صفات المتقين .. خطيب الجامع الأزهر: الورع ترك الشبهات ومراقبة الخطرات
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور إبراهيم الهدهد، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، ودار موضوعها حول "خلق الورع".
وقال الدكتور إبراهيم الهدهد، في خطبة الجمعة من الجامع الأزهر، قيم الإسلام تُربي المجتمعات على الفضيلة، وتَصرف الناس عن الشرور والمعاصي إلى الفضيلة والطاعة، وخير مثال على ذلك الرعيل الأول من المسلمين، فقد رباهم الإسلام على الشرف والفضيلة بعد أن كانوا على جاهلية وشر، وذلك بفضل تمسكهم بقيم هذا الدين الحنيف الذي جاء ليعلي من قيمة الإنسان، لأن القيمة الحقيقة للإنسان، في تمسكه فيما جاء من عند خالقه، لهذا نجد أن من التزم بهدي القرآن الكريم وهدي رسولنا الكريم ﷺ يكون منضبطًا في قوله وفعله وعمله، في ظاهره وباطنه وسره وعلنه، لذلك تمثل فيهم المعنى الحقيقي للورع في كل تصرفاتهم، كما تجسدت فيهم كل معاني الإيثار.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن الورع هو ترك الشبهات ومراقبة الخطرات، فالورع خير هذا الدين وخير ما فيه، لأنه لن يبلغ أحد أن يكون من المتقين حتى يتسم بالورع، إن شك في شيء حرام تركه وتورع عنه عملاً بقوله ﷺ: إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمًى، ألا وإنَّ حمى اللهِ محارمُه، ألا وإنَّ في الجسدِ مُضغةً إذا صلُحتْ صلُح الجسدُ كلُّه وإذا فسدتْ فسد الجسدُ كلُّه ألا وهي القلبُ)، فكان أهل الورع إذا التبس الأمر عليهم، ذهبوا إلى الحق.
وأضاف فضيلته أن الخطرة هي ما يخطر بقلب الإنسان، وكان الأولون إذا خطرت خطرة بأنفسهم، تابوا ورجعوا إلى ربهم، فكانوا يراقبون خطرات قلوبهم ولذلك كانوا أرقى الناس وأعلاهم، ولما تركوا الدنيا أقبلت عليهم، واسكنوا الله قلوبهم بحق فلم تنكسر قلوبهم، ولم يروا سوى الله في حياتهم، فكانت الدنيا عندهم لا تساوي شيئاً، ونحن في حاجة ماسة إلى خلق الورع حتى تعود لمجتمعاتنا قيمتها ومكانتها، من خلال التمسك بكتاب الله والالتزام بما جاء في سنة رسول الله ﷺ، والتأسي بأخلاق الأولين، ممن وردت مناقبهم في التاريخ الإسلامي، المليء بالعلماء وأهل الفضل ممن جسدوا القيم الإٍسلامية في واقعهم فشهد الناس لهم بحسن الخلق وحسن العشرة وحسن العلم وحسن العمل، ولقد بلغ الورع مبلغًه من أهل العلم فلا تجد فيهم من يتجرأ على الفتوى إلا بعد أن يتقن منها، على عكس ما نشاهده في هذه الأيام من التجرؤ على الفتوى والعلم.
وبين خطيب الجامع الأزهر، أن القرب من الله ومراقبته في كل عمل وفي كل خاطرة تحدث بها الإنسان نفسه، ضمانة لأن تنجيه من الوقوع في الخطأ، لأن انشغال الإنسان بإرضاء الله، يجعل الله يوفقه لفعل الخير وينجيه من الوقوع في الشرور والخطأ، وهذا أمر ضروري لأمتنا وبخاصة في هذا الزمان، لاستعادة الصفحات المشرقة من حياة هذه الأمة.
وأوصى د. الهدهد بتجنب الورع الشكلي الذي يظهره البعض على سبيل التظاهر به، وهو ما نلاحظه في قصة الرجل الذي أتى إلى الإمام أحمد بن حنبل؛ يقول له قد زنيت بامرأة فحملت، قال له لماذا لم تعزل عنها؟ قال سمعت أن العزل مكروه، فقال عجباً تسألني عن العزل وتتورع عنه وهو مكروه! ولا تسألني عن الزنا وهو كبيرة من الكبائر!، فعلينا أن نتورع لله حق التورع وأن نقي أنفسنا من المعاصي والذنوب، لأن المجتمعات لا تبنى إلا بالصلاح، كما لا ينال رضا الله ببغضه وسوء تصرفاتنا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر الدكتور إبراهيم الهدهد الشبهات خطبة الجمعة اليوم الورع الجامع الأزهر المزيد الجامع الأزهر
إقرأ أيضاً:
علماء الأزهر الشريف هناك فرق بين «أنا» الشيطانية والمحمودة
علماء الأزهر الشريف هناك فرق بين «أنا» الشيطانية والمحمودة.
قال الدكتور أيمن أبو عمر، أحد علماء الأزهر الشريف، إن النماذج الحقيقية للرفعة في الدين هي تلك التي تُشعر من حولها بالأمان والطمأنينة، كما فعل نبي الله يوسف عليه السلام عندما قال لإخوته: " قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ"، مشيرًا إلى أن هذه "الأنَا" هي أنا الطمأنينة والرحمة، وليست "أنا" التكبر والاستعلاء.
الدكتور أيمن أبو عمر الفرق بين أنا الشيطانية وأنا المحمودةوأكد الدكتور أيمن أبو عمر، خلال حلقة برنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، أن هناك فرقًا كبيرًا بين من يقول "أنا" ليفتخر بشيء من خلقه وسعيه، وبين من يتعالى على الناس بنسب أو علم لم يصنعه بنفسه.
أنا الشيطانيةوقال: "البعض يتباهى بأنه ابن فلان أو من عائلة كذا، أو حاصل على شهادة كذا، وهذه أنا الشيطانية، وكأن هذه الأمور تُعطيه حقًا في الترفع على الآخرين، بينما القرآن الكريم يقرر بوضوح أن إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
وزير الأوقاف ينعي والد رئيس جامعة الأزهر هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيبوأشار إلى أن بعض الناس إذا أخذوا "شبرًا" من العلم ظنوا أنهم فوق الجميع، لافتًا إلى قول العلماء: "العلم ثلاث أشبار، من أخذ الشبر الأول تكبّر، ومن أخذ الثاني تواضع، ومن بلغ الثالث علم أنه لا يعلم، ومن رأيتموه يزهو بكلمتين أو يتجرأ على الفتوى دون علم، فاعلموا أنه لم يصل حتى للشبر الأول".
وشدد الدكتور أيمن أبو عمر على أن التواضع هو زينة العلماء، وأن الكبرياء العلمي أخطر من الجهل نفسه، لأنه يغلق باب التعلم والتزكية، مؤكدًا أن التقدير الحقيقي للعلم يكون بقدر ما يُثمر من أخلاق وسلوك متواضع.