السيد ذي يزن يزيح الستار عن الدورة الـ15 من مهرجان المسرح العربي وسط حضور فني واسع
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
◄ سعيد بن سلطان: المسرح فن خلّاق ومُحرِّك للإبداع وأحد أساليب التعبير الإنسانية الراقية
◄ استضافة المهرجان تؤكد مواصلة جهود جعل "عُمان وجهة ثقافية رائدة"
◄ 15 عرضًا مسرحيًا على 3 مسارح.. وندوات نقاشية ثرية تتناول تحديات "أبو الفنون"
مسقط - العمانية
رعى صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب أمس الأول حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي في دورته الـ15 الذي تستضيفه سلطنة عُمان ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب، بالشراكة مع الهيئة العربية للمسرح والجمعية العُمانية للمسرح، ويستمر حتى 15 يناير الجاري بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.
وقال سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة رئيس اللجنة الرئيسية لمهرجان المسرح العربي في دورته الـ15 في كلمته إن الهيئة العربية للمسرح تُقدم للوسط الثقافي العربي منذ أكثر من خمسة عشر عامًا أنشطة وفعاليات ثقافية متنوعة متصلة بالمسرح، من ضمنها المهرجان الذي تشرف الهيئة على تنظيمه كل سنة في دولة من الدول العربية، مستهدفة رعاية ودعم المسرح والمسرحيين في جميع دول الوطن العربي. وأضاف سعادته أن ذلك يدل على الأهمية التي يحتلها هذا الفن في منظومة الثقافة الخلاقة، بوصفه محركًا للإبداع وأحد أساليب التعبير الإنسانية الراقية.
وأوضح أن مثل هذه الفعالية النوعية تؤكد السعي الدؤوب لتحقيق أهداف الاستراتيجية الثقافية لوزارة الثقافة والرياضة والشباب التي تنص رؤيتها على جعل "عُمان وجهة ثقافية رائدة بهوية راسخة "، مؤكدًا على اهتمام سلطنة عُمان باستضافة كل ما من شأنه المساهمة في تقوية أواصر التعاون البناء وتعزيز حراك التبادل الثقافي والفني بين الدول، لا سيما في محيطنا العربي.
من جانبه قال سعادة إسماعيل عبدالله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح رئيس مجلس الأمناء إن مهرجان المسرح العربي انطلق في عام 2009 وتنقّل بين الحواضر العربية المختلفة من القاهرة إلى تونس وبيروت، والدوحة والشارقة والرباط والكويت ووهران ومستغانم وتونس والقاهرة وعمّان والدار البيضاء وبغداد، وها هو يصل إلى مسقط، محملًا بكل ما منحته تلك الحواضر من صور الإبداع والثقة، في وطننا الكبير. وأوضح سعادته أن في هذه الدورة أعدت الهيئة مجموعة من البرامج والفعاليات المتنوعة، إضافة إلى استضافة نخبة من المسرحيين المؤثرين والفاعلين، وتكريم خمس جهات عُمانية لدورها المؤثر في التأسيس والنشأة والتطوير المسرحي في سلطنة عُمان.
وألقى الفنان والمسرحي الفلسطيني فتحي عبد الرحمن رسالة اليوم العربي للمسرح الذي يصادف العاشر من يناير من كل عام. تضمن الحفل مقطوعات موسيقية قدمتها فرقة موسيقى شرطة عُمان السلطانية النسائية، وعرض "فيلم المهرجان" الذي استعرض الفرق والعروض المسرحية المشاركة في الدورة الخامسة عشرة من مهرجان المسرح العربي.
كما تم خلال الاحتفال تكريم عدد من الجهات العُمانية لدورها المؤثر في التأسيس والنشأة والتطوير المسرحي في سلطنة عُمان، وهي: المدارس السعيدية، ومسارح الأندية، ومسرح الشباب، وفرقة الصحوة المسرحية الأهلية، والجمعية العُمانية للمسرح، إضافة إلى تكريم الفنان والمسرحي الفلسطيني فتحي عبد الرحمن.
ويترأس لجنة تحكيم مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة عشرة رفيق علي أحمد من لبنان، وعضوية الدكتور تامر العربيد من سوريا، والدكتور سامي الجمعان من السعودية، والدكتور عبد الكريم بن علي جواد من سلطنة عُمان، ولخضر منصوري من الجزائر.
ويهدف المهرجان إلى الإسهام في خدمة الثقافة العربية عامة والمسرح العربي بصفة خاصة وتنفيذ أهداف الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية، وإيجاد مساحات لتطوير وتنمية الإبداع المسرحي العربي وفي ترويج المنتوج المسرحي العربي الجيد، إلى جانب ترسيخ الاحتفال باليوم العربي للمسرح (10 يناير) كتقليد مسرحي عربي سنوي، والإسهام في توسيع ودعم البحث العلمي المسرحي والتأليف المسرحي العربي الموجهة للكبار والصغار. ومن الأهداف أيضًا، تبادل التجارب والخبرات بين المسرحيين العرب ومع نظرائهم بمختلف المناطق وتمكين المسرحيين العرب بالمهجر من الاندماج في الدينامية التي يعرفها المسرح العربي والانفتاح على التجارب المسرحية العالمية وتقريب المسافة بينها وبين المسرح العربي.
ويشهد المهرجان 15 عرضًا مسرحيًّا تقام على 3 مسارح مختلفة وهي مسرح قصر البستان ومسرح العرفان بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض وكذلك مسرح كلية الدراسات المصرفية. ويقام خلال المهرجان 28 مؤتمرًا صحفيًّا مختلفًا وأربع حلقات تدريبية، بالإضافة إلى المؤتمر الفكري الذي ينقسم لمسارين، الأول عن إصدارات المسرح في سلطنة عُمان، والثاني عن المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع الإنساني، كما سيشهد المهرجان حضور أكثر من 500 ضيف مسرحي من داخل سلطنة عُمان ومن الدول العربية. وتنقسم العروض المسرحية المتنافسة في المهرجان إلى مسارين: الأول تتنافس على جائزة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وهي: عرض "أسطورة شجرة اللبان" لفرقة مزون بسلطنة عُمان عن رواية "موشكا" لمحمد الشحري، اقتباس نعيم نور، إخراج يوسف البلوشي، وعرض "البخارة" لمسرح أوبرا تونس قطب المسرح بتونس من تأليف صادق الطرابلسي وإلياس الرابحي وإخراج صادق الطرابلسي، وعرض "الملجأ" لمسرح معمل 612 بالأردن، من تأليف نجيب نصير وسوسن دروزة، وإخراج سوسن دروزة والحاكم مسعود، وعرض "المؤسسة" لمسرح الصواري بالبحرين عن نص أنطونيو باييخو، إعداد وإخراج عيسى الصنديد، وعرض "بين قلبين" لمسرح مشيرب للإنتاج الفني بقطر، من تأليف طالب الدوس، وإخراج محمد يوسف الملا، وعرض "ريش" لمسرح شادن للرقص المعاصر بفلسطين، من تصميم وإخراج شادن أبو العسل.
وتأهل عرض "سيرك" للفرقة الوطنية للتمثيل بالعراق، من تأليف وإخراج جواد الأسدي، وعرض "غصة عبور" لفرقة المسرح الكويتي بالكويت، من تأليف تغريد الداوود، وإخراج محمد الأنصاري، وعرض "كيف نسامحنا؟" لمسرح الشارقة الوطني بالإمارات، من تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج محمد العامري، وعرض "ماكبث المصنع" لفريق كلية طب أسنان جامعة القاهرة بمصر عن "ماكبث" لشكسبير، وإعداد وإخراج محمود إبراهيم الحسيني، وعرض "هُمْ" لمسرح أنفاس بالمغرب ومن تأليف عبد الله زريقة وإخراج أسماء الهوري.
أما عروض المسار الثاني فهي عرض "ذاكرة صفراء" لفرقة نورس المسرحية بالسعودية ومن تأليف عباس الحايك، وإخراج حسن العلي، وعرض "عد عكسي" للمسرح القومي دمشق بسوريا، من تأليف وإخراج الموسيقي سامر الفقير، ومن تأليف ودمى وإخراج العرض هنادة الصباغ، وعرض "نساء لوركا" للفرقة الوطنية للتمثيل بالعراق عن نصوص للوركا، ومن تأليف وإخراج عواطف نعيم، وعرض "هاجّة (بوابة 52)" لمسرح الناس بتونس، من تأليف دينا مناصرية وإخراج دليلة مفتاحي.
وأعلنت الهيئة العربية للمسرح في بداية ديسمبر الماضي أسماء الفائزين في المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي، نُظّمت تحت عنوان "التراث والمسرح، وما بعد التراث في المسرح العربي، رؤية نقدية في سبيل صياغة عربية جديدة". وقد فازت الدكتورة الزهرة براهيم من المغرب بالمركز الأول، والحسين الرحاوي من المغرب بالمركز الثاني، وحسام محيي الدين من لبنان بالمركز الثالث، ويتم تكريم الفائزين في حفل ختام المهرجان.
وستنظم الهيئة العربية للمسرح خلال هذه الدورة من المهرجان أربع حلقات تدريبية، الأولى في مهارات التمثيل وفق منهج تشيخوف، يقدمها الدكتور عجاج سليم من سوريا، والثانية حول "فن إدارة الممثل" يقدمها الدكتور معز المرابط من تونس، والثالثة عن "فنون الإيماء" يقدمها سعيد سلامة من فلسطين، وحلقة "حماية ذوي الهمم" في المسرح تقدمها شيري غباشي من الأردن. ويتكون المؤتمر الفكري من ندوة إصدارات حول المسرح في سلطنة عُمان، وندوة المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع الإنساني، إضافة إلى ثلاث جلسات توقيع للإصدارات العُمانية والعربية في معرض منشورات الهيئة العربية للمسرح.
ومن بين الفعاليات المصاحبة للمهرجان، معرضُ إصدارات الهيئة العربية للمسرح من كتب الدراسات والنصوص والتوثيق والترجمة يصل إلى 370 عنوانًا، من بينها 9 كتب جديدة حول المسرح العُماني صدرت بمناسبة المهرجان. ويشهد معرض إصدارات الهيئة العربية للمسرح جلسات لتوقيع 33 من المؤلفات حول المسرح العُماني والخليجي والعربي، الصادرة ضمن منشورات الهيئة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (40)
تحقيق: ناصر أبوعون
يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [(وَعِنْدَما اِجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الْوُفُودُ مِنْ أَهْلِ ظَفَارِ جَمِيْعًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بَعْدَ عِيْدِ الفطْرِ أَمَامَ الْحِصْنِ قَامَ السُّلْطَانُ مُخَاطِبًا لَهُمْ وَقَالَ: (أَلَا فَلْيُعْلِمْ حَاضِرُكُمْ غَائِبَكُمْ أَنَّ مَنْ سَرَقَ، أَوْ أوَىَ سَارِقًا، أَوْ عَمِلَ جَرِيْمَةً؛ فَعِنْدِي لَهُ عِقَابٌ لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا الْآنَ، وَلَا لَوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَنْ أَنْذَرَ فَقَدْ أَعْذَرَ، وَقَدْ عَفَوْنَا عَنِ الْمَاضِي، وَمَا أَتَيْتُمْ فِيْهِ مِنَ الْخِلَافِ)؛ فَحَصَلَ بِذَلِكَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِ الْجُهَّالِ. فَقَالَ أَكَابِرُ الْأَعْرَابِ: (نَحْنُ ذَاعِنُونَ وَمُنْقَادُوْنَ، وَلِلْحُكُوْمَةِ مُسَاعِدُونَ. وَإِنَّمَا كَانَ مَا كَانَ فِي الْمَاضِي؛ لِأَنَّ وَالِي الْبِلَادِ السَّابِقِ عَدَلَ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ، وَقَامَ بِوَاجِبَاتِ الْحُكُوْمَةِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَهْمَلَ أَمْرَ الْحُكْمِ وَأَخْلَدَ إِلَى رَاحَةِ نَفْسِهِ؛ فَاخْتَلَ النِّظَامُ، وَتَجَرَّأَ الْجَاهِلُ. وَلَسْنَا نَدْرِيْ مِنْ أَيْنَ سَرَى إِلَيْهِ هَذَا الْفُتُورَ؟! أَمِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَمْ مِنْ جُلَسَائِهِ؟! وَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَنْ تَرَى الْحُكُوْمَةُ إِلَّا مَا يَسُرُّهَا مِنَّا). وَفِي الْيَومِ الثَّالثِ بَعْدَ عِيْدِ الْفِطْرِ خَلَعَ عَلَيِهِمُ السُّلْطَانُ الْأَكْسِيَةَ السَّوْدَاءَ، وَأَعْطَاهُمُ الدَّرَاهِمَ نَفْعًا. وَقَدْ اِنْتَهَى الْحَالُ وَانْفَضَّ الْجَمْعُ)].
....
دعوة السلطان تيمور لقبائل ظفار
[وَعِنْدَما اِجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الْوُفُودُ مِنْ أَهْلِ ظَفَارِ جَمِيْعًا] (الوفود) جمعٌ، والمفرد (وَفْد) وهو الجمع الآتي من قبائل وعشائر ظفار على السلطان تيمور مدعوين للقائه والاستماع إليه. وشاهده اللغوي في قول ابن غلبون الصُّوريّ: [بَعْدَ ثِقْلٍ تَحَمَّلُوهُ لِكَي تَعْــ/ مُرَ أَبْوَابَهُمْ بِـ(وَفْدِ) (الْوُفُوْدِ)] (01)[أَمَامَ الْحِصْنِ]، أي: (حصن ظَفَار)" وهو على مسافة 100 ياردة عن الشاطئ، عند نقطة على مسافة نصف ميل غرب (الحافَّة)، وميل ونصف الميل جنوب شرق (صلالة)، وهو مقر الحكومة والحصن الرئيس لسلطان عُمان في ظفار وأشرف على تشييده الوالي (سليمان بن سويلم) في عهد (السلطان فيصل بن تركي آل سعيد)، ومساحته فدان واحد، وبه مبنى من ثلاث طبقات ومدخله من الجهة الشرقية، ويوجد خارج الحصن سوق بها ستُّ حوانيت بقربها أكواخ قليلة"(02)
خُطبة السلطان تيمور في أهل ظفار
[قَامَ السُّلْطَانُ مُخَاطِبًا لَهُمْ] (قَامَ السُّلْطَانُ)، (قام)، فعلٌ لازم بمعنى: (وَقَفَ) منتصبًا كالرمح شامخًا. وشاهده في قول لقيط بن يعمر الإياديّ: [(قُوْمُوا) (قِيَامًا) عَلَى أَمْشَاطِ أَرْجُلِكُمْ/ ثُمَّ اِفْزَعُوا، قَدْ يَنَالُ الْأَمْنَ مَنْ فَزِعَا] (03)[وَقَالَ أَلَا فَلْيُعْلِمْ حَاضِرُكُمْ غَائِبَكُمْ] (فَلْيُعْلِمْ) (فليُخْبِرْ) من التبليغ والإخبار، وشاهدُه قول النبيّ محمد (صلى الله عليه وسلم): (إنَّك تأتي قومًا أهلَ كتابٍ فليكن أوَّلُ ما تدعوهم إليه شهادةَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، فإنْ هم أطاعوا لك بذلك فأعلِمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ، فإنْ هم أطاعوا لك فأعلِمْهُم أنَّ اللهَ افترضَ عليهِم صدقةً تُؤخذُ من أغنيائهم فترَدُّ في فقرائِهم)(04) (حَاضِرُكم) أيْ: الشاهد على الأمر من سادة وأكابر قبائل ظفار وغيرهم، والمجتمعون في مجلس السلطان تيمور. وهو اسم فاعل، وجمعه: (حواضر)، و(حُضَّر)، (حَضْر)، و(حُضُور)، و(محاضِر)، و(حُضَّار). وشاهده اللغويّ في قول البحتريّ: [أَرَانِي مُشْتَاقًا، وَأَهْلِي (حُضَّرٌ)/ عَلَى لَحْظِ عَيْنِي نَاظِرٍ وَاِسْتِمَاعِهِ] (05) (غَائِبَكُمْ) اللفظة شملت كُلًا من المُتواري عن الحُضور خوفًا وجزعًا، والمتخَّلف عن مجلس السلطان تيمور لِعُذْرِ خارج عن إرادته. وهو اسم فاعل وجمعه: (غُيَّب)، و(غوائب)، و(أَغْياب)، و(غُيَّاب)، و(غَيَب)، و(غُيُب). ودلّ على معناه قول أم قيس الضَّبّيَّة: [وَمَشْهَدٍ قَدْ كَفَيْتَ (الْغَائِبِيْنَ) بِهِ/ فِي مَجْمَعٍ مِنْ نَوَاحِي النَّاسِ مَشْهُوْدِ] (06)[أَنَّ مَنْ سَرَقَ، أَوْ أوَىَ سَارِقًا، أَوْ عَمِلَ جَرِيْمَةً] (أوَىَ سَارِقًا) أجارَهُ ورحمه وحَمَاه وأخفاه. ودلَّ على معناه قول ابن عقيل الحنبليّ مخاطبًا المُلْحدين: [إِنَّ الْوَاحِدَ مِنْكُمْ مَعَاشِرَ الْمُلْحَدَةِ، نَرَاهُ يُعْطِي الضَّعِيْفَ، وَ(يَأْوِي) الْمَلْهُوْفَ، وَيُقْرِي الضَّيْفَ، وَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى ذِلِكَ، مِنْ رَجَاءِ ثَوَابٍ، وَلَا دَفْعُ عِقَابٍ؛ لَأَنَّه لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ لَهُ مُجَازِيًا يُجَازِيهِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَلَا مَعَاصِيهِ (07)]. وفي عبارة السلطان تيمور إشارة إلى أحداث ثورة أهل ظفار في 3 نوفمبر 1895م، والتي هاجمت فيها قبيلةُ (بيت علي بن كثير) حصنَ الدولة في ظفار بسبب اعتقال الوالي سليمان بن سويلم عددًا من شيوخها، وقد أسفرت عن مقتل (عليٍّ) بن الوالي سليمان و ابن أخيه (مساعد) و11 من أفراد الحامية العسكرية في الحصن، وتدميره، وكان سببها المباشر تعنّت والي ظفار سليمان بن سويلم، الذي كانت تصرفاته غير المسؤولة، وفرضه ضرائب مضاعفة في القيمة، فضلًا عن تعسّفّه مع شيوخ القبائل؛ مما تسبب في اندلاع الفوضى(08)؛ حيث لم تكن سياسة الوالي متوافقة مع طبائع المجتمع الظَّفَاري وتقاليده الصارمة والمتعارف عليها؛ ولذا وقعت العديد من الأحداث منها؛ التمرّد الذي حدث في ولاية (طاقة) من قبيلة (المعشني)، بسبب جهل الوالي وفرضه ضريبة مُجحفة على المواشي.
غَدْرَة مُساعد نوفمبر 1895م
وأمام هذه الأحداث كان الموقف العام في ظفار بين الداعم والمحايد إلا أن عددًا كبيرًا من رجال القبائل قد انضم فعليًا للتمرد، وقد انسحبت بقية الحامية وعائلة الوالي إلى مرباط تحت حماية قبيلة آل عمر(العمري) دون أن تمس بسوء، وتعرف هذه الحادثة في التاريخ الشعبي المروي بـ(غدرة مساعد). ويعزو لوريمر سبب التمرّد إلى سوء تعامل الوالي مع القبائل علاوة على الضرائب المرتفعة، وفور وصول الأنباء إلى مسقط أرسل السلطان فيصل بن تركي آل سعيد قوة عسكرية نزلت في (مِرباط)، ومنها تحركت لاستعادة مقر الدولة في صلالة، إلا أن تراجعت أمام تصدي القبائل لها(09). [فَعِنْدِي لَهُ عِقَابٌ لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا الْآنَ، وَلَا لَوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ] (لَا لَوْمَ) أي: لا عَذْل ولا عِتاب. ودلَّ على معناه قول تأبَّط شَرًّا الفهميّ: [يَا مَنْ لِعَذَّالَةٍ، خَذَّالَةٍ، أَشِبٍ/ حَرَّقَ بِـ(الَّلوْمِ) جِلْدِي أَيَّ تِحْرَاقِ] (10)[وَمَنْ أَنْذَرَ فَقَدْ أَعْذَرَ] (وَمَنْ أَنْذَرَ غيرَه)؛ فقد أعلمه بأمرٍ ما وحَذَّره منه. والسلطان تيمور في خطابه كان يُحَذِّر أهلها من معاودة التمرّد على سُلطة الوالي وإثارة الصراعات الداخليّة. ودلَّ على معناه قول الكاهنة زبراء لخُوَيْلَة: [اِنْطَلِقِي بِنَا إِلَى قَوْمِكِ (أُنْذِرْهُمْ)] (11). (فَقَدْ أَعْذَرَ) أي بالغ في المسامحة وغضّ الطرف، ولم يترك مجالا للوم. وهو فعلٌ لازم. ودلَّ على معناه قول عنترة: [لَعَمْرِي لَقَدْ (أَعْذَرْتُ) لَوْ (تَعْذُرِيْنَنِي)/ وَخَشَّنْتِ صَدْرًا غَيْبُهُ لَكِ نَاصِحُ] 12).
السلطان يُصدر العفو العام
[وَقَدْ عَفَوْنَا عَنِ الْمَاضِي، وَمَا أَتَيْتُمْ فِيْهِ مِنَ الْخِلَافِ] (عَفَوْنَا عَنِ الْمَاضِي) صفحنا وتركنا العقاب. ودلَّ على معناه قول أبو أُذَيْنَة اللخميّ: [إِنْ (تَعْفُ) عَنْهُمْ تَقُولُ النَّاسُ كُلُّهُمْ:/ لَمْ (يَعْفُ) حِلْمًا، وَلَكِنْ عَفْوُهُ رَهَبَا] (13) (وَمَا أَتَيْتُمْ فِيْهِ مِنَ الْخِلَافِ)، أي: ما أحدثتم في الماضي من نِّزاع مع والي ظفار وعدم الموافقة على مراسيم الحكومة. وفي هذا المعنى قالت سُعدى الأَسَديّة: [غَلَبَتْ عَلَى نَفْسِي جِهَارًا، وَلَمْ أُطِقْ/ (خِلَافًا) عَلَى أَهْلِي، بِهَزْلٍ، وَلَا جِدِّ] (14) [فَحَصَلَ بِذَلِكَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِ الْجُهَّالِ] (الرُّعْبُ) بسكون العين ومعناه: الفَزَع والذُّعْر، وهو مصدر، وفي أحد لغات العرب (الرُّعُب) بضَم العين المهملة. وشاهده اللغوي في قول عامر بن الظَّرب العَدوانيّ يخاطب قومه: [وَلِلْكَثْرَةِ الرُّعْبُ، وَلِلْصَّبْرِ الْغَلَبَةُ، وَمَنْ طَلَبَ شَيْئًا وَجَدَهُ] (15). (الْجُهَّالِ) صيغة مبالغة بمعنى الكثير الجهل. وشاهدها اللغويّ في قول عمرو بن الأهتم المِنْقَريّ التميميّ: [وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ/ يَقُولُونَ: لَا تَجْهَلْ، وَلَسْتُ بـِ(جَهَّالِ)] (16)[فَقَالَ أَكَابِرُ الْأَعْرَابِ: نَحْنُ ذَاعِنُونَ وَمُنْقَادُوْنَ وَلِلْحُكُوْمَةِ مُسَاعِدُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ مَا كَانَ فِي الْمَاضِي] (ذَاعِنُونَ) اسم فاعل من الفعل (ذَعِن)، ومعناه: أطاعوا أمر السلطان تيمور وانقادوا له خُضوعًا. ونجد شاهده اللغوي في قول عبد الله بن مطيع العَدَوِيّ: [أيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالْجِدَّ فِي أَمْرِهِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفَشَلَ وَالتَّنَازعَ وَالاخْتِلَافَ.(اِذْعَنُوا) لِلْمَوْتِ؛ فَوَاللهِ، مَا مِنْ مَفَرٍّ وَلَا مَهْرَبٍ] (17)؛ [لِأَنَّ وَالِي الْبِلَادِ السَّابِقِ]، وهو (سليمان بن سويلم بن سالمين)؛ عيَّنه السلطان تركي بن سعيد بن سلطان (1871- 1888م) واليًا على ظفار وكان أول والي عُماني على ظفار منذ سنة 1875م. وقد أرسله السلطان تركي على رأس قوة عسكريّة إلى ظفار، وفور وصوله إلى مرباط أعلن أهلها البيعة للسلطان
أهل ظفار يُفنِّدون أسباب التمّرد
[لِأَنَّ وَالِي الْبِلَادِ السَّابِقِ عَدَلَ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ، وَقَامَ بِوَاجِبَاتِ الْحُكُوْمَةِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَهْمَلَ أَمْرَ الْحُكْمِ] من عام 1875م – 1878م، وفي 11 مايو 1879م كتب سليمان بن سويلم إلى مسقط برجوع ظفار إلى حكم الدولة البوسعيدية مجددا، وبسبب سياسته القمعية حدث أول تمرد في ظفار ضده سنة 1885م، وفي سنة 1888م وصل السيد فيصل والسيد فهد ابنا السلطان تركي إلى ظفار على السفينة “السلطاني” لضبط الأوضاع وإعادة الوالي سليمان بن سويلم مرة أخرى إلى ولاية ظفار(18).[وَبَعْدَ ذَلِكَ أَهْمَلَ أَمْرَ الْحُكْمِ وَأَخْلَدَ إِلَى رَاحَةِ نَفْسِهِ] (أَخْلَدَ) و(خَلَدَ) لَزَمَ الراحةَ. ودلَّ على معناها قول الشريف الرضي: [لَا (تَخْلُدَنَّ) إِلَى أَرْضٍ تَهُوْنُ بِهَا/ بِالدَّارِ دَارٌ، وَبِالجِيْرَانُ جِيْرَانُ] (19) [فَاخْتَلَ النِّظَامُ، وَتَجَرَّأَ الْجَاهِلُ] (فَاخْتَلَ النِّظَامُ) ضَعُفَ ووَهَن. ودلَّ على معناه قول أبو ذؤيب الهُذَليّ: [أُصِيْبَتْ بِقَتْلَى آلِ عَمْرٍو وَنَوْفَلَ/ وَبَعْجَةَ فَـ(اخْتَلَّتْ) وَرَاثَ رُجُوعُهَا] (20) (وَتَجَرَّأَ الْجَاهِلُ) تَجَاسَرَ وأقدم على التمرّد بلا رَوِيّة. وهو فعل مُتعدٍ. ودلَّ على معناه قول خالد بن الوليد المخزوميّ لِمُلبِّي دعوته للمبارزة [يَا ابْنَ الْخَبِيْثَةَ، مَا (جَرَّأَكَ) عَلَيَّ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَلَيْسَ فِيْكَ وَفَاءٌ] (21) [وَلَسْنَا نَدْرِيْ مِنْ أَيْنَ سَرَى إِلَيْهِ هَذَا الْفُتُورَ؟!] (سَرَى) انتشر وفشا فيه الفتور. ودلّ على معناه قول أبي إسحاق الصابي يتحدث عن أوامره: [وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنُوَط الْمَظَالِمَ، وَأَسْوَاقَ الرَّقِيقِ العِيَار...، وَأَنْ يُوْعِزَ إِلَى وُلَاةِ الْمَظَالِمِ، بِأَنْ يَبْرُزُوا لِلْمُتَخَاصِمِيْنَ، وَيَمْثُلُوا لِلْمُتَنَازِعِيْنَ وَإِلَى أَسْوَاقِ الرَّقِيْقِ بِالتَّحَفُظِ فِيْمَا يُبَاعُ فِيْهَا لِئَلَا يَكُونَ مِنْهُم مَنْ يَلْحَقُ أَمْرَهُ شُبْهَةٌ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِهِ تُهْمَةٌ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا يَعُودُ فَسَادُهُ فَي الْفُرُوْجِ مَعَ الْأُمَوَالِ وَ(يَسْرِي) ضَرَرُهُ إِلَى الْأَنْسَابِ مَعَ الْأَمْلَاكِ] (22).(الْفُتُورَ) ضعف الهِمّة، وسكون الحِدّة. ودلَّ على معناه قول الأعشى الكبير، يصف ناقة بالصلابة، في يومٍ شديد الحرّ: [عَصَبْتُ لَهُ رَأْسِي وَكَلَّفْتُ قَطْعَهُ/ هُنَالِكَ حُرْجُوْجًا بَطِيْئًا (فُتُوْرُهَا)] (23) [أَمِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَمْ مِنْ جُلَسَائِهِ؟!] (جُلَسَائِهِ) جمعٌ ومثله (جُلّاس)، و(أَجْلاس)، و(جِلَاس). والمفرد (جليس) والتعبير كناية عن (بِطَانة ورِفَاق السُّوء وشركاء مجلسه الدائمين). ودلَّ على معناه قول هاشم بن عبد مناف القُرشيّ: [وَالْمَرْءُ مَنْسُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ، وَمأْخُوْذٌ بِعَمَلِهِ، فَاصْطَنِعُوا الْمَعْرُوفِ تَكْسِبُوا الْحَمْدَ، وَدَعُوا الْفُضُوْلَ تُجَانِبِكُمُ السُّفَهَاءُ، وَأَكْرِمُوا (الْجَلِيْسَ) يَعْمُرْ نَادِيْكُمْ] (24) [وَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَنْ تَرَى الْحُكُوْمَةُ إِلَّا مَا يَسُرُّهَا مِنَّا] (الْحُكُوْمَةُ) اسم ومعناه: الحُكْم الجائز في الأمر، والتعبير كناية عن ولاة السلطان تيمور على ظفار وما يرسمونه من قوانين تحفظ الأمن العام. ودلَّ على المعنى قول الخليل بن أحمد الفراهيديّ: [الاسْمُ: (الْأُحْكُوْمَة) و(الْحُكُوْمَةُ)، وَاحْتَكَمَ فِي مَالِهِ، إِذَا جَازَ فِيْهِ حُكْمُهُ] (25).
مَكْرُمات السطان تيمور لأهل ظفار
[وَفِي الْيَومِ الثَّالثِ بَعْدَ عِيْدِ الْفِطْرِ خَلَعَ عَلَيِهِمُ السُّلْطَانُ الْأَكْسِيَةَ السَّوْدَاءَ] [(خَلَعَ عَلَيِهِمُ الْأَكْسِيَةَ السَّوْدَاءَ)]، أي: أهداهم العباءات السلطانيّة، وأَلْبَس شيوخهم وسادتهم وكبراءهم إيّاها بنفسه، وهو تقليد تراثيّ من مراسم الخلفاء والسلاطين في دواوينهم مع زائريهم، ومُكَرَّميهم من الرعايا أو الزائرين. والشاهد في كلمة (خَلَعَ) قول الطبريّ: [ثُمَّ دَعَا لَهُ بِـ(خِلْعَةٍ) فَـ(خَلَعَهَا عَلَيْهِ)، وَحَمَلَهُ عَلَى مَرَاكِبَ، وَأَمَرَ لَهُ بِالْمَسِيْرِ إِلَى حُلْوَانَ(26)].(الْأَكْسِيَةَ السَّوْدَاءَ) جمعٌ ومفرده (كِسَاءَ)، وهي عباءة سوداء يُطلقون عليها اسم (البُشت)، و(هذه الكلمة في معناها قولان؛ أمّا القول الأول فهو: لفظٌ فارسيٌّ مُعرَّب مشتق من (بُوشِيدَنْ) بمعنى (السَّتر)، وأمّا القول الثاني: لفظٌ أصله (بُوشي) مشتق من اسم مدينة مصريّة قديمة كانت مشهورة بصناعة الثياب. و(البُشت) رداء ذو كُمّينِ قصيرين، ومن نسيج غليظ أو ناعم شفاف) (27). ومن شواهده ما قاله الحسين بن محمد العوكلانيّ، يخاطب صلاح الدين الصفديّ: [وَأَتَى إِلَيَّ (الْبُشْتُ) مُقْتَرِنًا بِمَا/ لَكَ مِنْ يَدٍ بَيْضَاءَ، كَمْ وَهَبَتْ يَدَا (28)]. ولا شك أنّ النمو الاقتصادي وانتعاشة الأسواق التجارية يُعَدّ من أسباب الاستقرار الاجتماعيّ، وهذا التصوّر لدى السلطان تيمور جعله يوقن أنّ (المخرج من الأزمة الاقتصادية التي كانت تمرّ بها عُمان نتيجة ظروف دوليّة) يتمثل في إنعاش النشاط التجاري؛ فخفَّف الضرائب، واهتم بالنشاط الزراعي في سهل حمران، وأنشأ مصنعًا للسكر في مزارع رزات، وأسس مصلحة الجمارك، وفي عهده تأسست أسواق جديدة مثل سوق الحصن، وقام بزيارات ميدانية إلى مختلف مناطق ظفار شرقًا وغربًا)(29) [وَأَعْطَاهُمُ الدَّرَاهِمَ نَفْعًا] [(أَعْطَاهُمُ)] فعل مُتعدٍ بمعنى (منحهم) تكريمًا وإنعامًا تأليفًا لقلوبهم وإغنائهم كسبًل لولائهم. ودلّ على معناه قول منسوب إللا خمعة بنت الحُسّ الإيادية: [وَإِنْجَازُكَ الْمَوْعُوْدَ مِنْ سَبَبِ الْغِنَى/ فَكُنْ مُوَفِّيًا بِالْوَعْدِ، (تُعْطِي)، وَتُنْجِزُ(30)] [(الدَّرَاهِمَ)] لفظٌ مخصوص أطلقه الشيخ عيسى الطائيّ بقصد التعميم وهو لم يقصد الدراهم شكلًا وصفةً؛ حيث لم تكن هناك دراهم متداولة في (ظفار) إلّا في عصر الدولة الحبوظية، وتُشتهر باسم (درهم ظفار/ عُمان) سكّه السلطان الملك المظفر شمس الدين يوسف بن الملك المنصور عمر سنة 685هـ. وإنما قصد الشيخ عيسى الطائيّ بكلمة (الدراهم) العملةَ المتداولة في زمن حكم السلطان تيمور؛ (فمنذ بداية القرن التاسع عشر، كانت العملات المتداولة في عُمان من أقصاها إلى أقصاها هي الروبية الهندية ودولار ماريا تيريزا (أو ما كان يعرف باسم تالير). وذلك نظرًا لأن شركاء عُمان التجاريين الرئيسيين كانوا يتمثلون في شبه القارة الهندية وبلدان شرق إفريقيا. وكانت عملة ماريا تيريزا المعدنية الفضية قد ضربت في النمسا في عام 1780م. وعلاوة على ذلك، كان مختلف سلاطين عُمان يضربون عملاتهم المعدنية الخاصة من "البيسات". وتعود تواريخ سك العملات إلى عام 1311 هجري. وكان يتم تقييم بيسة مسقط بأربع وستين (64) للروبية الهندية التي كانت متاحة بفئات 3 و5 قطع من البيسات فقط. وكانت هذه البيسات تُسك من قبل السلطان فيصل بن تركي. كما كان هناك أيضا (ريال ظفار) في منطقة ظفار. وقد سكت العملة النقدية المعدنية في عام 1367 هجري) (31) [(نَفْعًا)] مصدر بمعنى (انتفاعًا)، أي منحهم المال للاتجار فيه، وتحصيل الفائدة منه. ودلَّ على معنى (نَفْعًا) قول خَوْد بنت مطرود البَجَليّة: [قَبَّحَ اللهُ جَمَالًا لَا (نَفْعَ) مَعَهُ] (32)، و(الانتفاع) بمال تحصيل الفائدة منه، ودلَّ على معناه قول علي بن أبي طالب: [وَلَا تُقِيْمَنَّ بِدَارٍ لَا (اِنْتِفَاعَ) بِهَا/ فَالْأَرْضُ وَاسِعَةٌ وَالرِّزْقُ مَبْسُوطُ (33)]. [وَقَدْ اِنْتَهَى الْحَالُ وَانْفَضَّ الْجَمْعُ] [(اِنْتَهَى الْحَالُ)]، أي: انتهى شأن وكيفية أهل ظفار التي كانوا عليها من خلاف وصراعات مع كان منشأها ومبتداها وسببها الوالي سليمان بن سويلم، وأذعنوا للسلطان تيمور. ودلَّ على معناه قول منسوب إلى الحارث بن كعب المَذْحَجيّ: [مُوتُوا عًلَى شَرِيْعَتِي، وَاحْفَظُوا عَلَيَّ وَصِيَّتِي، وإِلَٰهُكُمْ فَاتَّقُوا، يَكْفِكُمْ مَا أَهَمَّكُمْ، وَيُصْلِحْ لَكُمْ (حَالَكُمْ)] (34). [(وَانْفَضَّ الْجَمْعُ)]، أي: انتهى اجتماع السلطان بأهل ظفار، فـ(الجمع) هنا بمعنى (الاجتماع)، وَ(انْفَضَّ) بمعنى تفرَّق القوم المجتمعين. ومن شواهد هذا المعنى قول الله تعالى: {وإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (35) (وبذلك استطاع السلطان تيمور- رحمه الله- أن يمُدَّ نفوذه إلى كافة أطراف البلاد، وخلق جوًّا من التواصل بين قبائل ظَفار والحكومة، بعدما عقد الاتفاقيات مع القبائل لحل النزاعات القديمة، إذ عقد اتفاقية صلح مع قبيلة بيت كثير في شأن مسألة مقتل (القائد مساعد) و(علي) ابن الوالي سليمان بن سويلم، في أحداث سنة 1895، كما أناب السلطان عنه الوالي عبد الله بن سليمان الحراصي في عقد اتفاقية صلح مع قبيلة بيت كثير بتاريخ 18 من المحرم عام 1337 هج- 1916م؛ وبذلك ساد الأمن في مدينة صلالة وضواحيها، وانتعشت الحركة التجارية؛ إلا أنها تعرضت لأزمة أخرى بسبب الكساد الاقتصادي الذي ساد العالم في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين). (36)
....
المراجع والمصادر:
(01) ديوان الصوريّ عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب بن غلبون الصوريّ (ت، 419هـ)، تحقيق: مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر، دار الحرية، بغداد، 1972م، 1/ 94
(02) دليل الخليج، القسم الجغرافي، لوريمر، ج:2، ص: 580
(03) ديوان لقيط بن يعمر الإياديّ، تحقيق: عبد المعيد خان، دار الأمانة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1971م، ص: 55
(04) الراوي المُحَدِّث: ابن تيمية، المصدر: جامع الرسائل لابن تيمية، ص أو رقم: 1/ 15، خلاصة حكم المُحَدِّث: صحيح
(05) ديوان البحتري، تحقيق: حسن كامل الصيرفي، دار المعارف، القاهرة، ط3، 1963م، 2/ 1318
(06) شعر ضبّة وأخبارها في الجاهلية والإسلام، تحقيق: حسن عيسى أبوياسين، جامعة الملك سعود، الرياض، ط1، 1995م، ص: 271
(07) الإرشاد في الاعتقاد، ابن عقيل الحنبليّ (ت، 513هـ)، دراسة وتحقيق: هشام محمد غنيم، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، 2008م، ص: 112
(08) انظر:معجم قبائل ظفار، عبد المنعم الرواس، ص: 54-55/ تاريخ عُمان، فليبس ويندل، ص:19
(09) دليل الخليج، القسم التاريخي، لوريمر، مج2، ص: 95
(10) ديوان تأبّط شرًّا وأخباره، جمع وتحقيق: علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، ط1، 1984م، ص: 406-410
(11) الأمالي، أبو علي القالي (ت، 356هـ)، تحقيق: محمد عبد الجواد الأصمعيّ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1975م، 1/ 161
(12) ديوان عنترة، تحقيق ودراسة: محمد سعيد مولوي، المكتب الإسلاميّ، بيروت، 1970م، ص: 299
(13) المختصر في أخبار البشر، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل (ت، 732هـ)، المطبعة الحسينية المصريّة، ط1، 1325هـ، 1/ 71
(14) ديوان بني أسد، جمع وتحقيق: محمد علي دقة، دار صادر، بيروت، ط1، 1999م، 2/ 167
(15) مجمع الأمثال للميدانيّ، 20/ 320
(16) شعر الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم، تحقيق ودراسة: سعود محمد عبد الجابر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1984م، ص: 97
(17) الطبقات الكبير، ابن سعد البغدادي (ت، 230هـ)، تحقيق: علي محمد عمر، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 2001هـ 7/ 145-146
(18) في ظفار: أحداث وتواريخ منذ السيد سعيد بن سلطان حتى جلالة السلطان هيثم، إعداد: سعيد بن خالد بن أحمد العمري – باحث في التاريخ، 1 أبريل 2021م، صحيفة أثير الإلكترونية: https:/ / www.atheer.om/ archive/ 536079/
(19) ديوان الشريف الرضي، ضبطه وشرحه: محمود مصطفى حلاوى، دار الأرقم، بيروت، ط1، 1999م، 2/ 384
(20) ديوان أبي ذؤيب الهُذَليّ، تحقيق: أحمد خليل الشال، مركز الدراسات والبحوث الإسلامية، بورسعيد، ط1، 2014م، ص: 121
(21) تاريخ الرسل والملوك، الطبريّ، 3/ 356
(22) المختار من رسائل ابن زهرون، أبو إسحاق الصَّابي (ت، 384هـ)، نقَّح وعلَّق على حواشيه: الأمير شكيب أرسلان، الدار التقدمّية، المختارة، لبنان، 2010م، ص: 116
(23) ديوان ميمون بن قيس (الأعشى الكبير)، شرح وتعليق: محمد حسين، مكتبة الآداب، المطبعة النموذجية، القاهرة، 1950م، ص: 373
(24) جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة، أحمد زكي صفوت، المكتبة العلمية، بيروت، ط1، 1934م، 1/ 75
(25) العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت، 175هـ)، تحقيق: مهدي المخزوميّ وإبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، القاهرة، د.. 3/ 67
(26) تاريخ الرسل والملوك، الطبريّ (ت، 310هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، دار سويدان، بيروت، ط2، 1967م، 8/ 431
(27) شوشتري 1347: 85-86؛ حسن دوست 1395: 2/ 701، سعدي ضناوي 2004م، ص:92؛ لغت نامة دهخدا 1377:4/ 4817-4818؛ أدي شير 1908: 23؛ دوزي، تكملة المعاجم 1980:1/ 346-347
(28) ألحان السواجع بين الباديء والمُراجع، صلاح الدين الصفديّ (ت، 764هـ)، تحقيق: إبراهيم صالح، دار البشائر، دمشق، ط1، 2004م، 306/ 1
(29) تاريخ ظفار التجاري (1800- 1950)، ص: 27، ونقلا عن معجم ظفار ومناقبها التاريخية، عبد المنعم الرواس، ج2، ص: 311-313
(30) بلاغات النساء، ابن طيفور البغدادي (ت، 280هـ)، تحقيق: أحمد الألفي، مطبعة مدرسة والدة عباس الأول، القاهرة 1908م، ص: 62
(31) نقلا عن موقع البنك المركزيّ العُماني: https:/ / cbo.gov.om/ ar/ Pages/ CurrencyHistory.aspx
(32) مجمع الأمثال، أبو الفضل الميداني (ت، 518هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السُّنَّة المحمديّة، القاهرة، 1955م، 138/ 1
(33) ديوان علي بن أبي طال، اعتنى به: عبد الرحمن المصطاوي، دار المعرفة، بيروت، ط3، 2005م، ص: 97
(34) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد (ت 656هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، منشورات مؤسسة إسماعيليان، قُمْ، ط2، 1967م، 17/ 119
(35) سورة الجمعة، الآية: 11
(36) تاريخ ظفار التجاري (1800- 1950)، حسين بن علي المشهور باعمر، مكتبة طريق العلم، مطابع ظفار الوطنية، 2009م، ص: 26
رابط مختصر