شهدت الأوساط الطبية والعلمية تطورًا مذهلًا واهتمام عالمي بعد الكشف عن بحث علمي يقوده السير مجدي يعقوب، يهدف إلى تطوير صمامات قلب تنمو بشكل طبيعي داخل الجسم وتدوم مدى الحياة، مما يبشر بإنهاء معاناة الآلاف من مرضى القلب حول العالم.

ووفقًا لتقارير صحفية إنجليزية، يتضمن هذا البحث تقنية مبتكرة تعتمد على زرع صمامات قلبية تتفاعل مع خلايا الجسم وتنمو لتصبح جزءًا حيًا منه،  مما يعد نقلة نوعية في علاج أمراض القلب.

ومنذ أكثر من ستين عامًا، كانت جراحة استبدال صمامات القلب ممكنة، لكنها كانت تواجه تحديات كبيرة سواء مع الصمامات الميكانيكية أو البيولوجية. 

والمرضى الذين يخضعون لزراعة صمامات ميكانيكية يضطرون لتناول أدوية مدى الحياة لمنع تجلط الدم، بينما الصمامات البيولوجية، المستخلصة غالبًا من أنسجة حيوانية، تدوم فقط لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 عامًا. 

وهذا الوضع يشكل تحديًا خاصًا للأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب، حيث أن الصمامات المزروعة لا تنمو مع أجسامهم، مما يستدعي استبدالها بشكل متكرر.

التقنية الجديدة

ويقوم النهج الجديد الذي طوره فريق الدكتور يعقوب في معهد هارفيلد والكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب على استخدام "صمام بوليمري نانوي" مصنوع من مادة قابلة للتحلل، حيث يعمل هذا الهيكل ك”مفاعل حيوي“ داخل الجسم. 

ويجذب الهيكل خلايا الجسم ويوجهها لتطوير نسيج حي، مما ينتج صمامًا قلبيًا ينمو مع المريض.

الدكتور يوان-تسان تسينغ، أستاذ المواد الحيوية المشارك في المشروع، أوضح أن المواد المستخدمة في صنع الهيكل تعد الابتكار الأهم، إذ تتمتع بقدرة فريدة على جذب الخلايا المناسبة من جسم المريض وتوجيهها لتكوين الأنسجة اللازمة.

 ابتكار الصمامات الحية

وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن هذا الابتكار الكبير في علاج أمراض القلب قد يُحدث ثورة في المجال الطبي، حيث من المقرر أن يستفيد أكثر من 50 مريضًا في المرحلة الأولى من تركيب صمامات مؤقتة مصنوعة من ألياف تعمل كـ"هياكل مؤقتة" داخل الجسم. مع مرور الوقت، تذوب هذه الهياكل، تاركة صمامًا حيًا يتكون بالكامل من أنسجة المريض.

ووفقًا للكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب في لندن، يعتبر هذا التطور نقلة نوعية مقارنة بالصمامات الميكانيكية أو البيولوجية المستخدمة حاليًا، والتي تواجه تحديات تتعلق بالفعالية والاستدامة.

السير مجدي يعقوب: الطبيعة أفضل

وأكد السير مجدي يعقوب في تصريحاته لصحيفة "صنداي تايمز" أن الطبيعة دائمًا تتفوق على أي تقنية يصنعها الإنسان. وقال: "عندما يصبح الشيء حيًا، مثل خلية أو نسيج أو صمام حي، فإنه يتكيف من تلقاء نفسه. البيولوجيا مثل السحر".

وأضاف أن الصمامات الجديدة تعتمد على نهج بيولوجي يجعلها أكثر استدامة وفعالية، خصوصًا للأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية في القلب. هذه التقنية تسمح للصمام بالنمو مع الطفل، مما يلغي الحاجة إلى عمليات جراحية متكررة.

مكونات الصمام الحي وآلية عمله

وأوضح الدكتور يوان-تسان تسينغ، أستاذ المواد الحيوية في معهد القلب والرئة الوطني، أن الصمامات الجديدة تبدأ بصمام بوليمري نانوي مصنوع من هيكل قابل للتحلل. هذا الهيكل يجذب الخلايا من جسم المريض ويعطيها تعليمات لتطوير الصمام الحي. 

وأضاف: "المواد المستخدمة في هذا الهيكل هي الابتكار الرئيسي، حيث تستضيف الخلايا وتوجهها لتكوين أنسجة صمامية متكاملة".

وفي التجارب التي أُجريت على الأغنام، أظهرت النتائج أن الصمامات أدت وظيفتها بنجاح طوال فترة المراقبة التي استمرت ستة أشهر. 

وبحسب أبحاث منشورة في دورية "ناتشر كوميونيكيشنز بيوولوجي"، تطورت الخلايا بشكل طبيعي خلال أربعة أسابيع فقط من الزرع، بما في ذلك الخلايا العصبية والأنسجة الدهنية.

خطوات مقبلة وتجارب بشرية

وتستعد الفرق الطبية لإجراء تجارب بشرية تشمل ما بين 50 و100 مريض خلال الأشهر الـ18 المقبلة. سيتم مقارنة أداء الصمامات الحية مع الصمامات الاصطناعية التقليدية. 

وتشمل التجارب فريقًا دوليًا من الخبراء من جامعات ومستشفيات عالمية، منها كلية لندن الجامعية ومستشفى غريت أورموند ستريت.

وأشادت الدكتورة سونيا بابو نارايان، المديرة الطبية المساعدة لمؤسسة القلب البريطانية، بهذا الابتكار ووصفته بأنه "الكأس المقدسة" لجراحة صمامات القلب. وأعربت عن أملها في أن تُحدث هذه التقنية تغييرًا جذريًا في مجال علاج أمراض القلب.

تقدير عالمي للسير مجدي يعقوب

ولاقى السير مجدي يعقوب إشادات واسعة من مختلف الأوساط، بما في ذلك الفنان تامر حسني، الذي عبّر عبر حسابه على "فيسبوك" عن فخره بهذا الإنجاز الكبير. وكتب حسني: "السير مجدي يعقوب أسطورة في عالم الطب منذ سنوات طويلة، واليوم يحقق إعجازًا طبيًا جديدًا بعد أكثر من 45 عامًا من الابتكارات".

وأضاف: "هذا الرجل وهب حياته لخدمة الإنسانية ويستحق أعظم تكريم في تاريخ مصر والعالم".

تأثير الصمامات الحية على حياة المرضى

ويمثل هذا الابتكار أملًا جديدًا لأكثر من 300 ألف مريض سنويًا يعانون من مشاكل في صمامات القلب. فبإمكان هذه الصمامات الحية أن تُجنب المرضى المعاناة الناجمة عن العمليات الجراحية المتكررة والعلاجات التقليدية. كما أنها تعد حلاً طويل الأمد للأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية في القلب، مما يحسن من جودة حياتهم ويقلل من المخاطر المرتبطة بالعلاجات الحالية.

ويثبت السير مجدي يعقوب وفريقه مرة أخرى أن الحدود في عالم الطب ليست سوى فرص للتطور والابتكار. غهذه الصمامات الحية ليست فقط إنجازًا طبيًا، بل تعكس تفاني العلماء في خدمة الإنسانية وتحسين حياة المرضى في كل مكان.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مجدي يعقوب القلب الجسم علاج صمامات مرضى المزيد السیر مجدی یعقوب أکثر من صمام ا

إقرأ أيضاً:

هل تنهي الاختبارات التكنولوجية استخدام الحيوانات في ابتكار الأدوية؟ 

شهدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (اف دي ايه FDA) منعطفا حاسما في مجال ابتكار الأدوية، من خلال التخلي تدريجيا عن اختبارات الأجسام المضادة وحيدة النسيلة على الحيوانات، وهي علاجات تستخدم تحديدا لمعالجة الأورام وأمراض معقدة أخرى.

ويرمي هذا القرار إلى « تسريع عملية ابتكار الأدوية »، وخفض « تكاليف البحث والتطوير وبالتالي أسعار الأدوية ».

وأكدت إدارة الغذاء والدواء أن « آلاف الحيوانات، بينها كلاب وقردة، ستنقذ سنويا بفضل اعتماد هذه الأساليب الجديدة ».

وقد فتحت الولايات المتحدة عام 2023 المجال لبيع الأدوية المبتكرة من دون الاستعانة بالحيوانات.

وبدأت راهنا تتخذ خطوات فعالة، إذ تعتزم إطلاق برنامج تجريبي يتيح لمصنعي الأجسام المضادة وحيدة النسيلة إجراء الفحوص الكاشفة عن السمية (تجرى قبل إجراء التجارب على البشر) من دون الحاجة إلى إجراء اختبارات على الحيوانات.

وتأتي هذه الاستراتيجية في وقت تخطط إدارة ترامب لإلغاء 10 آلاف وظيفة في وزارة الصحة والهيئات الإنسانية والوكالات الصحية، مما يثير مخاوف بشأن تأخير إصدار الموافقات على الأدوية الجديدة.

وعلى أوربا أيضا أن تحدد هذا العام الإجراءات اللازمة للتخلص تدريجيا من التجارب على الحيوانات في تقييم سلامة المنتجات الكيميائية، بما في ذلك الأدوية.

لا تزال القوانين الأوربية تشترط إجراء اختبارات على الحيوانات قبل إصدار ترخيص ببيع الدواء أو المنتج.

إلا أن الابتكارات التكنولوجية توفر بدائل في مجال الأبحاث الطبية، بحسب لجنة « برو انيما » العلمية التي تعمل على تسريع التحول نحو البحوث التي لا تستعين بالحيوانات.

وتشكل هذه الابتكارات فرصة يمكن استخدامها، إذ أن النماذج الحيوانية لا تسمح بالتنبؤ بالسمية لدى البشر في 50% من الحالات على الأقل، بحسب الوكالة الوطنية الفرنسية للأبحاث.

بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، تعد العضيات – وهي أنظمة زراعة خلايا تنتج نسخا ثلاثية الأبعاد مصغرة من العضو – والأعضاء على الشرائح الكترونية، والتي تحاكي عمل العضو على نطاق بطاقة الذاكرة، أدوات تجريبية جديدة.

وهذه التقنيات قادرة على اختيار الجزيئات واختبار فعاليتها ودرجة سميتها باستخدام كمية قليلة جدا من المواد البيولوجية، وتتحدث عنها منظمات أبحاث كبرى على أنها استجابة لقانون عن التجارب التي تحد بشكل متزايد من استخدام الحيوانات.

ويبقى أن نرى إلى أي مدى سيتم أخذ هذه الأساليب الجديدة في الاعتبار في خارطة الطريق التي وضعتها المفوضية الأوربية بشأن تقييم المخاطر الكيميائية، والتي يتوقع أن تصدر بحلول نهاية العام.

و »كيف ستقوم هيئات تنظيم الأدوية بدمجها في معاييرها لقبول طلبات التسويق »، بحسب « برو أنيما » .

تقول هذه المنظمة « إذا كانت أوربا تريد أن تبقى مبتكرة وقادرة على المنافسة، فيتعين عليها أن تتبع « المسار الذي اتخذته الولايات المتحدة والهند التي ألغت إلزامية إجراء الاختبارات على الحيوانات في عملية ابتكار الأدوية.

وكانت هولندا قد اتخدت خطوة في هذا الخصوص من خلال افتتاح مركز انتقالي وطني مخصص لطرق استبدال التجارب على الحيوانات والحد منها.

يعتبر مختبر « ميرك » الألماني أن « من الضروري وضع خارطة الطريق هذه بواقعية »، مؤكدا أنه « نجح في خفض عدد الحيوانات » المستخدمة في أبحاثه « بنسبة تزيد على 20% » خلال السنوات الخمس الماضية.

ويضيف إن « التحدي والعائق الرئيسيين لا يتمثلان في التكنولوجيا البديلة في ذاتها، بل في العملية الطويلة والبيروقراطية لقبول الأساليب البديلة من قبل السلطات الصحية في مختلف أنحاء العالم ».

وبينما بدأ التخلي عن استخدام الحيوانات في الأبحاث، لا تزال هذه الممارسة تعد سابقة لأوانها في الجراحة التنظيرية داخل الجسم (القلب، والجهاز الهضمي، وأمراض النساء…)، التي يتم إجراؤها جزئيا على الحيوانات.

وحتى اليوم، لا توفر النماذج المختبرية والمحاكاة الحاسوبية « استجابة لمسية واقعية للجراح، ولا يمكنها إعادة إنتاج النزف المرتبط بالثغرات الوعائية بشكل صحيح »، بحسب الأكاديمية الفرنسية للطب.

(وكالات)

 

 

 

 

كلمات دلالية أدوية ابتكارات اختبارات حيوانات دراسة

مقالات مشابهة

  • المصلحة أهم.. جر شكل ببن عمرو أديب والأطباء بسبب الهجرة للخارج
  • العلماء يحذّرون من عاصفة شمسية «لم تحدث منذ ألف عام»
  • إنجاز طبي أردني.. إجراء عملية جراحية لترميم عنق مريض هي الأولى من نوعها في العالم
  • إجراء عمليات قلب لـ3 آلاف مريض غير قادر بجميع مراكز الدقهلية
  • ابتكار من أبوظبي يعزز رعاية الأجنة عالمياً
  • إنجاز طبي غير مسبوق بمكة.. علاج مريض ستيني بتقنية PASCAL
  • بعد 65 عاما في الفضاء.. العلماء يخططون لإعادة أقدم قمر صناعي في العالم لم يحترق إلى الأرض
  • هل تنهي الاختبارات التكنولوجية استخدام الحيوانات في ابتكار الأدوية؟ 
  • علاج هشاشة الركبة باستخدام الخلايا الجذعية في أبوظبي
  • وفاة أستاذ قلب بسكتة قلبية مفاجئة بعد إنقاذه مريض بمستشفى العريش