قانون المسؤولية الطبية بين خدمة المريض وحماية الطبيب
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المنظومة الصحية في مصر، يبرز قانون المسؤولية الطبية كأحد التشريعات المثيرة للجدل، ليس فقط لما يحمله من تأثيرات قانونية واجتماعية، ولكن أيضًا لما يمثله من محاولة لتحقيق توازن دقيق بين حقوق المريض وضمانات الطبيب.
في عالم مليء بالتحديات الصحية، تتزايد الحاجة إلى أطر قانونية واضحة تُحدد المسؤوليات وتُعزز الثقة بين مقدمي الرعاية الصحية والمستفيدين منها.
منذ الإعلان عن مشروع القانون، تصاعدت النقاشات بين مؤيديه ومعارضيه؛ يرى البعض فيه خطوة ضرورية نحو تطوير نظام صحي أكثر شفافية وكفاءة، بينما يراه آخرون تهديدًا لاستقرار المهنة الطبية، وبين هذا وذاك، يظل السؤال الأبرز: هل يمكن للقانون أن يخدم المريض دون أن يُثقل كاهل الطبيب؟
في السطور التالية، نستعرض أهم نقاط الجدل التي أثارها القانون، ونسلط الضوء على تأثيره المحتمل على الأطراف المختلفة، كما نتناول أهميته بالنسبة للنظام الصحي، مع رصد أبرز الآراء المتباينة حوله.
نقاط الجدل المحورية في القانون
أولً: العقوبات القانونية وآثارها
أثارت النصوص المتعلقة بالعقوبات الجنائية، خاصة الحبس الاحتياطي، قلقًا كبيرًا في الأوساط الطبية.
يرى الأطباء أن تهديد الحبس قد يؤدي إلى عزوف بعضهم عن ممارسة المهنة، خاصة في التخصصات الحرجة، بينما يراه المدافعون عن القانون أداة لتحقيق العدالة.
التعديل الأخير الذي ألغى الحبس الاحتياطي للأخطاء غير الجسيمة يُعتبر خطوة نحو تهدئة الأوضاع، ولكنه لا يزال يثير تساؤلات حول كيفية تحديد "الخطأ الجسيم".
ثانيًا: غياب تعريف دقيق للأخطاء الطبية
يظل مفهوم "الخطأ الطبي" غامضًا في نظر العديد من الأطراف، ويطالب الخبراء بوضع معايير واضحة تُعرّف الأخطاء بناءً على الممارسات الطبية العالمية، وهو أمر ضروري لتجنب اللبس وسوء الفهم.
ثالثًا: دور اللجنة العليا للمسؤولية الطبية
إنشاء لجنة مختصة يُعتبر من أبرز مزايا القانون، إذ إنها تعمل كجهة فنية محايدة للنظر في الشكاوى؛ مع ذلك، يخشى البعض من تأثيرات محتملة لضغوط سياسية أو مجتمعية على قرارات اللجنة، مما قد يضعف الثقة في نزاهتها.
رابعًا: الضمانات التأمينية للأطباء
يدعو القانون إلى إلزام الأطباء بالتأمين ضد الأخطاء الطبية، فهذا الإجراء يُعتبر حماية للطبيب والمريض على حد سواء، ولكنه يثير تساؤلات حول الكلفة الإضافية على الأطباء وقدرتهم على تحملها.
التأثير على الأطراف المعنية
بالنسبة للمرضى؛ يقدم القانون ضمانات أكبر للمرضى للحصول على حقوقهم في حال وقوع أخطاء طبية، خاصة مع إلزامية مراجعة اللجنة العليا قبل اللجوء إلى القضاء، ويسعى إلى تقليل الأخطاء الطبية عبر فرض التزام الأطباء بمعايير مهنية صارمة.
أما بالنسبة للأطباء؛ فيوفر القانون غطاءً قانونيًا يحمي الأطباء من الدعاوى الكيدية، مما يمنحهم بيئة أكثر أمانًا لممارسة مهنتهم؛ ومع ذلك، يخشى البعض من أن يؤدي القانون إلى تشديد غير مبرر قد يُثقل كاهلهم إداريًا وماليًا.
أهمية القانون للنظام الصحي
يسعى القانون لتعزيز الثقة بين الأطراف من خلال وجود آلية واضحة لمعالجة الأخطاء الطبية يُعزز من ثقة المرضى في النظام الصحي، كما يساهم في بناء بيئة مهنية متوازنة تضمن حماية حقوق الجميع.
ويهدف إلى تحسين جودة الخدمات الطبية من خلال تطبيق معايير صارمة، كما يُتوقع أن يؤدي إلى تقليل نسبة الأخطاء وتحسين الأداء الطبي، ويدفع مقدمي الخدمة نحو اتباع البروتوكولات الطبية المُعتمدة عالميًا.
آراء الأطراف المختلفة
يعتبر المؤيدون القانون خطوة نحو تطوير النظام الصحي بما يتماشى مع التجارب الدولية، ويرون أن ضمان حقوق المرضى لا يتعارض مع حماية الأطباء، بل يمكن تحقيق التوازن بينهما.
ومن جهة أخرى ينتقد المعارضون عدم وضوح بعض البنود، مثل تعريف الأخطاء الجسيمة، ويخشون من استخدامها بشكل يضر بالأطباءـ ويطالبون بمراجعة مستمرة للقانون لضمان عدالته وفعاليته.
وفي النهاية؛ يُعد قانون المسؤولية الطبية ضرورة ملحة لتطوير القطاع الصحي في مصر، لكنه بحاجة إلى آليات تطبيق فعالة ومراجعات دورية للتأكد من تحقيق أهدافه.
يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية بين الجهات المعنية من أطباء، ومرضى، وحكومة لضمان نظام صحي أكثر عدالة وكفاءة، فالحوار المستمر والشفافية سيظلان المفتاح لتحقيق هذا التوازن المنشود.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
«ترامب» يعتزم وقف تطبيق قانون يحظر رشوة المسئولين الأجانب
يعتزم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التوقيع على أمر تنفيذي يوجه وزارة العدل بوقف تطبيق قانون عمره نصف قرن تقريبًا يحظر على الشركات الأمريكية والشركات الأجنبية رشوة المسئولين في الحكومات الأجنبية للحصول على أو الاحتفاظ بالأعمال التجارية.
وقال مسئول في البيت الأبيض -في تصريحات خاصة لشبكة سي إن بي سي الاقتصادية الأمريكية أذيعت اليوم الإثنين- إن وقف التنفيذ يهدف إلى فهم أفضل لكيفية تبسيط قانون ممارسات الفساد الأجنبية للتأكد من أنه يتماشى مع المصالح الاقتصادية والأمن القومي للبلاد.
ومن المقرر أن يتم تنفيذ التوقف في الملاحقات الجنائية لتجنب وضع الشركات الأمريكية في وضع اقتصادي غير مؤاتٍ للمنافسين الأجانب.
وكان القانون قد تم سنه في عام 1977، حيث منع جميع الأمريكيين وبعض الجهات الأجنبية المصدرة للأوراق المالية من دفع رشاوى للمسئولين الأجانب، وتم تعديل القانون في عام 1998 لتطبيقه على الشركات والأشخاص الأجانب الذين تسببوا في حدوث مثل هذه الرشاوى داخل الولايات المتحدة.
ولا ينطبق القانون المكتوب على نطاق واسع على الرشاوى المباشرة التي يتم دفعها فحسب، بل ينطبق أيضًا على الرشاوى التي يتم تقديمها أو التخطيط لها أو التصريح بها من قبل إدارة الشركة.
ويواجه المخالفون للقانون عقوبة جنائية قصوى محتملة بالسجن لمدة 15 عامًا وغرامة قصوى قدرها 250 ألف دولار، أو ثلاثة أضعاف المعادل النقدي للشيء ذي القيمة الذي يطلبه مسئول أجنبي.
وكانت وزارة العدل الأمريكية قد أعلنت في عام 2024 عن إجراءات إنفاذ في 24 قضية تتعلق بانتهاكات مزعومة للقانون، وتم الإعلان عن 17 إجراء تنفيذيا من هذا القبيل في عام 2023.
اقرأ أيضاًترامب يشعل النار مجددا.. وقيادات حزبية: تصريحاته تكشف الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية الاستعمارية
«لا للتهجير - نعم للإعمار - العودة حق».. النقابات المهنية ترفض تصريحات ترامب بشأن السيطرة على غزة
ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم