اتهم نشطاء ومنظمات سودانية بليبيا بعثة السودان الدبلوماسية في طرابلس بعرقلة إيصال مساعدات إنسانية بتكلفة مليون دولار للمتضررين من الحرب بالسودان.

وقال مسؤول برنامج الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية للجاليات السودانية بليبيا مالك الديجاوي إن السفارة السودانية بطرابلس مطالبة بإعطاء تفسيرات لإعاقة جهود نقل المساعدات من ليبيا إلى السودان.

وأوضح الديجاوي لسودان تربيون إن منظمة الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية للعالقين بدول المهجر بالتعاون مع جهات أخرى تمكنت منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب من البدء في توفير مساعدات بقيمة مليون دولار.

وطبقا للديجاوي تشمل المساعدات خمس مستشفيات ميدانية وملحقاتها من معامل تحاليل ومكيفات ومولدات كهرباء وأجهزة عناية فائقة ومستلزمات طبية أخرى.
وعزا تعذر إرسال المساعدات إلى ما اسماه البيروقراطية التي انتهجتها البعثة الدبلوماسية السودانية بليبيا بطلبها ارسال خطاب للسفارة من وزارة الخارجية السودانية لتجديد ترخيص مزاولة نشاط المنظمة بليبيا وهو ما لم يكن ممكنا بسبب ظروف الحرب.

وأضاف الديجاوي أن نائب الأمين العام لجهاز السودانيين العاملين بالخارج طلب إرسال خطاب من السفارة يفيد بإرسال المساعدات حتى إذا تم ذلك عن طريق تطبيق المراسلة الفوري “واتساب” لكن السفارة للأسف لم تتجاوب أيضا، حسب الديجاوي.

وقال مسؤول المنظمة إنه ترتب على ذلك فرض مبالغ إضافية من شركات متعاقد معها لتوفير المواد الغذائية ومستلزمات أخرى فضلا عن تلف مواد وسلع كان يفترض وصولها للمتضررين. واطلعت سودان تربيون على مكاتبة رسمية من جمعية التواصل في ليبيا وجهت إلى السفير السوداني بتاريخ السابع من يونيو الماضي تطالبه بمخاطبة الأمين العام لجهاز السودانيين العاملين بالخارج لتسهيل نقل وتوزيع المساعدات وفقا لإجراءات السلطات السودانية.

وأشارت المكاتبة إلى مبادرة لمساعدة منكوبي الحرب في السودان عبر خمس منظمات وروابط اجتماعية للسودانيين في ليبيا بدأت في جمع التبرعات لإغاثة المتضررين.

وحسب الديجاوي فإن المنظمات والجمعيات اضطرت إلى إيقاف آلية جمع التبرعات والإغاثة تجنبا لتلف المساعدات إلى حين تحرك السفارة السودانية للسماح يتدفق المساعدات إلى السودان. ولم يتيسر لسودان تربيون التواصل مع سفارة السودان في طرابلس للرد على هذه الاتهامات.

سودان تربيون

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

موسم التشرذم السياسي في السودان

موسم التشرذم السياسي في السودان

فيصل محمد صالح

تعاني الأحزاب والتيارات السياسية في السودان من حالة تشرذم عامة منذ زمن طويل، لكن وصلت هذه الحالة الآن إلى حدها الأقصى، حتى لم يبقَ حزب على حاله، وتمزقت بعض الأحزاب والكتل إلى مجموعات صغيرة يصعب تجميعها، ثم ساهمت الحرب الدائرة منذ ما يقرب من عامين في زيادة حدة التمزق وتوسيع مداه، وذلك بسبب اختلاف المواقف التي، في كثير من الأحيان، لا تتم على أساس القراءات والتحليلات السياسية المختلفة، ولكن على أسس جهوية وعرقية واجتماعية.

آخر هذه الانشقاقات التي خرجت للعلن كان في حزب الأمة القومي الذي قررت بعض أجهزته عزل رئيس الحزب المكلف فضل الله برمة ناصر، في حين قام الرئيس من جانبه بحل الأجهزة التي أعلنت عزله، وانقسم الحزب إلى ثلاث مجموعات تتصارع حول الشرعية. مسببات الانشقاق عديدة، كان أحدها الصراع داخل أسرة زعيم الحزب الراحل الإمام الصادق المهدي حول خلافته، ثم انتقل الصراع لمرحلة جديدة بسبب الحرب؛ إذ تباينت المواقف بين قيادات الحزب، ثم تفجر الصراع بعد توقيع رئيس الحزب على التحالف مع «قوات الدعم السريع» والقوى السياسية والحركات المسلحة التي اجتمعت في نيروبي وكوّنت «تحالف تأسيس»، والذي أعلن نيته تكوين حكومة لتنازع حكومة الفريق البرهان حول الشرعية.

هذه الحال تنطبق تقريباً على معظم الأحزاب السياسية السودانية، بلا استثناء، مع اختلاف درجة التشرذم ونوعه؛ فقد وجدت الحرب الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهو أحد الحزبين الكبيرين في البلاد، في حالة يُرثى لها؛ فقد تمزق إلى أشلاء حتى لم يعد ممكناً حصر الأحزاب التي تحمل اسم الحزب مع إضافة صغيرة للتمييز. ووصل الشقاق إلى بيت زعيم طائفة الختمية وزعيم الحزب السيد محمد عثمان الميرغني، فتقاسم الشقيقان جعفر والحسن ما تبقى من الحزب، وذهب أحد أبناء البيت الختمي الكبير، إبراهيم الميرغني، ليوقع على ميثاق نيروبي وينضم إلى «تحالف تأسيس».

ويعاني الحزب الشيوعي السوداني، والذي كان في مقام أكبر أحزاب اليسار في المنطقة، من أزمة صامتة بين تيارين داخله، يبحث أحدهما عن تحالف واسع للحزب مع القوى السياسية التي تقف ضد الحروب وتأمل عودة الحكم المدني، وتيار آخر متشدد يقوده السكرتير العام محمد مختار الخطيب، ينطلق من موقف تخوين كل القوى السياسية التي كانت حليفة له ويرفض التحالف معها. وقد ظهرت كتابات ناقدة من بعض عضوية الحزب لتيار السكرتير العام، لكن التزم الطرف الآخر الصمت ورفض الدخول في مناقشة عامة، حسب تقاليد الحزب.

وانقسمت الحركة الإسلامية من قبل إلى حزبين؛ المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، ثم انقسم كل حزب منهما إلى قسمين. وتعاني أحزاب اليسار الأخرى من التشتت ذاته؛ فقد انقسم حزب البعث إلى ثلاثة أحزاب، وانقسم الناصريون لحزبين، وضعفت أو اختفت تنظيمات يسارية أخرى كانت ناشطة في فترة الثورة.

تتشابه الأمراض التي تفتك بالأحزاب السياسية السودانية القديمة، والتي وصلت إلى مرحلة الشيخوخة، ولم تستطع أن تجدد دماءها وبرامجها. ويكفي أن الأحزاب الأربعة الكبرى، بما فيها الحركة الإسلامية والحزب الشيوعي، تربع على زعامتها رؤساء امتدت فترتهم بين الأربعين والخمسين عاماً.

عجزت الأحزاب عن استقطاب الشباب لعدم قدرتها على تحديث خطابها، كما أن معظمها ليس لديه برنامج معروف يستقطب به العضوية؛ لأنها تعتمد على الانتماءات الجهوية والطائفية والعرقية، أو على شعارات آيديولوجية قديمة لم يتم تحديثها ومواءمتها مع الواقع السوداني. وتكتسب بعض الأحزاب عضويتها بالوراثة؛ فالانتماء للحزب الذي يُفترض أنه تكوين حديث قائم على البرنامج، يتم في واقع الأمر بناء على انتماء الأسرة أو القبيلة. وتفتقد معظم الأحزاب الديمقراطية الداخلية؛ فهي إما أنها لا تعقد مؤتمراتها بانتظام لانتخاب القيادات ومناقشة البرامج الحزبية، أو تعقد مؤتمرات شكلية لإضفاء الطابع الديمقراطي، في حين يتم توزيع المناصب وحسم التحالفات خارج المؤتمر.

من المؤكد أن فترة ما بعد الحرب، متى ما توقفت، ستشهد هزة كبيرة في الواقع السياسي السوداني، وإعادة ترسيم للمشهد بطريقة تشهد تصدع الولاءات القديمة، واختفاء أحزاب كبيرة، وظهور أخرى، وبالذات الأحزاب والحركات المناطقية والجهوية التي تكاثرت في فترة الحرب. إنه طوفان قادم لن يبقى فيه حياً إلا من استعد بالتحديث والتجديد، وتطوير البرامج، والقدرة على التعامل مع الواقع الجديد والمعقد.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومأحزاب اليسار الحركة الإسلامية الحزب الاتحادي الأصل الحزب الشيوعي السوداني السودان القوى السياسية المؤتمر الشعبي المؤتمر الوطني حزب الأمة القومي حزب البعث فيصل محمد صالح

مقالات مشابهة

  • انتقادات دولية لإسرائيل بعد منعها إدخال مساعدات إلى غزة
  • الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
  • الخارجية السودانية تعرب عن تقديرها لموقف مصر الرافض لتهديد سيادة ووحدة السودان
  • إعادة هندسة السياسة السودانية- نحو ليبرالية رشيدة وتجاوز إرث الفوضى
  • أستاذ قانون دولي عن الحكومة الموازية السودانية: تعكس تحديات قانونية وسياسية
  • محمد أبو زيد كروم يكتب: رمضان شهر الجهاد، وبل الجنجويد
  • موسم التشرذم السياسي في السودان
  • الحرب تغتال بهجة رمضان في السودان
  • إشعال حمى الحروبات لتعقبها حمى الإنفصالات
  • وصول 4 طائرات مساعدات إماراتية إلى العريش لدعم الأشقاء في غزة