محمد منير| حدوتة مصرية بدأت بـ"علموني عينيكي"
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
الكينج محمد منير الإسم الصعب في عالم الغناء العربي، ذيع صيته في نهاية السبيعينات من القرن الماضي ولازال عطائه نهر لاينضب، امتع جمهوره بحالة غنائية وصوتية لن تتكرر، مشروع غنائي من عالم النوبة ومصطلحاته وتعبيراته الناعمة أتى به القاهرة ليدخل أساسياته في قلوبنا وأذهاننا لعشرات السنين، وواكب متطلبات الأجيال بمختلف أعمارها وتفكيرها .
كان أول ألبوم لـ محمد منير عام 1977 “علموني عينيكي” وتلاها عدد من الألبومات في فترة الثمانينيات والتسعينيات وصولًا لبداية الالفينيات “بنتولد، شبابيك، اتكلمي، بريء، وسط الدايرة، شوكولاتة ياإسكندرية، أسامينا، افتح قلبك، ممكن، من أول لمسة، حبيبتي، الفرحة، في عشق البنات، أنا قلبي مساكن شعبية، أحمر شفايف، حواديت، إمبارح كان عمري عشرين، طعم البيوت، وغيرهم"”
مازالت أصداء الألبومات التي تم ذكرها سابقًا حاضرة حتى الآن محتفظة ببريقها الذي يزداد قوة مع الزمن، وكما يستمتع جمهور منير به هو الآخر يبادلهم نفس الشعور في حفلاته الجماهيرية معهم حين يجد تفاعلهم معه أشبه بالكورال دون تحضيرات أو بروفات فقط من خلال حبهم له وعشقهم لأغانيه.
آلام أثرت في حياة محمد منير
كما امتلأت حياة محمد منير بالنجاحات والسعادة والشغف والمسئولية، جاءت أمواج من الحزن والألم أبعدت منير عن أحبابه خلال الفترة الماضية بداية من وفاة شقيقته في مطلع يناير من العام الماضي، وظهر منير في جنازتها ودموعه تغالب ملامحه، ومن قبلها وفاة ابن عمه ومدير أعماله محمود أبا اليزيد في 2020.
ووفاة رومان بونكا في 2022 التي أصابته بالحزن الشديد ودخل في حالة من البكاء في أول حفل له بعد وفاته حينما غنى “أنا بعشق البحر”
وكانت علاقة منير بشقيقاته الثلاث قوية ومترابطة كما صرح سابقًا في لقاء تحدث فيه عن شقيقته “إنها بركة المنزل وسر الحياة بالنسبة له” ولا يأكل إلا من إيديهن.
وظهر منير مؤخرًا في وداع الملحن الراحل محمد رحيم حيث كانت تربطه علاقة وطيدة به وحرص على زيارته أثناء إجراء رحيم عملية في القلب
وكان ظهور منير في الفترة الأخيرة ارتسمت عليه ملامح الإرهاق والتعب خاصةً في حفلاته التي يحرص على حضورها في حالة سماح طبيبه بذلك، بجانب وزنه الزائد ووجهه المنتفخ الذي أثار قلق محبيه حيث كشف حينها مصدر مقرب من الكينج، بأنه يعاني من بعض المشكلات في وظائف الكلى والكبد بجانب آلام العمود الفقري المترتب عليها حقن الكورتيزون التي تزيد من وزن الجسم.
تكريم وزير الثقافة لـ محمد منيروخلال الأسبوع الماضي زار وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو محمد منير في منزله، أثناء الاحتفال بيوم الثقافة تقديرا لمسيرته وإسهاماته في ترسيخ الهوية المصرية
بسبب ظروفه الصحية، قائلا: “عيد الثقافة مكنش ينفع بدون الفنان محمد منير”، والذي وصفه بأنه “فنان متميز يمثل مدرسة موسيقية وحقبة فنية كاملة نعتز بها في مصر وعلى المستوى الدولي”.
وأكد أن منير “ليس مجرد فنان، بل مؤثّر على جيل كامل وقيمة فنية وثقافية تفتخر بها مصر”.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد منير مرض محمد منير أحزان محمد منير وفاة شقيقة محمد منير محمد منیر منیر فی
إقرأ أيضاً:
المدينة الثقافية في عيون الكُتّاب والأكاديميين: فضاء إنساني للتنوع والإبداع
محمد عبدالسميع
أكد عدد من الكتّاب والأكاديميين والفنانين والأدباء أهميّة مفهوم المدينة الثقافية، والتي يجب أن تتغلغل بسببها الثقافة في كلّ مفاصل الحياة وأعمالها، انطلاقاً من ربط الماضي بالحاضر والتوجّه الواثق نحو المستقبل. واقترحوا لذلك شمول المدينة والدولة ككل، بالأعمال الثقافية الفنية والأدبية والتراثية، وعدم إنكار التقدم العلمي والتكنولوجي القادم والذي نعيش، نحو انفتاح كبير لمدينة الثقافة على أفكار وثقافات العالم. ورأى المتحدثون في حديث إلى (الاتحاد) أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تعدّ أنموذجاً حياً في خلق أبعاد ثقافية محلية وعربية وعالمية ومواكبة للعالم. تالياً أفكار وآراء حول المفهوم والتطبيق وعدد من تحديات المشروع.
يرى الشاعر والناقد والفنان التشكيلي علي العبدان، أنّ المدينة الثقافية تتمتع بثقافة غنية ومتنوعة، وتحتضن مجموعة واسعة من الفعاليات الثقافية والفنية، مثل المعارض والمهرجانات والعروض المسرحية والسينمائية. وهي مدينة تتطلع إلى أن تكون مركزاً للفنون، والتراث، والتعليم، والابتكار، وتعزز من تبادل الأفكار والممارسات الثقافية بين سكانها والزوار. ويشترط العبدان لذلك أن تكون المدينة الثقافية مشهورة بمؤسساتها الثقافية مثل المتاحف، والمعارض الفنية، والمسارح، وكذلك بحفاظها على التراث التاريخي المحلي.
ويقول العبدان، إنّ إعادة تشكيل المدينة الثقافية بالتزامن مع طبيعة المدن الحالية يتطلب مزيجاً من الابتكار والاحترام للهوية الثقافية والاجتماعية في السياق المعاصر، ويمكن تحقيق ذلك من خلال بعض الإجراءات الأساسية، ومنها مثلاً دمج التكنولوجيا مع الثقافة، حيث يمكن استعمال التكنولوجيا لتعزيز التجربة الثقافية، مثل إنشاء منصات رقمية للفعاليات الثقافية أو تطبيقات تفاعلية تربط الزوار بالمعالم الثقافية، كما يجب أن تكون المشاريع الثقافية جزءاً من التخطيط العمراني المستدام.
ويرى الكاتب والباحث البحريني، الدكتور فهد حسين أنّ ظاهرة المدينة الثقافية ليست جديدة في العالم العربي، ففي كل مراحل الحضارة العربية والإسلامية ظهرت لنا مدينة لا تحمل الصفة السياسية أو الدينية فحسب، بل كان الطابع الثقافي عنوانها، ويضيف الدكتور حسين أننا حينما نقول مدينة ثقافية، فهذا يعني قبل كل شيء إيمان رجالاتها المسؤولين بدور الثقافة وتحصيل المعرفة، لما لهما من دور في رقي المجتمع ووضع البلد في مصاف الدول المتقدمة، ولنا شاهد بارز في منطقة الخليج في وقتنا الحاضر، وهي الشارقة التي تحتضن على مدار العالم المهرجانات الفنية (التشكيلية - المسرحية - السينمائية - التراثية)، ومعارض الكتب، والملتقيات الأدبية المتنوعة، والمؤتمرات والجوائز والإصدارات المختلفة السنوية، وغيرها، بهذا الإيمان والرؤية الثقافية يمكن أن تتشكل المدينة الثقافية كما في الشارقة.
التراث والحداثة
يؤكد الكاتب والباحث الإماراتي محمد حمدان بن جرش أنّ المدينة الثقافية ليست مجرد مكان جغرافي، بل هي روح نابضة بالحياة تجمع بين التراث والحداثة، كما أنها فضاء لتناغم الفنون والممارسات الثقافية لتصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية. وفي هذه المدن، يتحول التنوع الثقافي إلى مصدر قوة، وتصبح الشوارع معارض مفتوحة، والمباني القديمة حاضنات للإبداع، مما يخلق تجربة فريدة تعزز الهوية الوطنية وتدعم الابتكار. ويتحدث ابن جرش عن هذا المفهوم الذي يتجاوز كونه احتفاءً بالماضي، إذ تتناغم فيه روح الأصالة مع رؤى المستقبل، لتخلق تجربة ثقافية متفردة.
ويقول الكاتب والناقد المصري د. محمد محمد عيسى، إنّ الذاكرة العربية تحتفظ بعدد كبير من المدن والحواضر العربية التي شكّلت مدناً ثقافية كان له الفضل في تأسيس المكانة العربية والثقافة العربية في العالم. وحول إعادة تشكيل المدينة الثقافية، يرى عيسى أهمية بناء المدينة الثقافية أولاً، بالإصرار والعزيمة وأيضاً عشق التراث والحضارة واستعداد للتجاوب والتناغم مع العالم، ويؤكد ما تشهده حالياً مدينة الشارقة بكل ما تمتلكه اليوم من تظاهرة ثقافية عالمية تمتد إلى أعماق التراث وبما تعمل على حفظه وإعادة تصديره بشكل يتلاءم مع العصر، وبما تحمل على عاتقها من تنفيذ كثير من المشاريع في شتى الفنون والعلوم، إذ تحرص الإمارات العربية المتحدة على إحياء وإعادة الحواضر والمدن الثقافية بما تسعى إليه من استقطاب الفنانين والمبدعين والعلماء والمفكرين، وما تقوم به من إنشاء البنى التحتية التي تخدم إحياء النشاط الثقافي المبدع.
قيم التعايش
من جهته، يرى الكاتب والإعلامي السوداني عمرو منير دهب ضرورة أن تقدّم المدينة الثقافية أدوات الثقافة لتصبح مدخلات إنتاج ضمن ما يشار إليه عادة بالاقتصاد الإبداعي، وتحديداً الإسقاطات التقليدية لمفهوم الثقافة والإبداع بما يندرج تحت الأشكال المختلفة للتراث والفنون البصرية والموسيقى والأدب المكتوب.
ويرى الكاتب والناقد المصري الأمير كمال فرج أنّ المدن الثقافية هي تلك المدن التي تكون الثقافة فيها المرتكز الأساسي، فيُؤمِن المسؤولون عنها بأنّ التنمية الثقافية أحد مفاتيح التنمية الاقتصادية، لذلك فهي في الغالب تضم العديد من المتاحف والهيئات والمسارح والمعالم الثقافية، وتعمل على تنمية هذا الجانب بشكل مستمر، وتُسخِّر إمكاناتها في الاستثمار في القطاع الثقافي والإبداعي. وترى الدكتورة أميرة مسعد رئيسة نادي الكتاب بالإمارات، أنّه لا يمكن الفصل بين المدينة والثقافة، فهما متلازمتان، إذ تلبي الثقافة الاحتياجات الاجتماعية للبشر، كما أن للمبدعين والمفكرين دوراً كبيراً في طرح الرؤى وشغل فضاءات الإبداع التي تحمل روحًا جديدة، لما يحملونه في عقولهم ووجدانهم من أفكار وتأملات تمنح الروح للمدن.
التخطيط العمراني
وتؤكد كاتبة القصة والشاعرة الإماراتية فاطمة المزروعي، أهمية إعادة تشكيل المدينة الثقافية بالتزامن مع طبيعة المدن الحالية، متوقعةً مجموعة من الاستراتيجيات المتكاملة التي تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الثقافية والاجتماعية والبيئية، كما يجب أن يتم التخطيط العمراني بطريقة تعزز من التفاعل الثقافي، من خلال إنشاء مساحات عامة مثل الحدائق والساحات التي تستضيف الفعاليات الثقافية والفنية وأن تعكس المباني والمعالم الثقافية تاريخ وثقافة المدينة.
السياحة الثقافية
ترى سارة الشامسي، الكاتبة والباحثة الإماراتية بوزارة التربية والتعليم الإماراتية، أنّ المدن الثقافية تسهم في تحسين الاقتصاد المحلي من خلال استقطاب السياحة الثقافية وتشجيع الصناعات الإبداعية.
كما تؤكد الباحثة والأديبة الإماراتية شيخة الراشدي دور المدن الثقافية في تعزيز التماسك الاجتماعي عبر توفير مساحات تعزز الحوار بين مختلف الفئات الثقافية والاجتماعية.
وترى صفاء البريكي، الباحثة بجامعة العين، أنّ تصور المدينة الثقافية يختلف بحسب اهتمامات وتخصصات المفكرين والأدباء والفنانين، ولكنهم يتفقون على أهمية أن تكون المدينة مساحة تعكس التنوع والتفاعل الإنساني.
وتقول جمانة الخراز، الباحثة بوزارة التربية والتعليم الإماراتية، إنّ المدينة الثقافية يجب أن تكون بمثابة منصة تُبرز الأصوات غير المسموعة وتشجع على الابتكار. كما تدعو الدكتورة عائدة الشامسي، الكاتبة والباحثة بمؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، إلى ضرورة أن تكون المدينة مستوحاة من الطبيعة ومتجددة باستمرار، مما يسمح بتفاعل أعمق بين الإنسان وبيئته المحيطة.
جودة الحياة
ترى الدكتورة مريم الهاشمي، أنّ المدن الثقافية بمفهومها الحديثة أنموذج رائد في بعث السلام وتوحيد الجهود من أجل الحريات الأدبية والفكرية والفنية ووسيلة لحفظ الإرث الإنساني المادي وغير المادي من الاندثار، خاصة في عصر أصبحت فيه الثقافة متأثرة التأثر الكبير بإشكالية سوسيوثقافية، وهي إشكالية تتأثر بها كل القطاعات المجتمعية الحيوية، والتي جاءت نتيجة لما بعد الحداثة، فأصبحت المجتمعات المتعددة هي الأنموذج الشائع في كل الحضارات، وهو ما حمل معه الكثير من التحديات المرتبطة بثقافات الشعوب وميراثها الثقافي.
وتقول الدكتورة شيرين صالح العدوان، الأستاذة بجامعة العين، إنّ المدينة الثقافية هي تلك التي تُبرز الهوية الثقافية لمجتمعها وتجمع بين البنية المادية المتمثلة في الأماكن الثقافية مثل المسارح والمتاحف والمكتبات، والأنشطة والممارسات الثقافية التي تُعزِّز من الانتماء والتفاعل المجتمعي.
ويقول الدكتور محمد عبد السلام، الأستاذ بالجامعة الأميركية الدولية بدبي، إنّ المدينة الثقافية ليست مجرد مساحة جغرافية بل فضاء يتفاعل فيه الناس مع الفن والفكر والإبداع.
ويقول الدكتور محمد أبو الفضل بدران، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة والأستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، إنّ إعادة تشكيل المدينة الثقافية تتطلب مراعاة التطورات التكنولوجية والاحتياجات المجتمعية المتغيرة. كما يرى الدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة السابق والأستاذ بجامعة محمد بن زايد، أنّ تطوير بنية تحتية رقمية متكاملة يُمكن أن يُعزز من انتشار الثقافة وجعلها متاحة للجميع، مشيرًا أيضا إلى أهمية دمج الثقافة في التخطيط العمراني من خلال تخصيص مساحات عامة تُحفز على الإبداع والتفاعل، مع مراعاة استدامة هذه المساحات لتكون جزءاً لا يتجزأ من حياة السكان اليومية.
ويقول الدكتور عبد القادر موسى البلوشي، الباحث بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، إنه بالإضافة إلى كون المدن الثقافية منصات للبحث والإبداع، تستطيع المدينة الثقافية أن تُسهم أيضاً في تعزيز جودة الحياة وزيادة الترابط الاجتماعي.
مصدر إشعاع معرفي
إن دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تهتم بالبحث الثقافي، وإجراء الدراسات الميدانية، وأرشفة التراث، وخلق مساحات كبيرة ونوعية وشاملة وتفصيلية قبل إجراء النشاط المهرجاني أو تأسيس الهيئة أو الجمعية أو المؤسسة الثقافية، إنما تسير في اتجاه يفي حقاً بواجب حضور المدينة الثقافية، كنقطة في الإشعاع الفكري والثقافي والفن العربي والعالمي، فباتت أبوظبي ودبي والشارقة وجهات ثقافية مميزة، وكذلك بقية أرجاء الدولة، بما في كل إمارة من ميزة نسبية تاريخية أو طبيعية تنهض بالعمل الثقافي وتتهيّأ له سريعاً، بناءً على هذه المقومات.
ولم تقف الإمارات عند العمل على ثقافة المدينة، أو مدينة الثقافة، وإنما ذهبت تستضيف أيضاً منتديات ومسميات وعناوين مهمة في هذا الموضوع، مثل منتدى المدن الثقافية العالمي في دبي، والاهتمام بصيغة فكر المستقبل الشبابي، فكانت قمة المدن الثقافية العالمية ذات توصيات ونقاشات وحضور عالمي نخبوي وإنساني في أفكار مبتكرة وملهمة وحلول تركز على استثمار الخبرات والممارسات الثقافية والإبداعية في التطوير الحضري للمدن، وفتح آفاق للشباب المبدعين، وحفزهم على مواصلة طريقهم، إذ مثلت القمة العالمية فرصة استثنائية للتعريف بهوية دبي الأصيلة وتاريخها العريق، وتنوعها الثقافي وتراثها الفني وقيمتها الجمالية، كجسر بين الثقافات المختلفة.