العقوبات الدولية تضع النظام الصحي السوري في حالة احتضار
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
كانت الرضيعة رايان ضاهر، التي لم يتجاوز عمرها 11 شهراً، ترقد على سرير المستشفى، بحجمها الضئيل الذي لا يناسب عمرها. عانت من تأخر في النمو وصعوبة في التنفس بسبب عيب خلقي في القلب. وقد أمضت معظم حياتها على قائمة الانتظار لإجراء عملية جراحية لإغلاق الثقب في قلبها.
وفي أحد مستشفيات دمشق، كان أطباء القلب يمرّون على غرفة رايان لطمأنة والدتها، هند، بأن العملية ستُجرى خلال أيام.
International sanctions have left Syria’s health system on life support https://t.co/l8AaAUvrcC #Washington #Syria
— Eye on Syria (@Eye_on_Syria) January 10, 2025 العقوبات وتأثيرهاأضعفت العقوبات الأمريكية والأوروبية، التي تهدف إلى معاقبة نظام الرئيس بشار الأسد، النظام الطبي الذي يعتمد عليه ملايين السوريين. فقد أدت هذه العقوبات إلى عرقلة استيراد الأجهزة الطبية اللازمة وتشغيلها، مما جعل من الصعب تقديم الرعاية الصحية في الوقت المناسب للمرضى والمصابين.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، يوم الإثنين الماضي، تمديد إعفاء جزئي للعقوبات لمدة 6 أشهر كدعم محدود للحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا، بقيادة أحمد الشرع، المعروف سابقاً بأبو محمد الجولاني، الذي قاد هجوماً سريعاً من شمال سوريا أدى إلى إسقاط نظام الأسد.
وجاء في بيان الوزارة: "هذا الإجراء يؤكد التزام الولايات المتحدة بضمان أن العقوبات الأمريكية لا تعيق الأنشطة التي تهدف إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية".
Syria's army command notified officers that President Bashar al-Assad's rule ended following a lightning rebel offensive, a Syrian officer who was informed of the move told Reuters. Syrian rebels said Damascus was 'now free of Assad' https://t.co/yHQJb7hWxb
— Reuters (@Reuters) December 8, 2024 مستقبل العقوباتولكن الرئيس جو بايدن، ترك قرار رفع تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، وهو خطوة أساسية قبل أي تخفيف شامل للعقوبات، للإدارة الأمريكية القادمة.
وفي مركز أمراض القلب بجامعة دمشق، حيث كانت عائلة رايان تنتظر، تعطلت نصف أجهزة الفحص اللازمة لحالتها، وكان الجهاز الأخير بالكاد يعمل، وفقاً لمدير المستشفى محمد بشار عزت. كما أن غرفة عمليات واحدة فقط كانت تعمل بشكل كامل، والمستشفى لم يكن لديه سوى عدد قليل من أطباء التخدير، القادرين على إجراء 3 عمليات أسبوعياً فقط.
ومع تدهور الخدمات في المستشفيات الكبرى، اضطرت العائلات مثل عائلة رايان إلى السفر لمسافات طويلة، للحصول على الرعاية المتخصصة. قطعت الأسرة 250 ميلاً من شمال سوريا إلى دمشق، ما أثار قلق الممرضات من أن الطفلة قد أصيبت بنزلة برد خلال الرحلة الطويلة.
وقالت الممرضة هيام زرزور (51 عاماً)، أثناء فحصها للطفلة: "إذا أصيبت بنزلة برد، لا يمكننا إجراء الجراحة". وأشارت إلى أن العقوبات أثرت أيضاً على استيراد منتجات الوقود، مما أدى إلى أزمة كهرباء تركت المستشفى يعاني من برد الشتاء.
وأدى نقص الكوادر والمعدات، إلى وجود قائمة انتظار تصل إلى عامين لجراحات القلب للأطفال، وعام واحد للحالات الطارئة. وقال عزت بأسف: "من المفترض أن تتم العمليات خلال أسبوع".
Like so many autocrats who claim to serve the people, "Assad lived in quiet luxury while Syrians went hungry." https://t.co/9Sq0pyryTI
— Kenneth Roth (@KenRoth) December 14, 2024 العقوبات وتأثيرها غير المباشرويصر المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، على أن العقوبات لا تستهدف النظام الصحي السوري بشكل مباشر، لكن تأثيرها يُشعر به بعمق.
وتعطلت أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية، وأصبح من الصعب استبدالها. أما الصناعات الدوائية المحلية، التي كانت تغطي 90% من السوق المحلي، فقد انهارت تقريباً، تاركة الأرفف مليئة بأدوية مستوردة باهظة الثمن وذات جودة مشكوك فيها.
وقالت كريستينا بيثكي، الممثلة المؤقتة لمنظمة الصحة العالمية في سوريا: "الصحة غالباً ما تكون مستثناة من العقوبات نظرياً، لكن التأثيرات غير المباشرة على تنفيذ الخدمات الصحية تجعلها واحدة من أكثر القطاعات تأثراً بالعقوبات".
ورحّبت بيثكي بالإعفاء المؤقت للعقوبات، الذي يسمح للمجموعات الإنسانية بتقديم خدمات مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء، لكنها أشارت إلى أن الوقت غير كافٍ لتحقيق تقدم ملموس. وأوضحت أن استيراد المعدات الطبية الكبيرة يستغرق وقتاً طويلاً، وأن العقوبات السابقة، مثل تلك التي صدرت بعد زلزال عام 2023، لم تحقق تخفيفاً كافياً لمعاناة السوريين.
The health system in north-west Syria has been over-stretched for years. To meet people’s health needs, @WHO provides partner health facilities with medicines and equipment. Hear from one of them on how dire the situation is ⬇️ pic.twitter.com/wPUyNZB92o
— World Health Organization (WHO) (@WHO) March 2, 2023 معاناة الشعبووجدت دراسة أجراها معهد الحوكمة العالمية في جامعة كوليدج لندن عام 2018، أن انخفاض متوسط العمر المتوقع وتراجع معدلات التطعيم الروتينية في سوريا، مرتبطان جزئياً بالعقوبات، وذلك قبل تشديد العقوبات في عام 2019.
وأشار صالح الجديع، الباحث في الصحة العامة الصيدلانية، إلى أن العقوبات المفروضة على نظام الأسد مستحقة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، لكنه أضاف "إذا نظرنا إلى الواقع، فإن الالتزام بتخفيف التأثير على المدنيين لم يتحقق".
وفي إحدى صيدليات دمشق، كان مازن كتان ( 50 عاماً)، يحسب أسعار الأدوية للمرضى باستخدام آلة حاسبة كبيرة، بينما شقيقه سمير، الصيدلي، أوضح أن أحد العملاء استغرق شهوراً لجمع المال اللازم لشراء دواء السرطان، لكنه توفي قبل وصول الدواء إلى سوريا.
وبإحباط، تساءل سمير: "كيف يمكن فرض عقوبات على المرضى؟ قالوا إن العقوبات تستهدف الأقوياء، لكن انظر حولك. من يعاني أكثر؟".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية دمشق بشار الأسد الولايات المتحدة سقوط الأسد سوريا أمريكا أن العقوبات
إقرأ أيضاً:
وزير الداخلية السوري يعلن إحباط مشروع انقلاب خطط له ضباط النظام المخلوع
كشف وزير الداخلية السوري أنس خطاب، الأربعاء، عن إحباط "مشروع انقلاب" عملت مجموعة من ضباط نظام المخلوع بشار الأسد على التحضير له، دون التطرق إلى مزيد من التفاصيل.
جاء ذلك في سلسلة من التدوينات نشرها خطاب على حسابه على منصة "إكس" بعد الانتهاء من عقد الجلسات مع الجهات الرئيسية في الوزارة، موضحا ملامح خطته لإعادة هيكلة الوزارة وتوحيد قيادات الشرطة والأمن.
في مجال مكافحة فلول النظام:
أنهينا بفضل الله مشروع انقلاب تم التحضير له على يد مجموعة من ضباط النظام الساقط وأصبح من الماضي وذلك بجهود قواتنا وشعبنا، وقد شرعنا بعد ذلك في تحديث المعلومات بالتنسيق مع الجهات المختصة، والاطلاع على ما تم إنجازه بالتعاون مع وزارة الدفاع. pic.twitter.com/NQ6PgJctCW — أنس حسان خطاب (@Anas_Khatab_sy) April 16, 2025
وقال خطاب "في مجال مكافحة فلول النظام: أنهينا بفضل الله مشروع انقلاب تم التحضير له على يد مجموعة من ضباط النظام الساقط وأصبح من الماضي وذلك بجهود قواتنا وشعبنا".
وأضاف الوزير السوري "وقد شرعنا بعد ذلك في تحديث المعلومات بالتنسيق مع الجهات المختصة، والاطلاع على ما تم إنجازه بالتعاون مع وزارة الدفاع".
ولفت إلى أنه "تم الاتفاق على تطوير الإدارة المعنية بملاحقة الخارجين عن القانون، من خلال تعزيز التنسيق مع الجهات الأمنية الأخرى في الوزارة، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار".
ولم يقدم خطاب أي تفاصيل إضافية حول مشروع الانقلاب المشار إليه أو تاريخ قيام قوات الأمن السورية بإحباطه.
وقبل أيام، شهدت منطقة بصرى الشام جنوبي البلاد توترات أمنية تبعها إعلان ما يعرف بـ"اللواء الثامن" الذي يتبع لأحمد العودة، عن حل نفسه ووضع أسلحته وعناصره تحت تصرف وزارة الدفاع.
وفي سياق آخر، تطرق وزير الداخلية إلى الخطط التي تهدف إلى إعادة هيكلة الوزارة، موضحا أنه "سيتم تمثيل وزارة الداخلية في كل محافظة بمسؤول واحد بدلا من وجود مديرية للأمن وقيادة للشرطة، وستتبع جميع الأفرع والمكاتب في المحافظة لممثل الوزارة فيها، والذي سيكون مسؤولا عن الشرطة والأمن معا".
كما تحدث عن السجون، موضحا أن "هذا الملف يرتبط لدى السوريين بذكريات أليمة، وقد عُقدت عدة جلسات مع المختصين في هذه الإدارة، للوقوف على معوقات العمل والسعي إلى تذليلها".
وأشار إلى أن "الوزارة تعمل على أن تكون السجون منطلقاً لإعادة تأهيل الموقوفين، ليصبحوا أفرادا منسجمين مع المجتمع، منتجين وفاعلين فيه"، موضحا أنه "تم الاتفاق مؤخرا مع إدارة الإنشاءات على إعادة تأهيل السجون الحالية بشكل مؤقت، ريثما يتم تجهيز مراكز توقيف جديدة تُسهم في تحقيق العدالة، وتكفل احترام حقوق الموقوفين".
ونهاية الشهر الماضي، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن الحكومة الجديدة التي من المقرر أن تقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية، مؤكدا أن تشكيل الحكومة السورية الجديدة "هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة".
وفي حين احتفظ وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال أسعد الشيباني والدفاع مرهف أبو قصرة بمنصبيهما في الحكومة الجديدة، فإن وزارة الداخلية انتقلت إلى أنس خطاب الذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات بعد سقوط نظام الأسد.
وشدد الشرع على أن "هذه الحكومة ستسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية، كما أنها ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة".