صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-10@21:02:12 GMT

حرية الأنظمة وعبودية الشعوب

تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT

حرية الأنظمة وعبودية الشعوب

 

حرية الأنظمة وعبودية الشعوب

فاطمة غزالي

الشعب السوداني قطعاً لم يكن سعيداً بالاستعمارالبريطاني ولا مبالغة في القول بأنه لم يقطف ثمرة الاستقلال. 69 عاماً لم يذق الشعب السوداني طعم الحياة الكريمة في ظل الحكومات الوطنية التي استلمت إدارة السودان من الاستعمار البريطاني وظل عدم الاستقرار السياسي هو عنوان أزمة الحكم.

لا جدل في أن التنافر بين القوى السياسية المتشاكسة سياسياً بسبب غياب المشروع الوطني الذي يتوافق عليه الجميع ويعمل على تحقيقه الكل حكومة وشعباً.. ضيق الأفق السياسي والخلافات الأيديولوجية بين الأحزاب فتحت شهية المؤسسة العسكرية للحكم وخلقت تحالفاً ملعوناً بين العسكر والانتهازيين وبعض المثقفين وانصاف المتعلمين الذين تخلّق منهم جنين الأنظمة الديكتاتورية المشوه وبدأت الدورة الخبيثة ( انقلاب عسكري- ثورة شعبية).من سخرية الأقدار وُئدت أول حكومة مدنية بالانقلاب العسكري بعد عامين فقط من الاستقلال اتفقت الأنظمة العسكرية على ديكتاتورية الحكم وفقاً لنظرية  الاستبداد(حرية الأنظمة وعبودية الشعوب) بدلاً عن النظرية الاستعمارية (حرية الاستعمار وعبودية الأوطان والشعوب). المأساة الحقيقة هي أن عودة الغريب إلى بلاده لم تفسح المجال لتحقيق أحلام الشعب السوداني التي كانت تبرق أملاً في بناء الأمة السودانية العظيمة والأدهى وأمر 69 عاماً من الاستقلال يعيش الشعب السوداني تفاصيل أسوا كارثة إنسانية في العالم بسبب استمرار دوران عجلة الحروب التي بدأت في العام 1955م قبل عام واحد من مغادرة المستعمر.

تجاهل النخب السياسية قضية بناء الدولة على أسس العدالة الاجتماعية والمناطقية أدى إلى موجات عاتية من الفشل  في إدارة السودان والنتيجة صفر كبير في مادة  الوحدة الوطنية والأمن والسلام  وإدارة التنوع وتحقيق التنمية المتوازنة بين المركز والأطراف.ظل الفشل قاسماً مشتركاً في الحكومات الوطنية والحروب هي تمظهر للعجز السياسي في إدارة أرض المليون ميل مربع التي تراجعت مساحتها تراجعاً  يتناسب تناسباً طردياً مع ضيق العقول التي شجعتها الأنانية على تضيق الواسع فاختارت الحفاظ على امتيازات الدولة القديمة التي ورثتها من المستعمر على حساب وحدة الوطن، وحينما فرض المشهد السياسي المفاضلة بين بناء الدولة السودانية على أسس المساواة والعدالة والحفاظ على ما ورثته من المستعمر فرجحت النخب السياسية كفة اميتازاتها على وحدة الوطن الذي بدأ يتفطر في يوليو2011م.

لا شك في أن الظلم  والقهر والمعاناة التي تعرض لها الإنسان السوداني من قبل الحكومات الديكتاتورية لم يترك في القلوب مساحات سليمة من الجروح للرقص فرحاً باستقلال الوطن فكان الرقص على أنغام الألم وطبول المدافع وضاع الاحساس بنشوة التحرر من الاستعمار لأن الظلم لم يغادر عتبة البلاد ، والقهر يضرب ِبسّياطه على العباد.الحرب العبثية لا تفسح مجالاً لذاكرة بعض المدنيين الأبرياء كي تسترجع ذكرى الاستقلال ولسان حالها يقول (عذراً وطني). الصورالمأساوية لويلات الحرب وحدها تتزاحم في أذهانهم وحالات الرعب التي يعيشونها بين شلالات الدم ودوي المدافع وقصف الطيران هي التي تشكل واقع حياتهم التي تتدفق أنهاراً من الحزن والألم.

من سخرية الأقدار أن تمر الذكرى ال 69 للاستقلال والشعب السوداني أسيراً لنهج النخب الفاشلة التي لم تر في مرآة الوطن إلا وجهها ففرضت هوية عرقية ودينية وثقافية على الشعب السوداني تتناقض مع التنوع القبلي والديني والثقافي الكبيرفي السودان.وكل ما فعلته اتقنت صناعة الأزمات والحروب وبعضها فشل في مهمة تضميد الجراحات العميقة.لا ريب في أن الأنظمة العسكرية الديكتاتورية لها نصيب الأسد في اغتراف إثم الفشل لأنها اغلقت أبواب الديمقراطية ومنعت الشعب حق التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي وانشغلت بالقبضة الأمنية لحماية أنظمتها.المؤسف حقاً على مر الأزمان لم تنجح الحكومات المدنية في كبح جماح قيادات المؤسسة العسكرية من شهوة السلطة التي اثارتها الانقلابات العسكرية في المنطقة العربية والأفريقية بعد التحرر من المستعمرات الأجنبية. اللامبالاة في نهج الحكومات المدنية في التعامل مع المؤسسة العسكرية أفسد ثمار الثورات الشعبية السودانية وساهم في تضخيم الذات السياسية للعسكر فتجاوزوا حدود مهامهم  المتمثلة في حماية الوطن وشعبه وظلت أنظارهم تتطلع إلى كرسي الحكم وتبحث عن الفرص للاستيلاء على السلطة بقوة الدبابات ومن ثم التدثر بمعطف الأيدولوجيات(اليسارية\ اليمينة\ الوسط)وأخرى تتقلب ذات اليمن وذات اليسار لتضمن البقاء على السلطة. معلوم أن انقلاب الفريق إبراهيم عبود نوفمبر1958 أول ضلع انقلابي تم رسمه في مربع الشر للديكتاتوريات العسكرية( عبود- نميري\ البشير\ البرهان وحميدتي) وانقلابات أخرى لم يكتب لها النجاح في الاستيلاء على السلطة.

رغم الأزمات والكوراث والتحديات التي يمر بها السودان إلا أن شمس الأمل لم  ولن تغرب ويمكن  للسودانيين أن يتحرروا من سياسة (حرية الحكومات وعبودية الشعوب)لأن إرادة الشعوب هي الأقوى والشعوب قادرة على كتابة روشيتة تداوي جراحات الوطن الذي أرهقته التشوهات التي لم تنجح في إزالتها كل عمليات الترقيع السياسي منذ الاستقلال.لا شك في أن المراجعات للمواقف السياسية لجميع القوى السياسية مسألة مهمة ستفرضها مرحلة ما بعد الحرب من أجل بناء الدولة السودانية ولا جدال في أن مرحلة ما بعد الحرب تحتاج إلى قيادات سياسية وطنية قادرة على تغيير قواعد اللعبة السياسية الموروثة من المستعمر من أجل نقلة تغييرية تضمن حياة الكرامة والعزة للسودانيين بحيث لا يشعر أحد أن حظه من نصيب الحقوق أمر مستحيل.ابتعاد القيادات السياسية من نهجها القديم  بسبب الغيرة السياسية التي تدفعها لخلق المعارك السياسية في غير معترك أمر مهم. مسألة التعامل مع الشعب السوداني وفقاً لمبدأ المصداقية والشفافية يجب أن تكون فرض عين على القيادات السياسية لكي تكون مؤهلة لدخول الميدان السياسي  ما بعد الحرب. لابد من طرح القضايا السياسية التي ترتقي إلى مستوى التفكير في العدالة الانتقالية و الاجتماعية وطبيقهما على أرض الواقع  حتى لا تتراكم  المظالم مرة أخرى وتثير غبار الحروب. التفكير خارج الصندوق ضرورة لطرح أمهات القضايا بشفافية تفتح أفاق جديدة للوطن وتصبح  بإذن الله حرب 15 أبريل 2023 م اخر حلقات الحروب في السودان وكلنا أمل في أن تتوقف عاجلاً.

لا للحرب … نعم للسلام.

 

الوسومأنظمة الشعوب حرب فاطمة غزالي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أنظمة الشعوب حرب

إقرأ أيضاً:

حمدان بن محمد: المؤسسة العسكرية الإماراتية حصن منيع لمكتسبات الوطن

أكد سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن المؤسسة العسكرية الإماراتية تضطلع بدور رئيس كحصن منيع يصون مكتسبات الوطن، ودرع متينة تحمي إنجازاته وتحفظ عليه مقدراته، بما لهذا الدور من أهمية في تعزيز قدرة الإمارات على الوصول إلى ما تصبو إليه من أعلى درجات التقدّم والنماء بتأكيد مقومات أمن الوطن واستقرار شعبه وسلامة أراضيه.  
وأثنى سموّه على الدور الوطني الكبير للقوات المسلحة الإماراتية بكافة أفرعها، كونه من الركائز الأساسية الداعمة لمسيرة التنمية المباركة التي تمضي فيها الدولة بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر ازدهارا ورِفعة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ودعم إخوانهما أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات.

 

 جاء ذلك خلال زيارة سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم إلى مدينة زايد العسكرية في أبوظبي، حيث تفقّد سموّه جانباً من تجهيزات القوات البرية والتقنيات الدفاعية من أسلحة ومعدات وآليات، واستمع إلى شرح حول خواصها الفنية وأساليب التدريب المتقدم التي يتم توفيرها للضباط والأفراد والأطقم العسكرية للتعامل بكفاءة وتميز مع أحدث التقنيات الدفاعية المختلفة لضمان تحقيق أعلى معدلات الجاهزية للقيام بكافة المهام التي يتم تكليفهم بها في أي وقت سواء داخل الدولة أو خارجها.  
وأكد سموّ ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أن تعزيز الجاهزية الدفاعية لا يقتصر فقط على امتلاك أحدث التقنيات والمعدات، بل يمتد ليشمل بناء كوادر بشرية مؤهلة ومدربة قادرة على مواجهة مختلف التحديات بفعالية وكفاءة، لافتاً سموه إلى أهمية مواصلة التدريب وفق أرقى المعايير والممارسات العالمية، والاطّلاع على أفضل التجارب في المجالات الدفاعية والاستفادة منها في تعزيز قدرة القوات المسلحة على الردع، ترسيخاً للمقومات التي تمكن قواتنا المسلحة من أداء الواجب والمهام المناطة بها على الوجه الأمثل.

كما أكد سموّه مواصلة دولة الإمارات الاستثمار في تطوير منظومتها الدفاعية وتعزيز قدراتها الإستراتيجية، بما يواكب التطورات العالمية ويعزز من مكانة الإمارات كواحدة من الدول الرائدة في الجاهزية الدفاعية، معبراً سموه عن فخره واعتزازه بكافة أفراد القوات المسلحة، من قيادات وضباط وأفراد، والذين يضربون أروع مثال في قيم الولاء والانتماء والتفاني في خدمة الوطن.
وخلال الزيارة، كرّم سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ثلاثة من كبار ضباط القوات المسلحة ومسؤولي وزارة الدفاع وهم: الفريق الركن الشيخ سعيد بن حمدان آل نهيان، قائد القوات البحرية، وسعادة مطر سالم الظاهري، وكيل وزارة الدفاع، واللواء الركن عبدالله فرج مسعود المحيربي، نائب قائد القوات البحرية، تقديراً لجهودهم وما أبدوه من إخلاص والتزام في القيام بواجباتهم، مقدمين النموذج والقدوة بكل انتماءٍ وتفانٍ في خدمة الوطن وإعلاء شأنه.
وفي ختام الزيارة، اُلتقطت الصور التذكارية لسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم مع قيادات وزارة الدفاع الذين تلقّوا التكريم من سموّه، كما التقطت الصور التذكارية لسموّه مع قيادات وضباط وأفراد القوات البريّة، والذين أعربوا عن بالغ سعادتهم بالزيارة مؤكدين أن التوجيهات السديدة وكلمات التشجيع التي وجهها لهم سموّه خلال الزيارة هي دافع لهم لبذل مزيد من الجهد في التدريب والاستعداد ورفع مستويات الجاهزية لكي تظل دولة الإمارات على الدوام نموذجاً للأوطان الآمنة المستقرة ورمزاً للتعايش والسلام المستند إلى قوة الردع والقدرة على التغلب على كافة التحديات.
رافق سموّه خلال الزيارة، معالي محمد بن مبارك المزروعي وزير دولة لشؤون الدفاع، ومعالي الفريق الركن عيسى سيف بن عبلان المزروعي رئيس أركان القوات المسلحة، و اللواء الركن يوسف معيوف الحلامي قائد القوات البرية، وسعادة اللواء ركن خليفة راشد الهاملي مدير مكتب سمو وزير الدفاع.

 

 

أخبار ذات صلة حمدان بن محمد: تحية باسم الوطن لكل جندي وضابط وفرد من أفراد قواتنا المسلحة حمدان بن محمد: شراكة دبي مع القطاع الخاص راسخة وفي ازدهار

 
 
 
 
 

  

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الشعب الجمهوري: رسائل الرئيس السيسي بالأكاديمية العسكرية تأكيد على دعم الأجيال الجديدة
  • أبناء القبيطة بلحج يحتشدون تأكيداً على الجاهزية لمواجهة العدوّ
  • السياسي الأعلى: غارات العدوان الإسرائيلي لن ترهب شعبنا
  • انظروا لـ"وجع الوطن».. مصطفى بكري: اللي يطلّع حزب يطلّع سيبوا العملية السياسية في حالها
  • حكومة البارزاني تهدد السوداني بالانسحاب من العملية السياسية وهي لا ترسل إيراداتها للخزينة الاتحادية
  • السوداني لخامئني: رغباتكم أوامر ولن نحل الحشد لأنه قوة النظام السياسي
  • حمدان بن محمد: المؤسسة العسكرية الإماراتية حصن منيع لمكتسبات الوطن
  • المطلوب من أمريكا، التعامل مع مصدر الأسلحة التي تقتل الشعب السوداني
  • السوداني: سنبقى ندافع عن إيران ونظامها السياسي حتى الموت