل خاص، تمهيدًا لوقف إطلاق النار وإعادة الإعمار، وتوفير الأرضية السياسية اللازمة لتحقيق الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع، بما يتماشى مع رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحروب الدولية.
وقد شارك في المفاوضات الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي، بينما قاد الجانب الأمريكي المبعوث الخاص للرئيس ترامب، ستيف ويتكوف، بحضور وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي كوسيط. وتهدف هذه الجولة إلى بحث فرص إعادة إحياء الاتفاق النووي وتهدئة التوترات المتزايدة بين الجانبين.
في المقابل، حذرت إيران من التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي ترامب مؤخرًا بشأن احتمال استخدام القوة العسكرية ضدها، معتبرة أن مثل هذه التهديدات قد تدفع طهران لاتخاذ إجراءات مضادة، منها طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونقل اليورانيوم المخصب إلى مواقع آمنة. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، على منصة "إكس".
وفي السياق ذاته، أكدت إيران استعدادها للتفاوض شريطة احترام متبادل، حيث أشار رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، إلى أن العقوبات لم تؤثر فعليًا على سير برنامج بلاده النووي، فيما شدد عباس عراقجي على أن "الضغوط القصوى لا يمكن أن تكون أساسًا لأي مفاوضات جدية".
يُذكر أن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015 بين إيران وكل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين والولايات المتحدة، نص على تخفيف العقوبات الدولية على طهران مقابل فرض قيود صارمة على برنامجها النووي. لكن إدارة ترامب انسحبت منه في مايو 2018، لتعيد فرض العقوبات وتشدد الخناق الاقتصادي على إيران، وهو ما دفع طهران إلى تقليص التزاماتها تدريجيًا.
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، أعادت واشنطن تفعيل سياسة "الضغط الأقصى"، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي في إيران، ورفع من وتيرة التوتر في المنطقة، وسط دعوات متزايدة من الأطراف الإقليمية والدولية لاحتواء الأزمة عبر التفاوض وليس القوة.