هل ثمة فرصة حقيقية لصفقة الأسرى؟
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
تشير آخر المعطيات إلى أنّ ثمة تقدما في ملف صفقة الأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس. وأعطت الأجواء السياسية والإعلامية الإسرائيلية مؤشرات إيجابية على جهود أكثر جدية في السعي لعقد صفقة قبل استلام ترامب الرئاسة الأمريكية في 20 كانون الثاني/ يناير 2025؛ وأنّ نتنياهو أعطى وفده المفاوض إلى الدوحة صلاحيات موسَّعة للوصول إلى صفقة، كما تناقلت الأخبار ترتيبات لالتحاق رئيس الموساد ديفيد بارنياع بالوفد المفاوض في الدوحة.
وتناقلت الأخبار تفاؤلا أمريكيا ومصريا بقرب عقد الصفقة، ونقلت عن بلينكن وزير الخارجية الأمريكي قوله: "إننا قريبون جدا من صفقة الأسرى". وأعطى وصول مستشار بايدن بريت ماكغورك (Brett McGurk) للدوحة انطباعا بوصول المفاوضات إلى مرحلة متقدمة، وبسعي الأمريكان للدفع باتجاه حلّ ما تبقى من مُعوقات.
كذلك، فإنّ موافقة حماس على قائمة من 34 أسيرا قدمها الاحتلال الإسرائيلي ليشملهم اتفاق التبادل في المرحلة الأولى، أعطى مؤشرات إيجابية من طرف حماس للسير قُدما في الاتفاق.
ودخلت المفاوضات في تفصيلات مرتبطة بعدد من سيتم إطلاق سراحهم من الأسرى الفلسطينيين مقابل كل أسير إسرائيلي، وبتصنيفهم بين رموز وأصحاب أحكام مؤبدة أو ما دون ذلك؛ واشتراطات الاحتلال بترحيل أعداد منهم وعدم بقائهم في الضفة أو القطاع
ودخلت المفاوضات في تفصيلات مرتبطة بعدد من سيتم إطلاق سراحهم من الأسرى الفلسطينيين مقابل كل أسير إسرائيلي، وبتصنيفهم بين رموز وأصحاب أحكام مؤبدة أو ما دون ذلك؛ واشتراطات الاحتلال بترحيل أعداد منهم وعدم بقائهم في الضفة أو القطاع.
تفاؤل حذر ومعوّقات كبيرة:
في المقابل، لا يجب الاطمئنان تماما إلى أن الصفقة ستعقد قبل بداية ولاية ترامب؛ إذ ما زال ثمة فجوات كبيرة، كما أنّ سلوك نتنياهو في تعطيل الصفقات وإفشالها قُبيل التوقيع عليها، قد تكرر أكثر من مرة في الأشهر الماضية.
هناك مُعضلتان كبيرتان يضعهما نتنياهو لعقد الصفقة؛ الأولى عقد هدنة مؤقتة وليس إنهاء الحرب، والثانية بقاء الاحتلال الإسرائيلي في أماكن محددة في القطاع مثل شمال غزة ومحور نتساريم ومحور صلاح الدين (فيلادلفيا). وهذا من شأنه أن يُفجّر أي صفقة كاملة لتبادل الأسرى، إذ لا يمكن للمقاومة أن ترضى أن يكون حصيلة جهادها وصمودها وتضحياتها بقاء الاحتلال أو استمرار العدوان.
من ناحية ثانية سيسعى نتنياهو، حتى لو وافق على إنهاء الحرب والانسحاب الكامل، إلى جعل ذلك تدريجيا، ووفق اشتراطات وضمانات تسمح له بآليات رقابة، وبضرب رموز ومواقع للمقاومة عندما يحلو له، تحت ذريعة وجود تهديد محتمل؛ كما سيسعى لفرض آليات حصار بدرجة أو بأخرى بحجة منع دخول أسلحة للمقاومة. وسيرفع نتنياهو سقفه فيما يتعلق بنزع أسلحة المقاومة، وبمنع حماس من حكم غزة بشكل مباشر أو غير مباشر.
يضاف إلى ذلك أن نتنياهو المسكون بنرجسيته الشخصية، وبرغبته في البقاء في الحكم، وبخوفه من إنهاء حياته السياسية وربما ذهابه للسجن، إذا فشل في تحقيق أهدافه المعلنة في حربه على غزة؛ فإنه سيسعى إلى إطالة أمد الحرب ما أمكنه ذلك، طالما أن أهدافه لم تتحقق. فبالرغم من المجازر والفظائع الوحشية والإبادة الجماعية التي ارتكبها، وبالرغم من الدمار الهائل الذي ألحقه بالقطاع؛ إلا أنه فشل في سحق حماس وقوى المقاومة التي ما زالت تواصل أداءها القوي والفعال. كما فشل في السيطرة الكاملة على قطاع غزة، وفشل في استرجاع أسراه، وفشل في فرض تصوره عن مستقبل قطاع غزة، كما فشل في توفير الأمان للمستوطنات في "غلاف غزة".
وبناء على ذلك، فمن المرجح أن يسعى نتنياهو هذه الأيام لعقد صفقة جزئية لتبادل الأسرى على أساس هدنة لبضعة أسابيع أو ربما شهرين أو ثلاثة، وانسحاب من مناطق مع البقاء في مناطق أخرى، والسماح بعودة النازحين إلى معظم مناطق غزة، مع السماح بإدخال كميات "معقولة" من احتياجات أبناء القطاع.
وسيحاول نتنياهو أن يُظهر نفسه، وكأنه بذل ما في وسعه لإنجاز الصفقة، ليبدو وكأنّه قدَّم ما عليه قبيل قدوم ترامب؛ وسيحاول إلقاء اللوم على حماس في عدم الوصول إلى صفقة نهائية.
وهو ما سيوفر له مبرر استئناف الحرب في عهد ترامب، والبقاء على كرسي رئاسة الحكومة؛ وعدم دفع أثمان فشله في 7 تشرين الأول/ أكتوبر وفشله في الحرب على غزة، والخسائر التي تسبب بها للكيان الإسرائيلي اقتصاديا وعسكريا وأمنيا وسكانيا، بالإضافة إلى تحوُّل دولة الاحتلال إلى كيان منبوذ عالميا.
ضغوط باتجاه الصفقة:
المقاومة تسعى بكافة الوسائل لإنهاء الحرب وإنهاء معاناة أهل غزة؛ غير أنها لن ترضى كما لن يرضى الشعب الفلسطيني أن يكون ذلك بمكافأة نتنياهو وجيشه على وحشيتهما، وباستمرار الاحتلال، وباستمرار العدوان، وبارتهان إرادة الشعب الفلسطيني في غزة بمزاج دولة الاحتلال. وما دامت المقاومة مستمرة فستُجبر نتنياهو وفريقه عاجلا أم آجلا إلى النزول على شروطها الأساسية
بشكل عام، فإن البيئة الإسرائيلية صارت أكثر "نُضجا" للقبول بصفقة كاملة حتى لو تضمنت إنهاء الحرب وانسحابا كاملا من القطاع؛ مدعومة برغبة أمريكية وإقليمية ودولية تصب في الاتجاه نفسه.
وقد عادت تقارير مسؤولين كبار في الجيش للتأكيد على الرغبة في الوصول إلى حلٍّ سياسي، ونقلت القناة 13 الإسرائيلية مؤخرا عن عدد منهم بأن العمليات البرية للجيش وصلت إلى "نقطة استنفاد"، بمعنى أنها استنفدت أغراضها ولم يعد لديها ما تنجزه. بل إن مهندس "خطة الجنرالات" جيورا أيلاند التي استهدفت سحق وتهجير أهل شمال غزة، اعترف بأن العمل العسكري لا يكفي، وأنه لا بدّ من مسارات اقتصادية وسياسية للتعامل الواقعي مع قطاع غزة. هذا، بالإضافة إلى اعترافات كثيرة طوال الفترة الماضية لقادة عسكريين وأمنيين وسياسيين وخبراء متخصصين بعدم إمكانية القضاء على حماس والمقاومة؛ وبضرورة "النزول عن الشجرة" للوصول إلى إنهاء الحرب على غزة.
ويبقى أن حسابات نتنياهو ستظلّ عائقا أمام صفقة كاملة. وبحسب الخبير والكاتب الإسرائيلي المعروف يوسي ميلمان (جريدة هآرتس، 9 كانون الثاني/ يناير 2025) فقد أصبح واضحا لكل شخص يتابع سلوك نتنياهو أنه كلما تم تحقيق تقدُّم، فإنه يطرح طلبا جديدا من أجل تعقيد الأمور، وذلك يقضي على إمكانية تحقيق الصفقة.
* * *
وأخيرا، فإن المقاومة تسعى بكافة الوسائل لإنهاء الحرب وإنهاء معاناة أهل غزة؛ غير أنها لن ترضى كما لن يرضى الشعب الفلسطيني أن يكون ذلك بمكافأة نتنياهو وجيشه على وحشيتهما، وباستمرار الاحتلال، وباستمرار العدوان، وبارتهان إرادة الشعب الفلسطيني في غزة بمزاج دولة الاحتلال. وما دامت المقاومة مستمرة فستُجبر نتنياهو وفريقه عاجلا أم آجلا إلى النزول على شروطها الأساسية في وقف الحرب والانسحاب الكامل وعودة النازحين وإعادة فتح المعابر (على الأقل ضمن معدلات ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر) وفتح المجال لإعادة الإعمار، مع صفقة مشرفة لتبادل الأسرى.
x.com/mohsenmsaleh1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه صفقة الإسرائيلي نتنياهو الفلسطينيين غزة المقاومة إسرائيل اسرى فلسطين مقاومة غزة مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی إنهاء الحرب فشل فی
إقرأ أيضاً:
صفقة ضخمة.. غوغل تستحوذ على شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية ويز
تمكنت شركة "غوغل" العملاقة من إبرام صفقة ضخمة بقيمة 32 مليار دولار، في واحدة من أكبر الصفقات التقنية على الإطلاق، مستحوذة بذلك على شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية "ويز".
وجاءت هذه الصفقة بعد مفاوضات مكثفة، تزامنت مع تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل ثمانية أسابيع فقط.
وكانت "غوغل" قد رفعت عرضها الأصلي من 23 مليار دولار في تموز/ يوليو الماضي إلى 32 مليار دولار، مع زيادة رسوم الانفصال إلى أكثر من 3.2 مليارات دولار، بحسب مصادر مطلعة.
ويعود السبب الرئيسي لإتمام الصفقة إلى التغيير في إدارة البيت الأبيض، والذي أتاح مراجعة أكثر تساهلاً لقضايا مكافحة الاحتكار في عهد ترامب.
وقالت مصادر إن "غوغل" عادت للتفاوض مع "ويز" في الخريف الماضي، بينما كانت الأخيرة تدرس طرحًا عامًا أوليًا.
واستمرت المفاوضات بشكل متقطع لعدة أشهر، قبل أن تنتظم الاجتماعات بين المسؤولين التنفيذيين بعد تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي، وتعيينه مسؤولين جدد في إدارة مكافحة الاحتكار.
إسرائيليون يحققون مليارات
تأسست "ويز" على يد أربعة من خريجي الوحدة 8200 التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي وحدة مشهورة بقدراتها المتقدمة في مجال الأمن السيبراني.
ومن المتوقع أن يحقق كل من المؤسسين، بمن فيهم عساف رابابورت، أكثر من 3 مليارات دولار من الصفقة.
من الخدمة العسكرية إلى ريادة الأعمال
ينتمي رابابورت وفريقه إلى قائمة طويلة من خريجي الوحدة 8200، الذين أسسوا شركات أمن سيبراني مرموقة مثل "Palo Alto Networks" و"Fireblocks". وقد نجح هؤلاء في جذب استثمارات ضخمة من وادي السيليكون بفضل خبراتهم الواسعة.
وبعد فشل المحادثات السابقة، بدأ مؤسسو "ويز" التفاوض مع البنوك المالية خلال الخريف للبحث عن صفقة بديلة.
ومع ذلك، لم يكن أي طرف مستعدًا لتقديم عرض مماثل لما قدمته "غوغل". وتمكنت "ويز" من تحسين شروط الصفقة، بما في ذلك فرض شرط جزائي يفوق 3 مليارات دولار في حال انهيار الاتفاقية.
وأشارت مصادر إلى أن "غوغل" تعتبر هذه الصفقة ذات أهمية استراتيجية للأمن القومي الأمريكي، خاصة في ظل الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية في تشكيل مشهد الأمن السيبراني العالمي.
ومن المتوقع أن تخضع الصفقة لمراجعة دقيقة من الجهات التنظيمية الأمريكية، خاصة في ظل تشدد إدارة ترامب السابقة في قضايا الاحتكار.
ومع ذلك، إذا تمت الموافقة عليها، فقد تعزز من قدرة "غوغل" على جذب المزيد من عملاء الخدمات السحابية، في ظل المنافسة الشرسة مع الشركات الكبرى.
وتلقت "ويز" دعمًا كبيرًا من صناديق رأس المال المغامر البارزة، مثل "Sequoia Capital" و"Andreessen Horowitz" و"Index Ventures" و"Advent" و"Greenoaks". وأشاد رئيس مجلس إدارة "ويز"، جيلي رانان، بتقنيات الشركة، قائلاً إنها "قادرة على تحديد الثغرات الأمنية بسرعة وفاعلية تفوق أي منتج آخر في السوق".
ووفقًا لتقرير نشرته "وول ستريت جورنال"، بلغت قيمة "ويز" 16 مليار دولار خلال عملية بيع أسهم الموظفين في أواخر عام 2024، مما يعكس النمو الهائل الذي شهدته الشركة.
وتولى "بنك أوف أمريكا" دور المستشار المالي لشركة "ألفابت" (الشركة الأم لـ"غوغل")، بينما عملت "غولدمان ساكس" كمستشار مالي لـ"ويز".